ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – الكورونا في العراق تبحث عن حكومة

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 27/4/2020

في العراق البنية الطبية متهالكة وحكومة انتقالية لا تستطيع اتخاذ قررات أو معالجة الازمة الاقتصادية التي تطورت حتى قبل الكورونا “.

الكورونا في العراق توجد لها حياة جيدة. المستشفيات التي لا تتحمل ضغط المرضى (العاديين أصلا) غير قادرة على مواجهة تفشي المرض الذي جلب اليهم آلاف مرضى الكورونا أو من هم مشكوك باصابتهم. في العراق يوجد 0.8 طبيب لكل ألف شخص. وعدد الأسرة هو 1.4 لكل ألف. التقارير الرسمية تتحدث عن نحو 1500 مريض، وهو رقم وهمي، حيث أن عدد الفحوصات صفري، وقدرة العثور على المصابين تقريبا غير موجودة. في الدولة يعيش أكثر من 1.5 مليون مهاجر، بدون تسجيل أو اشراف وبدون قدرة على الوصول الى المراكز الطبية.

البنية التحتية الطبية المدمرة لم تخلق في السنوات الاخيرة. مصادرها تعود الى حرب الخليج الاولى والثانية، والعقوبات على العراق بين 1990 – 2003، والاحتلال عن طريق قوى التحالف الذي خلاله هربت أو أقيلت طواقم طبية في اطار عملية التطهير من المخلصين لصدام حسين. بعد ذلك، عندما احتل داعش جزئيا العراق، انتقلت اليه السيطرة على المستشفيات في جنوب الدولة وغربها. وهذا الامر أدى الى هرب آلاف الاطباء والممرضين وتدمير آخر للبنى المادية للمؤسسات الطبية. وحتى الآن لم تنجح حكومة العراق في اصلاح اجزاء كبيرة من جهاز الصحة، حيث أن ميزانية الدولة للعام 2019 خصصت نحو 18 في المئة للأمن وفقط 3 في المئة للصحة.

الى جانب البنية التحتية الطبية المتهالكة لا يوجد اليوم في العراق حكومة تستطيع اتخاذ قرارات، وتحديد سلم أولويات ومعالجة الازمة الاقتصادية التي تطورت حتى قبل الكورونا. منذ كانون الاول 2019 تدير الدولة حكومة انتقالية، بعد استقالة رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي في اعقاب موجة احتجاج كبيرة عمت الدولة خلال اسابيع. اثنان ممن جاءوا بعده، واللذان عينهما الرئيس برهم صالح، من اجل تشكيل حكومة جديدة فشلا في المهمة بسبب خلافات على الكراسي وعلى الميزانيات. في هذه الاثناء يحاول مرشح جديد هو مصطفى كاظمي، الذي كان رئيس المخابرات، تشكيل حكومة متفق عليها تستطيع مواجهة الوباء ومواجهة الطلبات المالية الضخمة المقترنة بها.

احتمالات نجاحه ليست افضل من احتمالات اسلافه. الخلافات الطائفية والسياسية ما زالت على حالها، واضيف اليها انخفاض سعر النفط الذي يقلص مصدر الدخل الرئيسي للدولة وقاعدة ضماناتها مقابل القروض من المؤسسات الدولية. صحيح أن اغلاق الحدود مع ايران بسبب تفشي فيروس الكورونا غير شامل والتهرب ما زال مستمرا، إلا أن التجارة الرسمية بمبلغ 12 مليار دولار في السنة، تعرضت الى ضربة شديدة.

وقد اضيف الى العقبات المشهورة عقبة اخرى هي الانسقام في صفوف المليشيات الشيعية. هذا الامر يمكن أن يحدث مواجهة عنيفة بين القوات التي تؤيد النظام والقوات الموالية لايران. في الفترة الاخيرة انفصلت اربع وحدات التي تعد 30 – 40 ألف مقاتل عن المليشيات الشيعية التي تشغلها وتمولها ايران، وبدأت في اجراء مفاوضات مع وزير الدفاع العراقي حول امكانية انضمامها الى الجيش النظامي.

هذه المليشيات مخلصة للقيادة الشيعية الدينية، التي على رأسها آية الله علي السيستاني. وخلفية الانفصال تكمن كما يبدو في الخلاف على تعيين قائم مقام لأبو مهدي المهندس الذي تمت تصفيته في كانون الثاني في الهجوم الامريكي مع الجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس الايرانية. ايران قررت تعيين عبد العزيز المحمداوي المعروف بلقب أبو فدك والذي كان مقرب جدا من سليماني. في حين أن المليشيات المنشقة تعارض التعيين ليس فقط على خلفية شخصية، بل ايضا بسبب الرغبة في التحرر من الارتباط بايران.

هذا ليس الانشقاق الوحيد في المليشيات. ايضا المليشيات الموالية لايران يوجد فيها خلافات حول توزيع المناصب وحجم الميزانيات، خاصة بعد أن قلصت ايران حجم المساعدات المالية التي كانت تحولها لها. في اعقاب الانشقاقات تضعف التراتبية والانضباط للقيادة المركزية للمليشيات والتي يقف على رأسها العراقي فالح الفياض، الرجل الذي اعلن بأن المليشيات الشيعية هي الضمانة الوحيدة لتحقيق “مشروع الخميني”: اقامة دولة شريعة في العراق تشبه الموجودة في ايران.

هذا التطور يؤدي الى وضع فيه بدأ عدد من المليشيات في العمل بمبادرتها الذاتية ضد اهداف امريكية، في الوقت الذي فيه يعتقد قادة آخرون أنه يجب الامتناع عن ذلك من اجل عدم اعطاء الولايات المتحدة ذريعة لمهاجمة قواعدهم. كما يبدو هذه بشرى جيدة سواء للنظام في العراق الذي يحاول تشكيل حكومة متفق عليها، أو الولايات المتحدة التي تدير حرب ضد المليشيات الشيعية في اطار محاربتها لنفوذ ايران في الشرق الاوسط. ولكن هذه المحاولة تعلم أن انشقاقات كهذه من شأنها أن تحدث صراعات قوى عنيفة بين مجموعات المليشيات نفسها، أو اشعال موجة من الاعمال الارهابية ضد المدنيين والمس بالمؤسسات الحكومية.

طلب الولايات المتحدة من كل رئيس حكومة قادم، حل المليشيات الشيعية، فقط يعزز معارضتها ومعارضة الاحزاب الشيعية المؤيدة لها لمن يخضع لهذا الضغط. يبدو أن المصير السياسي لكاظمي الذي رفضت قائمة وزرائه المرشحين عدة مرات من قبل الاحزاب الشيعية، لن يكون مختلف عن مصير أسلافه. وعندما تكون هذه هي قواعد اللعبة السياسية في العراق فمشكوك فيه اذا كان سيتم ايجاد قريبا قيادة تستطيع مواجهة وباء الكورونا ومواجهة تداعياته الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى