ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – روليت التطبيع

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 29/12/2020

يبدو أن اجواء المصالحة لا تسود فقط بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية، بل تظهر ايضا بين الدول العربية فيما بينها “.

المقامرون وضعوا بالفعل الرقائق على عجلة الروليت. هم ينتظرون على اهبة الاستعداد، أين ستسقط الرصاصة. سلطنة عمان؟ السعودية؟ أو ربما اندونيسيا أو باكستان، بنغلاديش أو ماليزيا؟ يبدو أن السؤال الاكثر اهمية لم يعد من هي الدولة القادمة في الدور للتوقيع على اتفاقات تطبيع مع اسرائيل، بل متى. مدير الوكالة الامريكية للتطوير الدولي، آدم بوهلر، قال في الاسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة تستطيع زيادة المساعدات لاندونيسيا بمليار – ملياري دولار. في مقابلة مع موقع “بلومبيرغ” كشف بوهلر أن الولايات المتحدة تناقش مع حكومة اندونيسيا ما يتعلق باحتمالية كهذه. صحيح أن اندونيسيا نفت أنها تنوي تطبيع علاقاتها مع اسرائيل، لكنه نفي يشبه النفي الذي سمعناه من السودان والمغرب وسلطنة عمان وقطر.

اندونيسيا هي الدولة الاسلامية الاكبر في العالم، 86 في المئة من حوالي 267 مليون مواطن، هم مسلمون، اغلبيتهم الساحقة من السنة، وهي عضو كبير في منظمة الدول الاسلامية، التي فيها 57 دولة ويعيش فيها 1.8 مليار نسمة. هذه ليست منظمة ذات صلاحيات عملية، واساس قوتها يتمثل في أن تعكس المشاعر الاسلامية تجاه مشاكل الساعة. من بين امور اخرى، قررت المنظمة مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، وقد ناقشت احتمالية قطع العلاقات مع كل دولة تعترف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، والمنظمة تؤيد حل الدولتين. وقد هاجمت سياسة الضم لنتنياهو. ولكن فعليا، كل دولة اسلامية تصرفت حسب مصالحها، ويصعب أن نجد حالة واحدة فيها بررت دولة اسلامية مقاربتها تجاه اسرائيل أو الولايات المتحدة بالحاجة الى الامتثال لقرارات المنظمة. مع ذلك، “الاختراق” الاسرائيلي للدول الاسلامية غير العربية توجد له اهمية تتجاوز المصالح الاقتصادية أو الاستراتيجية، لا سيما أن احدى الدول الاعضاء في المنظمة هي ايران.

كما يبدو أن مناخ المصالحة ليس فقط بين اسرائيل والدول العربية، وربما ايضا الدول الاسلامية الاخرى، بل ايضا هو بين دول عربية فيما بينها. مؤخرا السعودية وقطر تجري مفاوضات بوساطة امريكية وكويتية هدفها رفع المقاطعة عن قطر، التي فرضتها السعودية والبحرين واتحاد الامارات ومصر عليها. ملك السعودية سلمان، أمر في يوم السبت بدعوة حاكم قطر، الشيخ تميم، الى قمة دول الخليج التي ستعقد في الرياض في 5 كانون الثاني. هذه الدعوة الشخصية هي اختراقة مهمة بعد ثلاث سنوات كانت فيها قطر تقع تحت حصار اقتصادي وجوي وبحري.

الدعوة لا تشترط حضور حاكم قطر للامتثال وتطبيق الشروط الـ 13 التي وضعتها عليها دول المقاطعة، من اجل أن تستطيع قطر العودة لتكون عضو في مجلس التعاون الخليجي. حتى دولة الامارات التي كان لها حتى الآن موقف متصلب ومعارض لاشراك قطر، غيرت موقفها واعلنت بأن “الدولة كلها، النظام والشعب، يعملون على تبني علاقات الأخوة بين شعوب دول الخليج”. مصر من ناحيتها اعلنت بأنها تؤيد جهود المصالحة التي تقوم بها الكويت، وهي تأمل بأن يتم التوصل الى اتفاق يسوي جميع الخلافات التي أدت الى الازمة. صحيح أنه في بعض وسائل الاعلام العربية اعتبر هذا الموقف “رفع الراية البيضاء امام قطر”، لكن في المقابل قال محللون بأن هذه المصالحة كان يجب أن تحدث قبل ذلك، وأن المقاطعة تمس بمشاعر التعاون والتضامن بين الدول العربية. التضامن ليس صفة من الصفات التي تميز العلاقات بين الدول العربية، لكنه يستخدم ككلمة شيفرة للاعتراف بعدم جدوى هذا النزاع.

علامات المصالحة تظهر ايضا في علاقات عدد من الدول العربية مع تركيا. ايضا هنا السعودية التي فرضت مقاطعة اقتصادية غير رسمية على البضائع من تركيا، اعلنت أنه لا توجد ولم تكن هناك أي مقاطعة. الملك سلمان نفسه اتصل مع الرئيس التركي، اردوغان، قبل يوم على عقد مؤتمر الـ “جي 20” في الرياض في شهر تشرين الثاني. وهذه بادرة حسن نية لم تقدمها لأي زعيم آخر لأي دولة من الدول الاعضاء. كل ذلك الى جانب اللقاء الهام في تشرين الثاني لوزير الخارجية السعودي، فايز بن فرحان، مع نظيره التركي، مبلوط تشاوشولو، في مؤتمر قمة الدول الاسلامية. ربما ايضا سوريا ستخرج رابحة من المناخ الجديد – اتحاد الامارات والبحرين افتتحتا ممثلياتهما في دمشق، ومن خلال ذلك سوريا تتلقى ارساليات الدولارات لتعزيز نظام بشار الاسد. محللون عرب يتساءلون لماذا لا تعود سوريا الى الحضن العربي اذا كانوا يطبعون علاقاتهم مع اسرائيل. في هذا الشأن ايضا يجدر فحص التلميحات العلنية لاردوغان تجاه اسرائيل – التي هي غير مفصولة عن معركته الدبلوماسية مع الدول العربية.

الآن، حركات المصالحة هذه تتقدم بوتيرة جبل الجليد، وما زال من المبكر اشعال الالعاب النارية للاحتفال – لكن ربما يوجد فيها ما من شأنه أن يدلل على توجه جديد. المفارقة هي أن كل ذلك تم في الوقت الذي فيه دونالد ترامب ما زال رئيسا للولايات المتحدة – لكن هذه الحركات موجهة لتمهيد الارض قبيل دخول جو بايدن الى البيت الابيض، رغم أن بايدن لم يرسم سياسته المستقبلية في الشرق الاوسط، باستثناء نيته العودة الى الاتفاق النووي مع ايران. ومن المثير للاهتمام كيف أن الرئيس الامريكي الذي لم يدشن بعد الغرفة البيضوية يحدث خطوات سياسية فقط بسبب الخوف من أن يوقع ضربات سياسية مؤلمة على من نجحوا في خدمة ترامب وأن يسرقوا معه الخيول. هذا خوف يتوقع أن يعطي فرصة سياسية كبيرة لبايدن وللمنطقة كلها.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى