ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – بايدن يثير أحلاماً عن جنة جديدة ولكن أضرار ترامب في الشرق الأوسط سيكون من الصعب إصلاحها

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 9/11/2020

إن خسارة ترامب هي ضربة بالنسبة لصديقه أردوغان وفرصة للعودة من جديد للاتفاق النووي مع إيران. ولكن بايدن من شأنه أن يكتشف أن الواقع الجديد الذي أوجده ترامب، يحول المقاربة الأمريكية التقليدية في الشرق الأوسط إلى مقاربة غير ذات صلة“.

ساد الصمت القصر الرئاسي في تركيا عندما اتضح بصورة نهائية أن جو بايدن هو الرئيس المنتخب للولايات المتحدة. بعد أن سارع هذا الأسبوع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهنئة الرئيسة الجديدة لغينيا ألفي كوندا، لم يجد كما يبدو كلمات مناسبة ليتمنى بها للرئيس الجديد النجاح في منصبه. ليس مصادفةً أن رئيس حزب المعارضة الأكبر كمال كيليتشدارأولو بالتحديد هو الذي مثل تركيا وأرسل التهنئة الأولى لبايدن.

بالنسبة لأردوغان، فإن هزيمة دونالد ترامب، هي ضربة مزدوجة. رغم الخلاف السياسي والعسكري بينهما، فإن أردوغان سحر قلب ترامب، الذي حوله لصديق شخصي، يستحق كل الدعم. عقوبات على تركيا بسبب شراء أنظمة صواريخ روسية؟ إدانة لسيطرتها على مناطق في سوريا، ومحاربة الأكراد؟ غرامات  على البنك التركي الذي خرق تعليمات المقاطعة لإيران؟ عقاب على التنقيبات عن الغاز في مياه البحر المتوسط خلافاً لموقف الاتحاد الأوروبي؟ تركيا نجت حتى الآن من كل هذه بفضل السور الواقي الذي وضعه ترامب أمام أعداء أردوغان. هذا السور سمح للرئيس التركي بإدارة سياسية مستقلة، والتي كانت في جزء منها تعارض مصالح الولايات المتحدة، نظراً لأنها أجبرت الاتحاد الأوروبي على التصرف بحذر وضبط للنفس مع تركيا من أجل ألا يصطدم مع إدارة ترامب.

بصورة مشابهة وضع ترامب أمام الاتحاد الأوروبي مسار مليئاً بالعقبات في قضية إيران. الشرخ الذي حدث بين الولايات المتحدة وأوروبا بعد أن قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي في 2018 كان فورياً ومهدداً. دول الاتحاد -وبالأساس ال3 دول الموقعة على الاتفاق: فرنسا وبريطانيا وألمانيا- بدأت بشق مسار يتجاوز العقوبات من اجل مواصلة إبقاء الاتفاق النووي على قيد الحياة، ولكن شركات أوروبية كبيرة سحبت بسرعة يدها من إيران. النظام الأوروبي الذي أُنشئ من أجل تمويل صفقات مع طهران لم ينجح في الإقلاع.

إن استخفاف ترامب بدول إوروبا، والذي كاد يصل إلى إهانة قادتها، أفرغ من مضمونه السياسي دور الحلفاء الأهم للولايات المتحدة. لم ترغب أي منها التورط مع الرئيس غير المتوقع. عندما طلب الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على السعودية وعلى اتحاد الإمارات بسبب الحرب في اليمن، وجد في الواقع شريكاً في الكونجرس الأمريكي – ولكن ليس في البيت الأبيض، الذي أحبط كل محاولة لمنع بيع السلاح للسعودية وللإمارات. أحياناً كان يبدو أن إدارة ترامب تستهدف سحق مكانة أوروبا حتى عندما أفاد ذلك روسيا التي تغلغلت إلى كل مساحة شاغرة تركتها الولايات المتحدة وراءها. هكذا كان الأمر في سوريا، في ليبيا، وحتى في النزاع الإسرائيلي -فلسطيني الذي أقصيت عنه أوروبا، وبدأت روسيا مؤخراً في إظهار علامات للاهتمام النشط.

إنهيار المحاور التقليدية

الحلم الأوروبي، العربي، الإيراني والفلسطيني بأنه في ال20 من يناير 2021 سيبدأ عهد جديد، خالياً من الترامبية ونقياً من الجنون، هو في هذه اللحظة مجرد: حلم. في ال4 سنوات من غيابه عن الساحة  السياسية ، أسمع بايدن فقط القليل من التصريحات الصريحة، التي يمكن الاعتماد عليها من أجل فهم إلى أين هي وجهته. إحداها هو تصريحه الذي يقول بانه ينوي إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، وفيما بعدد إجراء مفاوضات مع إيران بشأن العديد من المواضيع، من بينها البرنامج النووي الباليستي، ودعمها لحزب الله. ولكن هل سيرفع العقوبات التي فرضها ترامب، ولا تمس بالتحديد الموضوع النووي؟ هل إيران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم وتعيد تفكيك أجهزة الطرد المركزي التي أعادت تشغيلها بعدد عام من إنسحاب الولايات المتحدة؟ بايدن سيكتشف أنه لا يستطيع أن يضغط على زر سحري وتغيير سلوك إيران مرة واحدة، وبالضبط في السنة التي تذهب فيها إلى انتخابات رئاسية. ولكن عملية بهذا الاتجاه ستعيد إلى دائرة العمل الاتحاد الأوروبي ومن شأنها أن ترمم الأنقاض التي تركها ترامب خلفه. دون تدخل أوروبي نشط، فإن بايدن سيجد صعوبة بالغة في ترميم الاتفاق النووي. الرئيس المتخب أيد في الماضي، وكما يبدو الآن، سياسية خارجية تحالفية تستند إلى تحالفات واسعة وعلى مصالح مشتركة. خلافاً لترامب الذي اعتبر كل عملية سياسية بأنها صفقة قام بعقدها (أو فشل في عقدها) على أساس شخصي، والذي يرتبط بالمعرفة الشخصية وبالمحبة (أو الاشمئزاز) الذي شعر به تجاه الآخر.

عندما شارك في خطوات سياسية، فإن بايدن حرص على أن يحمل معه رزمة من القيم مثل: النزاهة، الاستقامة، والحفاظ على حقوق الإنسان. هذا هو العامل المشترك الذي ستبنى عليه شبكة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، حتى عندما يأتي لمقاربة أزمات ونزاعات في الشرق الأوسط. بيد أنه تحت سقف الانفراج الجديد، والذي من المتوقع أن يحمي التحالف الجديد ما بين الولايات المتحدة وأوروبا، من الممكن أن تحدث حروب مريرة.

هل باسم الحاجة لمنع أردوغان من استخدام صورايخ ال س400 الروسية والدفاع عن حقوق الانسان سيوافق بايدن على الانضمام للاتحاد الأوروبي ويفرض العقوبات على تركيا؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف سيتصرف إزاء تهديد تركيا بالانسحاب من حلف الناتو؟ وماذا ستفعل أوروبا إزاء تهديد إغراقها باللاجئين السوريين الذي يلوح به أردوغان؟ هل سيقاطع بايدن أي حكومة لبنانية يشارك فيها حزب الله، حتى لو أدى هذا الموقف لتدمير لبنان؟ أو أنه سينضم إلى مقاربة فرنسا التي تقول أن حزب الله مكون من جزئين عسكري وسياسي، وليس هنالك مانع أن يشارك “الجزء السياسي” في الحكومة؟ هل سيستأنف بايدن المساعدة للفلسطينيين والتي جُمدت في عهد ترامب، حتى لوظلت المفاوضات مع إسرائيل عالقة، وبهذا يعدل موقفه ليتساوق مع السياسيات الأوروبية ويخاطر بشن هجوم إسرائيلي؟

قائمة المعضلات هذه مشتقة من الواقع الذي فيه “كتل” أو “محاور” تقليدية، والتي شكلت الشرق الأوسط قد تغيرت أو تحطمت أو تبادلت الأدوار. هذه القائمة توضح أنه حتى السياسة الأمريكية التقليدية التي استندت إلى تلك الكتل ليس بالضرورة أن تكون صالحة الآن. ترامب طرح عقيدة جديدة، والتي فيها أدارت الولايات المتحدة سياسات ثنائية، شخصية، إزاء سلسلة من الدول والتي كانت جميعها من شأنها أن تتفاخر بلقب “مؤيدة لأمريكا”. بايدن من شأنه أن يتعلم بأن الشرق الأوسط ليس فيلماً بالإمكان إرجاعه للوراء، وأن  الانحلال الذي مرت به المنطقة ليس فقط بسبب ترامب، سيجبره على صياغة استراتيجية جديدة، والذي معناها الابتعاد عن السعي لحل نزاعات، والاكتفاء بمنع توسعها وبتقليص أضرارها. ليس هنالك “صفقات قرن” بل قنوات دفاعية، مزيج من  “الطريقة الأمريكية” و “الطريقة الأوروبية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى