ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – إبن سلمان مطالب بأن يصالح والده وبايدن كي ينفذ تطلعاته

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 11/12/2020

في حين أن الملك السعودي سلمان يعتبر مملكته وصية على جميع الدول العربية، فان إبنه يؤيد مقاربة “السعودية أولا”. مواقفهما تخضع لاختبار نهائي بالنسبة لاسرائيل وايران والادارة الامريكية الجديدة “.

الدهشة سيطرت على وزير الخارجية غابي اشكنازي في اعقاب تهجمات الامير تركي الفيصل على اسرائيل في مؤتمر الامن الافتراضي الذي تم عقده في البحرين. لأنه فقط قبل بضعة ايام التقى بنيامين نتنياهو مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان – اللقاء الذي تم نفيه بشدة من قبل الامير الفيصل – الذي لم يعد منه برزمة تطبيع جديدة، لكن كان يمكنه أن يفهم بأن مجرد اللقاء هو خطوة اخرى باتجاه ذلك.

هنا يظهر من كان رئيس المخابرات في السعودية وسفير المملكة في الولايات المتحدة لسنوات ويقول بأن اسرائيل تحتجز الفلسطينيين في معسكرات تجميع وأنها دولة كولونيالية وأن التطبيع معها مشروط باقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ولكن فعليا، لم يكن هناك أي أمر مفاجيء في اقوال تركي الفيصل. من يتابع تصريحاته خلال السنة الماضية كان يمكن أن يتولد لديه الانطباع بأنه لم يغير اسلوبه. وفي مقابلات صحفية، بما في ذلك المقابلة التي اجراها معه براك ربيد من القناة 13 قبل سنة تقريبا، وفي ظهوره العلني، عرض نفس الموقف. المبادرة العربية التي تم تبنيها في مؤتمر قمة جامعة الدول العربية في 2002، هي حسب قوله القاعدة التي سيبنى عليها الحل السياسي.

الفيصل ليس وحده. فموقفه يعكس السياسة العلنية للملك سلمان، وهو موقف وجد تأييد آخر في تصريح المملكة في هذا الاسبوع والذي يقول بأن “المشكلة الفلسطينية هي مشكلة عربية اساسية تقف على رأس المشكلات التي تؤيد المملكة حلها”. وفي نفس الجلسة التي تمت ادارتها من قبل الملك سلمان، أوضح بأنه “من المهم وقف الاحتلال عن بناء مستوطنات. هذا يمس القانون الدولي والمبادرة العربية هي الاساس للحل”.

كان هناك من سارعوا الى القول بأن الامر يتعلق بخلاف ايديولوجي أو استراتيجي بين إبن سلمان والفيصل، أو للدقة، بين الملك سلمان وابنه. بين المقاربة المحافظة العروبية المنسوبة لسلمان والتي ما زالت تعتبر مملكته وصية ليس فقط على الاماكن المقدسة، بل على الاماكن العربية بشكل عام وفي مركزها المشكلة الفلسطينية، وبين الاستراتيجية الفردية التي يمثلها ولي العهد. موقفه يقول “السعودية أولا”، أي أن حل النزاعات الاقليمية لا يأتي على حساب السعودية. وكان هناك من ذهبوا بعيدا مثل الموقع المعارض “السعودية أون لاين”، الذي نشر في هذا الاسبوع عن “مصادر سعودية” أن ابن سلمان أمر بوضع الفيصل رهن الاقامة الجبرية وسحب منه المخصصات التي يتلقاها كأمير من العائلة المالكة. اضافة الى ذلك، الموقع قال بأنه في اعقاب تصريحات الفيصل ارسل نتنياهو رسالة احتجاج لابن سلمان، طلب فيها توضيح معنى الخطاب. ابن سلمان اعتذر واوضح بأن الامر يتعلق بسوء فهم. في هذه الاثناء لا يوجد لهذا التقرير أي تأكيد، والموقع نفسه راكم لنفسه اسم من يختلق اخبار ولا يبلغ عنها – مثلما فعل قبل ثلاثة اشهر عندما نشر بأن الملك سلمان توفي.

تفسير ذلك لا يعني أن الخلافات غير قائمة في البلاط الملكي، أو أنه قريبا سيتم التأكد من صحة التقرير عن اعتقال الفيصل. لقد حدثت امور كهذه في المملكة في السابق، والمثال البارز منها هو وضع ولي العهد السابق رهن الاقامة الجبرية، الامير محمد بن نايف، الذي منذ شهر آذار لم يشاهد من قبل الجمهور. المقربون من ابن سلمان قالوا إن ابن نايف متهم بمحاولة القيام بانقلاب، والشبكات الاجتماعية امتلأت بتغريدات وتقارير عن أن ابن نايف حاول حتى أن يقوم بتصفية ابن سلمان. “الغارديان” اللندنية كشفت مؤخرا بأنه تقريبا 40 في المئة من التقارير في الشبكات الاجتماعية مصدرها روبوتات غير معروف من يقوم بتشغيلها. ولكن ليس من الصعب التخمين.

مطلوب اجابات

إن التقدير الذي يقول بأن خطاب التطبيع الذي يدفع به ابن سلمان قدما – في الوقت الذي هو مدعوم فيه بتصريحات الرئيس ترامب وصهره ومستشاره كوشنر، والتي تقول بأن السعودية هي الدولة القادمة بعد اتحاد الامارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع اسرائيل، هو تقدير مناقض تماما لموقف الملك سلمان، وهو بحاجة الى عدة اجابات. على سبيل المثال، اذا كان ابن سلمان هو الشخص الوحيد الذي يحل ويربط في سياسة المملكة، فكيف اخضع ارادته لارادة والده في موضوع التطبيع؟ هل اقوال الفيصل فاجأت ابن سلمان ايضا أم أنها نسقت معه؟ وهل هناك أصلا خلاف في مسألة التطبيع مع اسرائيل، حيث أنها اذا كانت قائمة، فان ابن سلمان كان من شأنه ايضا أن يقيل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي قبل حوالي ثلاثة اسابيع أعلن بأن المملكة مستعدة لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل بعد التوقيع على اتفاق سلام بينها وبين الفلسطينيين – اتفاق يضمن اقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ابن فرحان الذي ولد في المانيا قبل 46 سنة وشغل منصب سفير بلاده في المانيا ومنصب مستشار في السفارة السعودية في واشنطن، تم تعيينه فقط قبل سنة في منصبه بمباركة ابن سلمان. منذ ذلك الحين اعتبر المتحدث باسم ابن سلمان، اضافة الى منصبه وزيرا للخارجية. يمكن التخمين بأنه بين الملك سلمان وابنه هناك اتفاق في الرأي على الاقل بالنسبة لهدف التطبيع: يجب أن يثمر مقابل مناسب للمملكة. اذا كان هناك نقاش بينهم فانه موجود في تفسير هذا المقابل.

هدف السعودية هو اعادة الامور الى حالها، هذا يشمل تحسين العلاقات بين واشنطن والرياض، التي تضررت بصورة شديدة بعد قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي وبسبب الحرب في اليمن، التي تستمر منذ نحو خمس سنوات دون أن يلوح لها حل في الافق. المسؤول عن هذه المسائل هو ابن سلمان بصورة شخصية، وهي تضاف الى مسألة المس الشديد بحقوق الانسان، الذي يشمل استمرار اعتقال 13 امرأة واعتقال خصوم سياسيين. هذه معا تشكل رزمة غضب الغرب من السعودية. التطبيع مع اسرائيل كان كما يبدو من شأنه أن يستخدم كمهر، اعتقد ابن سلمان أن يقدمه للولايات المتحدة من اجل أن يعيد بناء مكانة المملكة، لكن يبدو أن ترامب اوضح له بأنه لا يستطيع تزويده بالبضاعة، بالاساس ليس امام الكونغرس الذي تقع فيه البؤرة الساخنة والتهديدية ضد ولي العهد.

في نفس الوقت، الافتراض الذي يقول بأن السعودية ترغب في “منح” التطبيع مع اسرائيل كهدية تدشين البيت لجو بايدن، لا يمكن أن يكون مفهوم ضمنا. بايدن يأتي مع جعبة مليئة بالغضب، وحتى بالاشمئزاز من ابن سلمان. هو يتطلع الى الدفع قدما بعودة واشنطن الى الاتفاق النووي مع ايران وانهاء الحرب في اليمن وفحص سياسة حقوق الانسان لابن سلمان. هو معفي من عقوبة صفقة القرن لترامب والتطبيع بين السعودية واسرائيل يجب أن يسبقه تطبيع بين رئيس حكومة اسرائيل وبين الرئيس الامريكي.

مثل الكثيرين في المملكة، ابن سلمان ايضا ينتظر اليوم الذي فيه يصبح ملك ويدير المملكة كما يشاء. هو يواصل حملة تطهير الصفوف في اوساط من يعتبرون اعداء ومعارضين له، من بينهم كبار الضباط في الجيش مثل الامير الجنرال فهد بن تركي الذي كان قائد قوات التحالف العربي في اليمن، وتمت احالته الى التقاعد في شهر آب الماضي بذريعة أنه فاسد. محللون سعوديون في الغرب ذهبوا ابعد من ذلك واعتقدوا أن ابن سلمان يمكنه حتى اجراء انقلاب في المملكة وازاحة والده عن الحكم مثلما لم يتردد في وضع أمه في الاقامة الجبرية.

ولكن هذا الانقلاب يمكن أن يمس بصورة عميقة بشرعيته، وليس فقط بالسعودية. في هذه الحالة، ابن سلمان سيجر الى رقصة التانغو مع الدول الغربية، لا سيما مع الولايات المتحدة التي تهدد بوقف بيع السلاح للسعودية، الذي هو فيه المقود وليس القائد. ابن سلمان يمكنه فقط أن ينظر بحسد الى نظيره ولي عهد اتحاد الامارات، الشيخ محمد بن زايد، الذي قرأ بشكل جيد وفي وقت مبكر الخارطة السياسية لامريكا. قرار ابن زايد الانسحاب من الحرب في اليمن منحه نقاط كثيرة في الكونغرس الامريكي، وألقى كامل المسؤولية عن الحرب الفاشلة في اليمن على ابن سلمان. ربما أن التطبيع مع اسرائيل وحده لم يكن كافيا من اجل أن يصادق ترامب على بيع طائرات اف35. لو أن ابن زايد لم يفصل نفسه عن الحرب الدموية في اليمن لكان بامكان الكونغرس أن يضع معارضة شديدة بشكل خاص على استخدام الطائرات الامريكية في قتل المدنيين مثلما هي الحال مع المملكة العربية السعودية.

إبن زايد نجح في أن يمرر بهدوء نسبي التطبيع في بلاده وفي العالم العربي، من ضمن امور اخرى، بسبب أن بلاده لا تعتبر أيقونة اسلامية، وهو غير غارق في حرب داخلية ضد خصوم بارزين يهددون مكانته. هكذا، في حين أن السعودية حائرة بين الضغوط الداخلية وبين الفائدة من التطبيع، فان ابن سلمان رسخ مكانته كزعيم اقليمي رائد، الذي بدأ يعتم على مكانة ابن سلمان. وحسب تقارير في وسائل الاعلام الامريكية فانه تشاور مع بايدن قبل التوقيع على الاتفاق مع اسرائيل.

هذه العلاقات من شأنها أن تنجح في اختبار التوتر المتزايد حول سياسة واشنطن بالنسبة للاتفاق النووي مع ايران. سؤال رئيسي يتعلق بمستقبل التحالف المناويء لايران والذي شكلته السعودية، الذي فيه محفوظ لاسرائيل مكان محترم. هل اتحاد الامارات التي تعمل فيها حوالي 3 آلاف شركة ايرانية وموقعة مع ايران على اتفاق لتأمين الملاحة في الخليج الفارسي، ستؤيد عودة الاتفاق النووي، أم أنها ستقف هي والسعودية والبحرين ضده. اسرائيل، رأس الحربة في المعركة ضد الاتفاق النووي، يمكنها في حينه أن تجد نفسها في معركة سياسية، فيها هي والسعودية تقفان امام الحليف الجديد، اتحاد الامارات، وضد الادارة الامريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى