ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – لقد صوروا له القصف

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 15/11/2021

” جميع القصور الفاخرة والمبذرة لاردوغان تم تصويرها من الخارج ومن الداخل ونشرت الصور في مواقع حكومية. ولم يتم تقديم أي احد للمحاكمة على ذلك “.

لا ريب في أن نتالي وموردي اوكنين هما جاسوسان ذكيان. فقد اجتازا تدريب طويل في الموساد وتعلما استخدام الكاميرا المحمولة والحبر السري الذي تم اخفاءه في قلم احمر شفاه نتالي. تصوير بيت رجل اردوغان كان يمكن أن يكون مهمتهما الاخيرة قبل تعيينها مديرة “تيفل”. موردي مرشح ليحل محل احد رؤساء الاقسام الذين سيتقاعدون من الموساد في اعقاب اعادة التنظيم للجهاز الذي يقوم به رئيس الموساد. ولكن مرة اخرى تبين أن اجهزة المخابرات التركية اكثر نجاعة مما تم توقعه منها. فقد تم القاء القبض عليهما والتحقيق معهما، وتم احباط المؤامرة.

خطأ صغير، لكنه مصيري، كشف نواياهما. “هذا هو بيت اردوغان”، كتبت نتالي في الواتس اب الذي ارسلته لمشغلها في الموساد. ولكن بدلا من ارسال البيان على الخاص، نشرته في المجموعة العائلية الكبيرة لها. 

اعتقال الزوجين لم يفاجيء مواطني تركيا. كل متصفح للشبكات الاجتماعية يعرف أنه يجب عدم استخدام كلمة “اردوغان” في المراسلات الالكترونية. هذا المفهوم يوقظ على الفور حواسيب الرقابة للمخابرات والشرطة، ربما حتى اكثر من مفهوم “داعش”. في الشهر الماضي، على سبيل المثال، تمت محاكمة متصفح في الفيس بوك لأنه كتب “اردوغان هو يهودي بغطاء اسلامي”. في البداية حكم عليه عشرة اشهر سجن وعشرين يوم. ولكن هذه العقوبة تم تخفيضها الى غرامة بمبلغ 720 دولار. من العام 2014 وحتى 2019 قدمت دعاوى قضائية ضد 129 ألف شخص من مستخدمي الانترنت بتهمة “اهانة الرئيس التركي”. اهانة الرئيس هي مخالفة عقوبتها تصل الى اربع سنوات سجن، وبناء على تعليمات الحكومة الصادرة في شهر آب الماضي، فان الطلاب الذين ادينوا بها سيتم طردهم من السكن الجامعي.

الزوجان اوكنين لم يقوما باهانة اردوغان، لكن كان يكفي ذكر اسمه من اجل اثارة شكوك النادل، الذي بدوره سارع الى ابلاغ الشرطة. المشكلة الحقيقية التي اثارت الاشتباه بالتجسس هي تصوير بيته.

من غير الواضح أي بيت تم تصويره. فهناك لاردوغان بيت في حي اوسكودار في اسطنبول. الفيلا العائلية اثارت عاصفة في السابق في 2010 عندما اتهم رئيس المعارضة اردوغان بأنها كلفت دافع الضرائب 9 ملايين دولار وتم فيها تركيب حنفيات مطلية بالذهب. جار اردوغان، رجل الاعمال جهاد دوندار، نفى هذه الاتهامات ودعا رئيس المعارضة لزيارة بيته “الذي بني بنفس المواد بالضبط والذي لا توجد فيه حنفيات مذهبة”. بعد مرور ست سنوات على ذلك كان هذا الحي مركز لهجوم معارضي اردوغان، الذين حاولوا القيام هناك بانقلاب عسكري. في حينه قتل هناك 15 شخص على الاقل. اردوغان اعتاد على المكوث في الفيلا بين حين وآخر. وفي 2019 تم تصويره قرب عربة تسوق وهو يشتري من السوبرماركت في الحي ويختار بالتحديد البسكويت من انتاج تركي لرجل اعمال مقرب منه. في حينه لم يعتقل أي احد بتهمة التجسس المصور في وكالة الانباء الحكومية “الاناضول”.

المقر الرئاسي الرسمي في اسطنبول هو قصر يلديز المجاور لقصر دولماباتشا الذي يقع على شاطيء البوسفور والذي بناه السلطان العثماني عبد الحميد. في 2015 نقل القصر لاستخدام الرئيس رغم معارضة حركات جودة البيئة التي قالت بأن كل المنطقة هي محمية طبيعية. بعد ذلك قام اردوغان ببناء عدة قصور اخرى بتكلفة مئات ملايين الدولارات وتحولت الى رمز لغروره وتبذيره. وهذه ادعاءات قام بنفيها بالقول: “لا يوجد توفير في كل ما يتعلق بكرامة ومكانة تركيا”.

ربما أن قصر الرئاسة في انقرة، “القصر الابيض”، والذي بني في 2014 رغم أمر المنع الصادر عن المحكمة، والذي هو بتكلفة 650 مليون دولار، هو العرض المعماري الاكثر اغضابا، وهو يواصل اثارة الخلافات في اوساط الجمهور. ولكنه ليس الوحيد. في تموز نشر المهندس المعماري الذي خطط المقر الصيفي لاردوغان في شمال مرمريس صور القصر الذي تم استكمال بناءه قبل سنتين تقريبا. المواطنون في تركيا شاهدوا في حينه للمرة الاولى حجم فخامة وترف القصر، الذي بني على خليج خاص، بتكلفة 74 مليون دولار. نشر الصور في الوقت الذي كانت ما تزال فيه تركيا غارقة في ازمة اقتصادية شديدة، وعلى خلفية التوجه للجمهور من قبل السيدة الاولى امينة اردوغان وطلبها منه تقليل وجبات الطعام من اجل التوفير، هذا اغضب الجمهور. الوقاحة الرئاسية تلقت سيل من الادانات في الشبكات الاجتماعية. وبعد سنة، في آب 2020، دشن اردوغان قصر رئاسي جديد قرب بحيرة فان في شرق تركيا. حسب التقارير دفع مواطنو تركيا حوالي 16 مليون دولار لما اعتبر “قصر ضيافة لرجال الدولة”. وفي 2021 خصص له 13 مليون دولار لشراء معدات وارض لمنشآت الاستجمام. 

كل هذه القصور تم تصويرها من الخارج ومن الداخل. وقد نشرت الصور في مواقع حكومية، وفي بعضها يمكن الزيارة بناء على تنسيق مسبق. حتى الآن لم يقدم أي احد للمحاكمة على نشر الصور.

اعتقال اجانب ليس ظاهرة نادرة في تركيا. ففي السنة الاخيرة اعتقل عشرات من الروس والامريكيين والبريطانيين ونسبت اليهم كل انواع الجرائم، مثل التجسس وارتباط مع داعش وتأييد الواعظ الديني فتح الله غولن أو دعم حزب العمال الكردي الذي يعتبر منظمة ارهابية. ربما أن قضية الزوجين اوكنين هي نتيجة حماس وتصميم زائد في اوساط رجال الامن في تركيا التي خرجت عن السيطرة. والسؤال هو ما هو ارتفاع الشجرة التي يريد اردوغان أن يتسلقها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى