ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم جدعون ليفي – اسمحوا لنا باسقاط طفل تتدفق منه الدماء

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 8/3/2020

حسب الكاريزما اختار القناصة ضحاياهم بحرص. وضبط النفس يخجل القناصة، لكن خجلنا هو هم وقادتهم والجيش الذي أمرهم باطلاق النار على المتظاهرين وكأنهم أوز تجاوز الخط “.

إنهم من أفضل أبنائنا. أحدهم (موسيقي من ثانوية جيدة) والآخر (من الكشافة، خريج تخصص المسرح)، هم قناصة اطلقوا النار على آلاف المتظاهرين غير المسلحين قرب الجدار. في غزة يوجد الآن 8 آلاف شاب معاق من صنع أيدينا. عدد منهم بترت ارجلهم، وأبناءنا يتفاخرون بذلك.

لا أحد من القناصة الذين تحدثوا في البرنامج المخيف لهيلو غلزار (ملحق “هآرتس” أول أمس) نادم على أي شيء. اذا كان نادما فهو فقط لأنهم لم يسفكوا المزيد من الدماء. وقد تندروا على أحدهم في الكتيبة وقالوا “ها قد جاء القاتل”. جميعهم يتصرفون كقتلة.

اذا كانت افعالهم لا تدل على ذلك – اكثر من 200 قتيل على أيديهم – تأتي اقوالهم وتثبت أنهم فقدوا كل معيار للاخلاق. هم ضائعون. هم سيتعلمون في الجامعات وسيشقون حياتهم المهنية وينشئون عائلة، لكنهم لن يستيقظوا في أي يوم من العمى. ضحاياهم تحولوا الى اشخاص معاقين، لكن هم انفسهم معاقون بصورة أشد.

نفوسهم تشوهت تماما. هم لن يكونوا في أي يوم اشخاص اخلاقيون، هم خطيرون على المجتمع. لقد فقدوا الانسانية، هذا اذا كانت لديهم انسانية، على تلال اطلاق النار التي تقع قبالة قطاع غزة. هم أولاد اصدقاءنا وهم اصدقاء أولادنا. وهم شباب الشقة التي توجد مقابل شقتنا. انظروا كيف يتحدثون.

احاديث المقاتلين التي كانت ذات يوم تحولت الآن الى احاديث لجزارين. ربما وفرنا على انفسنا التظاهر بالورع، لكن لا يمكن أن لا ننصدم من الدرك الاسفل الذي وصلنا اليه. لقد قاموا باحصاء عدد الارجل التي اصابوها. “لقد اصبت 7 – 8 في اليوم. وخلال بضع ساعات تقريبا حطمت الرقم القياسي”. وهو حسب تقديري اصاب 28 رُكبة.

لقد قاموا بقنص شباب وفتيان غير مسلحين حاولوا عبثا النضال من اجل حريتهم. وهو أمر لا يوجد ما هو أكثر عدالة منه. “السيناريو الثابت هو أن تصيب وتكسر العظام، وخلال لحظة تأتي سيارة اسعاف لاخلاء المصاب، وبعد اسبوع يحصل على مخصصات العجز”. هل هذا غير كاف؟. “لقد كنت احاول التصويب نحو مكان سمين، منطقة العضلات”. هل هذا غير كاف؟. “واذا اخطأت واصبت شريان رئيسي في الركبة بدل الكاحل أو أنك تعمدت أن تخطيء أو أنك لا يجب أن تكون قناص. فهناك عدد قليل من القناصين يختارون أن يخطئوا”.

لقد عرفوا من الذي يقف امامهم. وهم حتى لا يسمون ضحاياهم “ارهابيين”، بل فقط “محرضين”. وأحدهم قارنهم مع اعضاء حركة شبيبة. “حتى اذا كنت لا تتذكر كيفية ربط الرباطات، فأنت يمكن أن تعرف حسب الشخصية من هو المدرب ومن هو المتدرب”. حسب الشخصية اختاروا ضحاياهم بحرص القناصة. “هالة القيادة حسمت مصير الشباب والعيش مع اعاقة في قفص غزة”.

ولكنهم لم يكتفوا بذلك. فقد تحولوا الى متعطشين للدماء، مثلما فقط شباب تم تحريضهم يمكنهم أن يكونوا. لقد أرادوا المزيد من الدماء. ليس مجرد دماء، بل دماء طفل. ليس مجرد دماء طفل، بل امام انظار عائلته. اسمحوا لي لمرة واحدة باسقاط طفل إبن 16 أو حتى إبن 14، لكن لا يحمل كرة. اسمحوا لي بتفجير رأسه أمام أبناء عائلته وأبناء قريته وأن تتدفق الدماء منه. وعندها ربما خلال شهر لن احتاج الى اسقاط 20 رُكبة اخرى. إن دماء رأس الطفل أرادوها فقط كي يوفروا على انفسهم اسقاط 20 رُكبة اخرى. اعمار ضحاياهم حددوها حسب القمصان. فالبالغين يغلقون الأزرار، والاطفال يلبسون الفانيلات.

لم يتم تقديم أحد للمحاكمة. هذا خطأ. فمن اطلق النار على شاه حكم بسبعة ايام سجن. جنود الجيش الاكثر اخلاقية في العالم لا يطلقون النار على الاغنام، مع 200 قتيل و8 آلاف مصاب، يعتقدون أن “ضبط النفس وصل الى درجة الخجل”. هذا خجلهم. وخجلنا هو هم. هم وقادتهم. هم والجيش الاسرائيلي الذي أمرهم باطلاق النار على المتظاهرين مثلما يطلقون النار على “الأوز الذي اجتاز الخط”، وهذا ايضا حسب لغتهم.

إن من يطلق النار على الأوز ليس قناصا، بل صيادا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى