ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم جدعون ليفي – بيروت مدمرة، فجأة، اسرائيل مصابة بصدمة

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – 6/8/2020

المناظر التي شاهدناها أول أمس هي المناظر التي هددت اسرائيل بها قبل اسبوع اذا تجرأ حزب الله على الانتقام لقتل أحد نشطائه. وفجأة أصبحنا رحيمين وبلدية تل ابيب لونت مبناها بألوان لبنان “.

اسرائيل الرسمية ارتدت أمس قناع الحزن ازاء الكارثة التي حلت بجارتها لبنان. تقريبا الجميع “مصابون بالصدمة” باستثناء ريتشارد سلبرستاين، صاحب موقع “اصلاح العالم”. لا أحد اتهم اسرائيل بالتسبب بالكارثة. وباستثناء موشيه فايغلين وعدد من العنصريين الآخرين لم يعبر أي شخص عن سروره الشيطاني. ولحسن الحظ سارع آفي بنيهو الى انقاذ شرف اسرائيل وطرد فايغلين من بين الشعب اليهودي: “مع اقوال كهذه أنت لا تنتمي للشعب اليهودي”، قال رجل الاخلاق اليهودي بنيهو، وأزيلت الوصمة.

بنيهو كان محقا: دولة اليهود لم تتسبب في أي يوم بكوارث كهذه. وبسقوط اعدائها لم يفرح قلبها في أي يوم. حتى الجيش الاسرائيلي، جيش اليهود الذي كان بنيهو المتحدث بلسانه، لم يتسبب بدمار وخراب كهذا في أي يوم من الايام، وبالتأكيد ليس في لبنان، وبصورة مؤكدة ليس في بيروت. ما علاقة الجيش الاسرائيلي بتدمير البنى التحتية؟ تفجير ميناء في بيروت؟ ما علاقة الجيش الاكثر اخلاقية في العالم بقصف التجمعات السكانية؟ لذلك، سارع ايضا رؤساء الدولة الى عرض مساعدة لبلاد الارز المنكوبة، ببادرة حسن نية يهودية واسرائيلية مميزة جدا – انسانية وسامية ومؤثرة الى درجة ذرف الدموع. صحيح أن سلاح الجو يهزأ بسيادة لبنان ويحلق في سمائه وكأنه بلاده، وصحيح أن اسرائيل دمرته مرتين، لكن من يقوم بالاحصاء. رئيس الدولة نشر بيان مواساة للشعب اللبناني. ورئيس الحكومة ووزير الخارجية ووزير الدفاع “اعطوا توجيهاتهم للتوجه الى لبنان وعرض المساعدة الانسانية والطبية عليه”. واذا كان كل هذا الخير غير كاف، جاء رئيس بلدية تل ابيب وأمر باضاءة مبنى البلدية بألوان علم لبنان.

الكلمات تتكرر. كل كراهية الماضي وضعت جانبا. واسرائيل الآن هي صديقة في وقت الضيق لجارتها الحزينة. ربما كان هذا 15 آب، عيد الحب الذي بدأ أمس، وربما أن اسرائيل هي هكذا دائما: تعالج مصابين سوريين وتشاطر اللبنانيون في حزنهم. ولكن شيء ما في الذاكرة يطاردنا رغم ذلك، الذي هدد بتعطيل احتفال كم كنا جميلين، الذي الجميع يحبون الاستناد اليه.

ألم يكن هذا هو نفس وزير الدفاع الذي هدد في الاسبوع الماضي لبنان بتدمير البنى التحتية فيه؟ هل رئيس الحكومة لم يهدد لبنان ايضا؟ وكيف سيبدو تدمير البنى التحتية في لبنان؟ بالضبط مثلما ظهر أول أمس في بيروت. اصوات رعد تهز المدينة، دخان اسود تصاعد فوقها، دمار وخراب، دماء مدنية سفكت، أربعة آلاف مصاب يقفون على مداخل المستشفيات، مثلما وصفت ذلك بدهشة سفيرة دولة اوروبية في بيروت، خدمت في السابق في اسرائيل، التي اصيبت أول أمس في الانفجار وكانت مصدومة.

نصف اسرائيل وكل هيئة الاركان يعرفون كيف يرددون عقيدة الضاحية المبجلة. كل سياسي ثاني يهدد بها. هذه هي لغتنا مع لبنان ومع غزة. هذه هي العقيدة التي وضعها كارل فون كلاوزوفيتش الاسرائيلي، غادي آيزنكوت، الامل المناوب لليسار الاسرائيلي، اثناء خدمته كقائد للمنطقة الشمالية. وما هي هذه “العقيدة” المتطورة؟ استخدام قوة غير متناسبة ضد بنى تحتية مدنية وزرع الخراب وسفك دماء كثيرة بقدر الامكان بدون كوابح و”تسطيح” من اجل تعليم العدو درس “مرة والى الأبد”. الجيش الاسرائيلي حاول ذلك في السابق اكثر من مرة، في لبنان وفي غزة. وكان ذلك قصة النجاح المدوية. هذا يبدو بالضبط مثلما بدت بيروت أول أمس.

لم يمر اسبوع على تهديد اسرائيل بهدم بنى تحتية في لبنان اذا تجرأ حزب الله على الانتقام لقتل احد مقاتليه في عملية عسكرية محدودة على الحدود، واسرائيل المدمرة تحولت مرة واحدة الى اسرائيل الرحيمة. هل كنتم ستقبلون مساعدة انسانية من دولة كهذه؟ هل هناك مشهد نفاق اكثر مرارة من هذا؟ عندما دمرت اسرائيل حي الضاحية واحياء اخرى في بيروت، مبنى بلدية تل ابيب لم يتم تلوينه بألوان علم لبنان. وعندما قتلت اسرائيل آلاف النساء والاطفال والشيوخ والشباب، الابرياء في غزة، في عملية “الرصاص المصبوب” وفي عملية “الجرف الصامد” الاجرامية لم يتم تلوين مبنى البلدية بألوان فلسطين. ولكن أمس اصبحنا جميعنا انسانيين جدا، جميعنا لبنانيون للحظة، حتى الضاحية القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى