ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم حيمي شليف – في اختبار الكورونا، جنون اضطهاد ، نتنياهو ينقذ الحياة، جهل ترامب يقتل

هآرتس – بقلم  حيمي شليف  – 24/4/2020

الردود المختلفة لترامب ونتنياهو جاءت من الفرق بين شخصيتهما ومن الفرق بين الولايات المتحدة واسرائيل ذات قدرة الاحتمال المنخفضة لفقدان حياة البشر. وغطرسة الرئيس الامريكي ستكلف بلاده المزيد من الضحايا والاضرار الشديد بجهاز الصحة المتهالك لديها “.

بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب يشكلان بمعان كثيرة زوج لطيف. فهما من مؤيدي السوق الحرة التي تسمى احيانا بالوحش. وهما وطنيان متطرفان، شعبويان، ضليعان في التحريض ويتغذيان من كراهية الآخر. وهما ينكلان بالغرباء ويتحفظان من المسلمين ويظهران الاشمئزاز من الاوروبيين ويشجعان الديكتاتورات، وبالاساس هما يعشقان انفسهما. وهما يحاولان اظهار انفسهما وشعبهما كضحايا.

سياسة ترامب المؤيدة لاسرائيل هي اكثر سياسة احادية الجانب في تاريخ العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة. اسرائيل في المقابل تحولت الى نادي لمشجعي ترامب، الاتفاق الائتلافي الذي وقع بين نتنياهو وغانتس عشية يوم الكارثة اوضح المكانة الامبريالية للرئيس الامريكي: هو الذي سيقرر كم يمكن لاسرائيل أن تضم من اراضي الضفة الغربية. حسب رد وزير خارجيته في هذا الاسبوع، مايك بومبيو، فان ترامب يتنازل عن هذا الشرف: اطبخوا العصيدة بأنفسكم وبعد ذلك قوموا بأكلها، أشار الرئيس.

مع ذلك، الزعيمين اللذان يتشاركان ليس فقط في نفس الرؤية، بل ايضا في الكراهية والمحبة، واللذين تمت تسميتهما خلال السنوات الاخيرة أخوة في الدم أو توأم سيامي، ردا على ازمة الكورونا بطرق متعاكسة في جوهرها. في تدرج زعماء العالم، نتنياهو موجود في الجانب الحذر والمتشدد. ترامب موجود في جانب المتخلي والمتخلى عنه.

عندما قال ترامب إن فيروس الكورونا هو موضوع تافه، بالكاد هو انفلونزا، نتنياهو قام بتشبيهه بالوباء الاسود في العصور الوسطى. عندما استخف ترامب بالعزل وسخر من الكمامة وتخلى عن قواعد الحذر، قام نتنياهو بادخال مواطنيه الى ذعر، وبعد ذلك الى منع التجول. في الوقت الذي يبعد ترامب فيه نفسه عن مستشاريه وخبرائه وحتى يناقض اقواله علنا، فان نتنياهو يتعامل باحترام مع اطبائه والمدراء العامين لديه بصيغة “ننفذ ونسمع”.

ترامب وعد بأن الخطر سينتهي خلال بضعة اسابيع، بالتأكيد حتى عيد الفصح. والآن لم يتحقق ذلك. وقد وعد بأن الاقتصاد سيعود الى سابق عهده وأن داوجونز سيعيد ايامه الى ما كانت، وأن امريكا ستعود لتكون ما كانت عليه دائما. حكام ولايات حالمين اقل منه واكثر صرامة، خاصة الديمقراطيين، الذين خطواتهم في معظم الحالات لا تقترب من كاحل خطوات نتنياهو – يتلقون وجبات يومية من الاستهزاء والانتقام من ترامب.

نتنياهو في المقابل يقوم بالقاء خطاب كل بضعة ايام يدمج نهاية العالم الآن مع الدم والعرق والدموع والاغلاق الذي لا نهاية له. وبدلا من أن يكون شارح السياسة الوطنية، أخذ على عاتقه وظيفة المخيف الوطني. قراره منع زيارات العائلات الثكلى لقبور أعزائها في يوم الذكرى ربما كانت تقتضيه الضرورة، لكنه كان يفطر القلب وكاسر للطابو: فيروس الكورونا يتضح أنه قد اخترق ايضا قدس الاقداس.

سلالتان نرجسيتان

الطرق المتعاكسة التي يرد بها ترامب ونتنياهو على ازمة الكورونا هي بالطبع وليدة الفروق الكبير بين دولتيهما. الولايات المتحدة هي دولة عظمى مع حدود مخترقة وغير نهائية. مئات بوابات الدخول والخروج، سكان ينتشرون واحيانا معتربين، سلطة فيدرالية مركبة ومشتتة، وسكان لم يشهدوا وضع طواريء وطني على معظم اراضيها منذ مئة سنة. رئيسها يؤمن بأن نسبة ضحايا 50 – 60 نتيجة وباء الكورونا يمكن أن تشكل ورقة رابحة له في الحملة الانتخابية القادمة.

اسرائيل هي دولة صغيرة ومنغلقة ولديها بوابة واحدة للدخول والخروج مع سلطة مركزية متطرفة وجمهور لديه تجربة في حالات الطواريء الوطنية، هذا من جهة، لكن مع قدرة احتمال منخفضة نسبيا لفقدان حياة البشر، من جهة اخرى. اذا اقتربت نسبة الوفيات في اسرائيل بسبب الوباء، التي تبلغ الآن 21.26 لكل مليون، من 136 لكل مليون التي توجد في الولايات المتحدة، أو من 255 في بريطانيا و455 في اسبانيا أو 517 في بلجيكا، لكانت الدولة قد ارتجت ولكان نتنياهو سيكون في مشكلة كبيرة.

ولكن التعامل المختلف جوهريا من قبل ترامب ونتنياهو مع الوباء، هو ايضا علامة على الفروق الجوهرية في شخصيتهما، رغم تقاربهما السياسي والايديولوجي. كلاهما تم وصفه في وسائل الاعلام بالنرجسي. ولكن ترامب هو من سلالة النرجسيين ذوي الفخامة، الذي يرى نفسه منقذ الكون. في حين أن نتنياهو يعد من سلالة النرجسيين عديمي الأمن، الذين يرون في كل حدث امكانية كامنة لحدوث كارثة.

نتنياهو هو شخص مثقف، ليس فقط بالمعنى الرسمي. خلافا للكثير من اصدقائه في نادي الزعماء المستبدين، يوجد له احترام للعلم والطب. وترامب في المقابل هو شخص جاهل وساذج، تلفه الآراء المسبقة ويتعامل مع العالم على أنه ملعب لالعابه. وتكفي الاشارة الى أن والد نتنياهو، بالاجمال تخصص في محاكم التفتيش في اسبانيا. ووالد ترامب بالخداع الموجود في فرع العقارات.

نتنياهو متشائم بطبيعته وهو ينزعج حقا من تهديد الكورونا، لكنه استغل مخاوفه من اجل أن يوقع الرعب على مواطنيه وأن يشل معارضيه. لقد خلق، اذا لم تعتقد المحكمة العليا غير ذلك، حكومة طواريء وطنية التي يمكنها ايضا أن تلبي رغبته في الهرب من ذعر المحاكمة، وإلا فانه في حينه سيقلص حكمه حتى الحد الادنى. لو اجريت الانتخابات اليوم خلافا لاجرائها بعد 3 – 4 اشهر، مثلا، حيث غضب الجمهور بسبب السقوط الاقتصادي يمكن أن يزداد، فمن المعقول الافتراض أنه كان سيفوز فوزا ساحقا.

ترامب في المقابل لم يفهم كبر الخطر حتى بعد أن تم توضيح ذلك له مرارا وتكرارا. هو يعمل على تقويض خبرائه، ويستخف بموظفيه، ويحارب ضد حكام الولايات لديه، وحتى يقوم بدعوة المواطنين الى التحرر من نير القمع. لقد قام بدعوتهم لتجاهل التعليمات وتناول ادوية خطيرة وأن يعيشوا حياتهم ليس حسب تقديرات الخبراء بل حسب رؤيته الحالمة. لو أن الانتخابات اجريت الآن وليس بعد ستة اشهر، حيث حملة الكراهية والتحريض والتنصل من المسؤولية، التي يخطط لها ترامب ستصل الى ذروتها، جون بايدن كان سيهزمه بسهولة والديمقراطيون، باحتمال عال، كانوا سيسيطرون على مجلس النواب ومجلس الشيوخ معا.

كلاهما بقي مخادع سياسي من الدرجة الاولى، بطل التقسيم والتحريض، لا يرى مخالفاته، يغرقان في الشفقة على الذات، يكرهان النقد ويحبان المتملقين. كلاهما تحول الى عدو لوسائل الاعلام والقضاء وفصل السلطات والديمقراطية الليبرالية نفسها، كلما اخترق فيروس جنون العظمة جسده واستولى على ارواحهم.

ولكن الذعر وجنون اضطهاد نتنياهو، كما يبدو، انقذا اسرائيليين كثيرين أو على الاقل مد في عمرهم. ومكنا جهاز الصحة في اسرائيل من القيام بالمهمة الصعبة التي القيت عليها. وغطرسة ترامب قتلت عدد لا يحصى، وهزمت جهاز الصحة المتهالك ايضا، وقسمت امريكا اكثر وقدمتها للعالم عارية. فليحيا هذا الفرق البسيط، إنه مسألة حياة أو موت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى