ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  شلومو افنري – وهم الكونفيدرالية

هآرتس – بقلم  شلومو افنري – 12/11/2021

” الكونفيدرالية التي يقترحها زنغر وماوتنر لا تعكس احترام متبادل للسيادة. وعمليا هو استمرار للاحتلال تحت غطاء كلمات مغسولة “.

لقد أراد المحامي يوئيل زنغر والبروفيسور مني ماوتنر الاجابة في مقالهما تحت عنوان “مع ذلك كونفيدرالية” (“هآرتس”، 5/11) على عدد من الاعتراضات التي اثيرت حول اقتراحهما لحل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين من خلال اقامة كونفيدرالية بين اسرائيل وفلسطين. 

ولكن مفهوم كونفيدرالية هو مفهوم ضبابي بشكل خاص. ورغم أنه يظهر في كتب التعليم إلا أنه لا توجد الآن في العالم أي كونفيدرالية. (سويسرا تسمى احيانا كونفيدرالية لاسباب تاريخية، لكنها دولة فيدرالية وبحق مثل الولايات المتحدة والمانيا). الحل الذي اقترحه زنغر وماوتنر هو حلم خيالي. وهم لا اساس له. ويتوقع فقط أن يضخم المشكلات التي يريد حلها. وهاكم بعض المشكلات الجوهرية التي لن تحلها فكرة الكونفيدرالية.

الحدود: لقد اشار زنغير وماوتنر وبحق الى أن مشكلة الحدود ستصعب تحقيق حل الدولتين، حيث أن موقف الفلسطينيين يرتكز على الخط الاخضر، في حين أن موقف اسرائيل، حتى المواقف الاكثر اعتدالا، يطالب بضم على الاقل جزء من المستوطنات. ولأن حل الكونفيدرالية يرتكز الى كيانين يجب أن يتم رسم حدودهما بوضوح فان المشكلة بقيت على حالها، لأنه من الواضح أنه لن تكون هناك موافقة اسرائيلية على أن يعيش مئات آلاف سكان المستوطنات، بهذا الشكل أو ذاك، تحت حكم الفلسطينيين. وفي المقابل، الطرف الفلسطيني يطالب بتفكيك مطلق لجميع المستوطنات. 

السيادة: الكاتبان أكدا على أن الكونفيدرالية سترتكز على وجود دولتين سياديتين مع ممثليات دبلوماسية منفصلة في العالم وفي الامم المتحدة (ستتم مناقشة ذلك فيما بعد). هذا جيد. ولكنهما اضافا على الفور بأن اسرائيل ستواصل الاحتفاظ بـ “المسؤولية الحصرية عن الامن الخارجي، أي عن الدفاع امام تهديدات خارجية”. وسيكون لها حق التدخل في فلسطين اذا حدثت فيها تغييرات راديكالية يمكن أن تعرض امنها للخطر. 

الحديث يدور عن خدعة. هذه ليست علاقات تعكس احترام سيادة متبادل بين شركاء في الكونفيدرالية، بل علاقات بين دولة ذات سيادة مع بانتوستان. فعليا، هذا استمرار للاحتلال تحت اسماء مغسولة بطريقة ذكية. هل زنغر وماوتنر حقا يؤمنان بأن هناك أي جهة فلسطينية ستوافق على ذلك في اطار ما سيسمى بالكونفيدرالية بين كيانين سياديين؟.

اضافة الى ذلك، زنغر وماوتنر قالا إن سكان المستوطنات الذين سيبقون في اراضي فلسطين سيواصلون كونهم مواطنين اسرائيليين. في هذا الوضع هم يستطيعون ليس فقط التصويت والتنافس في انتخابات الكنيست، بل ايضا سيخدمون في الجيش الاسرائيلي، وربما سيتم وضعهم في المستوطنات وحتى سيتولون دور في الدفاع عنها. من الواضح أن هذا ليس كونفيدرالية متساوية بين طرفين. في الهامش يمكن ذكر المنهاج التعليمي الذي يتم تدريسه الآن في السلطة والذي اسرائيل معروضة فيه ككيان كولونيالي ينفذ جرائم حرب، والتي نهايتها أن تختفي من العالم. فهل هذا الوضع سيستمر أو أنه سيحفظ لاسرائيل الحق في الفيتو على المناهج التعليمية في الجزء الفلسطيني من الكونفيدرالية؟. هذه الاوضاع غير المعقولة ستزداد كلما تعمقنا في الموضوع. لم يبق الكثير من السيادة للمكون الفلسطيني الذي سيتحول فعليا الى منطقة حماية اسرائيلية كليا. 

القدس: زنغر وماوتنر يتحدثان عن مدينتين طبقا للطابع العرقي في احياء المدينة. المعنى هو أن الاحياء اليهودية الجديدة في شرقي المدينة، في المنطقة التي ضمت لاسرائيل، ستبقى تحت سيطرة اسرائيل، ولا نريد التحدث عن أنه لا يوجد أي حل لمسألة البلدة القديمة والاحياء العربية التي توجد في شرقي القدس (الشيخ جراح مثلا لمن نسي ذلك). وهناك جزئية صغيرة اخرى وهي هل سيكون لسلطات احد المدينتين الصلاحية لملاحقة مشبوهين في الشطر الآخر للمدينة أو أنه ستكون حاجة الى اجراءات تسليم مثلما هو متبع بين كيانين سياديين؟.

الحرم: أنا أفهم نفسية الكاتبين اللذين يفضلان تجنب مواجهة موضوع الحرم. من بالضبط سيضمن أن المصلين اليهود في حائط المبكى لن يتم رشقهم بالحجارة التي سيتم رميها عليهم من ساحات الحرم؟ هل سيتمكن اليهود من زيارة ساحات الحرم؟ واذا استطاعوا ذلك فمن الذي سيراقب دخولهم ويحافظ على أمنهم؟ ومن الذي سيمنعهم من الصلاة بشكل جماعي في ساحات المساجد؟. كلمة كونفيدرالية لا توفر وبحق الاجابة على هذه الاوضاع التي هي هشة ايضا الآن. الامور ستكون معقدة وحساسة اكثر في وضع فيه سلطتان سياسيتان تكونان كما يبدو عضوتين في تحالف كونفيدرالي.

المواطنة والتشغيل والسكن: هل يمكن للمواطنين الفلسطينيين العمل بشكل حر في اسرائيل والعيش فيها؟ هل ستستطيع الشركات الاسرائيلية الاستثمار في فلسطين؟. في واقع فجوة اقتصادية عميقة جدا بين فلسطين واسرائيل فمن غير المعقول ابقاء هذه المواضيع المهمة لقوة السوق. 

العملة: منذ العام 1967 تستخدم في المناطق العملة الاسرائيلية. فهل سيستمر هذا الوضع أو أنه سيكون لفلسطين “السيادية” عملة خاصة بها؟.

مؤسسات مشتركة: من الصعب التحدث عن نشاط منظم وسليم ومقبول لمؤسسات مشتركة لدولة ديمقراطية مع دولة يبدو أنها لن تكون ديمقراطية، ربما حماس ستكون ممثلة في مؤسسات حكمها. كيف ستكون تركيبة المؤسسات المشتركة، متكافئة أو مع اغلبية اسرائيلية على اساس عدد السكان؟ وبالطبع المسألة الاساسية التي لم ينتبه اليها كليا زنغر وماوتنر وهي من الذي سيحسم في حالة وجود خلافات في هذه المؤسسات المشتركة؟ هل الولايات المتحدة أو الامم المتحدة أو محكمة الجنايات الدولية في لاهاي أو مندوب سامي يتم تعيينه من قبل مجلس الامن (مثلما في البوسنة)؟.

التمثيل الدولي: كل كيان من كيانين الديمقراطية يمكنه أن يكون عضو في الامم المتحدة. لأنهما يعتبران دول سيادية. هل يستطيع أي منهما تقديم في مؤسسات الامم المتحدة شكاوى ضد الكيان الثاني مثلما يحدث الآن، أو أن هذا سيمنع عليهما؟ ايضا السفارات، يمكن الافتراض، ستنشغل في الاساس في طرح المواقف المختلفة أمام الدول المختلفة في عواصم العالم. هذا غريب بدرجة ما.

من اجل عدم تعقيد الامر اكثر، أنا لن اتطرق الى مسألة اللاجئين وحق العودة.

الخلاصة: تبني مفهوم لاتيني مثل كونفيدرالية لن يحل أي مشكلة، بل العكس. فمحاولة تطبيق فكرة الكونفيدرالية فقط ستعمق وترسخ أي نزاع وطني. وستفتح مدخل لحرب اهلية. هذا ايضا هو السبب في أن جميع المحاولات التي بذلت في السابق لحل نزاعات قومية في اطار الكونفيدرالية، مثلا في يوغسلافيا وفي البوسنة وفي قبرص وحتى في الاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا، فشلت فشلا ذريعا لأنها لم تحل المشكلة الاساسية. من في نهاية الامر سيسيطر على الارض، وهل الحديث يدور عن دولة واحدة أو دولتين (أو اكثر)؟.

إن نوايا اتباع الكونفيدرالية حسنة، لكن اقتراحاتهم لا تحل أي مشكلة، بل فقط تعمق المشكلات القائمة. ورغم أن حل الدولتين هو حل صعب التنفيذ ضمن الشروط القائمة، إلا أنه الحل المحتمل الوحيد. وكل الحلول الاخرى هي اوهام متوارعة. ولن يتم حل أي مشكلة من المشكلات التي تقف كعقبة امام حل الدولتين عن طريق الكونفيدرالية، بل بالعكس.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى