ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل- التوتر بين الولايات المتحدة وايران ، يكبح نشاطات اسرائيل في الشمال

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 13/1/2020

” على خلفية التصعيد في الخليج فان شخصيات اسرائيلية رفيعة حذرة في تصريحاتها ويبدو أن الجيش الاسرائيلي يسلك نفس السلوك. في طهران يجب عليهم مواجهة النتائج غير المرغوب فيها للمواجهة، وكذلك مواجهة الاحتجاج الداخلي المتجدد وتهديداته “.

لقد استغرق وسائل الاعلام الامريكية أكثر من اسبوع، لكن أمس وصل أخيرا الخبر المطلوب، موضوع اخلاقي تقريبا، يبشر بدور اسرائيل في عملية اغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني. وحسب تقرير في الـ “ان.بي.سي” فان الاستخبارات الاسرائيلية هي التي وفرت للامريكيين معلومات مكملة بشأن البرنامج لقائد “قوة القدس” في حرس الثورة الايراني عند اقلاع طائرته من دمشق وهبوطه في مطار بغداد في منتصف ليلة 3 كانون الثاني.

في مقال آخر، وهو تقرير مفصل لـ “نيويورك تايمز”، يوجد وصف مفصل لتسلسل الاحداث في الاسبوع الذي حدثت فيه عملية الاغتيال، حيث كتب بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كان الزعيم الاجنبي الوحيد الذي تلقى خبر من رئيس الادارة الامريكية بشأن نية تصفية سليماني. هذه الاقوال تتوافق مع التقديرات في وسائل الاعلام الاسرائيلية فور عملية الاغتيال. وبأثر رجعي، ايضا اقوال نتنياهو في اليوم الذي سبق عملية الاغتيال عند سفره الى اليابان بشأن المتابعة الحذرة التي تقوم بها اسرائيل لما يجري “مع تواصل مستمر مع الصديقة الكبرى الولايات المتحدة”، يمكن أن تدل على أنه كان يعرف شيئا ما.

أمس في بداية جلسة الحكومة عاد نتنياهو وتطرق للوضع في ايران. وهاجم النظام في طهران على مسؤوليته عن اسقاط طائرة الركاب الاوكرانية بصورة مستخفة، وامتدح شجاعة المتظاهرين ضد النظام، وهنأ الرئيس الامريكي على قراره فرض عقوبات اخرى. ولكن حظر التحدث الذي فرضه رئيس الحكومة على وزرائه ما زال مستمرا، وهم يقللون تطرقهم لما يحدث في الخليج.

يبدو أن حذر اسرائيل هو شامل، وحتى الآن ايضا كبح النشاطات الهجومية في منطقة الشمال. التقرير من الاسبوع الماضي والذي نسب لاسرائيل مهاجمة شاحنة للسلاح قرب معبر بو كمال على الحدود السورية، لا يبدو موثوقا. اذا كانت الهجمات الاسرائيلية قد توقفت حقا، يجب الافتراض بأن الامر يتعلق بموضوع مؤقت فقط – الى حين اتضاح الصورة بين الولايات المتحدة وايران.

لقد قاموا باطلاق النار على أرجلهم

في هذه الاثناء يبدو أن الهزة التي احدثتها عملية اغتيال سليماني أدت الى تداعيات غير متوقعة. الايرانيون ارادوا عرض اطلاق الصواريخ على القواعد الامريكية في العراق في الاسبوع الماضي كنهاية لمرحلة الانتقام العلنية على قتل سليماني. ولكن التوتر الذي ساد في نظامهم الدفاعي أدى الى اسقاط الطائرة الاوكرانية بواسطة صاروخ أطلق من الارض والى قتل 136 شخص من المسافرين وطاقم الطائرة، الذين لم تكن لهم أي صلة بالمواجهة مع الامريكيين التي وقعت بعد اطلاق الصواريخ بوقت قصير. النظام وجد نفسه في وضع محرج – رد في البداية مثل الانظمة الشمولية الاخرى، باكاذيب ومحاولات لطمس الوقائع.

عندما لم يكن امامه مناص، أبلغ الزعماء في ايران الشعب بالحقيقة. ولكنهم بذلك فقط اشعلوا موجة الاحتجاج التي قاموا بقمعها بعنف في تشرين الثاني الماضي. الآن المتظاهرون الشجعان الذين يخرجون في شوارع طهران يهاجمون سلوك النظام في قضية الطائرة. هذا مثل الضربة لصورة الوحدة التي حاولت طهران تعزيزها بالتجمعات الضخمة التي رافقت رحلة الجنازة الطويلة للجنرال سليماني في الاسبوع الماضي. وخلافا لنجاح النظام في عزل ايران عن العالم وعن الانترنت في الموجة السابقة، في هذه المرة يتم تهريب توثيق للمظاهرات في الوقت الحقيقي. عدد المشاركين كما يبدو غير كبير، لكن المشهد مثير للانطباع، هو يصل من قلب طهران وليس من محافظات بعيدة.

هناك شك كبير اذا كان ترامب أو حتى مستشاريه الاكثر خبرة منه في شؤون الشرق الاوسط قد توقعوا كل ذلك عندما اتخذوا قرار الاغتيال. ولكن ايران غارقة الآن بمشاكل كبيرة. العقوبات الامريكية الشديدة على النظام، التي بسببها بدأ الايرانيون بسلسلة الهجمات العسكرية في الخليج في أيار الماضي، لم يتم رفعها؛ والاحتجاج الداخلي في الدولة يثور مرة اخرى، وعدم الهدوء الاقليمي يمكن أن يشعل من جديد الاحتجاج ضد الحكومات في العراق ولبنان الصديقة لطهران والتي هدأت مؤخرا.

يبدو أن الزعيم الاعلى في ايران، علي خامنئي، يقع تحت ضغوط متناقضة. فمن جهة، ايران لم تنجح في اقناع الولايات المتحدة برفع العقوبات، ولم تنتقم بصورة مقنعة لدم سليماني المقرب جدا من الزعيم. من جهة ثانية، اصابة استعراضية اخرى لاهداف امريكية وحياة امريكيين يمكن أن تؤدي الى رد شديد من قبل ترامب، الذي اثبت بأنه لا يتردد في استخدام القوة بصورة تتجاوز سياسة سلفه. ومن جهة ثالثة، يوجد للمليشيات الشيعية في العراق حساب مفتوح خاص بها على قتل سليماني ورجالها في عملية الاغتيال. ومن غير الواضح أي درجة ستخضع لتوجيهات طهران. ومن جهة رابعة، ايران تواصل توسيع خرق الاتفاق النووي، وهذه مقاربة تزيد التوتر مع واشنطن فقط.

السير جون جنكينز، أحد الخبراء البريطانيين الرائدين في الشرق الاوسط، الذي كان سفير بلاده في السعودية، ذكر في الاسبوع الماضي في مقال نشر  في “أراب نيوز” بالمعضلة التي وقفت امام القيادة في ايران في ذروة الحرب بين ايران والعراق في الثمانينيات. في نهاية المطاف قرر آية الله الخميني “شرب كأس السم” مثلما وصف ذلك في حينه، وانهاء الحرب.

“الاتفاق مع العراق منح في حينه ايران سلام ودرجة ما من الهدوء”، كتب جنكينز. “الخيار يشبه في الاساس ايضا الوضع في هذه المرة. اذا كان الايرانيون سيتخذون قرارا غير صحيح، فان كل المقامرات ستكون لاغية”. وبدون صلة مع تهنئة ترامب لنفسه فان اغتيال سليماني يعبر عن حادثة دراماتيكية وربما حتى تاريخية. الازمة في الخليج بعيدة عن نهايتها، وتداعيات الاغتيال سيتم الشعور بها ودراستها في المنطقة في الاشهر القادمة.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى