ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – في مسلسلات رمضان، يوجد مكان في الشاشة للتطبيع وابادة اسرائيل على حد سواء

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 1/5/2020

ثلاثة مسلسلات تلفزيونية يتم بثها حاليا تناقش سيناريوهات العلاقات مع اسرائيل. في أحد هذه المسلسلات يناقشون عقد صفقات تجارية مع اسرائيل. وفي مسلسل آخر يناقشون العلاقة مع اليهود في العالم العربي قبل اقامة الدولة. وفي مسلسل ثالث دولة اسرائيل كفت عن الوجود “.

“ما هذا الحديث، هل تنوي عقد صفقات مع الاسرائيليين؟”، سأل دوحي، الموظف الحكومي الذي يعالج شكاوى الجمهور (الذي يلعب دوره الممثل السعودي ناصر القصبي)، زميله (الذي يلعب دوره الممثل راشد الشمراني) في المسلسل التلفزيوني “مخرج رقم 7” الذي يبث حاليا في شبكة “ام.بي.سي” السعودية.

“العدو هو الذي لا يقدر دعمك له ويلعنك صبح مساء اكثر من الاسرائيليين”، أجاب الشمراني. “من تقصد”، سأل دوحي الذي يقلق من أن ابنه الشاب زياد وجد له صديق اسرائيلي اثناء اللعب على العاب الحاسوب. “كل تضحياتنا كانت من اجل فلسطين، دخلنا الحروب من اجل فلسطين، أوقفنا النفط من اجل فلسطين. وعندما اصبحت لديهم سلطة مولنا نفقاتها ورواتب الموظفين فيها، في الوقت الذي نحن فيه بحاجة الى هذه الاموال. وهم بدورهم يهاجمون السعودية”، أجاب الشمراني.

هذا الحوار الذي جرى كمحادثة بين اصدقاء لا ينتهي بصورة جيدة. بعد ذلك شرح دوحي لزميله: “اصابع ليست متساوية، مثلما يوجد فلسطينيون طردوا في العام 1948 وتعرضوا للمذابح يوجد فلسطينيون قاموا ببيع اراضيهم لليهود. ومثلما كان فلسطينيون في الانتفاضة الثانية وقفوا أمام الدبابات الاسرائيلية بصدور عارية كان فلسطينيون قاموا ببناء جدار الفصل. لذلك، هم بشر مثل أي شخص، منهم الجيد ومنهم السيء… ولكن اسرائيل هي التي تزرع الكراهية بين الفلسطينيين والعرب الآخرين”. وعلى هذه الاقوال يجيب الشمراني: “هل حسب رأيك يجب علينا الوقوف الى جانبهم وهم يقومون بشتمنا؟”.

كما هو متوقع هذا الفصل في المسلسل أثار عاصفة ليس فقط في السعودية وفي فلسطين، بل في الشبكات الاجتماعية العالمية التي فيها احتد النقاش حول التطبيع مع اسرائيل والعلاقة بين الفلسطينيين والسعوديين. الناقد الادبي في صحيفة “الشرق الاوسط” الدكتور مبارك الخالدي قال إنه شخصيا يعارض بشدة التطبيع، لكنه يعتقد أن النقاش في موضوع التطبيع هو أمر طبيعي. وحسب الخالدي “هذه احدى المشكلات الملحة والمثيرة للخلاف، والفن لا يمكنه بأي شكل الانفصال عن الواقع الذي نعيش فيه”. ولكن قلق الناقد على دور الفن يتصادم مع قلقه الآخر الوطني، وهو “انزلاق الفنان بصورة واعية أو بدون وعي الى تطبيع الخطاب حول التطبيع. وبذلك يتحول التطبيع الى موضوع عادي يمكن مناقشته مثل النقاش حول كرة القدم”.

اضطهاد لاسامي

هذا ليس جدلا جديدا، تقريبا خلال شهر رمضان الذي تبث فيه كل ليلة مسلسلات تم اعدادها بشكل خاص لتسلية الجمهور بعد يوم الصيام، تلعب اسرائيل أو اليهود دور رئيسي في مسلسل واحد على الاقل، الذي يهز الفضاء العام العربي. في هذا الموسم على الاقل هناك ثلاثة مسلسلات ترمز الى أو تعالج بشكل مباشر الموضوع الحساس للتطبيع. مثلا، المسلسل الكويتي “أم هارون” يصف التمييز والتنكيل بالمسيحيين واليهود، الذي حدث في الكويت في اربعينيات القرن الماضي قبل قيام دولة اسرائيل.

من خلال شخصية أم هارون (التي تلعب دورها الممثلة المشهورة حياة الفهد)، الطبيبة النسائية اليهودية المعروفة جيدا من قبل الجيران، ولكنها تعاني من الاهانة والاضطهاد اللاسامي، يطرح الفصل التاريخي السيء في تاريخ الكويت. الفهد بالمناسبة، عبرت مؤخرا عن مواقف عنصرية فاضحة عندما دعت عبر بث في التلفاز السلطات لطرد العمال الاجانب بسبب خطر الكورونا. “لو كان باستطاعتي لكنت رميتهم في الصحراء”، قالت في المقابلة.

حسب اقوال الناقد الادبي محمد سلامة، عرض متاعب المرأة اليهودية “يخدم مصلحة اسرائيل، خاصة في الوقت الحالي الذي يعود فيه نتنياهو للتنكيل بالفلسطينيين ويبدأ بتنفيذ مشروعه السياسي الذي يتضمن ضم الضفة الغربية”. سلامة كتب هذه الاقوال في موقع “الرأي اليوم” الذي يعمل من لندن. “نحن نعتقد أنه وراء هذا المسلسل هناك نية لتقديم صورة معاكسة لتاريخ الاحداث، ومن يقومون بتمويله ونشره يريدون خدمة اسرائيل”.

مسلسل “أم هارون” مثل مسلسل “مخرج رقم 7” هو انتاج سعودي للمخرج محمد جمال العدل. لذلك، من الواضح من الذي يقصده سلامة عندما يوجه التهمة لممول المسلسل. السعودية “متهمة” ليس فقط بالمس بالفلسطينيين، حسب قوله، بل هي تخدم اسرائيل وامريكا. وهي ايضا التي تؤيد صفقة القرن لترامب والآن تحاول تشويه التاريخ العربي والتأثير على الوعي العربي.

ردا على هذه الاقوال كتب في تويتر أحد المتصفحين باسم هشام “المواطن العربي بشكل عام هو جاهل وتحركه المشاعر. من السهل التأثير عليه وعقله البسيط يتم التحكم به عن طريق المجموعة الانسانية الاكثر خداعا، اليهود”. وحسب قوله “اذرع الموساد، الاكثر خبرة في علم النفس، والقادرة على اسقاط العباقرة، من الأهم أن يسقطوا العربي الجاهل”، هشام اظهر معرفة ليس فقط في مبنى العقل العربي، بل ايضا حذر من الطريقة التي يعرضون فيها اليهود الشرقيين بصورة ايجابية كجيران جيدين ورجال سلام مثلما في مسلسل “أم هارون”. وكتب في تغريدة اخرى له “انتبهوا لعضوة الكنيست العراقية اييلت شكيد التي دعت الى ذبح الامهات الفلسطينيات واولادهن وهدم بيوتهن فوق رؤوس سكانها. هذا اضافة الى جرائم اليهود من اليمن والمغرب ضدنا”.

الواعظة حنان القطان، التي تحمل شهادة الدكتوراة في الدراسات الدينية والخبيرة في معالجة الاضطراب النفسي حسب مباديء الشريعة الاسلامية تطلب عدالة من نوع آخر “هل في اسرائيل تبث مسلسلات عن قصص الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية أو عن بيت هدمه الاسرائيليون فوق رؤوس سكانه أو عن آلاف الفلسطينيين الذين مزقت اسرائيل جثثهم بقصف طائراتها… فقط لدينا نحن نعرض الضمير بدون ضمير”، كتبت. القطان يمكن دائما توجيهها الى وزيرة الثقافة ميري ريغف وانتقادها لفيلم “فوكس تروم”.

تدمير الصهيونية

المسلسل الثالث “النهاية” الذي تم انتاجه في مصر وأخرجه ياسر سامي ومثل دور البطولة فيه يوسف الشريف، يتحدث عن عالم مستقبلي يجري في 2120، الذي فيه روبوتات واجهزة سايبر تطير في سماء مصر عبر طائرات فضائية. لكن من الحلقة الاولى تحتل اسرائيل دور  كرمز للقوة العربية الجديدة. في مشهد مثير للخلاف تم عرض طلاب يدرسون عن تاريخ “حرب تحرير القدس” التي فيها “قام العرب بتدمير العدو اللدود، الدولة الصهيونية”، كما يشرح لهم المعلم. “الحرب انتهت بسرعة وتسببت بتدمير اسرائيل الصهيونية بعد أقل من مئة عام على اقامتها. معظم اليهود في اسرائيل هربوا منها وعادوا الى وطنهم الاصلي في اوروبا.

وزارة الخارجية الاسرائيلية لم تفوت بالطبع فرصة هذه الجمل واصدرت بيان جاء فيه “من المحزن أنه بعد 41 سنة على توقيع السلام مع اسرائيل، مسلسل كهذا يصف المستقبل الذي فيه تقوم دول عربية بتدمير اسرائيل”. وكان هناك لوزارة الخارجية ايضا ملاحظة تعليمية  طالبت فيها بتعديل المعلومة التي تقول إن اصل معظم اليهود الاسرائيليين ليسوا من اوروبا. شركة الانتاج “سنرجي” ربما هي الشركة الاكبر من بين شركات الانتاج في مصر والتي ترتبط بالمخابرات المصرية، لم تعتذر عن هذا النشر، لكنها قامت بحذف الفصل من صفحة الفيس بوك للمسلسل.

القسم الاكثر اهمية في هذا المشهد يعود بالتحديد الى الاقتحام العنيف للقوات الخاصة التي تحمل اسلحة مستقبلية لصف التعليم السري. القائد يبلغ المعلم بأنه خرق تعليمات ادارة القدس حيث يقوم بتعليم دورات غير مشمولة في منهاج التعليم الذي صادقت عليه وزارة التربية والتعليم. وبذلك يكون قد خرق القانون. “هذا قانون تم سنه من قبل مجرمين، احتج المعلم. ولكن تم اعتقاله هو والطلاب ليس قبل قيام أحد الجنود باطلاق النار وقتل أحد الطلاب الذي حاول الهرب. هنا المعضلة، مشهد عن النصر العربي وتدمير اسرائيل هو رد على ادعاءات اسرائيل بشأن التقارب بينها وبين الدول العربية”، كتبت المحللة مروة محمد في موقع “فيتو” المصري. “في كل مرة تعرض فيها اسرائيل هذا الادعاء جاءت الدراما العربية وعرضت الواقع الحقيقي”.

ولكن في هذه المرة السلطة – الجيش المصري المتطور بالروبوتات والأدوات الفضائية هو الذي منع تدريس المادة الممنوعة عن تدمير اسرائيل. تطبيع حكومي ضد منظمة سرية شعبية مناهضة لاسرائيل؟ ألا يجدر بالتحديد أن يقوم الجيش المصري وليس وزارة الخارجية الاسرائيلية بالاحتجاج على عرضه كمن يزعج تعليم التاريخ الصحيح. ولكن هذا هو الجيش الذي يملك شركة الانتاج. وبشكل عام، حتى سنة 2120 سيتدفق المزيد من المياه في نهر النيل وستندلع حروب يمكن أن تعدل السيناريو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى