ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم جدعون ليفي – روني دانييل دافع عن مشاهديه من الحقيقة المرة للجيش الاسرائيلي، هل من الغريب أنهم أحبوه

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 29/7/2021

” روني دانييل قام بحماية مشاهديه من الحقيقة واعفاهم من رؤية واقع الاحتلال كما هو. لذلك، أحبه الجميع وهم الآن يبكون على موته “.

الحداد القومي على وفاة روني دانييل، الذي اعلنت عنه قنوات التلفاز، وبالاساس القناة التي يعمل فيها، لاقى الاهتمام الكبير. الكثير من الاسرائيليين حزنوا جدا على موت هذه الايقونة، بالضبط مثلما حزن اصدقاءه الصحافيين. دانييل هو شخص يحب، قالوا، ايضا كان شخص صادق. اجل، مسموح وحتى من الضروري قول الحقيقة عنه حتى بعد موته. أنا شخصيا تشاجرت معه بين حين وآخر في الاستوديوهات، لكنني كنت أحبه لأنه أحد الصحافيين الجديين. ايضا حقيقة أن ابنه عيري مدفون على بعد خطوات من ابني توم في قسم الاطفال في كريات شاؤول، اضافت لي الشعور بشراكة المصير. ولكن هذا ليس هو الموضوع.

دانييل كان الحارس الكبير للحقيقة في التلفزيون الاسرائيلي. فقد قام بحماية مشاهديه واصدقائه من الحقيقة. لذلك، هم أحبوه ايضا بسبب ذلك. وقام بحماية التلفزيون ومشاهديه من اكتشاف الحقيقة المرة والقبيحة عن الجيش الذي يحبونه كثيرا؛ وقام ايضا بحماية اصدقائه ومشاهديه من الحقيقة الفظيعة والمؤلمة عن الاحتلال؛ وحافظ علينا من مواجهة الواقع الذي نتنكر له منذ عشرات السنين بصورة فاسدة، كما قالت دانييلا كنافو، منظرة الجنس، في مقابلة مع جدعون ليف. 

اذا كان المجتمع الاسرائيلي يوجد في وضع فاسد من الانكار والقمع فان هذا يعود بشكل كبير الى دانييل. فبفضله عشنا جيدين جدا، بفضله يمكن قتل الاطفال في غزة وتجاهل ذلك، وقتل متظاهرين في الضفة والانفعال جدا في نفس الوقت من وكيل العارضات. دانييل مكن اصدقاءه في التلفزيون من مواصلة الانشغال بقضايا الهراء، وأن لا ينشغلوا اكثر من اللازم بالمواضيع الاكثر مصيرية. وهو ايضا مكن المشاهدين من العيش في روتين لطيف وحرف الانظار عما يحدث في الساحة الخلفية، المظلمة والوحشية.

كل شيء على ما يرام، قال لنا. وفي كل مرة اضاف بأنه يجب علينا الضرب اكثر. هجوم بربري واحد تلو الآخر. ودانييل كان هناك من اجل أن يشرح بأن الامر غير فظيع وأنه لا يوجد لنا خيار وأنه يجب فعل المزيد.

يجب علينا فقط تخيل كيف كانت اسرائيل ستكون لو أنه في قناتها الرئيسية كان يجلس محلل عسكري لا يحميها من الحقيقة، بل يقوم بتقديم تقارير حقيقية. ومحلل عسكري يروي كيف أن المظليين حقا قتلوا في يوم الجمعة الماضي محمد التميمي، الفتى ابن 17 ومتظاهر غير مسلح، وأنهم اطلقوا ثلاث رصاصات حية على الجزء العلوي من جسمه دون أن يعرض حياة أي أحد للخطر.

تخيلوا محلل عسكري يبلغ كيف أن قناصة الجيش الاسرائيلي قتلوا اكثر من 200 متظاهر غير مسلح على الجدار في قطاع غزة. وكيف أنه في كل اسبوع يقتل اشخاص في الضفة، الذين يمكن بسهولة اعتقالهم بدلا من قتلهم. وكيف أن الجيش الاسرائيلي ينفذ اعتقالات سياسية في كل ليلة وكيف يهدم حياة ملايين الاشخاص.

يجب فقط الابلاغ، حتى عدم طرح الموقف. ولكن دانييل اعتقد أنه محظور الابلاغ عن هذه الامور. فهذا يمكن أن يمس بقدس الاقداس. وهذا ممنوع حسب ميثاق الشرف الصحفي الذي اخترعه لنفسه، الذي يسمونه في اسرائيل الصهيونية، الوطنية وملح الارض. 

دانييل لم يكن مدفوع بكراهية العرب. وربما ايضا ليس بحب الحروب، رغم أنه اشعل الحروب بدون توقف. لقد كان لدانييل شيء مقدس وهو الجيش الاسرائيلي. عندما قال إنه “من غير المعقول أن ينهي فتى رشق الحجارة على الجيش الاسرائيلي الحادثة وهو يسير على قدميه”، هو لم يقل ذلك بدافع السادية، رغم أن المعنى هو سادية بشكل مخيف إلا أنه كان ينبع من قلقه على بؤبؤ عينه، الجندي المقدس الذي يحتمل أن يخدش بسبب الحجر.

الاسرائيليون أحبوا ذلك، أحبوه جدا. ايضا المراسلون أحبوا ذلك. لقد اعفانا جميعنا من أي مسؤولية اخلاقية. روني دانييل قدم لنا خدمة من ذهب. فقد سمح لاسرائيل باطلاق النار حتى دون أن تبكي. لذلك، هي تبكي الآن على موته. 

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى