ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم حيمي شليف – اسرائيل هي ديمقراطية في حالة انهيار

هآرتس – بقلم  حيمي شليف – 23/12/2020

الكثيرون يريدون أن يروا في تنافس جدعون ساعر الخلاص، ولكن بالنسبة لاعضاء بارزين في اليسار فان الضوء في نهاية النفق، يمكن أن يتبين أنه ضوء قطار يميني محمل ينطلق بسرعة من اجل سحقهم “.

يميلون الى عزو قدرة الاقناع لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى مؤهلاته البلاغية والمسرحية، ولكن سر قوته يكمن في قدرته الاستثنائية على اقناع نفسه في المقام الاول. ومن غير المستبعد أنه عندما وقف نتنياهو أمس في المؤتمر الصحفي الذي افتتح الجولة الانتخابية القريبة القادمة كان قد أقنع نفسه بتخيل أن اعضاء ازرق ابيض هم المسؤولين عن حل الحكومة أو أنه تخيل بأنه يحارب ضد “ديكتاتورية موظفي اليسار”، وليس من اجل انقاذ نفسه من المحاكمة.

عيون نتنياهو اظهرت في كل مرة الضائقة، اذا لم يكن الذعر الذي تملكه ازاء السيطرة على الاحداث التي فلتت من يديه، كما يبدو. ولكن ظهوره بث الثقة بالنفس لبطل قديم، سبق له ونجا من عدد غير قليل من محاولات سرقة منصبه. وغطرسته وأكاذيبه التي لا اساس لها والتحريض الذي احتل المكانة الرئيسية في نظريته، اغضبت بالتأكيد معارضيه وحجبت الساعات النادرة من الرضى عن الذات والفرح الذي اصابهم بشكل مفاجيء بعد هزيمة رئيس الوزراء في تصويت الكنيست أمس.

المناورة المضحكة لاعضاء الكنيست ميخال شير واساف زمير واصدقاءهم المتمردين من الليكود ومن ازرق ابيض، والذين لعبوا لعبة “الاستغماية” مع نظرائهم، افشلت الاتفاق الآخذ في التبلور لنتنياهو مع غانتس، وعطلت استمرار وجود حكومته وفرضت عليه انتخابات في موعد غير مرغوب فيه بالنسبة له. في واقع سياسي واعلامي فيه المعيار الوحيد هو جيد أو سيء لنتنياهو، فانه كان لكارهيه بدون شك سبب جيد للاحتفال.

ولكن حتى اذا وافقنا على ادعاء أن حكومة نتنياهو –غانتس كانت سيئة جدا وضارة الى درجة أن أي بديل هو افضل منها، فان الذهاب الى حملة انتخابات رابعة خلال سنتين هو بشرى قاسية بالنسبة للجمهور والاقتصاد والديمقراطية في اسرائيل. وهي تشكل عرضا واضحا لمرض شديد تحول الى مرض مزمن، ومع أخذ الظروف الخاصة في الحسبان، انهيار الحكومة في ذروة ازمة صحية واقتصادية غير مسبوقة، ربما يكون هذا المرض قاتل ولا علاج له.

تواتر الانتخابات يعتبر أحد المؤشرات الاساسية لاستقرار الديمقراطيات. ذات مرة، في اوقات اكثر صلابة، كانوا يسخرون عندنا من ايطاليا التي عرفت اكثر من ستين حكومة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. ولكن حتى في ايطاليا، الحكومات ربما جاءت وذهبت بسرعة كبيرة، لكن البرلمان بقي على حاله والانتخابات جرت بشكل عام في موعدها. ومنذ بداية القرن الحالي ذهب الايطاليون الى صناديق الاقتراع خمس مرات، والاسرائيليون سيفعلون ذلك في شهر آذار للمرة العاشرة. ومنذ العام 2013 صوت الايطاليون بالاجمال مرتين في حين أن الاسرائيليين وضعوا البطاقات في صناديق الاقتراع خمس مرات، وفي 23 آذار القادم سيفعلون ذلك للمرة السادسة.

احد اسباب ذلك هو الخصي المستمر للكنيست التي تحولت في السنوات الاخيرة الى خاتم مطاطي لنتنياهو ومساعديه، والتي تقوم بحل نفسها بناء على أمر منه وبناء على راحته. وخسارة نتنياهو المفاجئة في تصويت أول أمس كانت شذوذ عن النموذج الدارج، لكن من المحظور أن نفقد التوازنات: الحديث يدور عن كنيست لم تستطع انتخاب رئيس حكومة آخر غيره، رغم أن معظم اعضاءها على قناعة بأن مصلحة الدولة تقتضي ذلك. التمرد المؤذي الذي اندلع أمس ينبع من اندلاع لمرة واحدة من الشجاعة بين اعضاء كنيست مستقلين قرروا الانتحار السياسي باسلوب تلما ولويز، ولكن الوقت كان قصير ومتأخر من اجل انقاذ الكرامة الضائعة للهيئة التشريعية.

ازاء ذلك، كان هناك اكثر من جزء بسيط من النفاق في توجه نتنياهو ومأموره ياريف لفين أمس الى المحكمة العليا للامتناع عن التدخل في مسألة قانون القومية من اجل احترام الكنيست ومبدأ الفصل بين السلطات، اللذين داس عليهما وسحقهما نتنياهو. عندما نربط محكمة مهددة مع كنيست تحولت الى خرقة بالية، ونضيف الى ذلك وسائل اعلام تتم مهاجمتها وموظفون عامون تتم اهانتهم وجهاز قضاء في حالة دفاع ورئيس حكومة يحاول أن يخضعه رغم لوائح الاتهام الموجهة له وجمهور سئم منهم جميعا، فان انتخابات متكررة فقط تكمل الصورة المثيرة للاشمئزاز لديمقراطية على شفا الانهيار.

من يعارضون نتنياهو سيجدون العزاء في الدور المهم الذي لعبه احتجاج الاعلام السوداء لتشكيل رأي عام، ضغوطه احدثت انعطافة في اوساط متمردي ازرق ابيض. السعادة ستتحول الى حزن بالطبع اذا تبين أن انتخابات رابعة ايضا خلال سنتين لن تحطم التعادل السياسي الخالد، وربما ايضا لن تنجح في تحريك نتنياهو عن الكرسي. الكثيرون يريدون أن يروا في تنافس جدعون ساعر الخلاص، ولكن بالنسبة لاعضاء بارزين في اليسار فان الضوء في نهاية النفق، كما يقول الشعار، من شأنه أن يتبين بأنه ضوء قطار يميني محمل ينطلق بسرعة من اجل سحقهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى