ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – السؤال ليس فقط اذا ومتى سيمسك بالفارين،  بل ايضا كيف وبأي ثمن

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 10/9/2021

” اذا قامت اسرائيل بالقاء القبض على الفلسطينيين الستة الفارين عن طريق حادثة دموية فان هذا يمكن أن يشكل بداية لسفك دماء آخر. اجهزة التعقب للشباك التي عرفها الجمهور في فترة الكورونا ستلعب هنا دورها. وبأي درجة اخفاقات مصلحة السجون أخطر من اخفاقات الشرطة والجيش الاسرائيلي؟ “.

افتراض اجهزة الامن يقول إنه سيكون بالامكان العثور على السجناء الامنيين الستة الذين هربوا في هذا الاسبوع من سجن جلبوع خلال بضعة اسابيع على الاكثر. الفارون الستة كانوا يعيشون قبل سجنهم في منطقة جنين. وربما باستثناء عدد من الدول الشمولية فان الضفة الغربية هي احدى المناطق الخاضعة لتغطية امنية شاملة ومكثفة جدا في العالم.آجلا أو عاجلا فان من المرجح أن يحدث هناك أثر استخباري يخبر الشباك أين يختفي الستة. الهرب من السجن هو حدث استثنائي ومهين من ناحية مصلحة السجون والحكومة. ولكن مطاردة الفارين لا تختلف كثيرا عن جهود اعتقال مخرب بعد تنفيذ عملية. في هذه الحالة فان هوية اهداف المطاردة اصبحت معروفة الآن، وشبكة علاقاتهم مع العالم في الخارج، بالتأكيد يتم تحليلها مؤخرا بالتفصيل.

يمكن الافتراض أن الشباك وقسم الاستخبارات في الجيش يقومون بعملية مراقبة لكل انواع التوثيق (الكاميرات على انواعها) ووسائل الاتصال (الهواتف المحمولة والانترنت) التي لها علاقة بالفارين ومسار هربهم.

في شهر ايار الماضي قتل الفلسطيني منتصر شلبي بمسدس في مفترق تفوح طالب مدرسة دينية هو يهودا غويتا، واصاب طالب آخر باصابة بالغة. شلبي اعتقل في منطقة رام الله بعد مطاتردة استمرت اقل من اسبوع. في حزيران 2014 اختطف نشطاء من حماس ثلاثة فتيان اسرائيليين ركبوا بالمجان في مفترق غوش عصيون وقتلوهم. جثث الفتيان عثر عليها مدفونة في قطعة ارض في غرب الخليل بعد 18 يوم، لكن الامر اختاج تقريبا ثلاثة اشهر الى أن تم تشخيص القتلة، وتمت تصفيتهم بنار الوحدة الخاصة في الشرطة في مكان اختبائهم في الخليل.

الجمهور في اسرائيل عرف اخيرا عن جزء من قدرات التغطية للشباك بالذات في فترة ازمة الكورونا. فقط في حينه وفي اعقاب استخدامه من اجل معرفة اتصالات المصابين المؤكدين بالكورونا كشفت المعطيات عن الوسيلة المخيفة لهذا الجهاز، وهي مخزون من المعلومات قادر على مراقبة وتحليل بسرعة تقريبا كل اتصال الكتروني في اسرائيل وفي المناطق. لذلك، فان تقارير المراسلين الآن حول “غياب طرف خيط” للعثور على الفارين يفضل قراءتها مع النذر القليل من الشك. هذه هي الاجابة المقبولة لاذرع الامن، في حين لا تريد حتلنة الجانب الثاني بما هو معروف لديها حقا. 

يبدو أن مصير الفارين الستة سيتقرر بدرجة كبيرة حسب المنطقة التي يختبئون فيها. اذا تبين أنهم نجحوا في اجتياز الحدود نحو الاردن وهي امكانية التي وصفت امس بأنها اقل ترجيحا فمن المحتمل جدا أنهم قد نجوا بحياتهم. الاردن سيجد صعوبة في اعادة الى اسرائيل من اصبحوا يعتبرون ابطال شعبيين فلسطينيين، وهي بالتأكيد لن تفعل ذلك بدون ضمانات اسرائيلية على امنهم. اذا كان الستة ما زالوا يتواجدون داخل الخط الاخضر مثلما تشير التفتيشات التي جرت في الجليل، فان الامر يمكن أن يقلص احتمالات أن يكونوا قد تزودوا في هذه الاثناء بالسلاح. وطالما أنهم غير مسلحين فان هناك احتمالية لأن يتم العثور عليهم وأن يسلموا انفسهم بدون قتال. 

اذا كانوا، في المقابل، هربوا الى شمال الضفة فربما أنهم يكونوا بهذا قد حسموا مصيرهم. المشهور من بينهم، رجل فتح زكريا الزبيدي، قضى معظم سنوات حياته في مخيم جنين للاجئين الى حين اعتقاله قبل سنتين ونصف. جزء كبير من هذه الفترة كان الزبيدي يتنقل وهو مسلح بسلاح شخصي. اذا عاد الى البيت فسيكون هناك كما يبدو من سيزوده مرة اخرى بالسلاح. في هذه الظروف، حيث تخاف اسرائيل من المس بالقوة التي جاءت لاعتقال الفارين، فان تعليمات فتح النار للجنود ستكون متساهلة جدا. 

ايضا أي دخول لقوة اسرائيلية الى منطقة جنين، وبالتأكيد الى مخيم اللاجئين، يرافقه في الاشهر الاخيرة تبادل شديد لاطلاق النار مع مسلحين فلسطينيين. اجهزة الامن الفلسطينية تتجنب تقريبا بشكل كامل الدخول الى المخيم لنفس السبب. اذا كانت هذه القصة، التي تبدو وكأنها اخذت من فيلم سينمائي، ستنتهي في مخيم اللاجئين فسيكون لها فقط نهاية واحدة وهي الدم والنار. 

إن الهرب المدهش للسجناء تمكن من احداث هزة في الاقسام الامنية في السجون الاسرائيلية، خاصة بعد أن قررت ادارة السجون أن تنقل بين السجون سجناء الجهاد الاسلامي ردا على الهرب (جميعهم، باستثناء الزبيدي، هم اعضاء في الجهاد الاسلامي). السجناء الامنيون يحتلون مكانة رئيسية في روح النضال الفلسطيني، وكل تطور دراماتيكي في السجون ينعكس بالسلب على التوتر في المناطق. من المعروف أن أي مس لاسرائيل بالفارين انفسهم سيزيد من حدة الردود.

الخطر لا يقتصر فقط على اعمال المحاكاة والتماهي في الضفة، بل سيؤدي الى تصعيد في قطاع غزة. الجهاد الاسلامي وحماس سبق وهددوا باطلاق الصواريخ اذا تم المس بالفارين. بالنسبة لحماس فان هذا الحدث يمكن ان يوفر ذريعة ممتازة لمواجهة جديدة مع اسرائيل. ايضا يبدو أن قيادة حماس في القطاع تسير بهذا الاتجاه على خلفية محاولاتها أن تفرض على اسرائيل عودة كاملة الى الوضع الذي ساد قبل 10 أيار وهو اليوم الذي اطلقت فيه حماس ستة صواريخ نحو القدس، واسرائيل ردت باطلاق عملية حارس الاسوار في القطاع.

في الوقت الضائع

سلسلة الاخفاقات التي يتم الكشف عنها بالتدريج حول هرب السجناء حولت النار في وسائل الاعلام وفي اوساط الجمهور الى قيادة السجون. الحياة المهنية للمفتشة كاتي بيري يبدو أنها تقوم على وقت ضائع، رغم أنها صرحت أمس بأنها “موجودة هنا لتواصل وتقود”. كان يكفي أن تشاهد يوم الاثنين المؤتمر الصحفي المرتجل للمفتشة ووزير الامن الداخلي، عومر بارليف، حيث جدار السجن في الخلفية، من اجل أن تقدر الوضع. الهرب نفسه يعكس فشل مقلق، الذي ينطوي على خطر لتورط امني واسع. من المنشورات الاولى في وسائل الاعلام تتضح صورة خطيرة لاهمال وعيوب كثيرة. بيري نفسها لم يتم تعيينها في هذا المنصب من قبل بارليف، بل من قبل الحكومة السابقة، هكذا فان درجة التزامه نحوها منخفضة منذ البداية.

اضافة الى ذلك، في السنوات الاخيرة كثرت التقارير عن تدخل دائم لنشطاء ليكود في تعيين الشخصيات الرفيعة في مصلحة السجون، الى جانب قضايا محرجة في صفوف هذه المؤسسة. وفي الوقت الذي فيه دعا وزراء واعضاء كنيست من اليمين الى تشديد ظروف السجناء الامنيين فانه فعليا حرصت مصلحة السجون على عدم التصادم مع السجناء بهدف الحفاظ على هدوء مصطنع في الاقسام. عدد من الاخطاء التي مكنت من الهرب من سجن جلبوع، نقل الزبيدي بناء على طلبه الى الغرفة التي يوجد فيها سجناء الجهاد وعدم استخدام المشوشات على الهواتف المحمولة رغم أنه تم تركيبها في السجن، تدل كما يبدو على تطبيق نفس السياسة. وفي مصلحة السجون في ظل بيري فشلوا في مهمتهم تماما. 

هل الاداء السيء لمصلحة السجون هو استثنائي جدا في المشهد الامني الاسرائيلي؟ المقارنة المقبولة هي مع الشرطة، التي هي ايضا تم الكشف عن ضعفها في السنوات الاخيرة، وهذا ايضا لاسباب مشابهة في جزء منها: اضعاف وتآكل متعمد من قبل حكومات بنيامين نتنياهو، الذي اكثر من التصادم مع اجهزة انفاذ القانون. ولكن ماذا يحدث في الجيش الاسرائيلي، وهو الجهة التي تحصل على التقدير والميزانيات ونوعية القوة البشرية العالية التي لا تقارن مع ما تحصل عليه مصلحة السجون. 

على الاغلب يصعب التوفيق بين النقيضين اللذين يميزان نشاط الجيش الاسرائيلي: التنفيذ عالي الجودة والدقيق للضربات الجوية المعقدة التي تعتمد عل معلومات استخبارية ممتازة بعيدا عن الحدود مقارنة بالخلل الدوري الذي كشف عنه بعد عملية سرقة السلاح الاخيرة من قاعدة آمنة أو أمر محرج آخر (مثلا، طريقة الجيش في تضخيم بيانات المجندين المتدينين من اجل تلبية مطالب المستوى السياسي). نحن ما زلنا نتذكر تحذير الجنرال يشاي بار لرئيس الحكومة الجديد اهود اولمرت في زيارته الاولى لهيئة الاركان العامة في تموز 2006، قبل يوم على اندلاع حرب لبنان الثانية. حيث قال بار لاولمرت بأن الجيش الاسرائيلي هو “جيش متوسط. ما زال فيه حتى الآن بعض الجزر الصغيرة من الامتياز. ولكن هذه الجزر محاطة ببحر كبير من المستوى المتوسط”.

مرت 15 سنة منذ ذلك الحين وتم بالطبع عمل تغييرات كثيرة. ولكن هذه الاقوال ما زالت صحيحة. جزء لا بأس به من نبوءات الغضب للجنرال الاحتياط اسحق بريك، التي تستقبل على الاغلب بنفي كاسح من قبل قيادة الجيش، يصيب نفس الحقيقة المحزنة.

في اجهزة الامن الاسرائيلية، وفي اذرع اخرى في الحكومة، يتم الكشف مرة تلو الاخرى عن ثقافة تنظيمية معيبة. على الاقل في جزء منها هذه الثقافة تنبع من عمليات متواصلة، تم فيها افراغ الخدمة العامة من قدراتها والاشخاص ذوي الكفاءة تركوها، ازاء خيبة الامل من الوضع. السنوات الاخيرة مليئة بالامثلة على ذلك، حتى أن جزء منها اسوأ من قضية الهرب.

الحادث البارز للعيان هو الكارثة التي تم فيها سحق وموت 45 شخص في عيد لاغ بعومر الاخير في جبل ميرون. ولكن يمكن العثور بسهولة على قاسم مشترك ايضا مع مواجهة اسرائيل لوباء الكورونا. باستثناء النجاح الاستثنائي لعملية التطعيم السريعة فقد برز طوال الاشهر الـ 19 الاخيرة نفس العوامل: غياب الانضباط الشخصي والتنظيمي، الاهمال، رقابة ضعيفة وبالطبع تفاخر مبالغ فيه لا يستند الى اساس حول قدرات اسرائيل (“من كل العالم يتصلون معنا”). مصلحة السجون هي كما يبدو الضعيفة من بين اجهزة الامن الاسرائيلية. ولكن ولا بأي حال من الاحوال هي ليست الوحيدة التي يتم ضبطها بين حين وآخر متلبسة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى