ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم ديمتري شومسكي- ميرتس مرة اخرى في الطريق الصحيحة

هآرتس – بقلم  ديمتري شومسكي– 18/1/2021

عندما يعتبر عدم المساواة والقطبية بين اليهود والعرب – الفلسطينيين في نظر الجميع وضعا طبيعيا ومفهوم ضمنا للواقع المدني الاسرائيلي، فمن المهم خلق على الاقل مساحة سياسية صغيرة، عربية – يهودية، مساواتية ومشتركة “.

“أعتقد أنه بشكل مبدئي وجوهري في الاحزاب الصهيونية يجب أن يكون هناك 20 في المئة من العرب في اماكن مضمونة. لو أنه كان يجب أن ابلور قائمة كما أريد، واذا سنح لي في المستقبل تشكيل قوائم لكنت سأقول بأنه يجب أن يكون شخص عربي في الخمسة الاوائل وعربي في الخمسة الذين يعقبونهم. هذا ما قاله عضو الكنيست من ميرتس، يئير غولان، في مقابلة اجراها معه قبل سنة رفيت هيخت (“هآرتس”، 24/1/2020). الآن، ازاء التشكيلة المتبلورة في الخماسية الاولى في قائمة ميرتس تمهيدا للانتخابات القادمة، من المفرح والمشجع أن نرى أن نظرية المركزية العرقية هذه لغولان، التي وضعت “نومروس كلاوزوس” (عدد محدود) لدخول المواطنين العرب الى الحقل السياسي الاسرائيلي الواقع خارج القائمة المشتركة، قد تم رفضها كليا. ومثلما نشر قبل اسبوعين، فانهم قرروا في ميرتس – بحيث يكون الامر خاضع لمصادقة مؤتمر الحزب – أن يتم وضع ممثلين عن الجمهور العربي في الخماسية الاولى: الناشطة الاجتماعية غيداء ريناوي – زعبي، التي وضعت في المكان الرابع. وعضو الكنيست السابق عيساوي فريج في المكان الخامس. بهذا، وقفت ميرتس مرة اخرى من وراء حلم المساواة والشراكة بين اليهود والعرب، الذي نقشه الحزب على رايته برئاسة عضوة الكنيست تمار ديندبرغ قبل سنتين تقريبا.

لو أن ميرتس تبنت النظرة اليهودية الديمغرافية لغولان، لكان معنى ذلك أن حزب اليسار الاسرائيلي الوحيد مستعد لأن يضع في صورته بنية العلاقات الهرمية بين اليهود والعرب في المجال السيادي المدني، وايضا التسليم بالتوجه نحو تعميق التمييز ضد الاقلية العربية – الفلسطينية، الذي ارتفع درجة عند سن قانون القومية.

في هذه الحالة كان يمكن الاتفاق مع اقوال يوسي ميلمان في مقال التأبين المناويء لليسار لحزب ميرتس (“هآرتس”، 13/12)، بأن الحزب أنهى دوره في المجال السياسي. حيث أنه رغم جهود غولان لضمان اغلبية يهودية مسيطرة في قيادة الحزب، إلا أن أتباع الهيمنة اليهودية في الدولة أصلا، لم يكن يخطر ببالهم أن يتركوا لصالح ميرتس الاحزاب القومية المتطرفة الواضحة، وفي المقابل من يؤيدون المساواة الحقيقية بين اليهود والعرب كانوا سيبتعدون عن ميرتس نهائيا.

صحيح أنه لا يكفي وضع ممثلين عربيين في اسفل الخماسية الاولى من اجل اعادة تشكيل ميرتس كحزب عربي – يهودي مساواتي، كما دعا الى ذلك أوري زكي، رئيس ادارة الحزب (“هآرتس”، 4/12). ولكن على خلفية الارتباط المؤلم لميرتس مع سارقي اصوات اليسار، عمير بيرتس وأورلي ليفي ابكاسيس، وازاء هجوم خطاب التفوق اليهودي لغولان، فلا شك أنه يوجد امامنا الآن تغيير اساسي ومهم جدا، يجب عدم التقليل من أهميته.

يبدو أنهم في قيادة الحزب تمكنوا من الفهم بأن نجاح ميرتس في اوساط الجمهور العربي في نيسان 2019، في حينه صوت لميرتس نحو 50 ألف مواطن عربي، لم يكن بالصدفة. والاحتمال الواقعي الوحيد امام الحزب في أن يتجاوز حدود “دولة تل ابيب”، يكمن بالارتباط الشجاع مع المجتمع العربي.

هل في اعقاب تحول ميرتس الى حزب عربي – يهودي مساواتي سيكف الحزب عن أن يكون حزب صهيوني؟ الجواب يتعلق في المقام الاول بتعريف ماهية الصهيونية. اذا كانت الصهيونية تعني تخليد التفوق اليهودي والدونية العربية، فان ميرتس اليهودي – العربي لا يمكن أن يعتبر حزب صهيوني. واذا كانت الصهيونية تعني دعم المبدأ المزدوج المتمثل في دولة الشعب اليهودي ودولة كل مواطنيها، وهو أحد المباديء المركزية في برنامج ميرتس الانتخابي، فان ميرتس في شكله الذي طال انتظاره كحزب للشراكة العربية اليهودية سيلبي معايير الفكرة الصهيونية.

مع ذلك، يمكن أن نصعب الامر ونتساءل: من الواضح أن فكرة الشراكة المساواتية العربية اليهودية في اطار ميرتس تعكس مبدأ دولة كل مواطنيها. ولكن ما علاقة هذه الفكرة بمبدأ دولة الشعب اليهودي؟ اجل، ميرتس العربي – اليهودي لن يدفع قدما بحلم دولة الشعب اليهودي. ولكن بصورة متناقضة، بالتحديد بهذا سيساهم مساهمة ناجعة، وحتى حيوية، لدولة اسرائيل. بعد كل شيء، حلم دولة الشعب اليهودي في اسرائيل لا حاجة الى دفعه قدما. لأن اسرائيل كدولة للشعب اليهودي توجد في هذا الواقع منذ سبعة عقود. بالعكس، من العدل أن نمنع بقدر الامكان الجهود الاستحواذية لتوسيع البعد اليهودي للدولة. كل ذلك لأن هذه التوجهات تسبب الضرر ليس فقط للاقلية العربية المقموعة، بل ايضا للاكثرية اليهودية التي تقوم بالقمع، والتي تعاني في اعقاب ذلك أكثر فأكثر من رهاب قومي وتميل الى استيعاب آليات نفي “الآخر”، من خلال توجيهها نحو الداخل، ضد اجزاء من التجمع اليهودي نفسه.

من الواضح أنه لا يجب توقع أن حزب عربي – يهودي جديد وصغير، اذا نبت من داخل ميرتس، سيؤدي الى التوازن الضروري جدا في اسرائيل بين مبدأ دولة الشعب اليهودي ومبدأ دولة كل مواطنيها. وسيُحدث تغييرات كبيرة في النظام العرقي اليهودي في الدولة. ولكن عندما يعتبر عدم المساواة والقطبية بين اليهود والعرب – الفلسطينيين في نظر الجميع وضعا طبيعيا ومفهوم ضمنا للواقع المدني الاسرائيلي، فمن المهم خلق على الاقل مساحة سياسية صغيرة، عربية – يهودية، مساواتية ومشتركة.

في الاسبوع الماضي قام ميرتس بخطوة هامة وحاسمة في هذا الاتجاه. وبناء على ذلك ورغم جميع الخسائر، التي بالتأكيد سيستمر اسماعها في الخطاب السياسي قبل الانتخابات مثلما كانت الحال قبل سنتين، إلا أن ميرتس الآن يوجد في الطريق الصحيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى