ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  ديمتري شومسكي – هرب السجناء يشكل الرياح في أشرعة النضال الفلسطيني

هآرتس – بقلم  ديمتري شومسكي – 13/9/2021

” الشعب الفلسطيني لن يذهب من هنا الى أي مكان. ومع ذلك، هو يرفض الخضوع للامر الالهي التوراتي الذي يأمره بالاختفاء. وابناءه يواصلون القتال، بعضهم بوسائل قاتلة ومهينة وبعضهم بوسائل سليمة ومشروعة، من اجل تحقيق هدف لا مثيل له في عدالته وهو التحرر الوطني من نير الاحتلال الاجنبي المهين والقمعي”.

مقال هيئة التحرير في صحيفة “هآرتس” في 10/9 يقول وبحق أن الرد الظاهر لمصلحة السجون على هرب السجناء الستة من سجن جلبوع (اربعة منهم تم القاء القبض عليهم حتى الآن من قبل قوات الامن الاسرائيلية)، والذي اساسه عقاب جماعي لجميع السجناء الفلسطينيين وتشديد كاسح لظروف سجنهم بهدف تنغيص حياتهم، هو رد مشين. مع ذلك، يجب الاعتراف بأن هذا الرد هو رد طبيعي ومفهوم بحد ذاته. 

جمهور السجناء الفلسطينيين المسجونين من قبل دولة اسرائيل، الذي يوجد في داخله، ضمن امور اخرى، قتلة حقيرين ومحاربي حرية ونشطاء ميدانيين وسياسيين من انواع مختلفة، يرمز بشكل واضح الى حقيقة أن الشعب الفلسطيني محروم من الحرية. لذلك، نجاعة سيطرة مصلحة السجون على حرية السجناء الفلسطينيين تعطي الدعم الثانوي الهام والجوهري لمنظومة القمع الشاملة للحركة الوطنية الفلسطينية. 

لنفس هذه الاسباب بالنسبة للفلسطينيين النضال من اجل تحرير السجناء هو أحد الساحات الرئيسية للنضال الفلسطيني العام من اجل التحرر الوطني. هكذا فانه عندما ينفذ ستة سجناء من الشعب الفلسطيني هرب جريء جدا من سجن الاحتلال الاسرائيلي فان هذا الامر يضخ رياح جديدة في اشرعة النضال الوطني الفلسطيني. 

على الرغم من أن معظم الفارين تم القاء القبض عليهم حتى الآن، إلا أنه يجب علينا أن لا نتجاهل القيمة الرمزية كبيرة المغزى لحدث الهرب من سجن المحتل للروح الوطنية للشعب الفلسطيني المضطهد والمستعبد.

كل ذلك بشكل خاص على خلفية الحضيض غير المسبوق الذي وصلت اليه الحركة الوطنية الفلسطينية الآن. وجود الشعب الفلسطيني غائب الآن تقريبا عن الوعي الدولي؛ النضال غير المسلح الذي يحاول الدفع به قدما عدد من الفلسطينيين ومن يؤيدونهم في ارجاء العالم يمر بعملية نزع شرعية متواصلة ويتم عرضه بصورة كاسحة ومثيرة للاشمئزاز ومتلاعبة كـ “نضال لاسامي”؛ والتهجير الزاحف للتجمعات الفلسطينية في جنوب جبل الخليل وغور الاردن واماكن اخرى في الضفة الغربية يتسارع بدون أي ازعاج. 

رغم ذلك، ها هم بضع فلسطينيين متعطشين للحرية لا يستسلمون، بل يحفرون بدون كلل طوال اشهر نفق الحرية تحت السجن. بهربهم عبره هم ينقلوا لابناء شعبهم رسالة حادة وواضحة وهي أنه يجب مواصلة النضال بدون كلل من اجل التحرر الوطني، سواء في سجون الاحتلال الصغيرة مثل سجن جلبوع أو في السجون الكبيرة والضخمة التي تقع خلف الجدران والاسوار في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لا شك أنهم في مصلحة السجون، بكونها احد الاذرع المهمة في منظومة السيطرة على الشعب الفلسطيني، يدركون جيدا هذا الرسالة. فهم وقادة الاحتلال الذين فوقهم يخافون، وبحق، من أن بصيص الامل الذي اضيء في نهاية النفق الذي تم حفره تحت سجن جلبوع يمكن أن يشعل لهب اكبر من الانتفاضة الشعبية. وهم يصممون على احباط اندلاعه قبل حدوثه. من هنا تأتي خطوات العقاب الجماعي ضد السجناء الفلسطينيين الذين يشكلون، ليس فقط الرمز للنضال الفلسطيني، بل ايضا رأس الحربة في هذا النضال.

نحن في هذه المرحلة لا نعرف اذا كان سيتمكن المحتل الاسرائيلي من منع اندلاع تمرد واسع النطاق للسجناء، الذي يمكن أن يمتد الى خارج جدران السجون، بالضبط على خلفية القاء القبض على معظم الفارين. ولكن هناك أمر واحد واضح وهو أن افتراض رئيس الحكومة بأنه يمكن العيش الى جانب “المشكلة الفلسطينية” بهدوء نسبي ومن خلال خفض “حجم التوتر في مجال الاقتصاد”، مثلما نتعايش بالاكراه مع الكورونا أو في ظل حوادث الطرق التي لا يمكن استئصالها بشكل مطلق، هو افتراض يرتكز الى وهم ساذج ولا يناسب شخص يعتبر نفسه يقف على ارض الواقع. 

الشعب الفلسطيني لن يذهب من هنا الى أي مكان. مع ذلك، هو يرفض الخضوع للامر الالهي التوراتي الذي يأمره بالاختفاء. وابناءه وبناته يواصلون القتال، بعضهم بوسائل قاتلة ومهينة وبعضهم بوسائل سليمة ومشروعة، من اجل تحقيق هدف لا مثيل له في عدالته وهو التحرر الوطني من نير الاحتلال الاجنبي المهين والقمعي.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى