ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – رد الدول العربية على فزع حقوق الانسان لدى بايدن : عرض “اصلاحات”

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 26/2/2021

ابن سلمان واردوغان والسيسي يعدون باجراء اصلاحات في انظمتهم. ولكن النشطاء في بلادهم لا يسارعون الى الاقتناع بذلك. ازاء ايران الرئيس الامريكي لا يسارع الى التلويح براية القلق على حقوق الانسان “.

التسريبات المبكرة لتقرير المخابرات الامريكية عن قتل الصحافي السعودي، جمال الخاشقجي، تقول إنه سيوجه اصبع اتهام مباشرة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. وقبل ذلك اوضحت المتحدثة بلسان البيت الابيض، جين ساكي، أن الرئيس جو بايدن ينوي “اعادة معايرة” علاقاته مع الرياض، بالاساس بسبب الفجوة بين موقف الدولتين في مسألة حقوق الانسان.

التفسير العملي لـ “اعادة المعايرة” سنعرفه في الاسابيع القريبة القادمة عندما سيقرر بايدن اذا كان سينفذ صفقة السلاح مع السعودية. هل سيوافق على اللقاء أو الحديث مع الحاكم الفعلي للمملكة، الذي هو ايضا المتهم الرئيسي والمباشر في قتل الصحافي؟ وماذا سيفعل عندما سيأتي اليوم الذي فيه سيرث الاخير الملك سلمان؟.

في الاسابيع الاخيرة يسعى ولي العهد الى تخفيف ثقل الضربة التي يتوقع أن يتلقاها في التقرير. هل بايدن يهتم بحقوق الانسان؟ ابن سلمان سارع الى عرض رزمة اصلاحات قانونية جديدة، التي بحسبها حسب قوله، توحيد نظام العقوبة، تنظيم تشريع قوانين البينات، حل مشاكل الاحوال الشخصية التي تمس بالاساس النساء، وتحويل التشريع في مواضيع الصفقات المدنية الى اكثر شفافية. اذا تم حقا تطبيق هذه الاصلاحات ولم تبق على الورق، فهذا يمكن أن يشكل ثورة دستورية حقيقية.

محمد بن سلمان يعرف جيدا اخفاقات نظام القضاء في السعودية، هذا اذا كان يمكن تسميته هكذا. لا توجد معايير واضحة للاعتقال والتقديم للمحاكمة باستثناء قرار الحاكم أو ممثليه. جرائم مشابهة تحظى بعقوبات مختلفة، ونشطاء حقوق انسان أو منتقدون للنظام يعتبرون أعداء للدولة ومؤيدون للارهاب أو محرضون، عقوبتهم السجن لمدة طويلة.

الافراج العشوائي عن بعض النشطاء من السجن، ومن بينهم لجين الهدلول، و توسيع فرص التشغيل للنساء في السعودية، غير كافيين لادارة بايدن والجمهور الامريكي طالما أن النظام في الرياض يستطيع اعادتهم في أي لحظة الى السجن.

ولي العهد الشاب تلقى وابل من الاحتجاجات عندما سمح للنساء بقيادة السيارات، وعندما عرض رؤيته للعام 2030 التي تتضمن انشاء مدينة ضخمة، “نيوم”، باستثمار يتوقع أن يبلغ 500 مليار دولار. فقد تحدث عن تقدم وتكنولوجيا عالية، لكنه لم يذكر موضوع رئيسي واحد وهو السعي نحو الديمقراطية وتغيير هيكل النظام. الآن سيحاول التلويح بالاصلاحات كدليل على نيته لعلاج جراح الماضي.

بايدن، الذي في حملته الانتخابية وصف السعودية بأنها دولة مشينة، يتعرض لضغط من اعضاء الكونغرس من اجل فرض عقوبات عليها. سيكون عليه اتخاذ قرار بشأن هل ستكون الاصلاحات الجديدة كافية من اجل أن يمنح ابن سلمان العفو السياسي.

يوزعون الوعود

الاصلاحات تحولت الى لازمة تتكرر بسعادة على لسان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. في الايام القريبة يتوقع أن يعرض اردوغان ايضا رزمة اصلاحات، بعد أن اعتبر العام 2021 “سنة الاصلاحات”. اردوغان يعد بأن اصلاحاته ستشمل تغييرات في حقوق الانسان وحرية التعبير، وبالاساس ستضمن استقلالية جهاز القضاء. من المثير أن الرئيس الذي ارسل في السابق النار والكبريت تجاه من قال بأن جهاز القضاء في تركيا غير مستقل، يعترف الآن بأنه مع ذلك، هناك شيء ما يمكن اصلاحه في جهاز تعرض لاحدى الضربات الاشد في اعقاب محاولة الانقلاب العسكري في 2016.

منذ ذلك الحين، تم عزل مئات القضاة والمدعين العام من وظائفهم، وتم استبدالهم بمقربين لاردوغان. في المحكمة الدستورية عين حتى الآن 7 قضاة من بين 15 قاض وما زال الحبل على الجرار. بنفس الطريقة قام بـ “اعادة تحسين” نقابة القضاة والمدعين العامين، التي هي السلطة العليا لتعيين القضاة والمدعين. مقابل اردوغان تتجمع قوى امريكية كبيرة تطالب بايدن بفرض عقوبات على تركيا، ليس فقط بسبب أنها اشترت انظمة صواريخ روسية مضادة للطائرات.

مؤخرا وقع 54 سيناتور على رسالة للرئيس مطالبين بمعاقبة اردوغان بسبب المس بحقوق الانسان والتنكيل بالمعارضة وسحق حرية التعبير. ومثلما في السعودية، ايضا في تركيا هناك سلسلة مشهورة من “النجوم” تحولت الى هدف لتنكيل النظام، وحولهم تتركز جهود منظمات حقوق الانسان وسياسيين امريكيين. رؤساء الحزب المؤيد للاكراد “اتش.دي.بي” اخذوا نصيبهم من اردوغان. وهكذا ايضا مراسلون كبار اعتقلوا أو هاجروا الى الخارج في اعقاب ملاحقة النظام.

الآن أصبح على المحك مصير جنان كابتانولو، رئيسة مقاطعة اسطنبول في حزب المعارضة الجمهوري “سي.اتش.بي”. كابتانولو ارتكبت جريمة فظيعة. فقد كانت مسؤولة عن فوز حزبها في الانتخابات لرئاسة بلدية اسطنبول التي فاز فيها اكرم ايمامولو. هذا الاخير اضطر للتنافس مرتين في الانتخابات بعد أن احتج النظام في المرة الاولى على النتائج. في الحملتين الانتخابيتين فاز. وبعد عشرات السنين فقط حزب السلطة السيطرة على اسطنبول، الذي اردوغان نفسه ترأسه قبل انتقاله الى السياسة القطرية.

بعد بضعة اشهر على فوز ايمامولو تم اعتقال كابتانولو وحكم عليها بالسجن عشر سنوات تقريبا بسبب دعمها للارهاب واهانة الرئيس. الدعوى ضدها استندت الى تغريدات نشرتها قبل سنوات في تويتر. كابتانولو تنتظر الآن نتائج الاستئناف، وليس أقل من ذلك هي تنتظر الطريقة التي سيعالج بها بايدن قضيتها.

على الطرف الآخر للبحر المتوسط حظي وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بمكالمة هاتفية حادة من نظيره الامريكي انطوني بلينكن الذي أوضح له بأن “حقوق الانسان ستكون الموضوع الرئيسي في العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر”. المكالمة كانت بعد يوم على مصادقة ادارة ترامب على بيع صواريخ بحر – جو لمصر بمبلغ 200 مليون دولار. وهي صفقة اثارت الانتقاد في واشنطن لأنه لم يتم ربطها باجراءات اصلاحات دستورية وفعلية بالنسبة لحقوق الانسان في مصر.

السيسي كان الزعيم الاول في الشرق الاوسط الذي هنأ بايدن بفوزه في الانتخابات. ولكنه ايضا سارع الى تجنيد شركة ضغط مركزية في واشنطن هي “براون شتاين، حياة، بربر وشيرك” من اجل تحسين مكانة مصر وطمأنة الكونغرس، الذي اشترط تحويل 75 مليون دولار من ميزانية المساعدات لمصر التي تبلغ 1.3 مليار دولار بالافراج عن السجناء السياسيين.

القانون الذي صادق عليه الكونغرس في الموضوع شمل تغيير دراماتيكي مقارنة مع سنوات سابقة، ولم يسمح للادارة بامكانية الادعاء أنه يجب تحويل الاموال للقاهرة بذريعة “شؤون أمن قومي”. في وسائل اعلام امريكية نشر أن مصر ستدفع 65 ألف دولار في الشهر لشركة الضغط، لكنها لا تكتفي بذلك. رئيس لجنة حقوق الانسان في البرلمان المصري، طارق رضوان، بادر الى سلسلة من النشاطات بهدف اقناع الكونغرس الامريكي بأن يكف عن الضغط على بلاده. ضمن امور اخرى هو يخطط للقيام بسلسلة زيارات لاعضاء كونغرس مصريين في واشنطن من اجل اجراء مقابلات مع نظرائهم الامريكيين ومع من يشكلون الرأي العام.

ملاحقة على اراضي الولايات المتحدة

من المثير رؤية اذا كان رضوان سينجح في اقناع دون بيار وتوم مالينوفسكي، وهما المشرعان اللذان بادرا الى تشكيل “كتلة حقوق الانسان في مصر” في الكونغرس، التي هدفها معالجة وضع حقوق الانسان في مصر، وممارسة ضغط على الادارة لاجراء التغييرات التي يؤيدها بايدن ايضا. على تشكيل هذه الكتلة ردت القاهرة بغضب كبير وقالت إنها تستهدف “تمكين جماعة اسلامية عنيفة (الاخوان المسلمين – الكاتب) من ممارسة لعبتها القديمة وتضليل الرأي العام بذريعة أنها ليست سوى منظمة حقوق مواطن من اجل أن تدفع قدما بأجندتها الجهادية”.

هذا رد معروف للنظام في مصر، لكنه لا يمكنه أن يغطي على الضرر والتنكيل الذي يمارس تجاه الصحافيين، وعلى الاعتقالات التعسفية لمن ينتقدون النظام وعلى ملاحقة نشطاء حقوق الانسان، حتى عندما يكون هؤلاء الاشخاص يحملون الجنسية الامريكية أو يعيشون في امريكا. الهدف المناوب هو محمد سلطان، الذي شكل في واشنطن منظمة باسم “مبادرة الحرية”، والذي له علاقة مستمرة مع اعضاء كونغرس ويروج للقيام بنشاط ضد قمع حقوق الانسان في مصر. سلطان تلقى بسبب نشاطه مكالمة هاتفية تهديدية، وتم اعتقال والده ونقل الى مكان غير معروف، أبناء عمه تم اعتقالهم وحقق معهم ايضا. وحسب قوله، رجال المخابرات المصرية اقتحموا بيت ابناء عائلته وقاموا بتخريب الاثاث وضربوهم وهددوا حياتهم.

إن ذنب سلطان اضافة الى نشاطه التنظيمي يكمن في الدعوى التي قدمها ضد رئيس الحكومة السابق، حازم ببلاوي، الذي اتهمه بالمسؤولية عن التعذيب الذي تعرض له اثناء وجوده في السجن في العام 2013. حسب قوله، السجانون شجعوه على الانتحار، وضربوه وعذبوه بالكهرباء وأبقوه في الزنزانة لوحده مع جثة متحللة. في العام 2015 تم اطلاق سراح سلطان وطرد من مصر. بعد ذلك انتقل الى الولايات المتحدة وأكمل اللقب الثاني في الاقتصاد في جامعة اوهايو.

ببلاوي انتقل ايضا الى الولايات المتحدة، الى وظيفة رفيعة في صندوق النقد الدولي. سلطان قدم الدعوى ضده في واشنطن في حزيران الماضي، ومنذ ذلك الحين وهو يعاني من الملاحقة. نفس هذه المعاملة حظي بها ايضا علي حسين مهدي، الذي نشر فيلم قصير مقلق في صفحته في الفيس بوك، فيه تحدث عن تنكيل شديد بأبناء عائلته الذين يعيشون في مصر، وعن تحذيرات يمارسها ضده رجال مخابرات مصريين.

السيسي وعد ايضا بسلسلة اصلاحات استهدفت تحسين وضع حقوق الانسان. ولكن هذه الوعود، التي رافقها تشريع، سبق واعطيت في الماضي ولم تحدث أي تغييرات نوعية في العلاقات بين النظام في القاهرة وخصومه ومن ينتقدونه. موضة الاصلاحات التي تثير وسائل الاعلام في تركيا والسعودية ومصر لا تقنع الجمهور الذي مر بتجربة صعبة في هذه الدول. ولكن يوجد فيها ما يمكن أن يدلل على الفزع الذي يثيره هذا الموضوع الحساس في اوساط حكام اعتادوا على اغماض عيون الادارة الامريكية، لا سيما بعد فترة ولاية دونالد ترامب الذي لم يعرف كيف يقوم بتهجئة مصطلح “حقوق انسان”.

الرئيس بايدن يبدو حقا أنه يجلب معه بشرى جديدة لنشطاء حقوق الانسان ومن تضرروا من الانظمة. ولكن من الافضل الانتظار ورؤية الى أي درجة سيكون مستعدا للتضحية بمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية والسياسية من اجل حقوق الانسان في الدول العربية. في هذا السياق ليس من نافل القول الاشارة الى أن بايدن في ذهابه الى اتفاق نووي جديد مع ايران، فانه لا يلوح براية حقوق الانسان أمام النظام في ايران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى