ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – ما هو تفسير هذا الكرم المفاجيء للسيسي تجاه المعتقلين السياسيين

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 26/10/2020

ربما أن اطلاق سراح احد منتقدي النظام في مصر، الساخر المصري أبو زيد، بعد سنتين بدون محاكمة مرتبط بالانتخابات في الولايات المتحدة “.

“هل حسب رأيك يوجد كائنات فضائية على الكرة الارضية؟”، سأل شادي أبو زيد امرأة مصرية محجبة. “بالتأكيد يوجد”، اجاب. “هل رأيتيها؟”، “لا، ليس هنا في مصر، لكنها توجد في امريكا وفي اوروبا”. هل حسب رأيك هم بامكانهم تخريب الدولة؟ بالتأكيد. الشخص الآخر  الذي اجرى معه مقابلة مقتنع بأنه لا يوجد كائنات فضائية هبطت في مصر: “لا يمكن أن يكون ذلك، حيث أن مصر مذكورة في القرآن”، اجاب بشكل قاطع. أبو زيد كرر السؤال وسأل: “هل من الممكن أن كائنات فضائية كهذه يمكنها أن تضر الانسان؟ بالشباب؟”، اجاب “بالتأكيد، هي يمكن أن تغريهم بالاموال والهدايا وفي النهاية تأخذهم الى أحد الكواكب.

منذ العام 2015 وأبو زيد يستخدم خياله ومؤهلاته الساخرة من اجل أن يطلق سهامه الى المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مصر. إن اساس نجاحه المهني الساخر طوره من خلال برنامج “أبله فهيتا” الذي في اساسه يوجد شخصية كاريكاتورية والتي تفحص الواقع في مصر؛ ابو زيد يعمل مراسل، يتم ارساله لتغطية الاحداث والرد عليها بطريقته الجدية المليئة بالسخرية. هو يمتنع عن التعامل بالسياسة مباشرة خوفا من أن يعتقل، ولكن عن طريق السخرية نجح في أن يضع مرآة مقعرة امام النظام وتحول الى مدون في يوتيوب الذي يتابعه ملايين من المشاهدين.

في العام 2016، في يوم الشرطي، اليوم الذي يصادف  بداية مظاهرات الربيع العربي في مصر، تجاوز “حدود المسموح به”، حين وزع مع عدد من اصدقائه بالونات تم نفخها من واقيات ذكرية وكتب عليها “الشباب يحبون النظام”. اكثر من 1.4 مليون من المتابعين شاهدوا الفيلم يوم نشره. الاحتجاج ضده لم يتأخر، ولكن أبو زيد لم يحكم عليه ولكنه وافق على الاعتذار.

الاعتذار لم ينه القضية بينه وبين الشرطة  بشكل خاص ومع النظام بشكل عام. في شهر ايار اعتقل ابو زيد ونقل سرا الى مركز شرطة قرب القاهرة للتحقيق معه مطولا. في السنتين التاليتين مكث في المعتقل بدون محاكمة بتهمة الانتماء لتنظيم معاد ونشر امور كاذبة – هي اتهامات معتادة يستخدمها النظام ضد منتقديه والتي بحسبها اعتقل أو حوكم عشرات آلاف المواطنين.

حسب تقديرات منظمات حقوق الانسان فانه يتواجد في المعتقلات والسجون في مصر اليوم اكثر من 60 ألف شخص، وهو رقم تنفيه الشرطة بادعاء أن هؤلاء مجرمين عاديين أو ارهابيين. فقط في الاسبوع الماضي اطلق سراح أبو زيد من المعتقل، وليس من الواضح اذا كان سيقدم للمحاكمة أم لا. اطلاق سراحه كان مفاجئا حيث أن القانون يسمح باعتقال الشخص بدون محاكمة حتى فترة سنتين، ولكن ليس هناك عائق امام تمديد الاعتقال حسب الحاجة.

ونظرا لأن النظام لا يفسر قراراته، خاصة فيما يتعلق بالمعتقلين، فان اطلاق سراح ابو زيد طرح فورا تخمينات تقول ان السيسي ربما بدأ بالتأثر من الضغط الدولي الممارس على مصر من اجل اطلاق سراح سجناء وتخفيف ملاحقة الخصوم والمعارضين السياسيين. في الاسبوع الماضي ارسل 200 من اعضاء البرلمان من دول اوروبا رسالة الى الرئيس مطالبين باطلاق سراح سجناء الضمير. 56 عضو كونغرس امريكي ارسلوا رسالة مشابهة. عرائض ورسائل مطالبة لمنظمات حقوق المواطن الدولية ونشطاء مصريين يتم القاءها في سلة القمامة بشكل عام، ولكن عندما يرفع اعضاء كونغرس امريكيين صوتهم يمكن أن تأخذ القصة اتجاه آخر.

السيسي الذي ينتظر بفارغ الصبر نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة يفهم بأنه ربما أن يكون صديقه المقرب دونالد ترامب (الذي وصف السيسي بـ “الديكتاتور المحبب عليه”) سيفقد مكانه في البيت الابيض. من اجل استقبال جو بايدن من المفضل له أن يعرض بعض التصرفات اللطيفة مع المعتقلين الذين يضايقون “الاشخاص الطيبين” الامريكيين والاوروبيين. اذا كان حقا هذا هو السبب الذي من اجله يظهر النظام كرم تجاه معتقلين سياسيين من بينها اطلاق سراح صحفيتين متهمتين بنشاط ضد النظام بسبب انتقاد نشرتاه في تويتر وفيس بوك، يوجد سبب للتفاؤل الحذر.

الاحتمالية الاخرى التي بحسبها سعة صدر السيسي تجاه المعتقلين تنبع من رغبته في ارضاء الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي بدأت في نهاية الاسبوع وستستمر حتى بداية تشرين الثاني، غير واردة على الاطلاق. على الرغم من ان اكثر من 4 آلاف مرشح يتنافسون على 568 مقعد في البرلمان (من بين 596. الباقي يعينهم الرئيس نفسه) فان الانتخابات تعتبر عملية خداع التي نتائجها معروفة مسبقا. اذا كان قد شارك في الانتخابات التي جرت في 2012، للمرة الاولى منذ عزل حسني مبارك وثورة الربيع العربي حوالي 52 في المئة من مجمل اصحاب حق الاقتراع، فانه بعد ثلاث سنوات من ذلك هبطت نسبة المصوتين الى حوالي 10 – 12 في المئة (28 في المئة حسب البيانات الرسمية) وهذا العام هذا الرقم من المتوقع أن يهبط اكثر.

الثقة بالبرلمان معدومة، حزب السلطة سيواصل كونه واجهة عرض لعملية ديمقراطية مشكوك فيها التي فعليا ستعطي النظام دعم قانوني لقراراته. حتى حركات المعارضة قررت التنافس في هذه الانتخابات وعدم مقاطعتها، فقط من اجل أن تستطيع أن تواصل وجودها. السيسي غير مهدد من جمهور الناخبين، خوفه هو من رد حركات الاحتجاج التي تعرف كيف تثير الشارع، ومن “وسائل اعلام معادية” التي تعمل في ارجاء الشبكات الاجتماعية. اطلاق سراح معتقلين هو ورقة مساومة سياساتية وليس سياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى