ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – أنت وأنا والحرب الماضية

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – 13/12/2021

“اسرائيل تخفي ماضيها من اجل تبرير واقعها. لأن الجزء المظلم في ماضيها لم ينته في العام 1948 ولم يكف عن الوجود في أي يوم “.

مقال هيئة التحرير في صحيفة “هآرتس” يدعو اليوم لفتح الارشيفات وكشف كل الحقيقة عما حدث هنا في 1948، بما في ذلك كل المذابح وجرائم الحرب التي ارتكبها جنود الجيش الاسرائيلي في 1948. بالطبع لا توجد مطالبة محقة أكثر من هذه. مع مرور 73 سنة مسموح لمواطني الدولة أن يعرفوا كل شيء عما تم فعله باسمهم في الحرب الاولى لبلادهم. مسموح ايضا لضحايا هذه الحرب معرفة كل شيء فيما يتعلق بالصعوبات التي مرت بها عائلاتهم والجرائم التي ارتكبت بحقهم. دولة تتفاخر بماضيها لا تقوم باخفائه. فقط دولة تخجل مما فعلته تقوم باخفائه. اسرائيل التي تخفي ماضيها هي دولة تعرف في اعماقها أن ولادتها العادلة جاءت بخطأ كبير وعميق. 

في اعقاب مقال أدام راز الصادم في ملحق “هآرتس” أول أمس، الذي كشف عن مذابح وصلت الى طاولة الحكومة وتم اخفاءها منذ ذلك الحين دون أن يحصل أي مجرم على عقابه المناسب، حقا حان الوقت للنظر في عين الحقيقة ومواجهة تداعياتها واستخلاص دروسها. مقال هيئة التحرير على قناعة بأنه عند الكشف عن الحقيقة سيجري في البلاد نقاش عام حاد. ولكنه مخطيء.

اسرائيل فاتها هذا القطار منذ زمن. فتح الارشيفات وكشف الحقيقة لن يزيد ولن ينقص أي شيء. عملية التجاهل والانكار ومحو الواقع واستبداله بواقع آخر واختراع مبررات لكل ظلم ونشر الاكاذيب والدعاية الكاذبة التي بدأت فورا بعد الحرب ولم تنته حتى الآن، نجحت بشكل يتجاوز ما هو متوقع. باب الحقيقة اغلق امام الاسرائيليين. معظمهم لا يرون في الفلسطينيين بشر مثلهم، لذلك كل شيء مسموح به لدولتهم. تحدثوا الآن عن مذابح، ومعظمهم سيهزون اكتافهم بالنفي.  فقط “هآرتس” ستوافق على نشر قصة هذه الاعمال، وقلائل سيصدمون؛ “تطهريون”، هكذا سيسمون باستهزاء. الاغلبية الساحقة ستتمسك بالحقيقة التي تم ترديدها على مسامعها، لم يكن هناك خيار، لا نريد التفكير بما كان سيحدث في الحالة المعاكسة، لقد كنا قلة امام كثرة، العرب هم الذين بدأوا، هم لم يوافقوا على خطة التقسيم، وبالطبع لم لا، الكارثة. وكل قصة عن مذبحة، مهما كانت بربرية، لن تحرك أي شيء. اسرائيل تحصنت في روايتها، ولن يستطيع أي أحد صدعها. نقاش عام حاد؟ بل تثاؤب عام حاد.

ليس بالصدفة أن اسرائيل وجدت نفسها في هذا الوضع. ليس ماضيها هو الذي يطاردها، وليس ماضيها هو الذي تقوم بنفيه. اسرائيل تقوم باخفاء ماضيها من اجل تبرير واقعها. الجانب المظلم في ماضيها لم ينته في 1948، هو لم يكف عن الوجود في أي يوم. الاسلوب تغير والابعاد تغيرت، لكن السياسة التي تم اتباعها والمعايير الاخلاقية والنظرة للعرب لم تتغير أبدا. اذا اعترفنا بالمذبحة في الحولة في 1948 فسنضطر الى الاعتراف ايضا بجريمة قتل المتظاهر التاسع في قرية بيتا أول أمس. اذا اعترفنا بأننا طمسنا واخفينا ما يتعلق بمذبحة البرج في 1948 فاننا سنضطر ايضا الى الاعتراف بأننا كذبنا فيما يتعلق بتبرير اعدام من حمل السكين في باب العامود في يوم السبت الماضي. 

اسرائيل تفضل مواصلة تغطية اعمال الهدم والقتل بزرع المزيد من غابات الكيرن كييمت، التي استهدفت ضمان أن لا ترفع الحقيقة رأسها وتنظر فجأة من وراء اشجار الصنوبر. سيكون من الصعب مواجهتها بعد كل هذه السنين التي قالوا لنا فيها بأننا دائما على حق، وأننا الضحية، وأنه يوجد لدينا الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، وأننا كنا اقلية امام اكثرية، وأن العرب ولدوا كي يقتلوا. 

لو أن العام 1948 انتهى في 1948 وجرائمه انتهت في حينه، عندها لم تكن لتكون هناك أي مشكلة للاعتراف الآن بالحقيقة، والأسف والاعتذار، وحتى التعويض عنها. ولكن عندما العام 1948 لا ينتهي وكا فعلناه في حينه ضد الفلسطينيين نستمر في فعله ضدهم الآن، فقط بصورة أشد، عندها من الممنوع الانفعال مما حدث في حينه كي لا يهز هذا الامر الثقة بما نرتكبه الآن. لذلك، يا مقال هيئة التحرير العزيز، آلية الطمس والتبرير ستغطي على كل كشف من 1948. هناك لن يثور نقاش عام. رجاء، لا تزعجونا، نحن نواصل نفس الجرائم أو اشباهها. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى