ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – لا يجب ازعاج لبنان في القيلولة

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 20/12/2021

ساحة الصحافة ليست سوى انعكاس للصراع السياسي المشتعل في لبنان قبل الانتخابات التي ستجرى في موعد غير معروف في الربيع القادم “.

لقد كانت ساعة راحة للصحافي اللبناني، اياد القصيفي. وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، قرر منحه هو وعدد من الصحافيين الآخرين جائزة مكافحة الفساد في اطار مؤتمر قمة الديمقراطية الدولي الذي نظمه الرئيس الامريكي، جو بايدن، قبل عشرة ايام. القصيفي يعمل في قناة التلفزيون الخاصة “الجديد”. وقد كان هذا الشرف من نصيبه بسبب تحقيقاته الكثيرة، بالاساس الكشف عن القرارات التي ادت الى الانفجار الضخم في ميناء بيروت في آب 2020. مثل غيره من الصحافيين الآخرين منذ النشر فان القصيفي يتعرض للتهديد، وحتى أنه في شهر ايلول تم تحطيم زجاج سيارته. ولكن هو وزوجته، الصحافية جوزفين ديب، لم يتراجعا. “أنا الذي أطرق الباب”، اقتبس وولتر في فيلم “خارق الصفوف” وهو يتحدث مع زوجته التي كانت تخاف من أن يأتي شخص ذات يوم ويطرق بابهم ويطلق النار.

لكن في لبنان الطرق على باب صحافي لم يعد يخيف سكان البيت. فنظام الفساد اقوى من أي كشف أو افشاء، لا سيما بعد عدم بقاء الكثير من الصحافيين المستعدين للمخاطرة بحياتهم من اجل هدف لا جدوى منه مثل استئصال الفساد. صحف جيدة ومهنية مثل صحيفة “السفير” و”الحدث” ومؤخرا ايضا “ديلي نيوز”، وهي الصحيفة الاقدم باللغة الانجليزية، ماتت. صحيفة “النهار” قلصت في السنوات الاخيرة اكثر من 150 مكان عمل لصحافيين. ومعظم الصحف، منها صحيفة “المستقبل” وهي صحيفة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قامت بالغاء الاعداد المطبوعة وانتقلت الى الانترنت. وهذا ما فعلته قنوات التلفاز التي تجد صعوبة في مواجهة الشبكات الاجتماعية والتقليص الكبير في حجم الاعلانات.

هناك صحافيون لم يتسلموا رواتبهم منذ اشهر. “ذات يوم كان يمكن للصحافي أن يحصل على ثلاثة آلاف دولار، الآن ومع انخفاض سعر الليرة اللبنانية هو يحصل على 200 دولار”، قال صحافي. وحسب قوله فان الصحافيين في وسائل الاعلام غير الحزبية يضطرون الى العمل في عدة اماكن أو تلقي الرشوة من سياسيين ورجال اعمال مقابل مقالات ايجابية عنهم.

نظريا، وسائل الاعلام اللبنانية منظمة في نقابتين مهنيتين، الاولى لاصحاب الصحف والثانية للمحررين والصحافيين. ولكن 75 في المئة ممن يعملون في هذه المهنة ليسوا اعضاء في هذه النقابات بسبب أنها امتداد للحكومة اكثر مما هي منظمات للدفاع عن العاملين. في هذا الشهر جرت انتخابات لنقابة المحررين والصحافيين. ومرة اخرى تم اختيار الصحافي المخضرم جوزيف القصيفي، المعروف بخدماته الجيدة التي يقدمها لاصحاب رؤوس الاموال والقوى السياسية.

في هذه السنة تقف امامه مبادرة جديدة لصحافيين غير راضين. هؤلاء اقاموا جسم واطلقوا عليه “نقابة الصحافيين البديلة”، التي يشارك في عضويتها صحافيون شباب محاربون يريدون اجراء اصلاحات بعيدة المدى في نقابة الصحافيين الرسمية. ولكن عضويتهم في هذه النقابة تم رفضها لاسباب مختلفة. القصيفي قام بنضال قانوني ضدهم، وباسم نقابته قدم دعوى للمحكمة. في هذه الدعوى طلب منع الصحافيين، اعضاء النقابة البديلة ومنظمتهم، من نشر المقالات في أي وسيلة اعلام لبنانية وتغريم المخالفين بـ 65 ألف دولار على كل خرق. الشبكات الاجتماعية انفجرت ضاحكة واستخفت برئيس النقابة الذي يحارب الصحافيين و”يهز الذيل” للزعماء.

ساحة الصحافة ليست سوى انعكاس للصراع السياسي المشتعل في لبنان قبل الانتخابات التي ستجرى في شهر، من غير الواضح أي شهر. الرئيس اللبناني ميشيل عون أمر باجرائها في الربيع، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعلن بأنها ستجرى في 27 آذار مثلما قرر البرلمان. عون يسعى الى اجراء الانتخابات في شهر أيار “قبل انهاء البرلمان الحالي ولايته في 22 ايار”. يجب الاستعداد بشكل جيد، قال عون، ولن يحدث أي شيء اذا تم تأجيل الانتخابات لشهرين. لا يجب ازعاج لبنان اثناء القيلولة.

ميقاتي ومن يعارضون التأجيل يعتقدون أنه يمكن حدوث الكثير. مثلا، هذه فترة زمنية حيوية لصهر الرئيس، جبران باسيل، من اجل تمهيد الارضية لانتخابه كرئيس. البرلمان هو الذي ينتخب الرئيس، وباسيل وعون (88 سنة)، سيفعلان كل ما في استطاعتهما لضمان أن المرشحين الجدد “سيدركون” ما يجب عليهم فعله عند انتخابهم. اذا لم ينجحوا في هذه المهمة فعلى الاقل يمكنهم تقسيم البرلمان من اجل تأجيل الانتخابات الرئاسية، ويستمر عون في منصبه الى أن يتم التوصل الى اتفاق. لأن عون قال في السابق بأنه “أنا لن ابقي ورائي أي فراغ عند ذهابي”. أي أنه سيبقى في منصبه الى حين يتم الاتفاق على الرئيس الجديد. وحتى ذلك الحين ستمر اسابيع، اذا لم يكن أشهر.

حتى الانتخابات يمكن لباسيل وشركائه استخدام وسائل الاعلام المقربة منهم من اجل التعتيم على الخطاب المناويء لعون، بالاساس الانتقاد الشديد لصهره، وفتح حسابات مؤيدة له في تويتر والفيس بوك، وتطرح بيانات مفيدة. ليس عبثا أن رئيس البرلمان، نبيه بري، وعون قد سارعا الى تهنئة القصيفي بالفوز في انتخابات نقابة الصحافيين. وقد تمت دعوته للقاء في قصر الرئاسة. بعد اللقاء قال إنه طلب من الرئيس التصرف برأفة مع الصحافيين ومساعدتهم في الوضع الاقتصادي القاسي. “رأفة بالصحافيين؟”، قالوا بغضب في نقابة الصحافيين البديلة. “هو لا يرأف بالجمهور فلماذا سيرأف بالصحافيين؟”. والقلق الآن هو حول من هم الصحافيون الذين سيرأفون بالرئيس وصهره.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى