ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – الاتفاقات حبست اسرائيل في صراعات القوى الاقليمية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 17/9/2020

” تعهد اسرائيل للبحرين واتحاد الامارات يمكن أن يزيد تعقيد شبكة علاقاتها مع قطر وسلوكها مع تركيا وأي نشاط مستقبلي في ايران. ربما أن الاتفاقات فتحت نافذة فرص، لكنها ستكون محاطة بقضبان ستمنع من الآن فصاعدا اسرائيل من أن تعمل بحرية “.

العنوان الرئيس في موقع “الاهرام” المصري تناول الحدث الاكثر أهمية الذي وقع في مصر: افتتاح المرحلة الثالثة من برنامج الجامعة اليابانية – المصرية في الاسكندرية وخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي هاجم فيه قوى الشر “التي تريد الاضرار بمصر”. والبحث عن مقالات رأي أو تحليلات حول اتفاقات السلام التي وقعت أول أمس بين اسرائيل واتحاد الامارات والبحرين لم يثمر أي شيء. صحيح أن هذا الحدث التاريخي حظي بمباركة السيسي، لكن في الصحف وكأن الامر لم يحدث.

تقارير جافة تحدثت عن مضمون خطابات الزعماء الذين تحدثوا على شرفة البيت الابيض في عدد من الصحف ذكرت أن مصر كانت هي الاولى التي وقعت على اتفاق سلام مع اسرائيل. وفي بعضها تحدثوا عن الردود في اسرائيل من خلال وسائل الاعلام الاسرائيلية. وتفسير غياب التغطية الصحفية هذه قدمها موقع الاخبار اللبناني المقرب من حزب الله، والذي علم أن مراسلين من مصر تلقوا الاموال من اتحاد الامارات لكم افواههم، ورئيس نقابة الصحافيين في مصر هو عضو في نادي الصحافة في دبي.

الاخبار عبرت عن الاستغراب ايضا من صمت المثقفين في مصر، رغم أن نقابة الصحافيين في مصر كانت الاولى التي تبنت لائحة تحظر أي نوع من التطبيع مع اسرائيل. في الوقت الذي فيه كتاب أعمدة عرب، باستثناء من يعملون في وسائل اعلام في بعض دول الخليج، يواصلون التمسك بالموقف التقليدي الذي بحسبه هم يرفعون راية النضال ضد اسرائيل، حتى لو كانت حكوماتهم تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الحكومة في اسرائيل، فالسؤال الاهم هو كيف سيؤثر التطبيع مع دول الخليج على موقف وقوة دول عربية اخرى.

في اعقاب انضمام اسرائيل الرسمي كجزء لا يتجزأ من المحور العربي المؤيد لامريكا والمناهض لايران، الذي يتوقع أن يتوسع أكثر اذا انضم اليه حقا المزيد من الدول العربية، ليس فقط في الخليج بل ايضا في شمال افريقيا، فان “استيعاب” اسرائيل في المحاور الاستراتيجية الاقليمية يثير الخلافات. الى جانب التقاء المصالح بين مصر والسعودية والبحرين واتحاد الامارات وبين اسرائيل في الصراع ضد ايران، فجميعها شريكة بدرجة كبيرة في رؤية أن تركيا هي عنصر معادي ومهدد. ولكن في الوقت الذي فيه مصر وشريكاتها في الخليج تدير حرب حقيقية ضد تركيا في الساحة الليبية، فان اسرائيل في المقابل تقيم مع تركيا علاقات تجارية وسياحية وتحافظ على مستوى منخفض من العلاقات السياسية.

هناك خلاف آخر يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، هناك مصر واسرائيل واليونان وقبرص تجري صراع وشبكة تهديد متبادلة ضد التنقيب عن النفط لتركيا في مناطق تعتبرها اليونان وقبرص جزء من اراضيها السيادية. في هذا الصراع تم اشراك اتحاد الامارات ايضا التي ارسلت طائراتها من جزيرة كريت من اجل المشاركة في المناورات الجوية، بالاساس من اجل ارسال رسالة لتركيا. “محور الغاز والنفط” آخذ في السخونة، ولا توجد هناك أي ضمانات بأن لا يتطور الى مواجهة عنيفة، لا سيما بين اليونان وقبرص من جهة وتركيا من جهة اخرى. والسؤال هو أين ستقف اسرائيل في هذا الوضع. طالما أنها وقعت على اتفاق يمنعها ليس فقط من العمل ضد مصالح الدول التي وقعت على الاتفاقات معها، بل ايضا يمنعها من التوقيع على اتفاقات يتوقع أن تضر بمصالح أحد حلفائها.

مفترق طرق متفجر آخر يتمثل في علاقة اسرائيل مع قطر، التي توفر حبوب التهدئة المالية لغزة، وهي تشارك في استقرار التهدئة في كل مرة يتم فيها خرقها. في هذه الاثناء لا توجد أي دولة خليجية مستعدة لأخذ مكان قطر في وظيفة الصراف الآلي لحماس، ومكانتها ستستمر في أن تبقى كبيرة التأثير في المواجهات العارضة على طول الجبهة في الجنوب. ولكن قطر هي العدو اللدود لاتحاد الامارات والبحرين ومصر والسعودية، سواء بسبب علاقتها الوثيقة مع ايران أو بسبب نشاط قناة “الجزيرة” ضد الانظمة العربية، لا سيما مصر ودول الخليج. أو بسبب دعمها لحركة الاخوان المسلمين وتحالفها مع تركيا، التي توجد لها في قطر قاعدة عسكرية. قطر توجد لها علاقات جيدة ايضا مع الادارة الامريكية، التي توجد لها فيها القاعدة الاكبر في الخليج.

السؤال هو كيف سترد اسرائيل اذا قررت قطر تطبيع علاقاتها معها. هل تستطيع رفض يد قطر الممدودة لها، التي هي دعامتها في ميزان القوى امام حماس، بسبب ضغط اصدقاءها الجدد في الخليج أم أنها ستحتضنها كدولة عربية اخرى تساهم في احتواء اسرائيل في الفضاء العربي؟ هل التحالف مع قطر سيعتبر خرقا للاتفاق مع الامارات والبحرين بسبب الاضرار بمصالحها؟ يمكن التقدير بأن دول الخليج لن تمنع أي تطبيع بين اسرائيل وقطر، وادارة ترامب ستواصل استثمار جهودها في تصفية النزاع بين قطر والسعودية. ولكن هذا المثال يمكن أن يوضح شبكة الاعتبارات والمعضلات التي ستواجهها اسرائيل من خلال مكانتها الجديدة في الشرق الاوسط.

يمكن التخمين ايضا كيف ستبدو من الآن فصاعدا الضغوط على اسرائيل اذا قررت العمل ضد ايران. صحيح أنه في اعقاب “تعهد” ترامب بالتوقيع على صفقة مع ايران بعد فترة قصيرة من اعادة انتخابه كرئيس، سيكون من الصعب التخمين بأن اسرائيل ستعمل عسكريا ضد ايران الى جانب الساحة السورية والعمليات الاخرى المنسوبة لها. لكن دائما يطرح سؤال “ماذا اذا”. السعودية اوضحت في السابق في تصريحاتها ومن خلال سلوكها بأنها لا تنوي العمل عسكريا ضد ايران. اتحاد الامارات وقعت مع ايران على اتفاق تعاون لحماية الملاحة في الخليج وهي تحظى بالهدوء من المليشيات الشيعية في العراق ومن الحوثيين الذين حتى ذلك الوقت ضربوا سفنها. وحرب اسرائيل ضد ايران ستضعها في خط النيران المباشر لطهران.

البنود العامة للاتفاقات ضبابية جدا من اجل أن تسمح بتفسيرات واسعة، لكن جميع الدول المشاركة ملتزمة بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة، أي أنه حتى العمليات العدائية لاسرائيل ستكون خاضعة من الآن فصاعدا ليس فقط لايماء من الامريكيين، بل لاعتبارات خاصة بالبحرين والامارات ودول عربية اخرى وشبكة علاقات هذه الدول مع الولايات المتحدة. هذا ليس فيه ما يقلل من الاهمية الاستراتيجية لهذه الاتفاقات، لكن من الجدير معرفة القيود التي ستحيط باسرائيل من الآن فصاعدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى