ترجمات عبرية

حنين مجادلة – غابة على انقاض المسطبات الجبلية الفلسطينية ..!

هآرتس – بقلم  حنين مجادلة- 19/8/2021

” على مدى تاريخ الكولونيالية في العالم لم ينجح المستوطنون الجدد في فرض هويتهم المستوردة على المكان الجديد، وأن يمحوا تماما هوية السكان الاصليين في المكان “.

“في نهاية المطاف غابتنا تغطي، كيف يكون ذلك، قرية مهدمة”، كتب أ.ب يهوشع في كتابه بعنوان “امام الغابات”. الحرائق الشديدة التي امتدت في الاسبوع الماضي في غابات جبال القدس كشفت البنية التحتية للمشهد الطبيعي الذي يختفي وراء الاشجار. المدرجات الجبلية ظهرت بكامل رونقها، وخلال ذلك كشفت المزيد من توثيق التاريخ الذي حاولت دولة اسرائيل منذ اقامتها طمسه ومحوه واخفاءه. هذا هو ذكريات حياة الفلسطينيين في هذه الارض. 

في جولاتي في الضفة الغربية والاراضي المحتلة، عندما كنت أمر قرب مناطق واسعة للاراضي الزراعية الفلسطينية كنت دائما اتأثر من رؤية السلسلة الطويلة من المدرجات الجبلية أو ما يسمونه بالعربية بـ “مسطبات” أو “مدرجات”. وكنت اتأثر من عظمتها ومن الدقة في عملها، الذي يشهد على العلاقة بين الفلاح الفلسطيني وارضه. وكنت اتساءل بيني وبين نفسي كيف أنه في جبال الجليل لا توجد هذه الظاهرة. عندما كبرت تعلمت القليل في المدرسة عن تاريخ دولة اسرائيل. لم اتعلم عن حقيقة أن اسرائيل هي التي محت الزراعة الفلسطينية في الجليل وأن الكيرن كييمت قامت بدفنها نهائيا، بل تعلمت أن “اليهود احضروا معهم الاشجار وقاموا بزراعتها في ارض اسرائيل. كم هذا معقم واخضر. غريتا تونبرغ كانت ستتفاخر بكم. 

في الحركة الصهيونية عرفوا أنه في المعركة على هذه البلاد لا يكفي احتلال الارض وطرد سكانها، بل يجب ايضا امتلاك قصة وروح ورواية، شيء يتساوق مع “شعب بدون ارض لارض بدون شعب”. لذلك، بعد احتلال الارض والتهجير كان من المطلوب هدم أي ذكريات للناس الذين عاشوا هنا ولم يعودوا هنا. هذا شمل الاشجار التي نمت بدون تدخل يد الانسان، وايضا التي زرعها الفلاحون الذين يعرفون هذه الارض مثلما يعرفون اولادهم، ومثل المسطبات التي اقاموها على الجبال.

هكذا تخيل البيض والاجانب، الذين لم يكونوا في أي يوم فلاحين ولم يفلحوا الارض من اجل كسب الرزق، مشروع التحريج الوطني على انقاض هذه القرى العربية، التي قرر بن غوريون تدميرها مثل معلول وسحماتا. مشروع التحريج تضمن جلب اشجار الصنوبر والسرو التي كانت غريبة على هذه الارض وتنتمي لمناطق باردة، بهدف شعور السكان الجدد هنا بأنهم في البيت والشعور بدرجة أقل بأنهم في بيت شخص آخر. 

إن زراعة اشجار السرو والصنوبر القابلة للاشتعال والتي لا تناسب المناخ في بلادنا، ليست فقط عملية محو قومي لابناء البلاد الاصليين الفلسطينيين، بل هي ايضا سيادة وغطرسة، وهذه صفات ميزت الحركات الاستعمارية في ارجاء العالم. وكل ذلك لأنهم لم يعرفوا جوهر الدول أو طبيعة الدول التي قاموا باحتلالها. 

العفو، لكن لا تكفي العلاقة التاريخية – التوراتية. على مدى تاريخ الكولونيالية في العالم لم ينجح المستوطنون الجدد، سواء الذين ذهبوا أو الذين وجدوا لفترة طويلة، في فرض هويتهم المستوردة على المكان الجديد، وأن يمحوا تماما هوية السكان الاصليين في المكان. تقريبا مثل الغابات في القدس، عندما جاءت النار واحرقتها، تظهر حقيقة واحدة وصغيرة، التي عملوا بشكل كبير على اخفائها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى