ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم حيمي شليف- الانجاز السياسي لنتنياهو يثير مشاعر الحزن ، حتى في اوساط المتحمسين له

هآرتس – بقلم  حيمي شليف – 15/9/2020

في الايام التي تسبق مراسيم التوقيع على الاتفاقات اتضح أنه لم يسبق أن اثار انجاز سياسي مهم جدا مشاعر في اوساط عدد قليل جدا، مثل هذا الانجاز. والشك في اسرائيل يزداد فقط ازاء معرفة أن ترامب لا يفعل أي شيء بدون مقابل مناسب. وفي القريب سنكتشف كيف سينجح في أخذ نصيبه من هذا الاحتفال “.

التحذير الذي اسمعه مستشار المانيا الاول، بسمارك “اذا كنتم تحبون القوانين وكل انواع السجق فيجب عليكم أن لا تشاهدوا في أي يوم كيفية صنعها”، استهدف في الحقيقة التعبير عن استخفافه بعمل البرلمان. ولكن هذا التحذير ينطبق ايضا على الاتفاق بين اسرائيل واتحاد الامارات الذي يتوقع التوقيع عليه اليوم في واشنطن. الاسرائيليون الذين يريدون التخلص من الاحباط اليومي والطيران على انغام اجنحة التاريخ، التي سيتم نقلها ببث مباشر من الساحات الخضراء في البيت الابيض، يفضل أن لا يتوقف كثيرا عند سؤال لماذا جاءت هذه الاتفاقات بالذات في هذا الوقت، وكيف تم انجازها، ولا يقل اهمية عن ذلك، على يد من.

هناك قاعدة قديمة تقول إنه يجب عدم فحص اسنان الفرس الذي قدم كهدية، رغم أنه في هذه المرحلة وبصورة فضائحية غير مسبوقة، الفرس ما زال قط صغير. ولكن على فرض أن الصيغة المكشوفة والرسمية للاتفاق الكامل مع اتحاد الامارات واعلان المباديء مع البحرين لا يتضمن مفاجآت صادمة، فان الحديث يدور عن انجاز سياسي دراماتيكي يستحق بالتأكيد صفة التاريخي، سواء الصقت بالاتفاقات صفة السلام، التطبيع أو مجرد الخروج من الصندوق.

دائرة العداء العربية تصدعت اكثر بقليل، وربما ستكسر قريبا بصورة نهائية. الفلسطينيون، على الاقل لسعادة من وجهوا الاتهامات لهم، تم ابعادهم الى الهامش. تحالف امني استراتيجي بقيادة الولايات المتحدة ضد العدو المشترك، ايران، الذي تمت ادارته بالخفاء، خرج الى النور. واذا حكمنا على الامور حسب الانفتاح والحماس الذي يظهره المتحدثون باسم اتحاد الامارات، والذي لا يوجد له مثيل في تاريخ اتفاقات السلام أو التطبيع التي حققتها اسرائيل في السابق، فليس من المستبعد أن اللقاء بين القدرة التكنولوجية والقدرات الاخرى لاسرائيل وبين الجيوب العميقة لأمراء الخليج، سيعطي ثمار حقيقية و”سيضخ مليارات كثيرة للاقتصاد الاسرائيلي”، كما وعد رئيس الحكومة نتنياهو عشية سفره الى واشنطن.

حتى الآن، وباعادة صياغة فظة للمقولة المشهورة لونستون تشرتشل، يبدو أنه لم يثر في أي يوم انجاز سياسي مهم جدا الذي من شأنه أن يؤثر على حياة الكثير من الناس، حماس أو انفعال في اوساط اشخاص قلائل جدا. نصف الجمهور يعارض نتنياهو ويجد صعوبة في مدحه. لذلك، كان يحاول تقليل حجم الانجاز حتى في الايام العادية. ولكن الحزن هو أمر ضئيل مقارنة بالغضب والاحباط الذي يتملك معظم الجمهور ازاء الاغلاق الذي من شأنه أن يدخله الى حالة حظر التجول ويدمر الاعياد. والشعور السائد هو أن نتنياهو هو المسؤول الاول عن هذا الفشل حتى في اوساط مؤيديه.

هذه الاحتفالات تضررت اكثر على ضوء التعارف الطويل والمؤسف بدرجة معينة مع نتنياهو والرئيس دونالد ترامب بشكل عام، ومع ميلهم المعروف لاستغلال كل حدث لمصلحتهم السياسية والشخصية بشكل خاص. واحتمالات نتنياهو في أن يكسب من هذه المراسيم مكاسب سياسية يمكن أن تساعده في الانتخابات اعلى من احتمالات ترامب. رغم الحزن السائد إلا أن معظم الاسرائيليين يعرفون الاتفاقات ويؤيدونها، لكن من المشكوك فيه أن تجد ناخب امريكي واحد سيغير رأيه عن ترامب بسبب حقيقة أنه أحل السلام بين اسرائيل والامارات التي لم يسمع عنها في أي يوم من الايام.

بسبب أن ترامب غير غبي، من جهة، ولا يفعل أي شيء بدون مقابل مناسب، من جهة اخرى، فلا مناص من الخروج باستنتاج أن الرئيس الامريكي يتوقع مكسب وانقاذ ستأتي له من مكان آخر: بيع طائرات اف35 للامارات مثلا. الحديث يدور عن صفقة ستدخل مداخيل تبلغ مئات المليارات وستخلق آلاف اماكن العمل. خلافا لمراسم الاحتفال المتوقعة، فان الاعلان عن صفقة كهذه يمكن أن يعطي ترامب مكسب سياسي حقيقي، شريطة الاعلان عنها قبل الانتخابات في 3 تشرين الثاني. وليس مستبعدا أنه في القريب العاجل ستتم معرفة هل نتنياهو يعارض بشدة الصفقة أو أن الامر يتعلق بنضال لفظي موجه الى الخارج، الذي ينفي انكاره للتقارير بشأن موافقته الصامتة والمسبقة.

تجارة السلام

الحاجة الى مقاربة “احترمه ولكن شك فيه” تجاه الاتفاقات تتعزز ازاء حقيقة أن الامر يتعلق بطبخة مشتركة لزوج من المخادعين مثل ترامب ونتنياهو: الاثنان منذ زمن لا يكلفان انفسهما عناء التفريق بين الكذب والحقيقة. وهما مشبوهان أو متهمان بارتكاب مخالفات رشوة. وهما لا يتورعان كما هو مفهوم، عن استغلال منصبهما من اجل تحقيق مكاسب شخصية. قضية الغواصات التي لم يتم حل لغزها، المتعلقة بنتنياهو من جهة، والانبوب المباشر الذي يربط بين خزينة الادارة والمصالح التجارية الخاصة لترامب من جهة اخرى، تبرر الشك، مهما كان هستيري وعديم الدلائل، بأنه حتى من صفقة الطائرات سينجحون في اقتطاع مكاسب.

من معظم التقارير المثيرة في وسائل الاعلام عن جنة عدن التي تنتظر الاسرائيليين في دبي وأبو ظبي، ازيحت الى الهامش حقيقة أن الشركاء من البحرين واتحاد الامارات هم اشكاليون بدرجة لا تقل عن ذلك، وربما أكثر. الحديث يدور عن دولتين من اكثر الدول ديكتاتورية وغير ديمقراطية في العالم، التي تحظى بعلامات متدنية بشكل خاص في التقرير السنوي لمنظمة الابحاث “فريدم هاوس” المعروفة. في مؤشر وجود الديمقراطية والحفاظ على حقوق الانسان فان اتحاد الامارات حصلت في هذه السنة على 17 نقطة من 100 نقطة، والبحرين حصلت على 11 نقطة، والسعودية (العراب الذي بدونه لم يكن هذا الحلم سيتحول الى حقيقة) حصلت على 7 نقاط فقط.

ليس من نافل القول أن نذكر ايضا الدور الغريب للشخصيات الرفيعة في اتحاد الامارات في قضية التدخل الروسي لصالح ترامب، الذي اشار اليه المحقق الخاص روبرت مولر في التقرير الذي اجمل تحقيقه في الموضوع. اذا كان رؤساء اتحاد الامارات قد فضلوا ترامب على هيلاري كلينتون في العام 2016 فلا يوجد هناك سبب للاعتقاد بأنهم لا يفضلونه اليوم على جو بايدن وأنهم لا يساعدونه بشكل مباشر وغير مباشر، وحتى بشكل أكبر.

ليس مستبعدا أن يتحول نتنياهو ايضا الآن الى الابن العزيز للشيوخ، الذين فيه ايضا سيستثمرون وقتهم واموالهم من اجل بقاء حكمه. وبالعودة الى الوراء، قد يتبين أن مكانة حلم السلام والتعايش ما زالت قائمة. ولكن كما يمكن أن يشك الشخص مسبقا، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الاعضاء الفاعلين، ومثلما غنت ليزا مانيلي في أغنية “الكازينو”، المال يدير عالمنا وداخله يدير تجارة السلام.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى