ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي بارئيل– ترامب فعل المستحيل وترك االشرق الأوسطأكثر خراباً مما كان

هآرتسبقلم  تسفي بارئيل – 3/11/2020

مع مقاربته التي ترى الدول كشركات، وضع ترامب الولايات المتحدة فيالشرق الأوسط كشخصية ظل، حاضرة غائبة، ليس فقط أنها غير قادرة علىحل النزاعات، بل تساهم في إطالاتها وتغذيتها “.

هنالك لوم واحد لا يجب توجيهه لترامبأن الـ4 سنوات معه كانت مثيرة. الرجل يعرف أن يقدم عرضاً، أن يسلي الجمهور في كل العالم، وأن يُضحكبصورة مأساوية حتى وهو يتحدث انجليزية مكسرة، وأن يثير موجاتتسونامي في الشبكات الاجتماعية أكثر من أي زعيم آخر. لقد دخل بصورةهائجة إلى دكان الخرداوات في للشرق الأوسط وبحث ووجد فيها كل الأجزاءالتي لا ترتبط معاً وشكل منها أفراسا لها 9 أرجل و 5 رؤوس. ترامبتصاحب مع أشخاص ديكتاتوريين وآمن أنه من الممكن فقط معهم عقدصفقات. الصفقات بالمناسبة هي المفهوم الذي حل محل مفهوم السياسة. هذا ما يتوجب في نظر من يعتبر نفسه فنان الصفقات. إلى أن اتضح أنهغارق في الديونونسيدفع الضرائب. لقد اندفع نحو الشرق الأوسط معصفقةصاخبة عُرفت باسمصفقة القرنوالتي وقعت بحضور جانبواحد، جانب ترامب. في أحلامه رأى ترامب سلاماً شاملاً بين إسرائيل وبينالعرب، عشرات المليارات من الدولارات ستغرق رمال الصحراء ورأى أبراجترامب تزدهر في غزة، والخليل وعمان. حلم كهذا لم يُشاهد في  هذه المنطقةالدامية.

ترامب جدير بالثناء على انه نجح في إحداث تطبيع بين إسرائيل ودولةالإمارات والبحرين وفي الطريق أيضاً السودان، كل واحدة حصلت على رزمةكهدية حسب حاجاتها. الامارات ستحصل على طائرات ف 35ن السودانسيتم رفعها من قائمة الدول المؤيدة للارهاب، والبحرين ستحظى بالمتبقيات. ولكن إسرائيل هي الرابحة الكبرى. هذا حقاً يشكل ثورة تاريخية ضخمة،تغييرا منهجيا ، لقد اوجد حزام تأييد عربي لدولة إسرائيل، دون أن يكونمطلوباً منها أن تدفع مقابله ثمناً أيدولوجياً أوجغرافياً أو مالياً. هذا انجازالقرن. ولكنها ليستصفقة القرنالتي تنهي النزاع الإسرائيليالفلسطيني.

 ترامب لم يُحدث معجزة ولا حل نزاعاً دامياً بين إسرائيل وأي دولة عربية، هوليس جيمي كارتر ولا بيل كلينتون، لقد صادق على شرعنة استمرار الاحتلال. وضم هضبة الجولان وحدد مقر السفارة الامريكية في القدس، وأنهى مكانةواشنطن كوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين، وسوية مع ذلك أنهى الأفقالسياسي لاسرائيليين وفلسطينيين.

في الشرق الأوسط أدار ترامب استراتيجية تجارية استندت على رؤية أنرؤساء الدول هم مدراء عامون أو رؤساء شركات غير خاضعين لمجالسالإدارة العامة أو للجان العمال. في هذه المنطقة يعتقد ترامب حسب رأيالجمهور، أنه لا يوجد أهمية للمشاعر القومية وللتاريخ أو للثقافة. يكفي وجودعلاقة شخصية وطيدة مع زعيم من أجل عقد صفقة. هو ربما الزعيم الوحيدفي العالم الذي يرى في أردوغان ،رئيس تركيا ،حليفا مناسبا. “أنا أتدبرنفسي جيداً معه، وهو يصغي ليقال ترامب في مقابلة في شهر آب.

حتى عندما غرس اردوغان عود أسنان في عينه لدى شرائه لأنظمة الصواريخالروسية وايضاً عندما هاجم الاكراد  حلفاء الولايات المتحدة في الحرب ضدداعش، حظي أردوغان بدعم كامل من ترامب، والذي حتى برر شراء الصواريخبأن إدارة أوباما رفضت أن تبيع تركيا صواريخ متطورة. ليس من العجيب اناردوغان يخاف من نتائج الانتخابات الرئاسية. هو لم يصادف بعد رئيساً أمريكياًيمكنه ان يرفع عليه صوته.

درة التاج لفن صفقات ترامب كان بالتحديد في إنهاء صفقة: الانسحاب منالاتفاق النووي سنة 2018. لقد كان واثقاً من أن سياسةالضغط بالحدالأعلىستجبر إيران ان تجثو على ركبها وتقبل بكل شروطه. بعد سنتين،إيران ما زالت حية ولم تخضع. وضعها سيء، وهي غارقة في أحد الأزماتالاقتصادية الصعبة في تاريخها ولكنها تواصل تأييد حزب الله وتواصلتمويل الميلشيات الشيعية في العراق وتمويل وتدريب الحوثيين في اليمنوالامساك بيد بشار الأسد. أجل، هي أيضاً زادت كميات اليورانيوم التيتخصبها وأعادت تشغيل أجهزة طرد مركزي كانت متوقفة. الآن ترامب واثقبأن لديه صفقة جديدة وناجحة يعرضها على إيران، فقط إذا انتخب فسيظهرللعالم كيف يتم التعامل مع إيران. ولكن هذا هو نفس ترامب الذي لم يسارعفي الرد على إطلاق صواريع إيرانية أصابت أهدافاً أمريكية سعودية،وأهدافاً لاتحاد الامارات. عندما طلبت السعودية فإنه لم يتطوع لتقديمالمساعدة. أي، لقد كان مستعداً للمساعدة، ولكن مقابل دفع ثمن. الصفقةهي الصفقة، ترامب خلافاً لأوباما هاجم سوريا بعد ان استخدمت الغازالسام ضد مواطنيها، ولكن مؤخراً يجري معها مفاوضات بشأن إطلاق سراحأمريكيين مدنيين معتقلين. من قال أنه لا يتم إجراء مفاوضات مع إرهابيين.

3 مرات وعد ترامب أنه سيسحب قواته من الشرق الأوسط كجزء من سياسةالانفصال التي كتبها على رايته. في احد المرات في أفغانستان وعندما وقعمن اتفاق مع طالبان وهي المنظمة المسؤولة عن قتل مئات المدنيين الأفغان،ومرة ثانية عندما أعلن عن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، ومرة ثالثةعندما وافق على سحب قواته من العراق. الانسحاب من أفغانستان ما زالينتظر الخروج إلى حيز التنفيذ.  الانسحاب من سوريا تلاشى. وبشأن مكوثالقوات في العراق فإنه يواصل إجراء مفاوضات وخلال ذلك يترك على الطريقخلفه صفاً من الجثث. أفغانستان تواصل إدارة حروب مع طالبان، والأكرادفي سوريا فقدوا ثقتهم في الرئيس الأمريكي، ورغم أن الانسحاب من سورياتم وقفه، فإنهم بدأوا بالتودد لسوريا ومصاحبتها ومستعدون حتى لإجراءمفاوضات مع الأسد من أجل الحفاظ على بقائهم إزاء الهجمات التركية. “الأكراد ليسوا هم مشكلتناقال ترامب بعد إعلان الانسحاب،يوجد هناكالكثير من الرمال، وسيكون لديهم الكثير من الرمال ليلعبوا بها، العراق التيطالبت بإنسحاب القوات الامريكية تخاف الآن من البقاء وحيدة أمام داعشالتي رفعت رأسها في محافظاتها الشمالية، وتركيا سبق وأجرت تجارب علىأنظمة الصواريخ الروسية. ترامب وضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسطكشخصية ظل، حاضرةغائبة، والتي ليس فقط غير قادرة على حلالنزاعات، بل هي تساهم في إطالتها وتغذيتها.

الشريكة العربية الأهم للولايات المتحدة، السعودية تحكم على يد ولي العهدمحمد بن سلمان، الذي أصبح شخصية غير مرغب فيها في الولايات المتحدةبعد قتل الصحفي خاشقجي. منذ أكثر من سنتين لم تطأ قدمه أرضهابالرغم من حقيقة أنها وعدت بشراء سلاح وطائرات بمبلغ حوالي 110 ملياردولار. ولكن ترامب هو الزعيم الوحيد الذي امتنع من اتهام بن سلمانبالمسؤولية عن القتلخلافاً لاستنتاجات الاستخبارات المريكيةوبجسدهأحبط الرئيس قرار الكونجرس بمنع بيع سلاح لبن سلمان. ترامب أجبر ب فيالحقيقة السعودية على إجراء مفاوضات مع الحوثيين في اليمن، ولكن السلاحالامريكي ما زال يستخدم من قبل القوات السعودية في هجماتها علىالتجمعات السكانية في اليمن، في الحرب التي ما والت مستمرة لأكثر من 5 سنوات وأزهقت حياة أكثر من 100 الف شخصا.

حتى جهود ترامب في رأب الصدع بين قطرالدولة التي تستضيف القاعدةالامريكية الكبرى في الشرق الأوسطوبين السعودية، البحرين، اتحادالامارات ومصر، لم تنجح. الحصار الاقتصادي الذي فرضته الثلاث دولالخليجية سوية مع مصر على قطر، عزز علاقات قطر مع تركيا ومع إيرانوالذين معاً أسسوا محوراً مشتركاً يحاول أن يحل محل المحور العربي الذيحل محل أمريكا. تركيا وقطر تقفان على رأس الجبهة في الحرب في ليبيابين الحكومة المعترف بها وبين الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، حيث يقفضدها جبهة روسية ،فرنسية، سعودية، إماراتية ومصرية. في هذه الساحة،مثلما في الساحة السورية، تكتفي الولايات المتحدة بمكانة المراقب، وكأن هذهالمعركة لا تمسها. اللامبالاة الأمريكية في الجبهة السورية الليبية منحتروسيا احتكاراً في الملعب الشرق أوسطي والذي تعرف جيداً استغلاله، وهيحتى تنجح في توسيعه كما يظهر من شبكة العلاقات العسكرية والاقتصاديةوالتي طورتها مع مصر والسعودية. ليس هنالك شك في أن روسيا تستطيعأن تأكل المزيد من الطيبات التي تركها ترامب لها.

اليوم سوف يقرر الناخبون الأمريكان هل حان فصل النهاية لهذه الفترةالفوضوية التي ستبقي تراثاً معيباً ومليئا بالنزاعات. ولكن ليست إرثا. ولكنكما أثبت ترامب لنفسه، ليس هنالك سياسة لا رجعة عنها، وليس هنالكخطوات نهائية لا يمكن إصلاحها. يجب فقط أن نأمل بأن تكون الفترةالقادمة مملة، بدون إثارة وبدون مهرج يدير العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى