ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم دمتري شومسكي – هل يستطيع لبيد أن يرفع العلم العلماني – الصهيوني؟

هآرتس – بقلم  دمتري شومسكي – 9/9/2020

يئير لبيد هاجم بشدة اقتراح سموتريتش لالغاء بند الحفيد في حق العودة. ولكن ليس بسبب الاسباب الصحيحة “.

قبل حوالي اسبوعين ناقشت الكنيست بكامل هيئتها مشروع قانون لعضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش وحزب يمينا لالغاء “بند فرعي” في قانون العودة، الذي يسمح لاحفاد اليهود الذين اجتازوا عملية الانصهار في المجتمعات الاخرى والزواج المختلط بالهجرة الى اسرائيل. عندما ادرك قوة المقاومة من جانب المعارضة وانعدام الحماس الظاهر في اوساط الائتلاف (بما في ذلك الاحزاب الحريدية التي غاب ممثلوها عن النقاش) سحب سموتريتش مشروع اقتراحه، على أمل أن يطرحه من جديد في موعد لاحق لمناقشته في اللجنة الوزارية للتشريع.

أحد المنتقدين الشديدين لمشروع القرار هذا من اجل تعديل قانون العودة هو رئيس حزب يوجد مستقبل، يئير لبيد، الذي هاجمه بشدة سواء في النقاش في الكنيست بكامل هيئتها أو على حسابه في تويتر. للأسف الشديد، اساس ادعاءاته ضد مبادرة سموتريتش – الحاجة الى أن يوفر لاحفاد اليهود حماية من اللاسامية ازاء سابقة العنصرية النازية، والتأكيد على المساهمة الكبيرة لمهاجري الاتحاد السوفييتي سابقا الذين عددا منهم ليسوا يهود، في الاقتصاد وفي المجتمع وفي الأمن، كانت مخيبة للآمال جدا بسبب غياب أي رؤية فكرية. هذا في الوقت الذي فيه معسكر الوسط – يسار الذي يريد لبيد، كما يبدو، أن يقوده في السنوات القادمة، يصرخ – كما كتب هنا مؤخرا وبحق الوف بن في 3/9 – طالبا ايديولوجيا مشتركة التي هي ضرورية لقيامه. اقتراح سموتريتش يمنح هذا المعسكر فرصة استثنائية لاعادة صياغة البديل الايديولوجي المطلوب.

ملاحظة: فكرة سموتريتش لأن يقطع امام احفاد اليهود وابناء عائلاتهم غير اليهود الطريق للتجنس في دولة اسرائيل هو في المقام الاول فكرة مناوئة للصهيونية في جوهرها. احد الاهداف الاساسية التي من اجلها جاءت الصهيونية الى العالم الحديث كان مواجهة ظاهرة انصهار الاقلية اليهودية في محيط الشعوب التي يعيشون في وسطها، وهي ظاهرة في عهد الحداثة والعلمانية لم يكن بالامكان مواجهتها بنجاعة بمساعدة اسوار الدين.

هنا، بالضبط هذا الهدف يخدم “بند الحفيد” في قانون العودة. حيث بفضله يتضح أن عملية الانصهار واختفاء الاقليات اليهودية في الشتات بواسطة الزواج المختلط مع ابناء الغالبية القومية غير اليهودية، ليست عملية لا يمكن التراجع عنها. بالعكس، هذا البند يسمح لاحفاد المنصهرين اليهود من الجيل الثالث بأن “يصلحوا” فعل الانصهار لآباء آبائهم عن طريق الانضمام والاندماج في الواقع الاجتماعي – القومي للقومية اليهودية الاسرائيلية، وأن يشقوا بذلك الطريق لاحفادهم كي يندمجوا نهائيا في محيط الاغلبية اليهودية الاسرائيلية، عن طريق الزواج المختلط مع اليهود الاسرائيليين.

إن الغاء “بند الحفيد” سيمنع احفاد المنصهرين من امكانية اصلاح مسار الاندماج الذي اختارته الاجيال السابقة ويؤكد فعليا انفصالهم النهائي والمطلق عن التجمع القومي اليهودي. اجل، هذا التعديل يهم سموتريتش والقوميين المتطرفين الدينيين والمتدينين الوطنيين كما تهمهم قشرة الثوم. من ناحيتهم يفضل أن كل من خرجوا في الماضي من الحدود الاثنية للأمة اليهودية أن يواصلوا الاندماج في الشعوب الاخرى وفقط أن يبقى على حاله بصورة حصرية التعريف الارثوذوكسي المتحجر للهوية اليهودية.

بكلمات اخرى، الحفاظ على التهويد الارثوذكسي – الذي يناسب اقلية في الشتات ملاحقة وليس لأمة سيادية في دولة – مهم في نظر سموتريتش وشركائه بدرجة اكبر بكثير من مشروع الاصلاح واعادة بلورة التجمع القومي اليهودي – الاسرائيلي الحديث. اذا لم يكن هذا هو تجسد المعارضة الاساسية للمنطق الاجتماعي – الداخلي للمشروع الصهيوني – فما هو المناويء للصهيونية؟.

علاوة على ذلك، بالمعنى العملي الملموس يواصل “بند الحفيد” بوسائل علمانية حديثة، أحد المناحي الاساسية الاجتماعية – الديمغرافية التي ميزت تاريخ اليهود منذ الأزل: انضمام مجموعات اثنية مختلفة الى التجمع اليهودي. نعم، خلافا للصورة التي لا اساس لها من سلسلة الاجيال الخطية من ابونا ابراهيم وحتى ايامنا التي طرحها سموتريتش لكثرة جهله في ذاك النقاش في الكنيست بكامل هيئتها، فان طلاب اللقب الجامعي الاول في تاريخ الشعب اليهودي يعرفون في السنة الاولى في الجامعة بأن التاريخ اليهودي على مر الاجيال كان مليئا بقضايا الاندماج والانصهار لممثلي مختلف الشعوب غير اليهودية في اوساط الشعب اليهودي – بدء من تهود الأدوميين في عهد الكسندر يناي ومرورا بالرومان ابناء عهد يوفانالس وديوكاسيوس في فترة الهيكل الثاني، المشنيه والتلمود، وانتهاء بذينواس ملك حمير وقبائل عربية من الجنوب في منطقة اليمن في القرن السادس الميلادي وقبائل بربرية في افريقيا وشمالية وغربية في الفترة الموازية وما زال الحبل على الجرار.

من الواضح أنه في فترة ما قبل الحداثة حيث لعب الدين فيها دور سياسي حاسم في حياة اسرائيل وحياة الشعوب، كانت الطريقة الوحيدة للتواصل مع الامة اليهودية المنتشرة في ارجاء العالم هي التحول الى الديانة اليهودية. ولكن اليوم في عهد ما بعد الثورة العلمانية وبعد ثورة الأقلمة في حياة جزء كبير من الشعب اليهودي في اطار السيادة الاسرائيلية، لا يوجد لكم أي طريقة عفا عليها الزمن وعبثية للانضمام الى أمة سياسية ذات سيادة اقليمية اكثر من مسار التحول الديني، المصمم على دمج اعضاء جدد في تجمع الاقلية الاقليمية المنفية. مطلوب اذا بصورة واضحة اصلاح اساسي وشجاع في شروط انضمام غير اليهود للامة اليهودية الاسرائيلية الاقليمية – واسس ذلك يجدر اخذها من الايديولوجيا القومية الصهيونية. يمكن ويجب التوجه على سبيل المثال الى الفكر الاجتماعي – السياسي لزئيف جابوتنسكي، الذي في الحقيقة دائما كان يحترم الديانة اليهودية.ولكن في 1906 واثناء كونه ناشط صهيوني رئيسي في روسيا القيصرية قال دون مواربة بأن “الانتماء الى الامة اليهودية يجب أن يتقرر بواسطة تصريح شخصي، دون علاقة بالايمان الديني للمصرح” (“اهدافنا” 29/6/1906).

هذا الاقتراح البسيط الحاد والجريش لجابوتنسكي لعلمنة القومية اليهودية يجدر تبنيه اليوم في اسرائيل، كجزء من اتباع التعدد الاساسي في طرق الانضمام للشعب اليهودي في اسرائيل. احدها يمكن بالتأكيد أن تبقى خيار التهويد الارثوذكسي، ولكن هذه فقط احد السبل. هذا البرنامج يجب الدفع به قدما من خلال الاستناد المستمر الى الفكر السياسي الصهيوني وكذلك كتحد فكري واضح للموقف القومي المتطرف – الديني لسموتريتش وامثاله من خلال التاكيد الصريح على جوهر المنفى المناهض للصهيونية.

هل لبيد سيكون مستعد لتبني هذا الاتجاه القومي العلماني؟ ليس سرا أنه بعد العلمانية العسكرية لوالده يوسف (تومي) لبيد فانه يشعر بنوع من الشعور بالذنب من الدين اليهودي والحاجة الاعتذارية ليقدم اعتذار للجنة ويعبر عن حبه لليهودية والتراث اليهودي. ولكن عليه الفهم بأن المشكلة الرئيسية في الرؤية العلمانية لوالده لم تكن العداء للدين بل حقيقة أنه لم يكلف نفسه عناء ترسيخها ايديولوجيا على الاسس الداخلية الاصيلة للفكر القومي الصهيوني. لديه العلمانية كانت نتيجة الجينات الليبرالية له.

ولكن العلمانية والفصل بين الدين والدولة هي في حقيقة الامر روح الصهيونية كمشروع بناء امة يهودية قطرية وعادية، عادية من بين امور اخرى، لأن عليها ان تكون قادرة على أن تصهر فيها دون ازعاج ابناء اقليات دينية مختلفة عن طريق الزواج المختلط. اذا كان لبيد يستطيع ويريد ان يرفع علم الحلم العلماني – الصهيوني هذا فسيكون بذلك نوع من التعديل الحقيقي لطريق والده. وليس، ربما بدلا منه سينجح في القيام بذلك صديقه وشريكه في الطريق عوفر شيلح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى