ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – الازمة في لبنان تخلق لنصرالله معضلة مزدوجة

هآرتسبقلم  تسفي برئيل – 8/7/2021

الخطاب المتباكي الذي القاه رئيس الحكومة اللبنانية في هذا الاسبوع لم يؤثر في أحد. ففي الدولة وفي الخارج يعرفون أن المسؤول عن الازمة هيالنخبة السياسية الفاسدة “.

العناوين الكبيرة التي صنعها خطاب رئيس الحكومة الانتقالية فيلبنان، حسن ذياب، والتي تقول إنلبنان يقف أمام انفجار اجتماعي بعدايام معدودة، لم تؤثر بشكل خاص على آن غيريو، السفيرة الفرنسية في بيروت. ذياب، الذي دعا سفراء الدول الاجنبية الى اجراء لقاء طاريء خاص ودعاهم فيه الى انقاذ لبنان واتهم المجتمع الدولي بفرض الحصار على لبنان،أمل كما يبدو بالحصول على تضامن دولي والتزام سريع بانقاذ دولته منالازمة التي تخنقها منذ سنتين.

لكن غيريو، وهي ممثلة الدولة التي فعلت أكثر مما فعلت الدول الاخرى من اجل مساعدة لبنان، لم تستطع ضبط النفس. ففور انتهاء كلامه اوضحت له مصدر المشكلات في لبنان.ما يخيف، سيدي رئيس الحكومة، هو أن هذا الدمار نتيجة متوقعة لادارة فاشلة وغياب العمل طوال سنوات. هذا الدمارليس نتيجة حصار خارجي. أنت المسؤول عن هذه النتيجة، جميعكم مسؤولون، كل المستوى السياسي، هذا هو الواقع“.

غيريو تعرف عما تتحدث، مثلما باقي  السفراء  ورؤساء الدول ومنتهمهم مصالح لبنان، وهو أن الازمة الشديدة التي يوجد فيها لبنان هي نتاج صنع أيدي السياسيين في الدولة. “الحصارالذي قصده ذياب هو عدمموافقة الدول المانحة على القاء المزيد من مليارات الدولارات في برميل لبنانالذي لا يوجد له قعر، اموال ستذهب مباشرة الى جيوب النخبة الاقتصادية والسياسية. غيريو ذكرت ذياب بحقيقة أن حكومة انتقالية تدير الدولة لا تفسرتصميمه على عدم اجراء نقاشات أو اجراء اصلاحات هامة. ايضا لا يوجدأي سبب كي تمتنع الحكومة الحالية عن اجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وأن تتوصل معه الى تفاهمات، على الاقل حول الاصلاحات التي يطلبها الصندوق كشرط لاعطاء القروض.

الخطاب المتباكيلذياب مثلما سمي في بعض الصحف في لبنانلم يؤثر بشكل خاص في ممثلي الدول العربية. نائب وزير الخارجية القطري، محمد آل ثاني، اعلن بشكل يثير الشفقة بأن دولته ستقف دائما الى جانبلبنان، وأن قطر ستسعى الآن الى ازالة العقبات التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة. ولكن في كل ما يتعلق بالمساعدات المالية فان قطر تكتفي في هذه الاثناء بالوعد بارسال 70 طن من الغذاء والدواء في كل شهر للجيشاللبناني، الذي سافر قائده جوزيف عون في شهر ايار من اجل جمع الصدقات لجيشه.

إن تشكيل حكومة هو الشرط للحصول على اموال المساعدات بمبلغ11 مليار دولار، والتي تم وعد لبنان بها قبل نحو ثلاث سنوات، قروض من مؤسسات تمويل دولية ومساعدات اخرى بالقدر الذي يوافق فيه اصدقاء لبنان على التبرع به. الفرضية هي أن حكومة جديدة متفق عليها ستتخذ القرارات الاقتصادية والقانونية الصعبة، وهذه القرارات هي التي ستبررالمساعدات وستشكل نظام رقابة وسيطرة نظيف من الفساد على الاموال التي ستصل الى الدولة. هذه فرضية عمل طموحة جدا مثلما تعلمنا تجربة الماضي.

ولكن من اجل تشكيل هذه الحكومة يجب حل الخلافات العميقة بينسعد الحريري والرئيس ميشيل عون وصهره جبران باسيل، العدو اللدود لسعد الحريري. عون رفض تشكيل الحكومة التي عرضها الحريري وطلباضافة وزيرين مسيحيين لها، وهو طلب لم يوافق عليه الحريري. ولكن هذا فقط هو عائق هامشي. فاللغم المتفجر يكمن بالذات في طموح عون (86 سنة) في مواصلة فترة رئاسة اخرى بعد الفترة الحالية التي يتوقع أن تنتهي في أيار 2022، أو اهتمامه بأن يصبح صهره باسيل الرئيس القادم. الرئيساللبناني انتخب من قبل البرلمان وهو بحاجة الى تأييد ثلثي اعضاء البرلمان. وخوف عون هو من أنه اذا جرت انتخابات مبكرة، مثلما يطلب الحريري، فان حركته، التيار الوطني الحر، التي يرأسها صهره، ستفقد قوتها بسبب التآكل الجماهيري العميق الذي اصابهما في السنوات الاخيرة.

عون اعتمد حتى الآن على التحالف السياسي الذي عقده مع حزبالله منذ العام 2006، والذي بفضله اصبح رئيس يمكنه التلاعب بالحكومة. ولكن منظمة حزب الله التي اقنعت قبل خمس سنوات سليمان فرنجية،السياسي المسيحي المخضرم والذي كان جده رئيسا للحكومة بعدم التنافسامام عون، يمكن أن تغير توجهها وتدعم في هذه المرة فرنجية. وطالما أن مؤيدي عون ينجحون في تأجيل الانتخابات واتخاذ قرار حاسم حول ولاية الرئيس، فانهم يعتقدون بأنه يمكنهم التلاعب بتعيين واحد منهم، الرئيسالحالي أو صهره.

في نفس الوقت، نصر الله، الذي يستغل بشكل جيد الازمة، يقوم بطرح موقف معقد. فهو يؤيد عون لكنه لا يعارض تولي الحريري رئاسة الوزراء،وحتى أنه يؤيد تشكيل الحكومة التي عرضها، وإن كان قد امتنع عن اتخاذموقف علني حول ذلك. هكذا من جهة، رئيس حزب الله يحذر من أن يظهركمن يفشل تشكيل الحكومة ولا يساعد على حل الازمة الاقتصادية. ولكنه في نفس الوقت يضمن بأن الحريري لن يضر بمكانة وقوة المنظمة اذا قام بتشكيل الحكومة. لذلك، حزب الله غضب من التقارير التي تفيد بأن عون وجبران باسيل ينويان زيارة بشار الاسد من اجل طلب المساعدة منه في تشكيل حكومة كما يريدان. نصر الله لا يريد أي وساطة لا تمر من خلاله، حتى لو كان الوسيط هو الاسد.

في المقابل، حزب الله يجب عليه أن يعد نفسه لوضع فيه الضغطالدولي والازمة الاقتصادية سيمليان برنامج عمل خارجيسيشمل، ضمن امور اخرى، المطالبة بابعاد حزب الله عن الحكومة. من المشكوك فيه اذاتحققت نية كهذه، لأن الخلافات بين فرنسا التي لا تعارض اشراك حزب اللهفي الحكومة وبين الولايات المتحدة التي ما زالت تتمسك بموقفها التقليديالذي يقول إنه لا يوجد أي مكان لمنظمة ارهابية في الحكومة، اعمق من أنتمكن من التوصل الى قرار متفق عليه. ايضا في الساحة الدولية حزب الله يمكنه الشعور بالامان النسبي.

العقدة السياسية لا تنفصل عن الخوف من الاصلاحات الاقتصاديةالتي يمكن أن تمس بصنبور الاموال التي تغذي الاحزاب الكبيرة ورؤساءها. حزب الله في الحقيقة هو أقل اعتمادا على اموال الدولة وعلى النظام البنكيفي لبنان، فمصادره المستقلة، بالاساس ايران، توفر له الاموال التي يحتاجها، لكنه غير مستعد للتنازل عن نصيبه في ميزانية الدولة الذي يصلهمن خلال الوزارات الحكومية التي هو مسؤول عنها. ويجب عليه أن يضمن،اذا كان الامر كذلك، بأن مشاركته في أي حكومة ستبقى، وأن سيطرته علىالوزارات الاقتصادية لن تتوقف.

احتمالية تربيع الدائرة السياسية والاقتصادية تكمن الآن في مسألة هل ستوافق الدول المانحة على تبكير تقديم المساعدات الاقتصادية قبل تشكيل الحكومة في لبنان، أم أنها ستستمر في السماح للبنان بالغوص فيالضياع الى درجة أن لا يكون هناك مناص عدا عن ضخ المساعدات الحيوية له من اجل تمكين المواطنين فيه من البقاء. في الحالتين النتيجة ستكونمتشابهة. خيار آخر هو اعطاء لبنان مساعدة محددة، مثل مخصصات وقود لتشغيل الخدمات الحيوية وتعزيز التزويد بالكهرباء بواسطة سفن كهربائية وتمويل مشاريع تحت رقابة دولية وتعزيز الجيش اللبناني. كل ذلك لن يحل حقا الازمة السياسية ولن يدفع قدما باجراء اصلاحات اقتصادية، لكن ربماسينجح في أن يوفر للبنان المزيد من الاوكسجين القليل للتنفس.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى