ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  زلمان شوفال – ديمقراطية مستهدفة

هآرتس – بقلم  زلمان شوفال – 14/9/2021

” “حكومة التغيير” تدير حملة تحريض تهدف الى سد الطريق البرلمانية للمعارضة بكل الطرق، سواء بالقانون أو الألاعيب “.

في مقال بعنوان “مناعة الديمقراطية الاسرائيلية” (“هآرتس”، 24/6)، كتب البروفيسور شلومو افنري بأن التاريخ اليهودي المتنوع خلق موانع في الـ دي.ان.ايه اليهودي السياسي امام الاستبداد والديكتاتورية. فكرة مشابهة عبرت عنها أنا ايضا قبل بضعة اشهر (“هآرتس”، 3/2). ولكن الديمقراطية لا تشبه السور المحصن، بل هي تشبه الجدار الذي كلما اخرجنا منه لبنة فان خطر انهياره يزداد. احد الاخطار هو استقواء الشعبوية، الذي لا يستطيع أن يتعايش تحت نفس السقف مع الديمقراطية، سواء كان يميني أو يساري. ايضا اسرائيل لا تخلو من مظاهر الشعبوية، لكن في هذه الاثناء يبدو أن التهديد الاكبر على الديمقراطية في اسرائيل وعلى الموانع امام الاستبداد، تأتي بالذات من قبل المسؤولين عن الحفاظ على قيمها الاساسية.

نحن هنا لن نناقش الاخفاقات التنفيذية لـ “حكومة التغيير”. فكل حكومة جديدة توجد لها اخفاقات البداية. ايضا نحن لن نتطرق لقانون النرويج الموسع وخطوات اخرى تحول هذه الحكومة الى مبذرة جدا، بل لروح المناوئة للديمقراطية والتحريض. هذه تتمثل باجراءات في الكنيست وفي محاولات سد الطريق البرلمانية للمعارضة بواسطة التمييز السلبي في تقسيم اللجان، وفي الاقتراحات التشريعية الباطلة، وايضا بالمكارثية المتفشية ضد كل من يتم تشخيصه أو الاشتباه فيه بالارتباط، في السابق أو في الحاضر، مع الحكومة السابقة ورئيسها. يبدو أن الحكومة حتى لا تحاول أن ينظر اليها على أنها تحافظ على صورة من العدالة من هذه الناحية.

في البرلمان وخارجه، وبدعم من مقيمي الغابات على انواعهم، تحدث حملة تحريض الضحية الاساسية لها الديمقراطية الاسرائيلية. المراسل آري شبيط، الذي هو غير مؤيد متحمس لنتنياهو، كتب أن أحد كبار رجال الائتلاف ينشغل طوال الوقت “في محاولة لطبخ قوانين مناوئة للديمقراطية بصورة واضحة، استهدفت قطع طريق رئيس المعارضة نحو السلطة، وربما حتى ابعاده عن الساحة السياسية”. و”لا توجد أي دولة متنورة في العالم تبدأ حكومة منتخبة طريقها بمحاولة ابعاد معارضيها عن البرلمان. في كل تاريخها لم تكن في اسرائيل حكومة العمل السياسي الاول لها كان محاولة طرد اكبر خصومها من الكنيست”.

الآن يتبين أنه توجد مثل هذه الحكومة. ووزير العدل، جدعون ساعر، يقول في منتدى حزبي إن “هذه العصابة برئاسة نتنياهو يجب ابعادها عن الحكم لفترة طويلة”. وهناك ايضا “قانون الفصل” الاستعماري الذي يهدف الى تقسيم المعارضة.

وهناك ما هو اكثر خطرا على الديمقراطية وهو الخطوات ليتم بالقانون منع شخص، الآن هو نتنياهو وفي الغد سيكون شخص آخر، من امكانية تعيينه رئيسا للحكومة، أو حتى انتخابه للكنيست. الحديث لا يدور عن حالات التي هي حسب تعريفها مخالفات عار تمنع الشخص من تولي منصب عام، أو اشخاص افعالهم أو افكارهم السياسية التي يتبنونها تعارض مباديء وثيقة الاستقلال أو تناقض قانون الاساس: الكنيست وقانون الانتخابات في الكنيست، بل بتشريع شخصي بأثر رجعي ضد مرشح معين يشبه ما شاهدناه مؤخرا في ايران. في القرن العشرين كانت هناك سوابق من الافضل عدم طرحها مثل قوانين استهدفت منع احزاب ديمقراطية من أن تكون في البرلمان. من لا يريد حزب معين أو رئيسه يجب عليه التصويت ضده في الانتخابات وأن لا يحاول فعل ذلك بواسطة مناورات مشكوك فيها.

لا يقل عن ذلك هراء هو فكرة سن قانون لتحديد فترة ولاية رئيس الحكومة. أي منع الجمهور من انتخاب زعيمه بشكل ديمقراطي. يمكن التجادل حول المزايا والعيوب النسبية لتحديد فترة الولاية، لكن مثلما يعرف أي طالب في السنة الاولى في العلوم السياسية، فان هذا الامر غير قائم وهي غير ممكن في انظمة برلمانية مثل التي توجد في معظم الدول الغربية، بما في ذلك اسرائيل. هذا هو أحد الفروق بين الطريقة الديمقراطية التمثيلية وطريقة الانتخاب المباشرة. في الديمقراطية البرلمانية التمثيلية تنتخب الاحزاب مرشحها لرئاسة الحكومة، في القائمة أو في لجنة الحزب أو في احدى مؤسساتها أو عن طريق اعضاء الحزب. بناء على ذلك، فقط الاحزاب نفسها تستطيع، حسب دستورها الداخلي، أن تقرر هل تسمح لاحد الاعضاء فيها بالتنافس على رئاسة الحكومة. صلاحية الكنيست تتلخص في أنها تصادق أو ترفض باغلبية الاصوات الحكومة ومن يترأسها، ليس إلا. كل ذلك يسري بالطبع فقط على احزاب ديمقراطية مثل الليكود، وليس على الاحزاب الرئيسية التي تشكل “حكومة التغيير”، التي فيها باستثناء حزب العمل وميرتس، رئيس الحزب غير المنتخب هو الذي ينتخب اعضاء قائمته وليس العكس. 

اسرائيل حسب وثيقة الاستقلال وقوانين الاساس هي دولة يهودية وديمقراطية، والرئيس السابق والرئيس القادم وحتى المحكمة العليا لم يتوقفوا عن قول ذلك. هذا كما قلنا هو الـ دي.ان.ايه للتقليد المتنوع لشعب اسرائيل على مر اجياله. ولكن الائتلاف الحالي، بسبب تشكيلته الاشكالية وارتباطها بعوامل لا يشكل حلم الصهيونية والتقليد اليهودي المتنوع الهادي لها، يمكن أن يقود الى أن لا يتضرر فقط الطابع اليهودي للدولة، بل ايضا طابعها الديمقراطي. ربما لا يوجد حتى الآن خطر فوري على الديمقراطية، بل يوجد منحدر زلق.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى