ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم رامي لفني – من المؤلم الاعتراف بذلك ، لكن الصهيونية العلمانية في حالة أفول

هآرتس – بقلم رامي لفني  – 2/12/2020

من بين الدلائل على فقدان اهتمام المعسكر العلماني الليبرالي بالعنصر الجماعي في هويته هو تأييد تشكيل حزب يهودي – عربي “.

من المؤلم الاعتراف، لكن ربما يتبين أن المتدينين كانوا على حق بدرجة ما في انتقادهم للصهيونية العلمانية. كما أنه من المبكر ايضا أن نقرر بصورة قاطعة، لكن من غير المؤكد أن الاقتراح التاريخي للصهاينة العلمانيين – الغاء الدين لصالح القومية كقاعدة لتعريف كامل لليهودية الحديثة والحياة السيادية في اسرائيل – يصمد في اختبار الزمن. ليس بسبب خطيئة اصلية أو بسبب أن الثورة كانت خاطئة أو أن العربة العلمانية كانت فارغة منذ البداية من مضامين مشتركة يمكنها الحفاظ على مجتمع حتى بدون تراث، بل لأن العلمانية خانت مسيرتها.

المعسكر الليبرالي – العلماني يفقد بالتدريج الاهتمام بالعنصر الجماعي لهويته. يفهم نفسه أقل فأقل داخل السياق القومي، وأكثر فأكثر بمفاهيم شخصية وعالمية. صحيح أن اليسار الصهيوني دائما اعطى اهمية رئيسية لاحتياجاته وتنمية الفرد (“أن يبني ويُبنى”)، وبعد ذلك وضع في المركز الحريات المدنية والانسانية. ولكنه ايضا آمن بأن الفرد يجد سبب وجوده في كونه جزء من مشروع ومن واقع جماعي (الشعب/ الدولة/ المجتمع/ الثقافة). بين هاتين القيمتين، تقديس الفرد مقابل مركزية المجموع، حدث بين الحين والآخر توتر وحدثت عمليات تحول وكان التوازن بينهما ديناميكي. يبدو أننا الآن في عملية مهمة ستؤدي الى ميل العقرب الى جانب واحد بشكل واضح.

“هو مرة اخرى يبالغ”، بالتأكيد البعض يقومون الآن بغربلة بعض الافراد، وفي نهاية المطاف لا يزال معظم اعضاء اليسار صهاينة: هم يرفعون العلم في يوم الاستقلال، يشجعون المنتخب ويشاهدون مسلسل عن حرب يوم الغفران. صحيح، لم نصبح ما بعد صهاينة رسميين، ولم نبدأ في حفظ كتابات عزمي بشارة حول دولة كل مواطنيها. التغيير هو في نمط الحياة والمناخ، فيما هو مهم وغير مهم، أكثر مما هو في ايديولوجيا واضحة. ويوجد له دلائل آخذة في الازدياد، حيث يمكن اعتبار كل واحدة منها بحد ذاتها “غير تمثيلية”. أو معقولة بحد ذاتها أو تسري فقط على جماعة معينة، لكن معا تتراكم لتصبح ظاهرة لا يمكن تجاهلها.

يمكن أن نعد من بينها الاصوات المتزايدة في اليسار من اجل اقامة حزب يهودي – عربي، أي الغاء اليسار الصهيوني، على فرض أن الصهيونية قد أنهت دورها في تفسير الواقع وتشكيله، الامر الذي يعني أن الصهيونية السياسية جميعها ستنتقل الى أيدي اليمين والوسط – يمين؛ والدعوة الى الغاء أو تعديل قانون العودة، لدافع المساواة المدنية؛ وصعود سياسة الهويات التي تحول موضوع التماهي من الجماعة الى الطائفة؛ والسباق من اجل الحصول على جوازات سفر اوروبية والتعامل مع الهجرة من البلاد، والموضة المتزايدة لاعطاء اسماء اجنبية للاطفال والحوار ضد الختان وأفول روح السلام والدولتين، التي استندت الى رواية قومية، والتآكل في مكانة اللغة العبرية لصالح اللغة الانجليزية، وخصخصة كنز الكلمات (مثلا، هجرة بدل الصعود الى البلاد)، والاغتراب عن كتاب وفنانين اسرائيليين انخرطوا في تجربة جماعية (عاموس عوز ونعومي شيمر).

صحيح أن جزء من التعبيرات التي تم ذكرها هي ايضا رد عاطفي على تشويه الفكرة القومية من قبل اليمين. جزء منها يعكس استفزاز، وليس بالتحديد رؤية منظمة أو محاولة لترك انطباع “مواطن في العالم” متطور ومحدث. وجزء منها هو نتاج للملل والسلبية والتكيف الاجتماعي مع الرياح التي تهب في بيئة معينة أو التكيف مع العولمة. صحيح أنه رغم هذه التوجهات ما زالت هناك سياسة يسارية، ما زال هناك احتجاج الذي بعضه مليء بالحنين الى الماضي القومي، ومعظمها مدفوع بمشاعر فردية بشكل اساسي من اجل الحرية والتحرر والتعبير عن الذات، التي تجد هدفها في نتنياهو كرمز.

هذا لم يعد حزنا عفا عليه الزمن على جيل “الاسبرسو” والشباب الذي فسد، أو مرثية حول مذهب المتعة مقابل الالتزام و”أنا” مقابل “نحن”. منذ فترة غير بعيدة كان يمكن أن تشرب الاسبرسو في تل ابيب وأن تكون “أنا تماما” وفي نفس الوقت تعطي المجال للجانب الجماعي من هويتك. نتان زاخ، مثلا، هو مثال جيد: هو يكتب قصيدة شخصية تماما، وايضا يحدث تغييرات في الثقافة العبرية كلها. لا يوجد هنا، لا سمح الله، تحفظ من تحولالاسرائيليين الى “شعب مثل كل الشعوب”. هذا هدف لم يعف عليه الزمن. ولكن عندما تحدث مفكرو الصهيونية العلمانية عن الحياة الطبيعية وعن “شعب مثل كل الشعوب” فقد قصدوا، من ضمن امور اخرى، شعب له وعي مشترك.

الى أين سيتطور كل ذلك؟ الامر المؤكد هو أن اليمين والمعسكر الديني، اللذان مشاكل هويتهما لا تقل صعوبة، يمكن أن يكونوا راضين. التهديد الاساسي في طريقهم الى الهيمنة آخذ في التعقد والتشابك مع نفسه وتناقضاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى