ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل- تركيا تسعى لان تحل محل مصر في الساحة الفلسطينية – وعلى اسرائيل أن تقلق

هآرتس – بقلم تسفي برئيل– 20/10/2020

الفلسطينيون حبسوا انفسهم داخل مواجهة بين تحالفين متخاصمين: التحالف الذي يتشكل من مصر والسعودية واتحاد الامارات، سوية مع اسرائيل. والتحالف المكون من تركيا وقطر وعن بعد ايضا ايران “.

معبر رفح، بوابة العبور الوحيدة بين قطاع غزة ومصر، مغلق منذ شهر آذار – باستثناء المرات التي فتح فيها لفترة قصيرة. الذريعة لاغلاقه هي الحاجة الى وقف تفشي الكورونا. تصعب مناقشة ذريعة كهذه. ولكن يبدو أنه منذ الشهر الماضي فان سبب اغلاق المعبر ليس سبب وبائي، بل جزء من العقوبات التي تفرضها مصر على حماس في الآونة الاخيرة لأنها تجرأت على القيام بمبادرة سياسية مستقلة. منذ حوالي شهرين، حماس وفتح تناقشان احتمالية استئناف مبادرة المصالحة واجراء انتخابات للمؤسسات الفلسطينية. في البداية للمجلس التشريعي وبعد ذلك للرئاسة ولاحقا للمجلس الوطني.

هذه المبادرة بدأت بالازدهار قبيل موعد التوقيع على اتفاقات السلام بين اسرائيل واتحاد الامارات، التي أوضحت للفلسطينيين ما كان معروفا منذ فترة طويلة قبل ذلك. الدول العربية تنازلت عن المبادرة العربية وتقوم بتطبيع علاقاتها مع اسرائيل وتلغي الضمانة النظرية التي تقول بأن أي اتفاق عربي مع اسرائيل سيكون مشروطا بانسحاب اسرائيل من المناطق. محمود عباس بدأ في البحث عن بدائل لحزام الامن العربي وسمح لجبريل الرجوب، سكرتير اللجنة المركزية في حركة فتح، بالبدء في اتصالات مع حماس بمشاركة دول اخرى أو برعايتها.

بداية المبادرة كانت في لقاء في بيروت في بداية شهر ايلول بين ممثلي فتح وحماس. بعد ذلك جرى لقاء في دمشق بين الأمناء العامين للتنظيمات والفصائل الفلسطينية. وفي النهاية، في 22 ايلول، عقد في اسطنبول اللقاء الذي اغضب القاهرة. في هذا اللقاء تركيا المستضيفة تحولت فجأة الى اشبين لخطوات فلسطينية سياسية. كان ذلك لقاء اعتبر من قبل الفلسطينيين كـ “خطوة اختراقية”، فيها تم التوصل الى عدة تفاهمات مبدئية التي فيها تحدد بأن الانتخابات في كل مراحلها ستستمر حوالي نصف سنة، وهدفها تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الفصائل الفلسطينية. في المرحلة التالية ستعقد في رام الله لقاءات بين ممثلي فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية من اجل التوصل الى اتفاق على اعطاء تفويض لعباس لنشر أمر رئاسي يحدد موعد اجراء الانتخابات وطريقة ادارتها.

في المرحلة التالية لهذه المفاوضات سيلتقي الأمناء العامين لجميع الفصائل الفلسطينية في القاهرة. ولكن رغم مرور حوالي ثلاثة اسابيع منذ أن تمت صياغة “تفاهمات اسطنبول”، إلا أن مصر ما زالت لم تعط بعد مصادقتها على عقد اللقاء على اراضيها. مصدر في السلطة الفلسطينية قال للصحيفة بأن السبب هو أن مصر لا تكتفي بدور المستضيفة لأنها “تريد أن تكون شريكة في المحادثات، ويبدو أنها غاضبة لأن محادثات الاتفاق قمنا باجرائها في تركيا. وبهذا منحنا اردوغان تذكرة دخول سياسية الى الساحة الفلسطينية الداخلية، وهو دور بقي محفوظ بصورة تقليدية لمصر”.

رسميا، كبار قادة حماس وفتح يعلنون أن مصر هي صاحبة الدور الرئيسي في ادارة المصالحة الفلسطينية الداخلية، وليس في نية التنظيمات أن تتبنى لنفسها راعيا جديدا. في نفس الوقت التفاهمات تنص، ضمن امور اخرى، على أن اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية، اذا كان في القاهرة أو في أي دولة اخرى، سيكون “فلسطينيا خالصا دون تدخل دول اخرى”. أي أن مصر لا تستطيع أن تكون جزء من المحادثات. في الاسبوع الماضي تم اطلاق سهم آخر مسنون تجاه مصر. بعثة مكونة من كبار قادة حماس برئاسة موسى أبو مرزوق التقت في موسكو مع ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص لفلادمير بوتين في الشرق الاوسط. وفي اعقاب اللقاء كتب أبو مرزوق في حسابه في تويتر بأن موسكو مستعدة لاستضافة لقاء قادة الفصائل الفلسطينية. عضو المجلس الثوري في فتح، عبد الله عبد الله، اوضح ايضا بأنه اذا لم توافق مصر على استضافة اللقاء فان “الفلسطينيين لن يبقوا أسرى لمكان اللقاء… وسنجد طريقة اخرى لعقده في اطار الاتفاق الوطني”. محللون فلسطينيون سارعوا الى الاستنتاج بأن مكانة مصر كصاحبة احتكار لادارة النزاع الفلسطيني الداخلي آخذة في التآكل، وأنه يمكن أن تحل تركيا وقطر مكانها.

عباس ينتظر بايدن

يجب علينا أن لا نحبس الانفاس قبيل المصالحة الفلسطينية. من الصعب عد المرات التي توصلت فيها فتح وحماس الى تفاهمات حول المصالحة، أو على الاقل حول التعاون، وبعد ذلك، احيانا خلال ساعات، نعلم أنه ظهر خلاف جديد بينهما ترافقه اتهامات متبادلة عن مسؤولية الطرف الآخر عن خرق التفاهمات. ايضا في هذه المرة ربما أن التفاهمات المبدئية التي تم التوصل اليها في تركيا ستتحطم على صخرة التفاصيل، بدء من موعد اجراء الانتخابات وطريقة ادارتها ومرورا بتوزيع التمثيل في البرلمان الذي سينتخب (هذا اذا انتخب) وانتهاء بانتخاب وريث عباس.

ولكن الجديد في الخطوات الاخيرة يكمن في استعداد ممثلي فتح على أن يروا في تركيا، راعية حماس، دولة مساعدة، وحتى وسيطة في عمليات فلسطينية داخلية، وكذلك اعطاء موطيء قدم لتدخل روسيا. بهذا يضع الفلسطينيون انفسهم داخل صراعات القوى في الشرق الاوسط، التي تدور حول تحالفين متخاصمين ومتعاديين. الاول مكون من مصر والسعودية واتحاد الامارات ومعهم اسرائيل ايضا. والثاني فيه تشارك تركيا وقطر، وعن بعد ايضا ايران. هذا صراع وجد وتطور دون صلة بالشأن الفلسطيني، لكنه ينزلق بسرعة الى الساحة المحلية وسيجبر اسرائيل على اتخاذ موقف.

إن اقتراب القيادة الفلسطينية في الضفة من الدائرة غير العربية ينبع ليس فقط من الاعتراف بفقدان الشراكة العربية الداعمة، بل ايضا من الازمة الاقتصادية الشديدة التي تحيق بالسلطة. حسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية التي نشرت في يوم الاحد الماضي فان المساعدة الدولية للسلطة انخفضت بحوالي 81 في المئة في الاشهر الثمانية الاولى لهذه السنة. من خلالها تقلص الدعم العربي الى 38 مليون دولار مقابل 198 مليون دولار في الفترة الموازية من العام الماضي. المساعدة السعودية وحدها التي تمثل نصيب الاسد في المساعدة العربية انخفضت الى حوالي 30 مليون دولار مقابل 130 مليون دولار في السنة الماضية.

السلطة ما زالت ترفض تسلم باقي اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل لصالحها بعد خصم المبالغ التي تشكل، حسب تقدير اسرائيل، مساعدة لعائلات السجناء والارهابيين الذين قتلوا. وتوجه السلطة الى دول الاتحاد الاوروبي لاستكمال الفجوة تم الرد عليه حتى الآن بشكل سلبي، بذريعة أنه يجب على السلطة أن تتسلم أولا اموالها، أي ضريبة القيمة المضافة أو الجمارك التي تجبيها اسرائيل بعد الخصم قبل أن يوافق الاتحاد على زيادة المساعدات.

اسرائيل تتعامل مع هذه الازمة الاقتصادية وكأنها لا تمسها. مصادر اسرائيلية قالت إن الافتراض الاساسي هو أن الضغط الاقتصادي سيجبر السلطة على تغيير سياستها وستوافق على تسلم اموال الضرائب المخصومة وتبني خطة ترامب من اجل استئناف المساعدات الامريكية والعربية. كما أنه يمكن التقدير أن اسرائيل تعتمد على احتمالية أنه اذا تفاقمت الازمة فسيكون هناك دول عربية ستهب لمساعدة السلطة الفلسطينية، مثلما تحولت قطر الى الصراف الآلي لغزة.

في هذه المرحلة هذه افتراضات لا اساس لها. ولكن السؤال الذي يجب أن يقلق اسرائيل وحليفاتها العربية هو هل سنسمح لتركيا أو قطر أن تملأ خزينة السلطة الفارغة، وبهذا منحها مكانة سياسية مؤثرة على خطوات السلطة. هذه ايضا هي المعضلة الموضوعة امام عباس، الذي يجب عليه اتخاذ قرار استراتيجي تكون له تداعيات كبيرة على مستقبل السلطة وعلى مستقبل الحل السياسي. يبدو أن عباس ينتظر، مثل كل الزعماء في العالم، نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قبل أن يقرر الى أين تتجه فلسطين. في هذه الاثناء هو يعطي دون سرور الضوء الاخضر لمواصلة لقاءات المصالحة مع حماس، على أمل أن يهنيء بعد بضعة اسابيع الرئيس المنتخب جو بايدن، وهو شخصية اكثر ودية مع الفلسطينيين من الشخص الذي يشغل الآن البيت الابيض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى