ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  ديمتري شومسكي  – دولتان، هذا الامر كان قريبا جدا

هآرتس – بقلم  ديمتري شومسكي  – 3/10/2021

” اهود اولمرت قام ببلورة رؤية سياسية واضحة حول انسحاب اسرائيل من الضفة الغربية كأساس لانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية “.

في مقال نشره قبل اسبوعين، الذي أحسن فيه جدعون ليفي وصف وفهم الاستراتيجية الدقيقة والمحكمة لرئيس الحكومة نفتاليبينيت في أن يبني بهدوء وبالتدريج دولة الابرتهايد بين البحر والنهر، كتب جدعون ليفي بأنه لم يكن هناك أي رئيس حكومة اسرائيلي كان ينوي تطبيق “حل الدولتين” الذي يتم ترديده (“هآرتس”، 19/9). ولكن للدقة، يجب القول بأن رئيس حكومة كهذا كان موجود في اسرائيل حقا، وهو ليس فقط كان ينوي تطبيق حل الدولتين الذي يتم ترديده، بل هو فعل كل ما في استطاعته من اجل أن يتحول هذا الترديد ذات يوم الى واقع. هذا السياسي، الذي خلال معظم حياته السياسية اعتبر من اتباع ارض اسرائيل الكاملة ومن اليمين الايديولوجي المتشدد ولكنه في نهاية المطاف اجتاز تغيير فكري اساسي ويمكنه أن يدخل الى كتب التاريخ كأحد الزعماء الشجعان وبعيدي النظر الذين عرفتهم اسرائيل الحديثة، هذا السياسي يسمونه اهود اولمرت.

خلافا لاسحق رابين، الذي في ذروة العملية السلمية خشي من هذه الكلمات، “دولة فلسطينية”، وخلافا لاهود باراك، الذي بسبب الدمج القاتل بين الغطرسة التي لا حدود لها والدوغماتية الامنية أضر بصورة منهجية احتمالية اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، فان اولمرت قام ببلورة رؤية سياسية واضحة فيما يتعلق بانسحاب اسرائيل من اراضي الضفة الغربية كأساس لانهاء الاحتلال وتحقيق تقرير المصير الوطني للفلسطينيين على شكل دولة قابلة للحياة.

القدر لم يبتسم لاولمرت ولم يسهل عليه حتى قليلا عندما اراد أن يدفع قدما هذا الحلم. بعد فترة قصيرة على انتخابه لرئاسة الحكومة اندلعت حرب لبنان الثانية، ورغم أن نتائجها على المدى البعيد، وجود هدوء امني شبه مطلق في المنطقة الشمالية خلال سنوات تدل على اعادة تأهيل ناجحة لردع اسرائيل امام حزب الله. فانه على المدى القريب مكانة اولمرت العامة تضررت بسبب ذلك بصورة شديدة.

العدو اللدود للعملية السلمية، بنيامين نتنياهو، بمساعدة الثري من لاسفيغاس وصحيفته البيبية المجانية ومن خلال الرقص على دماء شهداء الحرب، ذهب واحتل المزيد من الحظوة في الرأي العام الاسرائيلي. العقل المدبر الذي يقف من وراء تأسيس حزب كديما، رجل اساسي وراء الكواليس في العملية السلمية بين اسرائيل والفلسطينيين، واليد السياسية اليمنى لاولمرت، حاييم رامون، تمت ادانته في كانون الثاني 2007 بعمل مشين استخدم بالاكراه، وبهذا خرج لفترة معينة من الساحة السياسية (لكن عندما قررت المحكمة بأنه لم يكن هناك ما يجلب العار في افعاله، عاد الى حياته السياسية بعد انهاء عقوبته، وساهم بشكل كبير في الدفع قدما بعملية أنابوليس). فوق كل ذلك، قضايا الفساد التي تورط فيها اولمرت قوضت اكثر فأكثر مكانته السياسية، وأثارت بشكل أشد مسألة شرعية رئيس حكومة يخضع للتحقيق في اتخاذ قرارات سياسية مصيرية.
رغم ذلك، في اطار عملية انابوليس في الاعوام 2007 – 2009 تمكن اولمرت من التوصل، اكثر من أي رئيس اسرائيلي آخر، الى اتفاق شامل مع الفلسطينيين. وحسب شهادة رامون، رغم الفجوات التي بقيت بين الطرفين، فقد سجل في حينه تقدم مهم في كل قضية من قضايا النزاع الاربعة: الارض والحدود، الامن، مشكلة اللاجئين والقدس.

حول مسألة الارض والحدود تم الاتفاق مبدئيا على أن يكون مسار جدار الفصل الاساس لحدود مستقبلية للدولة الفلسطينية. وحول مسألة الامن الطرف الفلسطيني وافق على تواجد كثيف لقوة من الناتو بقيادة الولايات المتحدة، التي تسري صلاحياتها على الفلسطينيين فقط. وتم الاتفاق ايضا على أن تواصل اسرائيل سيطرتها على منطقة غور الاردن لعدة سنوات. وحول مشكلة اللاجئين فان اساس الخلاف تم تقليصه الى مسألة ارقام. ففي حين أن الطرف الاسرائيلي اقترح السماح لخمسة آلاف لاجيء في السنة بالدخول الى اسرائيل خلال عشر سنوات، بالاجمال 50 ألف لاجيء، فان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، طالب بدخول عشرة آلاف لاجيء في السنة لمدة 15 سنة، بالاجمال 150 ألف لاجيء.

تقدم مذهل بشكل خاص تم تحقيقه في المفاوضات كان حول قضية القدس. وهو موضوع كان يشكل عقبة كأداء بسببها فشلت محادثات كامب ديفيد في تموز 2000. لأن اهود باراك فزع مرة تلو الاخرى من مجرد فكرة تقسيم القدس فان اولمرت قام ببلورة فكرة ابداعية وجريئة، بحسبها الحوض المقدس الذي يشمل البلدة القديمة سيتم اعتباره منطقة تحت وصاية دولية: السعودية والاردن وفلسطين واسرائيل والولايات المتحدة. عباس وافق على مباديء اقتراح اولمرت، في حين احتج على ضم السكان الفلسطينيين في الطور وسلوان داخل البلدة القديمة بصورة كانت ستجبرهم على العيش خارج السيادة الفلسطينية.

الكاتب الكبير والأب الثاكل، دافيد غروسمان، اخطأ عندما وصف في التجمع الذي عقد لاحياء ذكرى اسحق رابين في تشرين الثاني 2006 قيادة اولمرت بـ “القيادة الفارغة”. في حينه، في نهاية العام 2006 فصاعدا بدأ اولمرت في بلورة قناة المحادثات الشخصية مع عباس بهدف واضح وهو الدفع قدما بالعملية السلمية التي بدأها رابين واستكمالها. خلال ذلك تمكن من ايجاد نموذج ايجابي لحوار القادة، الذي كان حميمي وموضوعي، وبالاساس يرتكز الى الثقة المتبادلة، وهو الحوار الذي بفضله اقتربا في عملية انابوليس من اختراقة سياسية حقيقية.

في ذروة محادثات السلام، في صيف 2008، تبين أن وضع اولمرت في الساحة القانونية قد وصل الى حضيض جديد. وظهر أن أيام حكمه معدودة. هذه الظروف عززت تردد الطرف الفلسطيني بسبب الخوف من أن لا يستطيع اولمرت مواصلة قيادة العملية السلمية كما هو مطلوب. لذلك، امتنع عباس عن الاجابة على اقتراح الحل الوسط الذي طرحه (في ايلول 2008) والذي عكس اساس التفاهمات التي تم التوصل اليها حتى ذلك الوقت، حتى لو أنه لم يرفضها بأي شكل من الاشكال.

جدعون ليفي محق في تحليلاته الكئيبة والحاضرة: جميع الدلائل السياسية والاجتماعية – الديمغرافية ذات الصلة، تحت الارض وفوقها، تدل بشكل واضح على تشكل وتعزز واقع دولة ابرتهايد واحدة في الفضاء الواقع بين البحر والنهر. ولكن من الجدير الذكر أن مفاوضات موضوعية وملموسة على الدفع قدما بحل الدولتين، التي اجراها رئيس الحكومة الـ 12، قد قطعت بالصدفة، استقالة اولمرت في اعقاب قرار تقديم لائحة اتهام ضده، وليس بسبب عملية محتمة لا يمكن تجنبها، وهي عملية خلق الابرتهايد. المعنى هو أن الطريق السياسية التي رسمها اولمرت بشجاعة وتصميم قبل 12 سنة ما زالت مفتوحة وتنتظر قدوم قيادة غير فارغة في المستقبل.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى