ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي- من لا يقف عند سماع الصافرة

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي- 21/2/2021

” لماذا لا تقود سيارتها عند سماع الصافرة كتعبير عن الاحتجاج بأنه لا يوجد يوم ذكرى لشهداء شعبها “.

       محكمة الشعب العليا في دولة اسرائيل، “اوفيرا وباركو”، اصدرت قرارها الحاسم: من لا يقف عند سماع الصافرة في يوم الذكرى فهو لا ينتمي لدولة اسرائيل. “أي اعتذار لن ينفعه”، هكذا حسم عضو هيئة المحكمة، ايال باركوفيتش؛ “أنا لن أغفر لها الى الأبد. هي يمكنها البكاء حتى الغد. مكانها ليس في الكنيست”، هكذا حكمت عضوة هيئة المحكمة اوفيرا اسياغ. في مواجهة وابل هذا الوحل والفاشية والجهل وصوت الجمهور، وقفت أول أمس ميراف ميخائيلي في برنامجهم بشرف وبطولة.

       ميخائيلي التي تعتبر نفسها من اتباع رابين، لن تتخلى عن المرشحة رقم 7 في قائمتها”، مثلما كان اسحق رابين سيفعل بالتأكيد وبصورة مهينة وضارة. هذا يسجل لها بالطبع. خسارة فقط أنها ذكرت، دفعة واحدة، اقوالها الشجاعة والحقيقية لابتسام مراعنة – منوحن ولمن ارتكبوا جرائم اغتصاب وتمت اعادة تأهيلهم، في نفس الوقت. هذا الربط مرفوض. خسارة ايضا أن مراعنة نفسها تراجعت عن اقوالها التي قالتها قبل عشر سنوات. هذه الاقوال سارية حتى الآن على كل مواطن عربي لم يفقد ما بقي من كرامته الوطنية.

       التحدي الذي وضعته مراعنة امام اليسار الصهيوني هو تحد صارخ وصادم. وهو سيكون اختبار هذا المعسكر. بالضبط مثلما لا يوجد ولا يمكن أن يوجد أي عربي يحافظ على حرمة السبت ويصوم في يوم الغفران ويلبس القناع في عيد المساخر. ولا يمكن أن يوجد عربي يقف بصمت عند سماع الصافرة في يوم الذكرى لشهداء الجيش الاسرائيلي، الجنود الذين قتلوا أبناء شعبه واحتلوا ارضه وطردوا آباءه ويستمرون بالتنكيل باخوته. العربي الذي يقف عند سماع الصافرة هو يكذب على نفسه ويخون شعبه تماما.

       يمكن بالطبع التوقع بأن يقفوا عند سماع الصافرة تعبيرا عن التضامن مع ألم الاسرائيليين اليهود، لكن ايضا هذا التضامن لا يمكن أن نطلبه منهم في الوقت الذي لا يوجد فيه أي تضامن مع مصيرهم وتراثهم. هل اليهوديين باركو واوفيرا، مثلا، كانا مستعدين للوقوف عند سماع صافرة يوم الذكرى لشهداء النكبة؟ لم لا؟ ألم تكن هناك نكبة؟ ألم يسقط فيها شهداء؟ ألم يكن فيها ابطال؟ هل من المحظور تذكرهم؟ يوم ذكرى كهذا كان يجب أن يكون في دولة اسرائيل لو أنه كانت هناك ديمقراطية مساواتية تحترم كل مواطنيها. ولكن اسرائيل هي دولة التفوق اليهودي. لذلك، الوقوف بصمت مسموح فقط في يوم ذكرى الشهداء اليهود. وذكر الكوارث الاخرى لابناء هذه البلاد ممنوع تقديسه، وحتى لا ذكره. يجب ايضا سحق كل من يشعرون بصورة مختلفة، من لا يستطيعون الشعور بأي شكل من الاشكال بأنهم يهود وصهاينة.

       كم من السهل أن نتفهم مشاعر مراعنة: أن تقود سيارتها اثناء سماع الصافرة، اجل بالذات اثناء سماع الصافرة، وتحدي قدسية من استولوا بالقوة على ارضك ودمروا شعبك. لماذا يجب على مراعنة الوقوف بصمت في ذكرى جدعون بخراخ، الجندي الذي أفكر فيه اثناء الصافرة (الذي أنا سميت على اسمه) والذي احتل وطرد، وربما ايضا ذبح، سكان الطنطورة، وهي القرية القريبة من قريتها الفريديس؟ لماذا لا تقود سيارتها اثناء الصافرة كتعبير عن الاحتجاج على عدم وجود يوم ذكرى لشهداء شعبها، وحتى لا يوجد دقيقة للذكرى؟. هذه المرأة الشجاعة مدت يدها الى قدس اقداس الآخر، الكارثة: لقد تجرأت على أن تسأل عن الحياة الجنسية في المعسكرات. المخرجة السينمائية الوثائقية الممتازة، عيدا اوشفيز، كتبت في نهاية الاسبوع في صفحتها في الفيس بوك بأن بحث حول هذا الموضوع المشحون والمهم اكتسب مؤخرا الزخم، وهو يكشف زاوية اخرى عن فقدان صفة انسانية في الكارثة. لذلك، هذا ما قصدته مراعنة، لكن محظور عليها أن تقول كلمة كارثة. فهي عربية. وهي ايضا امرأة، لذلك اصبحت محل اهتمام مثل سابقاتها الشجاعات، حنين الزعبي وهبة يزبك. وليس بالصدفة أنهن نساء. اليمين بطل على الضعفاء. ولكن الامتحان الحقيقي هو امتحان اليسار.

       مراعنة يجب على اليسار احتضانها وتقدير مواقفها. هي متزوجة من يهودي وقد انضمت لحزب صهيوني. وما الذي تريده منها الصهيونية غير ذلك. باستثناء العملاء لا يوجد عرب يمكن أن يشعروا خلافا لها. لا يوجد ايضا يسار باستثناء من يعرف كيف يستوعب مواقف أبناء الشعب الآخر الذي يعيش هنا. من لا يقف الى جانب مراعنة لا يعتبر يسار، بل هو يمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى