ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – الهجوم الغريب لن يوقف البرنامج النووي ، الايراني او الاتفاق الجديد معها

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 25/6/2021

قبل تعويض امريكي على الاتفاق فان اسرائيل يجب عليها أن تهتم بتجديد مخزونالسلاح الذي فقدته في عملية “حارس الاسوار“. والمعركة ضد بؤرة افيتار تحولت بالنسبة للفلسطينيين الى رمز للنضال الوطني “.

إن الطبيعة الدقيقة للحادث الاخير ما زالت غامضة. صباح أول أمس تمت مهاجمة منشأة لها علاقة بالبرنامج النووي الايراني في غرب طهران. تقارير في مواقع اخبار ايرانية قالت إن هذا كان هجوم بواسطة طائرة مسيرة وأن السلطات نجحت في احباطه. بعد ذلك تسربت تفاصيل قليلة اخرى. “نيويورك تايمز” نشرت أن الهدف الذي هوجم هو مصنع لانتاج اجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في مدينة كارج. وحسب الصحيفة، المصنع، وهو أحد المواقع الرئيسية للبرنامج النووي، كان ضمن قائمة الاهداف للهجوم الذي عرضته اسرائيل على ادارة ترامب قبل سنة ونصف.

إن الغموض حول الهجوم الاخير يزداد في اعقاب خطوة اتخذتها امريكا في هذا الاسبوع. وزارة العدل الامريكية اعلنت أمس بأن الادارة منعت الوصول الى 33 موقع انترنت للاخبار الرسمية في ايران بذريعة أن النظام نشر عبرها معلومات كاذبة. ولكن المعلومات التي نشرت عن الهجوم بواسطة طائرة مسيرة تذكر بالهجوم الذي نسب لاسرائيل في آب 2019. ففي هذا القصف في حي الضاحية الشيعي في جنوب بيروت تم تدمير عنصر حاسم “خلاطة” في مشروع الدقة لحزب الله، الذي هدفه تطوير نظام الصواريخ الايرانية.

في السنة الماضية تعرض البرنامج النووي الايراني الى ثلاث ضربات اخرى، جميعها نسبت لاسرائيل. مرتين في شهر تموز الماضي ومرة في نيسان الماضي، حدثت انفجارات غامضة في منشأة نتناز النووية، التي فيها يتم تشغيل مفاعلات نووية متطورة. القاسم المشترك مع هجوم أول أمس هو ابطاء نظام التخصيب الايراني الذي عاد الى العمل قبل نحو سنتين ردا على انسحاب امريكا من الاتفاق النووي.

في تشرين الثاني 2020 قام مجهولون باغتيال العالم محسن فخري زادة، رئيس البرنامج النووي العسكري في ايران. وقبل ذلك، في كانون الثاني 2020، حدث في العراق اغتيال لقائد “قوة القدس” في حرس الثورة الايراني، الجنرال قاسم سليماني. وقد تحمل الامريكيون المسؤولية عن ذلك. منشورات مختلفة نسبت لاسرائيل مساعدة استخبارية في العملية التي تعتبر الضربة الاكثر ايلاما التي تلقاها النظام في ايران بسبب مكانة سليماني في نظام الارهاب والعمل السري الذي استخدمته ايران في الخارج، أو بسبب التقدير الشخصي الذي كان يكنه له الزعيم الروحي علي خامنئي.

مقارنة مع سلسلة العمليات السابقة فان مهاجمة الطائرة المسيرة أول أمس جاءت في ظروف تغيرت بصورة اساسية. الاشخاص الذين يعملون في واشنطن والقدس وطهران تم استبدالهم في معظمهم. في كانون الثاني حلت ادارة بايدن محل ادارة ترامب، وفي بداية شهر حزيران جاءت حكومة بينيت – لبيد محل حكومة نتنياهو؛ فقط قبل اسبوع تم انتخاب ابراهيم رئيسي رئيسا لايران، رغم أنه سيتسلم منصبه في بداية آب. الاكثر اهمية هو أن توجهات الامريكيين تغيرت كليا. الادارة الجديدة مصممة على النجاح في المحادثات النووية والعودة قريبا الى الاتفاق مع الايرانيين الذي انسحبوا منه قبل ثلاث سنوات. وهو يسعى الى فعل ذلك حتى قبل أداء رئيسي لليمين.

جولات المحادثات النووية بين ايران والدول العظمى تجري في فيينا مرة كل بضعة اسابيع. النظام يبث في معظم الوقت بأن في نيته التوصل الى اتفاق. أول أمس تم الاعلان بأن امريكا وافقت على رفع جميع العقوبات التي فرضت على انتاج النفط في ايران. طهران تراكم مخزون للنفط استعدادا لاستئناف تصديره على نطاق واسع. الوكالات الاستخبارية في اسرائيل وفي الغرب مترددة حول مسألة هل الطلبات التي طرحتها ايران في المفاوضات والمدعومة احيانا ببلاغة علنية متشددة هي فقط جزء من مقاربة “البازار” المعروفة، أو أنه حتى الآن ما زالت هناك احتمالية في أن يندم خامنئي في اللحظة الاخيرة؟ الميل هو التقدير بأنه سيتم التوقيع في نهاية المطاف على الاتفاق.

الامريكيون بالتأكيد يرغبون في ذلك. ففي هذا الاسبوع مكث في واشنطن لجولة محادثات واسعة مع كبار الادارة الامريكية، رئيس الاركان الاسرائيلي افيف كوخافي. وقد سافر الى الولايات المتحدة وفي جعبته حبل طويل جدا. رئيس الحكومة نفتالي بينيت خوله بأن يعرض على من سيلتقي معهم تحفظات اسرائيل على الاتفاق الآخذ في التبلور. سلفه، بنيامين نتنياهو، ارسل وفد رفيع المستوى الى واشنطن في نيسان الماضي مع تحذير شديد لهم من التحدث مع الامريكيين عن تفاصيل الاتفاق. نتنياهو اراد رد صهيوني مناسب، رفض فخور. بينيت، العملي اكثر، ما زال يريد محاولة التأثير. فقد تبنى بشكل كبير التوصية التي تلقاها من الشخصيات الثلاثة الرفيعة السابقة في جهاز الامن (اهارون زئيف فركش، جدعون فرانك وايلي لفيتا)، التي نشر عنها هنا قبل اسبوع. وقد بقيت امام اسرائيل فرصة ضيقة للتأثير يفضل محاولة استغلالها.

لا توجد لهذه الشخصيات الرفيعة أي أوهام. الضرر الذي وقع منذ انسحاب ترامب من الاتفاق السابق هو ضرر دراماتيكي. اليورانيوم المخصب الذي راكمته ايران في السنوات الاخيرة يضعها، اذا ارادت، على بعد بضعة اشهر فقط من مراكمة كمية كافية لانتاج القنبلة النووية، رغم أنها ستحتاج الى فترة زمنية من اجل تركيبها كرأس متفجر على صاروخ. كوخافي أسمع في هذا الاسبوع تحفظات اسرائيل. الامريكيون بالتأكيد استمعوا بأدب. ولكن من المشكوك فيه أن يحرفهم ذلك عن طريقهم. الموظفون يعملون بتوجيهات مفصلة من الرئيس جو بايدن، العودة الى الاتفاق في أسرع وقت.

الامريكيون يعدون اسرائيل بأن الاتفاق النهائي سيكون اطول واقوى، اطول من حيث مدة سريانه وأقوى من حيث قيوده على ايران. ولكن هذا يرتبط بالتفاهمات التي سيتم التوصل اليها في المستقبل مع ايران بعد العودة الى الاتفاق النووي. في هذه الاثناء هذا يبدو تعهد فارغ. اذا افترضنا أن اسرائيل هي التي تقف من وراء الهجوم سيثور سؤال مهم آخر وهو هل هجوم الطائرة المسيرة أول أمس في زمن زيارة كوخافي في واشنطن فاجأ الامريكيين أم أن كل شيء تم تنسيقه مسبقا من اجل الضغط على الايرانيين. في شهر نيسان الماضي، عندما جاء وزير الدفاع لويد اوستن في زيارة الى اسرائيل، كان ذلك بعد بضع ساعات على الانفجار الثاني في نتناز. عدم رضى امريكا ظهر طوال هذه الزيارة.

توقعات اسرائيل

في المحادثات مع الامريكيين، جهاز الامن يتلمس الطريق حول طبيعة رزمة التعويضات المتوقعة، اذا تم حقا التوقيع على اتفاق نووي جديد. وزير الدفاع، بني غانتس، طرح هذا السؤال اثناء زيارته الاخيرة في واشنطن في الشهر الماضي. اسرائيل ستتوقع تفاهمات، وربما وسائل امنية، تسهل عليها مواجهة ايران اذا تبين أنها عادت الى خرق الاتفاق.

قبل ذلك، كوخافي بحاجة الى أن ينهي بسرعة مسألة ملحة اكثر وهي اعادة ملء مخازن الجيش الاسرائيلي بعد العملية الاخيرة في قطاع غزة، “حارس الاسوار”. اسرائيل استخدمت فيها كميات كبيرة من الذخيرة الجوية الدقيقة وعدد كبير من صواريخ الاعتراض للقبة الحديدية. وهي الآن بحاجة الى استكمال المخزون بسرعة كي تكون مستعدة لسيناريو مواجهة اخرى في القطاع أو باحتمالية أقل في الشمال. حسب تقديرات مختلفة، الحديث يدور عن مساعدة تبلغ نحو مليار دولار، اضافة الى المساعدة السنوية بمبلغ 8.3 مليار دولار، التي تعهدت فيها امريكا في اتفاق تم التوقيع عليه في نهاية ولاية ادارة اوباما. مصدر التمويل لمساعدة اخرى لم يتضح بعد. في هوامش اليسار للحزب الديمقراطي بدأت تتبلور معارضة لهذه الخطوة من خلال ابراز قتل المدنيين الفلسطينيين في عمليات القصف الاسرائيلية في غزة.

كوخافي تبادل مع مستضيفيه الدروس الاولى من العملية في غزة. مسألة من المسائل المهنية التي تعني الامريكيين تتعلق بالاختراقة التي توصلت اليها “أمان” (الاستخبارات العسكرية) وسلاح الجو في استخدام تكنولوجيا متقدمة لتشخيص اهداف وفضاءات اطلاق لحماس في القطاع. هذا جزء من “مشروع الاهداف” الضخم الذي يبلوره رئيس الاركان والذي سيقف في مركز القدرة الهجومية للجيش الاسرائيلي في المستقبل. رئيس قسم الاستخبارات في هيئة الاركان، الجنرال تمير هايمن، اشار في هذا الاسبوع الى ذلك في ذكرى أحد اسلافه، الجنرال شلومو غازيت، الذي توفي في السنة الماضية. حسب قوله، في العملية في غزة كانت هناك “تجربة اولى في استخدام واسع جدا للذكاء الصناعي المتطور، مع عمل ضباط الاستخبارات وقادة في الميدان”. هايمن اضاف أن “فكرة التعاون بين الآلة والحاسوب وبين الانسان تجبرنا على التغير. القيمة المضافة للانسان هي الخيال. الآلة لا يوجد لها خيال. فهي ليس لديها تقدير، وما تدخله أنت اليها هو الذي سيخرج. الآلة تعرف كيفية الدمج بين الفرضية والفرضية المضادة لكتلة غير منتهية من تفاصيل المعلومات ومحاكاة عمل ضابط الاستخبارات واعطاء منتج لا يستطيع ضابط الاستخبارات معرفته. ولكن هذا دائما يبقى نتاج لآلة”.

غزة نفسها هبطت قليلا عن عناوين الاخبار في هذا الاسبوع، رغم جهود وسائل الاعلام الاسرائيلية لتحويل كل بالون حارق الى مشكلة وطنية حادة. عدد الحرائق في حقول غلاف غزة انخفض بشكل كبير رغم أنه لم يتم الابلاغ بعد عن تقدم في المحادثات غير المباشرة مع حماس بوساطة مصر. رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، عبر عن خيبة الأمل بعد اللقاء مع مبعوث الامم المتحدة وهدد بتصعيد جديد. ولكن على الاقل في هذه الاثناء هو يضبط نفسه. المخابرات المصرية وعدت السنوار بحل في القريب.

المشكلة الاكثر الحاحا تتعلق بادخال الاموال القطرية التي ما زالت تتأخر بسبب طلب اسرائيل استخدام آلية جديدة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية كبديل عن الطريقة السابقة التي كانت تحول فيها الاموال في حقائب نقدية.

عمونة خاصته

في الضفة الغربية تم استئناف التنسيق الامني مع اجهزة السلطة الفلسطينية فور انتهاء العملية. أمس واجهت السلطة تحد داخلي بعد موت أحد المنتقدين لها، الذي تم اعتقاله من قبل الاجهزة الامنية. هذا الشخص هو نزار بنات الذي تم اعتقاله في الخليل. وحسب اقوال ابناء عائلته تم ضربه بشدة. في اعقاب موته خرج آلاف الاشخاص في شوارع الخليل ورام الله للتظاهر ضد السلطة.

من ناحية اسرائيل، طالما أن القدس هادئة نسبيا فبالتأكيد الوقود يتركز على بؤرة افيتار الاستيطانية في جنوب نابلس، التي اقامتها وصورها تم الكشف عنها في “هآرتس” في بداية الشهر الحالي. حقيقة أن المستوطنين عملوا في هذه المرة بوتيرة سريعة واقاموا بين عشية وضحاها مستوطنة مع بيوت ثابتة على اراضي قرى فلسطينية، هذه الحقيقة تجذب اليها معارضة من المحيط. المعركة على البؤرة الاستيطانية تحولت بالنسبة لسكان المنطقة الى رمز للنضال الوطني والشعبي.

المواجهات حول افيتار هي مواجهات يومية وتصل الى الذروة في كل يوم جمعة بعد الصلاة في المساجد. في الموقع بدأت تعمل ايضا “خلايا ارباك ليلية”، التي تتصادم مع الجنود في المساء، مثلما اعتادت حماس على العمل في المظاهرات على حدود القطاع. حتى الآن قتل في المواجهات اربعة فلسطينيين بنار الجيش الاسرائيلي.

في “حداشوت 12” نشر أن الجيش الاسرائيلي حاول اخلاء البؤرة، حتى في نهاية ولاية حكومة نتنياهو. ولكن الشرطة عارضت ذلك بذريعة أنه لا يوجد لديها ما يكفي من القوات لهذه المهمة. ومن قاد طلب الاخلاء هو قائد المنطقة الوسطى، تمير يدعي. فقد أراد استغلال حقيقة أن البناء في المكان ما زال يعتبر غزو جديد يسمح بالاخلاء السريع. في الجيش مقتنعون بأن رد سريع كان سيوفر الكثير من الدماء ووجع الرأس.

الآن، البؤرة الاستيطانية هي ورقة مساومة لليمين ضد بينيت. هذه يمكن أن تكون عمونة خاصته، وقد بقيت امام المستوطنين بضعة ايام لتقديم التماس ضد الاخلاء للمحكمة العليا. هذا الالتماس سيتم تقديمه، ويبدو أنه سيتم رفضه. ولكن حتى ذلك الحين سيتأخر الاخلاء اسبوع آخر على الاقل، وسيسفك المزيد من الدماء. وكالعادة، هذه الدماء ستكون بالاساس دماء فلسطينية. ويمكن أن يصاب اسرائيليون ايضا.

الاحتكاك في افيتار وفي القرى القريبة منها تحول الى المهمة الرئيسية للواء القطري شومرون (نابلس)، التي تحتجز من اجلها قوات كثيرة. الى جانب جنود كتيبة الدورية التابعة لجفعاتي وشرطة حرس الحدود تم تعزيز هذا القطاع مؤخرا بفصيلين من وحدة ايغوز، خوفا من عمليات اطلاق نار في المنطقة. ايضا باقي الوحدة ارسلت الى الضفة، مع انحراف عن برنامج تدريباتها. بكلمات اخرى، بدلا من التدرب استعدادا للحرب فان وحدة مختارة من الجيش، التي شكلت من اجل محاربة حزب الله، تمكث الآن لفترة غير محدودة في الضفة بسبب استفزاز المستوطنين.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى