ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – في طريقه الى الاتفاق مع طهران بايدن يحتاج السعودية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 28/2/2021

في المخابرات الامريكية قالوا إن محمد بن سلمان أمر بقتل الصحافي الخاشقجي. ولكنه نجح في فعل ذلك بطريقة تصعب جدا على تقديمه للمحاكمة. هكذا، بايدن لن يكون مضطر الى رفع العقوبات عن ايران وفرضها على السعودية “.

الاربع صفحات التي تُفصل النتائج التي توصلت اليها اجهزة المخابرات الامريكية في موضوع قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي هي لائحة اتهام سرية. للوهلة الاولى هذه الصفحات تحدد أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عرف وصادق على قتل الصحافي. ولكن المسدس المدخن تقوم بصياغته بصورة تترك مجالا للهرب: “منذ العام 2017 وولي العهد يسيطر بشكل مطلق على الاجهزة الامنية والمخابرات، الامر الذي يجعل من امكانية أن مسؤولين سعوديين كان يمكنهم تنفيذ مثل هذه العملية بدون موافقته، أمر غير معقول بدرجة عالية.

ربما أنه في التقرير الكامل يوجد المزيد من الحقائق التي تؤكد الاشتباه، وربما تكون هناك حتى معلومات يمكن أن تحدد بأن الملك سلمان ايضا قد عرف عن عملية القتل. ولكن عندما تنشر الادارة الامريكية استنتاجات تستند الى “احتمالية عالية جدا” والى ادراك المكانة السياسية لمحمد بن سلمان دون طرح أي دليل استخباري مثل تسجيلات أو مراسلات في البريد الالكتروني، وطالما أنها غير مستعدة لكشف كل المعلومات، يكون من الصعب تقديم محمد بن سلمان للمحاكمة على تنفيذ عملية قتل.

النتيجة هي أن ملخص الاستنتاجات لايتختلف كثيرا عما كان معروفا، أو عما تم تقديره، منذ المرحلة الاولى للتحقيق في عملية القتل. هذا كما يبدو ايضا هو السبب في أن الرئيس جو بايدن قرر عدم فرض عقوبات شخصية على ابن سلمان، بل فقط على من هم حسب المعلومات، شاركوا فعليا في القتل وبالاشراف المباشر عليه، مثل مساعد ابن سلمان وأمين أسراره، سعود القحطاني، الذي كان رئيس هيئة الاتصالات في زمن عملية القتل.

السعودية سارعت كما هو متوقع الى النفي وادانة التقرير، مدعية أن الولايات المتحدة تحاول التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة والمس بمصداقية جهاز القضاء فيها، الذي حقق وقدم للمحاكمة عدد من المتورطين. “الاشخاص المتورطون حوكموا في محاكم السعودية، والحكم استقبل بمباركة أبناء عائلة الخاشقجي، الذي يرقد بسلام”. من المشكوك فيه اذا كان مصطلح “استقبل بالمباركة” يناسب وصف رد أبناء عائلة الخاشقجي، الذين استخدمت عليهم ضغوط شديدة اضافة الى دفع تعويضات سخية لهم. وبخصوص مفهوم “يرقد بسلام” ربما هذا سيتحقق فقط عندما يوافق السعوديون على ذكر موقع قبره وأين وزعوا اعضاءه المقطعة.

القتل أثار ازمة عميقة في العلاقات بين السعودية وبين الجمهور الامريكي والكونغرس، لكنه لم يضر بعلاقات المملكة مع الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي منع نشر تقرير المخابرات وواصل حماية ابن سلمان. بسبب القتل وتورط السعودية في الحرب في اليمن فرض الكونغرس الحظر على بيع السلاح للسعودية، الذي تجاوزه ترامب ايضا بعد أن اعلن بأن الامر يتعلق بشؤون الامن القومي وفرض الفيتو على القرار. في نفس الوقت امتنع ترامب عن دعوة ابن سلمان الى البيت الابيض مدة سنتين. وهي خطوة لم تزعج وجود علاقة حميمية مع ابن سلمان، خاصة عبر صهر ترامب، جارد كوشنر.

ارث معقد

بايدن الذي اعتبر السعودية “دولة مشينة” اثناء فترة عملية القتل، ورث قضية الخاشقجي الى جانب مواصلة اجراء علاقات وثيقة مع المملكة. هذه الضرورة تملي على الرئيس أن يحاول رسم خط فاصل بين العلاقة مع المملكة والملك سلمان وبين العلاقة مع ابنه. ولكن هذا هو خط فصل غير متواصل: ابن سلمان بقي صاحب السلطة والصلاحية لتحديد السياسة الداخلية والخارجية والاستراتيجية العسكرية للسعودية، في حين أن والده آخذ في الضمور بسبب سنه ومرضه.

بصوت عال اعلنت مؤخرا المتحدثة بلسان البيض الابيض، جين ساكي، أن بايدن ينوي “اعادة معايرة” علاقاته مع المملكة، وأن الاتصال مع القيادة في السعودية سيتم على مستوى النظراء المتساوين في مكانتهم، أي رئيس دولة امام رئيس دولة. ولكن هذا التعريف لن تكون له أهمية كبيرة، لأن وزير الدفاع الامريكي سيرغب في التحدث مباشرة مع ابن سلمان الذي يتولى، ضمن امور اخرى، منصب وزير الدفاع في السعودية، أو عندما سيجد الرئيس بايدن نفسه في مؤتمرات دولية يشارك فيها ابن سلمان.

قريبا سيكون لهما الكثير من الامور التي سيتحدثان عنها. ضمن امور اخرى، يجب عليهما التحدث حول انهاء الحرب في اليمن التي تقلق جدا بايدن، والتي تحولت الى موضوع رئيسي في قضية بيع السلاح للسعودية. ولكن لا يقل عن ذلك اهمية أنه يجب عليهما مناقشة استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي مع ايران. بايدن سيضطر الآن الى رسم مسار ذهبي بين اتهام ابن سلمان بالقتل وبين الحاجة الى خدمات السعودية في ساحة الشرق الاوسط والساحة الدولية.

السعي الى اتفاق مع ايران يحبس بايدن في دائرة سياسية ملتوية تكبح بشكل ما رغبته، اذا كانت هناك رغبة كهذه، في فرض عقوبات على السعودية أو على ابن سلمان نفسه. من الصعب تخيل وضع فيه الولايات المتحدة تقوم برفع العقوبات عن ايران، وهي الخطوة الضرورية لتحقيق طموحات بايدن في احياء الاتفاق النووي، وفي نفس الوقت تعاقب السعودية – التي دعمها مطلوب من اجل دعم العملية الامريكية.

يمكن التقدير بأنه في هذه الاثناء التحالف غير الرسمي بين السعودية واتحاد الامارات واسرائيل ضد ايران يعتبر عامل مزعج في واشنطن. واذا نجحت واشنطن في أن تحيد على الاقل أحد هذه الرؤوس والتقليل بذلك من وزن معارضة الاتفاق النووي مع ايران، عندها لا تكون مطالبة بالرد على اتهامها بركل حلفائها واحتضان ايران، مثلما تم اتهام الرئيس براك اوباما في حينه.

السعودية تظهر اليوم كدولة “سهلة” اكثر من اجل استخدام الضغوط الامريكية عليها. ومن هنا تأتي الحاجة الى عدم تطبيق القانون على ابن سلمان أو على المملكة. ودينه على السعودية في قضية قتل الخاشقجي، سيحاول بايدن الحصول عليه بعملة تحسين حقوق الانسان في المملكة واطلاق سراح سجناء سياسيين، الذين هم في الاصل مشمولين في رزمة الاصلاحات التي اعلن ابن سلمان عنها في هذا الشهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى