ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم شموئيل مئير – الاستخبارات العسكرية ونتنياهو لا ينظران بنفس المنظار لتهديدات ايران

هآرتس – بقلم شموئيل مئير  – 23/1/2020

” تقدير شعبة الاستخبارات “أمان” للعام 2020 لا يشخص وجود تسريع ايراني لتطوير سلاح نووي. وهو يعبر عن خطاب واقعي واكثر اعتدالا في التطرق للمشروع النووي الايراني مقارنة مع خطاب رئيس الحكومة التحذيري وانعكاسه في وسائل الاعلام “.

خلافا للسنوات السابقة فان تقدير “أمان” (الاستخبارات العسكرية) للعام 2020، الذي تم عرضه في الاسبوع الماضي، كان حدث اعلامي بارز. العناوين في الصحف والنشرات الاخبارية تسابقت حول سؤال هل ستكون لايران قنبلة نووية في نهاية السنة القادمة أم بعد سنتين؟ المراسلون للشؤون العسكرية اوصلوا للجمهور تقدير قسم الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي بمفاهيم اعتادوا على سماعها، وللحظة كان يبدو أن التصريحات اليومية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأن “ايران تسارع نحو انتاج القنبلة” تحظى بمصادقة الجهاز، لكن في الحقيقة هي لا تحظى. من المؤسف أن “أمان” المقدرة الوطنية للوضع لا تقوم بنشر، مثل نظيرتها في امريكا، رواية مرتبة أو سرية لتقرير الاستخبارات السنوي الذي تقدمه للمسؤولين. وبدون أي خيار نحن سنضطر الى الاكتفاء بالتسريبات والتوجيهات المنتقاة التي تتناول احيانا مواضيع تقنية معقدة مثل نسبة تخصيب اليورانيوم التي تميل الى عدم الدقة. في هذا المقال سنحلل تقديرات “أمان” حول المشروع النووي الايراني، في محاولة لفصل الامور الحقيقية عن الاصوات الخلفية الصاخبة.

المعطيات حول الكمية – التقنية هي التي برزت في تقارير وسائل الاعلام حول تقديرات “أمان”. وقد ورد بأنه يوجد لدى ايران الآن 850 كغم يورانيوم مخصب بمستوى مدني منخفض (4 في المئة)، وأنه من المحتمل أن تبلغ حتى نهاية السنة 1300 كغم. وهي كمية كافية لانتاج قنبلة نووية أولى. ويبدو أن معطيات رقمية تشير الى أن قنبلة ايرانية في المدى القصير، لكن عمليا، هذه ارقام لا تتحدث بذاتها وهي بحاجة الى التفسير والتوضيح.

في مقال سابق قلت إن خطاب التحذير حول “اختراقة سريعة” نحو القنبلة الاولى يستند الى تحليل نظري بسيط لقياس الزمن. الحديث لا يدور عن حساب علمي وموضوعي يبشر بتهديد حاسم وفوري. “زمن الاختراق” هو الزمن المطلوب حسب عدد من الافتراضات المسبقة، لانتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب بمستوى عسكري مرتفع (90 في المئة) من اجل انتاج القنبلة الاولى، اذا قررت ايران انتاجها.

الفشل الرئيسي في سيناريو الكمية المطلوبة لاختراق سريع ينبع من حقيقة أنها تعتمد على تخصيب اليورانيوم في المنشآت النووية المدنية في ايران. المشروع النووي المدني الايراني في الجمهورية الاسلامية يوجد تحت نظام الرقابة الاكثر اختراقا في تاريخ الذرة: رقابة مستمرة من قبل مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية وارسال التقارير في الوقت الحقيقي الى الوكالة في فيينا. ايضا استنادا لـ “البروتوكول الاضافي” للوكالة الدولية للطاقة النووية يتم اجراء زيارات مع تبليغ قبل وقت قصير للمنشآت غير المعلن عنها. في هذا الوضع ستجد ايران صعوبة في تحويل اليورانيوم المخصب بمستوى مدني منخفض – المسموح لها حسب الاتفاق النووي ووفقا لعضويتها في ميثاق عدم نشر السلاح النووي “ان.بي.تي” – الى يورانيوم مخصب بمستوى عسكري. وسبب وجود الوكالة الدولية للطاقة النووية الرئيسي هو اعطاء تحذير لهذا التحويل. وبناء على ذلك فان الـ 1300 كغم من اليورانيوم المخصب للاغراض السلمية برقابة الوكالة في العام 2020 لا يعني بالضرورة خط مباشر وسريع من اجل تخصيب اليورانيوم بغرض الحصول على مواد متفجرة من اجل القنبلة. اضافة الى ذلك، من اجل اختراق سريع والحصول على يورانيوم مخصب بمستوى عسكري مرتفع ستكون ايران ملزمة بطرد جميع المراقبين للوكالة والانسحاب من ميثاق “أن.بي.تي”. وهذه الخطوات الضرورية قامت بها في حينه كوريا الشمالية من اجل تطوير مشروعها النووي.

إن انعكاس تقديرات “أمان” في تقارير وسائل الاعلام (لم يتم نشر نص معتمد) يشير الى أن ضباط الابحاث العسكرية لا يتفقون مع السيناريو التحذيري. ومن تقدير “أمان” يمكن الفهم بأنه حتى بعد الخروقات الايرانية للاتفاق النووي مؤخرا، السماء لم تسقط. وحتى لو لم يقل هذا بشكل صريح فان الامر في هذه المرحلة يتعلق بعدة مئات قليلة من اليورانيوم المخصب بمستوى مدني منخفض، وليس عودة الى الوضع الذي كان سائدا قبل التوقيع على الاتفاق النووي الذي كان فيه الحديث يدور عن 8 طن من اليورانيوم المخصب بواسطة 19 ألف جهاز للطرد المركزي. خروقات ايران في مجال تخصيب اليورانيوم ينظر اليها بصورة غير هامة وبصيغة دبلوماسية وليس عسكرية. وقد تم الابلاغ بأنه حسب ضباط الابحاث في الاستخبارات العسكرية خصصت لغاية المفاوضات واستخدام ضغط على الشركاء الاوروبيين في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا والمانيا) من اجل اعادة الوضع الى سابق عهده. أي، صد العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة أو كبديل عن ذلك، تجميع اوراق مساومة قبل التوقيع على اتفاق نووي مستقبلي.

تقدير “أمان” لا يشخص وجود تسريع ايراني لانتاج سلاح نووي. واضافة الى ذلك، ايران لم تقم بالغاء التزامها بالاتفاق النووي. وأدلة على المقاربة الواقعية المعتدلة في “أمان” يمكن العثور عليها ايضا فيما لم يتم شمله في التقرير السنوي. “أمان” لا تتحدث عن احتمالية انتاج سلاح نووي بمسار البلوتونيوم، وذلك من خلال ادراك البند المهم الذي ما زال قائما في الاتفاق النووي، الذي بحسبه بريطانيا والصين ستقومان ببناء مفاعل للمياه الثقيلة في أراك (بدل المفاعل القديم والخطير الذي تم تفكيكه في اطار الاتفاق)، بصورة لا تسمح بانتاج البلوتونيوم للقنبلة.

بنفس الدرجة، من المؤسف أن “أمان” لم تشر في توجيهاتها الى أنه ايضا بخصوص الخرق الذي يعتبر الاكثر اهمية في سلسلة خروقات ايران في مجال تخصيب اليورانيوم – استئناف النشاط في منشأة بوردو – لا يدور الحديث عن العودة الى الفترة التي سبقت الاتفاق النووي، أي نفس “مجال الحصانة” تحت الارض الذي فيه يتم تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 في المئة والذي يشكل المسار السريع لتخصيب عسكري محتمل. وفقط ثلث الألف جهاز للطرد المركزي في بوردو استأنفت تخصيب اليورانيوم، ولكن بمستوى مدني منخفض، وليس مثلما كان في السابق. الثلث المتبقي مخصص لاستمرار اجراء ابحاث النظائر المشعة المدنية وليس من اجل تخصيب اليورانيوم. البحث يتم كجزء من نشاط مركز ابحاث دولي برئاسة روسيا، مثلما حدد في الاتفاق النووي. ويجب التأكيد على أن مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية يتواجدون باستمرار في بوردو.

يمكن الاجمال والقول بأن تقدير “أمان” غمر بالخطاب الممأسس نغمات لم نسمعها منذ زمن. وليس فقط معلومات تقنية عن اعمال كمية “صعبة” وروتين التوقعات التحذيرية، بل ايضا تحليل يأخذ في الحسبان المركبات النوعية “الناعمة” للدبلوماسية والمواثيق الدولية. الفحص التحليلي المركب الذي من خلاله تحاول “أمان” المتابعة عن كثب التطورات الاخيرة حول الاتفاق النووي، لا سيما الحوار المتوتر بين ايران والدول الاوروبية الثلاثة التي وقعت على الاتفاق، يشير الى أن ايران لا تسارع نحو انتاج القنبلة النووية. وهذا يناقض بشكل بارز الموقف المعلن لنتنياهو ونظرته السلبية للمسار الدبلوماسي والاتفاق النووي. حسب رأيه هذا يشكل اعادة بث لاتفاق ميونيخ في العام 1938.

رئيس الحكومة والجهاز العسكري لا ينظران بنفس المنظار الى المشروع النووي الايراني. وسيكون للاختلاف في المفاهيم الذي طرح هنا تأثيرات على تقدير التطورات في المستقبل وعلى طرق رد اسرائيل. مثلا، بخصوص سيناريو الحرب الوقائية الذي فكر نتنياهو باحتماله في خطابه الذي القاه في ذكرى حرب يوم الغفران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى