ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – ابرتهايد، هذا ليس ابرتهايد

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 20/1/2021

أتباع الدولة ثنائية القومية أو من يؤيدون الضم لا يهمهم معرفة اذا كان الفلسطينيون انفسهم يريدون أن يكونوا جزءا من دولة تحدد مسبقا مكانتهم الدونية وتسلبهم هويتهم القومية. والخيار الآخر هو السعي بدون كلل الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة “.

عمل قليل وضجة كبيرة قام بهما مدير عام “بتسيلم” حاغي العاد، عندما لف اسرائيل والمناطق التي قامت باحتلالها ببطانية واحدة، ككيان واحد كبير بين البحر والنهر، يسري فيه نظام ابرتهايد (“هآرتس”، 19/1). بمرة واحدة ضم المناطق، ومنح الفلسطينيين مكانة مواطنين دونيين في دولة اسرائيل، التي حدودها تمتد من البحر الى النهر.

دول ديمقراطية نموذجية – اسرائيل ليست كذلك – احتلت مناطق ودول. بريطانيا احتلت مصر والسودان، فرنسا احتلت الجزائر، وحولتها ايضا الى مقاطعة فرنسية، الولايات المتحدة احتلت العراق وافغانستان. ومن ناحية القانون الدولي فان الاحتلال هو حالة خاصة، ومواثيق جنيف التي صيغت من اجل تنظيم الحياة تحت الاحتلال تحاول تقليص الضرر الداخلي الذي يخلقه – خرق المواثيق والقوانين هذه يعتبر خرق للقانون الدولي، بل ايضا جريمة حرب، حتى بدون اعتباره ابرتهايد.

ميخائيل سفارد (“هآرتس”، 9/7/2020) قال إن الوضع في المناطق هو ابرتهايد. لأنه حسب تفسيره “الابرتهايد هو نظام، الذي بكل الأدوات الموجودة في حوزته – قانون، سياسة، ممارسة – يخلق تفوق لمجموعة معينة ويفرض دونية على مجموعة اخرى، الذي بشكل عام ينعكس بالتمييز الممأسس في الحقوق والموارد”. صحيح أنه يوجد هنا توسيع للتعريف الذي صيغ في ميثاق روما، لكنه شرعي وأخلاقي بالتأكيد. وجدعون ليفي أطال حدود التعريف اكثر وقال إنه باستثناء فترة نصف عام، اسرائيل كانت وما زالت دولة ابرتهايد (“هآرتس”، 17/1).

ليس من الواضح لماذا أعفى ليفي الفترة الواقعة بين الغاء الحكم العسكري الذي فرض على العرب في اسرائيل وبين احتلال المناطق في 1967 – حيث أنه ايضا  في نصف السنة هذا كانت ثقافة الابرتهايد ضد عرب اسرائيل متجذرة بصورة جيدة. الغاء الحكم العسكري لم يعمل على تغطية على الاغتراب وعلى التفريق وعلى الاقصاء والكراهية التي شعر بها اليهود تجاه العرب، وعلى خوفهم منهم. هذه هي جزء من أسس الهوية القومية اليهودية، وهذه فقط تم صقلها مع الوقت. أي أن تفوق مجموعة معينة لا يقتضي احتلال بالضرورة، مثلما من الخطأ رؤية أي احتلال ابرتهايد. اضافة الى ذلك، استخدام فرشاة واسعة تلون اسرائيل والاحتلال بلون واحد، يسمح بتجاهل حقيقة أنه في كل احتلال توجد مجموعة واحدة تفرض الدونية – السياسية، الثقافية والاقتصادية – على مجموعة اخرى برعاية القانون الدولي.

إن الفشل الاخطر لمن يعرفون ابرتهايد اسرائيل يكمن في عرض المشكلة الفلسطينية على أنها مشكلة انسانية، مشكلة حقوق انسان ومساواة امام القانون. وحسب وجهة النظر هذه، فقط لو استطاع الفلسطينيون بناء البيوت كما يريدون، ولو أزيلت حواجز الطرق وجمع شمل العائلات كان مفتوحا للجميع – فان الاحتلال كان سيختفي، وكانت الاخلاق ستتنفس الصعداء. هذا هو اساس الخدعة لأن المشكلة ليست جودة الاحتلال، بل مجرد وجوده. والتباكي على تحول الاحتلال الى ابرتهايد هو خداع للنفس في افضل الحالات، حيث أنه حسب هذه المقاربة، الاحتلال يمكنه أن يكون “متنور”. الاجابة المعدة مسبقا على هذا الادعاء هي أنه من اجل التخلص من آفة الابرتهايد يجب تحويل اسرائيل الى دولة ثنائية القومية. ولكن هذا الهوس اذا تحقق فهو الذي سيحول اسرائيل الى دولة ابرتهايد أبدية، بل وسيتم عرضها كنموذج لحل النزاع القومي.

إن أتباع الدولة ثنائية القومية أو من يؤيدون الضم، لا يوجد أي فرق فكري بينهم، لا يهمهم مطلقا معرفة اذا كان الفلسطينيون انفسهم يريدون أن يكونوا جزءا من دولة ستحدد مسبقا مكانتهم الدونية وتسلب منهم هويتهم القومية. الخيار الآخر هو السعي بدون كلل الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة. صحيح أن هذا الامر يحتاج الى ثورة في النظام الحاكم وثورة فكرية في اسرائيل، أو ضغط دولي كبير عليها (حتى الآن هذه الامور لا تبدو واقعية) لكنها على الاقل ترسم مسار للعمل، وليس صرخة الابرتهايد التي فقط تغذي خطاب الورع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى