ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تسفرير رينات  – اسرائيل تريد ان تكون قوة عظمى ،  نفطية وازمة المناخ يمكنها أن تنتظر

هآرتس – بقلم  تسفرير رينات  – 1/8/2021

” اتفاق نقل النفط الذي وقعت عليه الشركة الحكومية يطرح علامات تساؤل حول التزام اسرائيل بالانتقال الى اقتصاد قليل الكربون. ولكنهم في شركة خط اوروبا – آسيا لا يرون أي تناقض بين الاثنين. وهم يقللون من شدة الخطر البيئي الذي يكتنف الاتفاق “.

في الوقت الذي يشجعون فيه في العالم على الانتقال الى الطاقة المتجددة على حساب الوقود الملوث، فان شركة خط انابيب اوروبا – آسيا تريد تحويل اسرائيل الى دولة عظمى لتخزين ونقل النفط. في زيارة الى المنشأة الضخمة التي تشغلها الشركة في عسقلان، فان تعهد الحكومة بنقل اسرائيل الى اقتصاد قليل الكربون يبدو تعهد خيالي تقريبا. المدراء في شركة خط انابيب اوروبا – آسيا لا يخفون تفاخرهم بأن الامر يتعلق بواحدة من العشرين منشأة ضخمة في العالم لتخزين النفط، ويعلنون عن نية توسيع وتعميق نشاطها في البحر وفي اليابسة. في المقابل، هم يريدون التقليل من الخطر الذي يتعرض له النسيج البيئي في خليج ايلات وفي البحر المتوسط في حالة تسرب كبير.

شركة خط انابيب اوروبا – آسيا اقيم في نهاية الستينيات من القرن الماضي كشراكة اسرائيلية – ايرانية من اجل ضخ النفط من الخليج الفارسي الى دول حوض البحر المتوسط. الشركة توجد الآن بملكية حكومة اسرائيل. ولكنها ما تزال حتى الآن تحصل على القليل من السرية التي تنبع من ظروف اقامتها. الانبوب الرئيسي للشركة يجتاز النقب ويضخ النفط من ايلات الى عسقلان. ومن عسقلان تخرج انابيب اخرى الى مصافي التكرير في اسدود وحيفا.

المنشأة في عسقلان يوجد فيها نحو 30 صهريج ضخم يمكن أن يخزن فيها 2.3 مليون متر مكعب من النفط. اضافة الى السولار والنفط الخام اللذين يخدمان الاقتصاد الاسرائيلي، فان نصف النفط المخزون في عسقلان يتم احتجازه لصالح شركات اجنبية. التطور الاخير في هذا المجال هو الاتفاق الاشكالي الذي وقعت عليه شركة خط انابيب اوروبا – آسيا في تشرين الاول الماضي مع شركة “ميد ريد لاندبريدج”، التي يشارك فيها رجال اعمال من اتحاد الامارات. هذا الاتفاق يسمح لناقلات نفط اجنبية بتفريغ حمولتها على ارصفة شركة خط انابيب اوروبا – آسيا في ايلات، أو في أحد الروابط البحرية، وهي المنشآت التي تنافس انبوب النفط البري القريب من عسقلان. النفط سيتم نقله بين المينائين من خلال الانبوب في النقب.

حسب اقوال مدير عام شركة خط انابيب اوروبا – آسيا، ايتسيك ليفي، فانه في السنوات الاخيرة يصل الى اسرائيل المزيد من ناقلات النفط من دول توجد على حدود آسيا – اوروبا مثل اذربيجان. ومن هناك يواصل النفط الطريق الى الشرق الاقصى. فهناك يفضلون نقط شرق آسيا بسبب السعر. “في اوروبا تم اغلاق مصافي التكرير في السنوات الاخيرة، ونشاطها انتقل الى شرق آسيا”، قال ليفي. هذا يتوقع أن يكون الخط الرئيسي لنقل النفط في الاتفاق الجديد. 

وقد قال ليفي بأنه تفاجأ من شدة المعارضة للاتفاق الجديد الذي يمكن أن يضاعف بثلاث مرات كمية النفط التي تمر في خليج ايلات وشواطيء عسقلان. وحسب قوله فانه في السابق نفذ نقل للنفط بحجم مشابه. وهكذا كانت الحال حتى منتصف التسعينيات، عندما نقلت مصر النفط الى اسرائيل استنادا لاتفاق السلام بين الدولتين. عمليا، اضاف المدير العام، فقط قبل سنتين انتهى اتفاق مشابه بين شركة خط انابيب اوروبا – آسيا مع جهات دولية اخرى، الذي لم تذكر أي تفاصيل عنه.

الادعاء الاساسي لمنظمات البيئة وبلدية ايلات ضد الاتفاق يتعلق بالخطر البيئي الذي ينبع من زيادة حجم النشاطات. فمنشآت خط انابيب اوروبا – آسيا تسببت في السابق بتلوثات بيئية خطيرة حدثت في اسرائيل. ففي العام 2011 تسربت كمية كبيرة من النفط في انبوب الشركة في محمية ناحل تسين في النقب، واضرار هذا التسرب ظاهرة حتى الآن؛ في العام 2014 تسري نحو 5 ملايين لتر الى المحمية الطبيعية عفرونا في العربة. فقد تسرب النفط الى الارض وأضر بالحيوانات والنباتات. واعمال الترميم للمحمية يتوقع أن تستمر بضع سنوات اخرى.

منظمات البيئة عبرت عن مخاوفها ايضا من وضع الانبوب البري لشركة انبوب اوروبا – آسيا، الذي وصف بأنه “قديم ومتآكل”. ولكن في وزارة حماية البيئة قالوا في هذا السياق بأنه تم فحص الانبوب على طوله وأن العيوب التي اكتشفت فيه تم اصلاحها. اضافة الى ذلك، شركة انبوب اوروبا – آسيا تشغل نظام رقابة يمكنها من أن تلاحظ بسرعة التسرب، وأن تقوم بوقف مقاطع في الانبوب الى أن يتم اصلاحها.

المهنيون يعتقدون أن توسيع النشاط في اعقاب الاتفاق الجديد يعرض للخطر النسيج البيئي في خليج ايلات وعلى شواطيء البحر المتوسط. الخوف ليس فقط من تسرب كبير للنفط، بل ايضا من اضرار مزمنة ستؤدي الى زيادة حجم نقل المادة الملوثة. 

في البحر يوجد خوف شديد من المس الثدييات البحرية وسلحفاة البحر، التي توجد في الاصل في خطر الانقراض. في خليج ايلات الخوف الاساسي هو من الدمار الشامل للشعب المرجانية والبنية التحتية السياحية في المدينة في حالة حدوث تسرب كبير. الدكتور اساف زبولوني، الخبير في البيئة في خليج ايلات في سلطة الطبيعة والحدائق قال إن “المشكلة الرئيسية للتلوث البحري في خليج ايلات هو أنه في فترة قصيرة جدا، بسبب المبنى الضيق والرياح القوية التي تميز المنطقة في معظم السنة، فان التلوث يصل الى مناطق الشعب المرجانية، الامر الذي يحول علاجها الى أمر اكثر تعقيدا”. واضاف بأن تسرب النفط سيضر ليس فقط بالشعب المرجانية، بل ايضا بأنواع كثيرة اخرى من الحيوانات، منها الاسماك وغير الفقريات. خوف آخر هو من المس بمنشآت تحلية المياه التي توجد واحدة منها قرب روابط ناقلات النفط في عسقلان. شركة خط انابيب اوروبا – آسيا توجد لها في الميناء الصغير سفن يمكنها التعامل مع التسربات الصغيرة. ولكن التلوث الواسع يحتاج الى تدخل الشركات الدولية، وحتى لو كانت هذه تعمل بنجاعة كبيرة إلا أن الضرر يمكن أن يكون كبير.

عدد ناقلات النفط التي تمر في خليج ايلات يتوقع أن يزيد في اعقاب الاتفاق، من 10 تقريبا في السنة الآن الى بضع عشرات. في شركة خط انبوب النفط اوروبا – آسيا يريدون التهدئة ويقولون إنه في السنوات الاخيرة تم تحسين حماية ناقلات النفط المزودة بجوانب مزدوجة لمنع التسرب. في هذه الفترة يظهر انخفاض في عدد حالات تسرب النفط بشكل كبير في العالم. وقد قالوا في الشركة ايضا بأن عدد ناقلات النفط التي ستأتي الى المنطقة في السنوات القريبة سيبقى أقل بكثير مما هي الحال في ميناء العقبة، الذي تمر فيه بالمتوسط 200 ناقلة نفط في السنة.

لكن تكفي حالة تلوث واحدة من اجل التسبب بأضرار لا يمكن اصلاحها، التي سيتم الشعور بتداعياتها لسنوات كثيرة. شركة انبوب اوروبا – آسيا عرضت مؤخرا استطلاع حول الاخطار، الذي فيه احتمالية حدوث تلوث خطير هي سنة – 366 سنة. واحتمالية تلوث اقل خطرا نتيجة تسرب النفط من الانبوب الذي يربط المنشآت التي توجد على الشاطيء مع الناقلات هو سنة – 1.111. ولكن في وزارة حماية البيئة رفضوا نتائج الاستطلاع بشدة وقالوا إنه لا يمكن الاعتماد عليها لأنها تتجاهل عدة سيناريوهات اخرى. مدير وحدة حماية البيئة البحرية في الوزارة، راني عمير، قال إن “الوثيقة لا تتوافق مع التعليمات في افضل الحالات. وفي الحالة الاكثر منطقية، هي تشكل الاهمال، وربما الاستخفاف بالتعليمات”. وفي شركة انبوب اوروبا – آسيا لم يردوا على هذا الادعاء.

الاخطار التي توجد في نقل النفط جسدها التلوث الذي حدث على شواطيء اسرائيل في الشتاء الماضي، لكن المعارضة التي يثيرها الآن الاتفاق تنبع ايضا من تغيير المقاربة بالنسبة للوقود المتحجر في العالم. منظمات البيئة الثلاثة الكبيرة في اسرائيل، “جمعية حماية الطبيعة” و”انسان طبيعي وقانوني” و”رائق”، توجهت الى رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، وطلبت الغاء الاتفاق. وقد حذروا من أنه يمكن أن “يفشل العملية الجارية حاليا لتقليل انبعاثات الاحتباس الحراري والانتقال الى اقتصاد قليل الكربون مع حلول العام 2050. والالتزامات الدولية للدولة في اطار النضال الدولي ضد ازمة المناخ”.

مدير عام خط انبوب اوروبا – آسيا، لا يرى أي تناقض بين سياسة الحكومة المعلنة وبين توسيع نشاطات الشركة. “جميع التقديرات تتحدث عن أنه في العقدين القادمين لن يقل استهلاك الوقود”، قال واضاف “الوقود الذي يتم انتاجه يجب نقله. ونحن نقوم بفعل ذلك دون زيادة البنى التحتية القائمة. يمكن نقل هذا الوقود عبر قناة السويس، ويمكن استغلال البنى التحتية لدينا من اجل ادخال الاموال لدولة اسرائيل”. ادعاء مشابه اسمعه مؤخرا مدير عام مصافي التكرير في حيفا، موشيه كابلنسكي، الذي قال ايضا إنه في حالة انبوب اوروبا – آسيا، الاموال ستأتي للدولة وليس لاصحاب رؤوس الاموال. الواضح هو أن المشاركين في صناعة النفط، بدء بالمنتجين ومرورا بالناقلين وانتهاء بمن يكررون، يطمحون الى مواصلة استخدام هذا المورد الربحي لسنوات كثيرة.

خطر آخر يهدد المنشأة في عسقلان هو الصواريخ التي يتم اطلاقها من قطاع غزة، حيث أن حماس تعتبر منشآت البنى التحتية اهداف استراتيجية، والاسقف الطافية لصهاريج الوقود تحولها الى هدف قابل للاصابة. في عملية حارس الاسوار اصاب صاروخ صهريج نفط لشركة “تيشن”، وهي ايضا شركة حكومية تعمل على تخزين النفط وتشغل منشأة لها في عسقلان، قرب منشأة شركة خط انابيب اوروبا – آسيا. في الموقع اندلع حريق تم اطفاءه قبل أن يتسبب بأضرار. وعلى سقف كل صهريج في مزرعة شركة خط انابيب اوروبا – آسيا تم تركيب نظام يمكن أن يشخص الاضرار ويمنع حدوث حرائق، بسرعة. 

قبل خمس سنوات تم تغيير قانون الامتياز لشركة انابيب اوروبا – آسيا. والآن هو يلزم الشركة بالعمل حسب قانون التخطيط والبناء. في اعقاب ذلك مطلوب من الشركة أن تعرض على لجنة البنى التحتية الوطنية خطة لتنظيم المنشآت في عسقلان، التي توجد الآن في عملية مصادقة متقدمة. يبدو أن هذه الخطة تنظم الوضع القائم، لكن في جمعية “مدن من اجل جودة البيئة” في منطقة عسقلان، يخافون من أن الشركة تنوي استغلالها لاقامة منشآت اخرى، منها محطة للمواد الكيميائية سيتم فيها تخزين مواد خطيرة. هذا في الوقت الذي فيه المنشآت القائمة، والتي توجد غير بعيد عن المناطق السكنية في عسقلان، اصبحت تنتج اخطار وروائح كريهة. على هذه الخلفية، طلبت في هذا الاسبوع المديرة العامة للمنظمة، ميتال اميتاي، أن تعرض على اللجنة معارضة المنظمة للخطة. ليفي قال إنه حتى لو كانت الخطة تسمح لشركة خط اوروبا – آسيا باقامة محطة للمواد الكيميائية، إلا أن الشركة لا تنوي في الوقت الحالي فعل ذلك، وأنها ستعمل فقط حسب مصادقة مؤسسة التخطيط.

بعد المصادقة على الخطة ستتمكن شركة خط اوروبا – آسيا من تخزين ونقل النفط بوتيرة عالية. وفقط سياسة حكومية مختلفة ستؤدي الى انعطافة. مؤخرا ردت الدولة على التماس قدمته منظمات البيئة ضد الاتفاق، وطلبت منح رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، ورئيس الحكومة البديل، يئير لبيد، مهلة من اجل فحص الاتفاق. هذا سيكون امتحان لوضع اعتبارات البيئة أمام المكاسب التي يتوقع أن تحققها اسرائيل في اعقاب تحويلها الى انبوب نفط دولي.

مركز الناطور للدراسات والابحاث whatsapp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى