ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  زلمان شوفال – انهيار الاحزاب يمكن أن يؤدي ايضا الى ديكتاتورية

هآرتس – بقلم  زلمان شوفال – 4/2/2021

” الطبيعة الخاصة للشعب اليهودي تحصنه على الاغلب من التطلع الى ديكتاتور، لكن ازمة سياسية مستمرة يمكن أن تغير ذلك الى الاسوأ “.

الاحزاب هي الاطر التي بواسطتها ستدار السياسة في نظام ديمقراطي. ولكن اسرائيل تشهد اليوم تفككها المتقدم، من اليمين ومن اليسار. ما يميز اغلبية القوائم الجديدة هو غياب كل اساس ايديولوجي أو برنامجي – بكونها في الاساس اطر للدفع قدما بمصالح شخصية أو بالاستفزاز ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. الاطر الوحيدة الجديرة بأن تسمى احزاب هي الليكود وميرتس وربما ايضا حداش، رغم أنه سقط فيها لهب. 

من ناحية فكرية وتنظيمية اليسار غير موجود، رغم أنه يمكن أن يكون لهذه الحقيقة تحديث مؤقت. المعسكر الديني – الوطني يأخذ شكل ويتخلى عن شكل آخر حسب الطموحات الشخصية لنشطائه الرئيسيين، ويراوح بين ضياع وجنون كبيرين. الاحزاب الدينية ليست احزاب حقيقية، وبالتأكيد غير ديمقراطية، بل هي فروع تابعة لحاخامات. اسرائيل بيتنا غير معروف اذا كان حزب أو ضيعة خاصة لصاحب البيت المستبد، التي تستخدم بالاساس كملجأ لمن لا يملكون بيت سياسي ولبقايا القلائل من الهجرة الروسية الذين لم يندمجوا بعد في المجتمع الاسرائيلي. ولما يسمى بالخطأ “وسط” لا يوجد عامل مشترك في أي موضوع رئيسي – سياسي أو اقتصادي أو دين ودولة أو القضايا الاجتماعية. ازرق ابيض (هل تذكرونه؟) هو دليل سريري على انهيار جميع الاحزاب. وغياب “تيلم” برئاسة موشيه يعلون كان الوتر الاخير. 

القوائم الجديدة التي نمت بضجة كبيرة آخذة في التبخر، بصوت ضعيف، وحتى لو اتحدت فان صفر + صفر ما زال يساوي صفر. حتى في الليكود توجد طفرات، الآن هذه هي الموضة. كان هناك في الاحزاب تغييرات تعهدت باجراء تغييرات سياسية واقتصادية في اسرائيل وفي العالم. ولكن يوجد ايضا سؤال هل طريقها تعكس بصورة صحيحة نوايا من أسسوها. أي حزب وسط – يمين له مواقف وطنية في مواضيع الخارجية والامن، وحوكمة وليبرالية في مسائل اقتصادية واجتماعية. حركة الليكود سجلت على مدى سنوات، بما في ذلك سنوات نتنياهو، انجازات مثيرة في المجال السياسي والامني والاقتصادي. ولكن يجب عليها فحص نفسها باستمرار، سواء من ناحية ملاءمتها مع المسائل التي ستتحدى الدولة في السنوات القريبة القادمة أو بخصوص عدد من مميزاتها الداخلية.

لا يوجد فيها تقريبا أي نشاط فكري. وليس في اعداد المرشحين لوظائف رسمية. طريقة الانتخابات التمهيدية للكنيست التي هي صحيحة بحد ذاتها تخلق ايضا مراكز قوة غير مناسبة وظواهر فساد. نتيجة لذلك احيانا يأتي الى الكنيست عدد قليل من المنتخبين الجديرين بتسلم وظائف تنفيذية في الحكومة، أو أن يشكلوا دعامة ثابتة لرئيس الحكومة. ومن غير الواضح اذا كان انسحاب ساعر سيضر بدرجة كبيرة الليكود. تاريخ اسرائيل السياسي يدل على أن الاستطلاعات المتملقة لا يوجد لها دائما اهمية كبيرة. عندما تم تأسيس حركة “تيلم” في حينه، برئاسة موشيه ديان، تنبأت الاستطلاعات لها بـ 24 مقعد، وانتهت بمقعدين. في هذه الاثناء يبدو أن قائمة ساعر تتموضع كحزب محايد على يمين الليكود. مع ذلك، انسحاب ساعر وزئيف الكين وعدة شخصيات معروفة أقل، هو دليل آخر على أن انهيار الاحزاب هو من نصيب كل النظام السياسي. 

يوجد للسياسة في اسرائيل خصائص فريدة مرتبطة بالموضوع الفلسطيني والسياسي اكثر مما هي مرتبطة بالمواضيع الاجتماعية أو الاقتصادية. ولكن مثلما في دول غربية اخرى، ايضا في اسرائيل السياسة توجد الآن في حالة دفاع امام موجة شعبوية. يوجد للشعبوية مظاهر مختلفة، لكن العلامات المميزة المشتركة لها هي التوجه الى “الشعب”، كما يبدو، تجاوز الديمقراطية التمثيلية والبلاغة التي تضع الشعب في مواجهة مع النخب. احدى نتائج ذلك هي أن شعارات الشعبوية تنخفض بشكل عام الى العامل المشترك الاكثر انخفاضا. يوجد شعبوية يمينية وشعبوية يسارية. في السنوات الاخيرة انتشرت في اوروبا وفي جنوب امريكا وفي الولايات المتحدة، في فترة ولاية دونالد ترامب، بالاساس توجهاتها اليمينية. ولكن الآن الشعبوية اليسارية ترفع رأسها، لا سيما في امريكا، عند صعود قوة “اليسار التقدمي” في الحزب الديمقراطي، بما في ذلك ظواهر اعادة كتابة التاريخ وتوجهات لكم الأفواه في وسائل الاعلام وفي الثقافة.

في اسرائيل الشعبوية في اليمين تم التعبير عنها بكراهية النخب والمثقفين وفي هجوم على النظام القضائي بما يتجاوز الانتقاد المبرر لسلوكه المعيب في السنوات الاخيرة، والتدخل في الثقافة. الشعبوية اليسارية هنا تم التعبير عنها بهجمات غير منضبطة في عدد من وسائل الاعلام على الديمقراطية ومنتخبيها، وبشكل خاص على رئيس الحكومة نتنياهو، وبتجاهل قيود الكورونا في المظاهرات في بلفور. الشعبوية، سواء في اليسار أو في اليمين، تدعو الى ضبط الاقتصاد الحر، وتطالب بأن يفرض عليه ما يسمى بالاهدافالاجتماعية. وهما يعارضان العولمة التي حسب رأيهما تضر مصالح الشعب. والتعبير الاخير لهذه الشعبوية هو في هجوم الشباب على سوق المال. 

الشعبوية هي العدو الواضح للديمقراطية، وهي الأخ التوأم لما يعتبر تعب منها وتطلع لزعيم قوي. في اسرائيل يبدو أن النظرة للجنرالات كمخلصين وصلت الآن الى النهاية، حيث أنه تبين أن الاطار العسكري الهرمي ليس دائما يعطي المؤهلات المطلوبة للسياسي. ليس صدفة أنه تقريبا في كل العالم دخول جنرالات الى القيادة القومية انتهى بخيبة أمل. وليس كل جنرال هو ديغول أو موشيه ديان، وحتى ليس اريك شارون أو اسحق رابين أو اهود باراك.

ازمة الحكم المستمرة في اسرائيل تنبع من تراكم عدة عوامل، منها طريقة الانتخابات التي لا تسمح ببلورة اغلبية برلمانية ثابتة، وايضا خرق مبدأ فصل السلطات عن طريق النظام القضائي. بفضل الطبيعة الخاصة الاساسية للشعب اليهودي، بما في ذلك الشعب الاسرائيلي، نحن محصنون بشكل عام من ظواهر غير ناضجة مثل التطلع للحكم الديكتاتوري. ولكن ازمة سياسية مستمرة يرافقها انهيار الاحزاب الديمقراطية، يمكن أن تغير ذلك الى الاسوأ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى