ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم شاؤول ارئيلي – جفعات همتوس تربط بين النقاط في الطريق الى التحطم

هآرتس – بقلم شاؤول ارئيلي – 27/11/2020

” الانتقاد الدولي لبناء حي جفعات همتوس هو بسبب اعتبارها خطوة تخرق اتفاقات اوسلو وتضر باحتمالية تحقق حل الدولتين. واقامة هذا الحي هي استكمال لحلم كانت بدايته في العام 1914 من اجل احاطة القدس بالمستوطنات العبرية “.

       نشر العطاء لبناء 1257 وحدة سكنية في حي جفعات همتوس التي تقع جنوب القدس اكمل عملية كانت بدايتها في العام 2007، عندما بدأت بلدية القدس في تنفيذ خطة لاخلاء موقع الكرفانات الذي اقيم هناك للمهاجرين الجدد في التسعينيات، وبناء حي يحوي 2610 وحدات سكنية. الحقيقة التاريخية هي أن بناء الحي سيكمل عمليا خطة عمرها 53 سنة لحكومة اسرائيل، التي هي ايضا ليست سوى تطوير لخطة عمرها 107 سنوات للحركة الصهيونية، لضمان سيطرة على القدس وضمان أمنها من خلال السيطرة على سلسلة الجبال في مناطق تقع حول المدينة.

       رؤساء الحركة الصهيونية في بداية القرن العشرين حلموا بهجرة ملايين اليهود الى البلاد، لكنهم استطاعوا تبني سياسة فعلية للاستيطان. السيطرة الديمغرافية والجغرافية الكاملة على المدن اليهودية وفي السامرة جعلت رؤساء الصهيونية يكتفون بتعزيز مدينة القدس التي حظيت باغلبية يهودية منذ العام 1870 وخلق كتل دفاعية حولها. في العام 1914 منشور قام بنشره مناحيم اوشسكين بعنوان “من اجل تنظيم القدس”، دعا الى احاطة المدينة ببلدات عبرية. في اعقابه تم انشاء في 1919 الكتلة الشمالية  -عطروت ونفيه يعقوب، وفي 1927 بدأت المحاولة الاولى لبناء الكتلة الجنوبية – غوش عصيون، عند انشاء مستوطنة مغدال عيدر. هذه الكتل هدفت الى كسر التواصل الفلسطيني من الخليل وحتى نابلس. هذه الكتل، عطروت وغوش عصيون، سقطت في حرب الاستقلال، وفي اتفاقات الهدنة التي تم التوقيع عليها في 1949 اكتفت اسرائيل بالسيطرة على غربي القدس، الذي تم تحديده كعاصمة لها، وكان محاط بالاراضي الاردنية من ثلاث جهات.

       احتلال الضفة الغربية في العام 1967 اعاد احياء هذه الخطة. رئيس الحكومة ليفي اشكول اطلق هو ورئيس البلدية تيدي كوليك خطة بناء يهودية في شرقي القدس. في المرحلة الاولى، في الاعوام 1967 – 1972، تم ربط جيب جبل المشارف مع غربي القدس بتواصل جغرافي شمل ستة أحياء جديدة. وفي المرحلة الثانية ارادوا احاطة القدس العربية بدائرة يهودية حضرية وفصلها عن رام الله وبيت لحم. من اجل ذلك تم بناء الاحياء الشمالية رموت الون ونفيه يعقوب وبسغات زئيف ومؤخرا رمات شلومو، وفي الجنوب بني حي غيلو.

       بعد اقل من عقد اراد كل من رئيس الحكومة اسحق رابين ووزير الدفاع شمعون بيرس اقامة مناطق فاصلة حول القدس من جديد، وكتبا “الحكومة تبنت سياسة امنية معينة، أين يمكن التوطين… في منطقة القدس وفي منطقة غوش عصيون”. (رابين، “مذكرات الخدمة”)؛ و”تحصين القدس وجبالها… عن طريق اقامة مدن ضواحي ومستوطنات – معاليه ادوميم وعوفرا وغيلو وبيت ايل وجفعون (بيرس، “الآن غدا”). غوش عصيون اعيدت اقامتها من جديد واتسعت بـ 35 ضعف على اراضي ضمن ولايته القانونية، من اجل فصل الخليل عن بيت لحم والقدس بواسطة عدد من المستوطنات – من بيتار عيليت وحتى الخط الاخضر، مرورا بافرات التي تطل على شارع 60 الرئيسي وحتى تقوع التي تقع في صحراء يهودا. رام الله تم فصلها عن القدس بواسطة عدد من المستوطنات، من بيت حورون غرب خط تجمع المياه ومرورا بجفعات زئيف وحتى كوخاف يعقوب وبسغوت وعوفرا وبيت ايل شرق خط تجمع المياه.

       الموافقة على قرارات الامم المتحدة 181 و242 و338 من قبل الفلسطينيين في 1988 والاعتراف بدولة اسرائيل في 1993 دفعت بيرس ورابين الى التوقيع على اتفاقات اوسلو التي تعهد فيها، مثل الفلسطينيين، بالامتناع حتى الاتفاق الدائم عن القيام بخطوات احادية الجانب، التي يمكن أن تغير مكانة الضفة وقطاع غزة. بنيامين نتنياهو الذي تم انتخابه رئيسا للحكومة في 1996 اختار تجاهل التطورات السياسية وتعهدات اسرائيل.

       في العام 1997، في ولاية نتنياهو الاولى، قرر بناء حي جبل أبو غنيم الذي امتنع رابين عن اقامته. وهذا الحي اضاف لبنة اخرى في السعي لخلق فاصل حضري يهودي بين بيت لحم والقدس. وبعد 23 سنة يريد نتنياهو استكمال الخلية الاخيرة في هذا الاسفين عن طريق اغلاق الحيز المفتوح الذي يقع بين كيبوتس رمات رحيل وجبل ابو غنيم في الشرق، وحي غيلو في الغرب، بواسطة اقامة حي في جفعات همتوس.

       هذه العملية تتساوق جيدا مع موقف اسرائيل الذي تم طرحه في كامب ديفيد وفي طابا وفي انابوليس بالنسبة لتقسيم القدس، والذي شمل منطقة جفعات همتوس داخل حدود اسرائيل – رغم أن اهود باراك واهود اولمرت واريئيل شارون امتنعوا عن اقامة هذا الحي. الفلسطينيون الذين وافقوا على أن يتم ضم جميع الاحياء اليهودية خلف الخط الاخضر لاسرائيل، عارضوا ضم جبل ابو غنيم بذريعة أن هذا الامر يشكل خرق للالتزامات التي تم الاتفاق عليها، وأن هذا سيفصل بيت لحم عن شرقي القدس. اضافة الى ذلك، الفلسطينيون صمموا على أن تنتقل قرية بيت صفافا الفلسطينية التي تقع في جنوب القدس الى سيادتهم حسب المبدأ الديمغرافي لتقسيم الاحياء في شرقي القدس، الذي اقترحه الرئيس الامريكي بيل كلينتون في كانون الاول 2000 وتم قبوله من قبل الطرفين. اساس الانتقاد الدولي الذي يسمع الآن حول بناء جفعات همتوس يستند الى الادعاء الفلسطيني، ويعتبر اقامة الحي خطوة تخرق اتفاقات اوسلو وتمس امكانية تطبيق حل الدولتين.

       ولكن افعال حكومة نتنياهو في فضاء القدس لا تقتصر على بناء حي جفعات همتوس. فهي تستمر في خطط لبناء مجمع سياحي ضخم على طول طريق الخليل، وبناء حي مبسيرت ادوميم (إي 1) التي تقع قرب معاليه ادوميم والتي تقطع شرقي القدس عن الشرق، وبناء حي هار عيتام في افرات (إي2) الذي يفصل بيت لحم عن منطقة الجنوب.

       فعليا، عند استكمال هذه الخطوات سيكون هناك ثلاثة خيارات امام القادة في اسرائيل والقادة الفلسطينيين الذين سيكونون معنيين باستئناف المفاوضات. الخيار الاول، غير المعقول في المستقبل المنظور، هو أنه في ظروف معينة اسرائيل ستتنازل عن هذه الاحياء لصالح الفلسطينيين. هذه الخطوة تعني أن المليارات ستذهب هباء وعشرات آلاف الاسرائيليين سيكون عليهم نقل مكان سكنهم الى داخل اسرائيل. الخيار الثاني، الاكثر معقولية، هو أنه من اجل مقابل كبير في مجالات اخرى، سيوافق الفلسطينيون على موقف اسرائيل وسيتنازلون عن هذه الاحياء وعن بيت صفافا، وسيضطرون الى بناء شبكة طرق باهظة الثمن ومعقدة تربط بين بيت لحم والقدس، شرق أبو غنيم. الخيار الثالث، الاكثر معقولية حسب رأيي، هو أن هذه الخطوة ستضاف الى خطوات اخرى تقوم بها اسرائيل في السنوات الاخيرة من اجل الغاء الفصل المادي الذي ما زال قائم بين الاحياء اليهودية والاحياء العربية، ويجبر اسرائيل على قبول البديل الفلسطيني، مدينة واحدة مع بلديتين. تجربة التاريخ تعلم بأن تنفيذ هذا الخيار سيتحول الى بذرة لاعمال الشغب القادمة بين الطرفين بسبب الجوانب الامنية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة في نموذج كهذا لادارة المدينة.

       نتنياهو، مثل حمار المسيح ومثل من هو مستعد من اجل بقائه الشخصي لدفع أي ثمن (أي أن يدفع المجتمع في اسرائيل أي ثمن)، يجسد الهذيان المسيحي القومي المتطرف لغوش ايمونيم على مر اجيالها. هذيان الذين لا يميزون الحدود بين الممكن والمسيحاني، بين الاخلاقي والجشع والقمع، بين القانوني وغير القانوني. هم يدفعون اسرائيل الى تجاوز هذه الحدود من اجل تحقيق الوهم المسيحاني مثلما وصفه حنان بورات (في مقدمة كتاب حاجي هوبرمان بعنوان “ضد كل الاحتمالات”): “ليس تجميع الشتات أو قيام الدولة وأمنها، سوى مداميك اولى. امامنا الكثير من الاهداف المهمة التي هي جزء لا يتجزأ من الصهيونية وعلى رأسها اقامة “مملكة كهنة وأمم قدّيسين، واقامة مملكة بيت داود وبناء الهيكل – كنقطة انطلاق لاصلاح عالم في مملكة الشيطان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى