ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  تاليا ساسون  –  اتركوا سكان الشيخ جراح في بيوتهم

هآرتس – بقلم  تاليا ساسون  – 21/5/2021

” العيب الذي وجدته المحكمة العليا في القانون بالنسبة لسكان الضفة الغربية يسري ايضا على السكان الفلسطينيين في القدس ومن بينهم سكان الشيخ جراح. واعادة التاج اليهودي الى سابق مجده دون السماح باعادة التاج العربي الى مجده أو دفع التعويضات هي تمييز محظور على قاعدة عرقية “.

بين حين وآخر ينشر في وسائل الاعلام عن محاكمة مدنية اخرى بين عائلة فلسطينية معينة وبين جمعية يمينية معينة، حيث الجمعية تدعي أن البيت الذي يسكن فيه الفلسطينيون في حي الشيخ جراح هو “لها”، لذلك يجب أن يصدر ضدهم أمر اخلاء من البيت. الكثيرون لا يعرفون أين يوجد حي الشيخ جراح (على بعد حوالي ثلاثة شوارع عن وزارة العدل في شرقي القدس)؛ والقليلون يهتمون بالمظاهرات التي تجري هناك كل اسبوع منذ سنوات. كل الحدث، اجراء مدني يجري في المحكمة المركزية في القدس، يثير التساؤل ما شأننا نحن الجمهور بنزاع مدني، شخصي كما يبدو، بين جمعية يهودية وعائلة عربية؟.

ولكن هذا النزاع يهبط الى جذور العلاقة المريرة المشبعة بالدماء بين دولة اسرائيل والشعب الفلسطيني. ايضا حماس طرحت طلب عدم اخلاء العائلات من الشيخ جراح كشرط لوقف فعلي للعنف الحالي. لذلك، ايضا لهذا السبب، من الجدير معرفة عما يدور الحديث وأن نفحص كيف يمكن حل هذه المعضلة. 

في العام 1950 تم سن قانون “املاك الغائبين” الذي يحدد طريقة لنقل الاراضي التي كانت بملكية الفلسطينيين، الذين كانوا يعيشون في اسرائيل قبل قيام الدولة وخرجوا منها الى اراضي العدو (لذلك تعتبر “املاك غائبين”)، نقلها لسلطة التطوير. بهذه الطريقة تم نقل املاك الفلسطينيين الغائبين لليهود. حسب المحكمة العليا، هذا حدث بهدف تطوير البلاد من جهة والحفاظ على الممتلكات لصالح اصحابها من جهة اخرى، الى أن يكون هناك اتفاق سلام بين الشعبين. خلف الكلمات الجميلة شكلت سلطة التطوير قناة لنقل الملكية على آلاف الدونمات التي تعود للفلسطينيين الى أيدي يهود.

قانون “املاك الغائبين” مكّن، ضمن امور اخرى، من اخذ البيوت التي تركها الفلسطينيون في العام 1948 في غربي القدس (مثل الطالبية ورحافيا والبقعة) واسكان يهود فيها. لأن المحكمة العليا قررت في حينه أن هذه الممتلكات ستعود الى اصحابها فقط بعد التوصل الى اتفاق سلام مع الشعب الفلسطيني. ومنذ ذلك الحين عائلات يهودية كثيرة تعيش في هذه البيوت.

في موازاة ذلك، عدد من السكان العرب الذين تركوا بيوتهم في غربي القدس واصبحوا لاجئين حصلوا من القيم الاردني على املاك الغائبين على تصريح بالدخول الى بيوت كانت في حوزته في حينه في الشيخ جراح والعيش فيها. هكذا حدث نوع من “التبادل” بين اليهود والعرب في اعقاب صراع قومي حيث أن كل عمليات “التبادل” هذه هي كما يبدو مؤقتة في جوهرها القانوني. ولكنها صحيحة وسارية منذ 73 سنة.

في العام 1967 احتلت اسرائيل الضفة الغربية، وعلى جزء منها الذي يشمل نحو 28 قرية فلسطينية اعلنت عنه كجزء من “القدس” وسمت المنطقة “القدس الشرقية”.  في العام 1970 قامت اسرائيل بسن قانون ترتيبات القضاء والادارة في القدس الشرقية، وفيه قررت أن سكان شرقي القدس العرب لا يعتبرون غائبين بالنسبة لممتلكاتهم التي توجد في القدس الشرقية. ولكن في المقابل، نص القانون على أن الممتلكات التي تم وضع اليد عليها حتى ذلك الحين من قبل القيم الاردني على املاك الغائبين، أي الاملاك التي كانت قبل 1948 في ايدي اليهود وبعد ذلك سكن فيها فلسطينيون، يمكن أن تنتقل الى أيدي اصحابها اليهود الاصليين.

هكذا اوجدت اسرائيل مسار قانوني من خلاله يمكن اخراج السكان الفلسطينيين من البيوت التي سمح لهم بالعيش فيها من قبل القيم الاردني، وذلك بدون تعويض مناسب أو بدلا من ذلك عن طريق العودة الى أملاكهم القديمة، التي يعيش فيها يهود في غربي المدينة. باختصار، اسرائيل رسمت طريق قانونية تمكن من حرمان الفلسطينيين الذين لديهم حقوق ملكية في شرقي القدس من حقوقهم بدون أي سبب وبدون تعويض، وببساطة رمي هذه العائلات من بيوتها التي عاشت فيها منذ سبعين سنة وانشأوا فيها وربوا عائلات، ورميهم الى الشارع دون ذنب اقترفوه.

لذلك، لا مناص من القول بأن قانون “ترتيب القضاء والادارة” الصادر في 1970 هو قانون معيب ويمس بصورة شديدة بحقوق الانسان الاساسية. هو قانون غير اخلاقي، وللوهلة الاولى ايضا غير دستوري لأنه يمس بصورة شديدة جدا بهؤلاء الفلسطينيين، وكل ذلك على قاعدة عنصرية قومية متطرفة – عرقية. 

في هذا السياق من الجدير التذكير برسالة ارسلها المستشار القانوني للحكومة، مئير شمغار، الى ادارة اراضي اسرائيل في تاريخ 18/8/1969: “لم نجد أي مبرر موضوعي لوضع اليد على ممتلكات، التي اصبحت املاك غائبين في نفس الوقت الذي تحول فيه صاحب الملك – الذي هو من سكان يهودا والسامرة – الى شخص يقع تحت سيطرة سلطات حكومية اسرائيلية. بكلمات اخرى، لأن الملك لم يكن املاك غائبين قبل يوم من دخول قوات الجيش الاسرائيلي الى شرقي القدس، ولم يكن ليتحول الى املاك غائبين لو أن شرقي القدس واصل كونه جزء من يهودا والسامرة، لم نجد أي مبرر ليصبح ضم شرقي القدس هو وحده الذي سيؤدي الى نزع ملكية شخص هو في الحقيقة غير غائب، بل موجود في ذلك الوقت الذي وصلت فيه املاكه الى أيدينا في حدود سلطة قوات الجيش الاسرائيلي”. المستشار القانوني للحكومة في حينه، مني مزوز، اصدر تعليمات في بداية 2005 تقتبس رسالة المستشار شمغار في حينه، وقال: “كقاعدة، يجب أن لا يتم استخدام الصلاحيات حسب القانون فيما يتعلق بالاملاك مدار الحديث باستثناء في ظروف خاصة، وخاضعة لمصادقة مسبقة من المستشار القانوني للحكومة أو من يفوضه بذلك”.

رغم هذه التعليمات فقد احترم عدد من المحاكم اللوائية هذا القانون الظالم وسمحت بـ “تحرير” الاملاك في الشيخ جراح وتحويلها الى ايدي اصحابها الاصليين أو ورثتهم، أو الى صناديق ومنظمات مختلفة، والاملاك وجدت طريقها الى أيدي جمعيات يمينية تعمل كل ما في استطاعتها، مع استخدام ادعاءات من القانون المدني، ضد العائلات الفلسطينية المرشحة للطرد. واعادة التاج اليهودي الى مجده السابق دون السماح للتاج العربي بالعودة الى ما كان عليه أو دفع تعويضات عنه، هو عمل تمييزي محظور على أسس عرقية تفوح منه رائحة العنصرية. 

في العام 2015 حدث شيء. المحكمة العليا ناقشت استئناف قدمه داود خطاب حسين، تناول مسألة غياب سكان يهودا والسامرة بالنسبة لممتلكاتهم في شرقي القدس. ازاء ذلك ناقشت المحكمة العليا سريان القانون الظالم الصادر في 1970 وقررت أنه لم يكن بالامكان سن هذا القانون الآن لأنه، للوهلة الاولى، هو قانون غير دستوري لأنه يمس بصورة خطيرة جدا بحق الملكية الذي هو حق دستوري محمي في اسرائيل. وقررت أن نشاطات معينة حسب القانون الظالم، اذا جرت بشكل عام، تقتضي مصادقة محددة من لجنة وزارية ومصادقة المستشار القانوني للحكومة. وقررت ايضا أن القانون الظالم هو نوع من الفتوى التي لا مثيل لها.

ولكن تصنيف النشاطات المذكورة أعلاه كان مقتصرا من قبل المحكمة على الظروف المعروضة على نفس الهيئة القضائية في نفس القضية، أي فقط فيما يتعلق بسريان القانون الظالم تجاه سكان الضفة الغربية، ولم يتضمن أي شيء مثل “موافقة اللجنة الوزارية والمستشار القانوني للحكومة” بالنسبة لسكان شرقي القدس. في قيد آخر قضت المحكمة العليا بأن الاجراءات المتخذة بموجب نفس القانون هي اجراءات صحيحة طالما أنها اتخذت قبل صدور قرار الحكم في العام 2015. لذلك ورغم موقف المحكمة العليا المتردد جدا بشأن القانون الظالم فان الافعال التي ارتكبت قبل العام 2015 تبقى سارية. 

المحكمة العليا غير مخولة بمد يدها الى هذا النشاط الظالم والمعيب. ويجب عليها أن تبقى تسير في المسار الذي رسمته هي نفسها منذ زمن ومنع اصدار أمر اخلاء للسكان الفلسطينيين في الشيخ جراح، دون صلة بالظروف المحددة لكل طلب من طلبات الاخلاء. والعيب الذي وجدته المحكمة في القانون بالنسبة لسكان الضفة الغربية يسري ايضا بالنسبة لسكان شرقي القدس ومنهم سكان الشيخ جراح. بالنسبة لهؤلاء السكان الذين يعيشون في المنطقة التي ضمتها اسرائيل، لا يمكن حتى الاختباء خلف قصص وهمية حول أن قانون املاك الغائبين هو قانون مؤقت. والتغيير الذي يمكن أن يحدث عند حدوث تسوية، حيث أن اسرائيل قامت بسن قانون اساس: القدس وتدعي أنها فرضت سيادتها عليها. لذلك، يجب التقرير بأن أي أمر اخلاء يتم اصداره الآن هو اجراء قانوني جديد مطلوب القيام به بعد العام 2015 واستند على نفس القانون الظالم. واصدار أمر اخلاء بقوة قانون ترتيبات القانون والادارة الصادر في العام 1970 يتناقض مع قرار المحكمة العليا الصادر في 2015. 

نفس النتيجة يمكن التوصل اليها بطريقة اخرى. فأمر اخلاء كهذا يجب أن يلبي طلبات القانون الاساس: كرامة الانسان وحريته، لكون الامر يعتبر اجراء جديد لم يتم اصداره بعد. لذلك، تم بعد العام 2015. هذا الامر اذا تم اصداره لن يخدم أي هدف مناسب ولن يكون متزن. لهذا لن يكون له أي سريان قانوني. 

بكلمات اخرى، المحكمة العليا غير مضطرة الى أن تشارك في فعل ظالم. يوجد لديها طرق للامتناع عن ذلك. ويجب عليها الامتناع عن فعل عمل معيب يلحق العار بدولة اسرائيل وبصورتها الاخلاقية والقيمية وبجهاز القضاء. هذه ايضا مصلحة بارزة لدولة اسرائيل من ناحية مكانتها في اوساط شعوب العالم. في الظروف الحالية، الطريقة الاكثر نجاعة لمنع حماس من تحقيق مصالحها على ظهر سكان الشيخ جراح وتشجيع العنف وسفك الدماء هي السماح للسكان بالبقاء في بيوتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى