ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  ايلانا همرمان – عنف يهودي في القدس

هآرتس – بقلم  ايلانا همرمان – 10/12/2021

” التعريف الصحيح للنظام الذي يحكم القدس هو أنه نظام ابرتهايد يهودي عنيف، مقارنة به العنف الفلسطيني يعتبر لا شيء “.

لهؤلاء يبنون ولاولئك يبنون. هكذا هو الامر:

  • “بلدية القدس صادقت مؤخرا على اقامة حي جديد في عطروت، الذي يخطط لاقامته في منطقة مطار عطروت المهمل، على مساحة 1243 دونم. حسب المخطط فان الحي السكني الجديد سيشمل آلاف الوحدت السكنية ومساحة للفنادق ومساحات للمباني العامة ومساحات عامة مفتوحة ومساحات للتجارة والتشغيل” (يوري الون واريئيل كهانا، “اسرائيل اليوم”، 24/11).
  • “اكثر من 100 عائلة من شرقي القدس تواجه تنفيذ اوامر هدم فورية لبيوتها”. هذا هو عنوان الخبر الذي من خلاله يمكن أن نعرف بأن الامر يتعلق بسلوان، حيث يوجد هناك اثنان من الاحياء. حي بيوته مبنية بما هو مخصص ليكون منطقة عامة مفتوحة والحي الثاني بيوته معدة للهدم في اطار خطة لاقامة متنزه اثري سياحي باسم “حديقة الملك” (نير حسون، “هآرتس”، 30/11).
  • “اسرائيل تدفع قدما ببناء حي جديد خلف الخط الاخضر في القدس… الحي مخصص لسكان يهود ويتوقع أن يبنى قرب الحي الفلسطيني بيت صفافا، الذي يعاني من نقص شديد في مساحات البناء”، (نير حسون، “هآرتس”، 6/12).
  • “نحو ألف شخص من سكان الولجة يتعرضون لخطر الطرد من القدس. في السنوات الخمسة الاخيرة هدمت السلطات 30 بيت في القرية تقريبا بدون مخطط هيكلي وازاء انفاذ صارم للقانون، العائلات في هذه الاثناء تتكدس أو تغادر. في هذا الشهر سيتم عقد جلسة في المحكمة العليا، التي يتوقع أن تبت اذا كانت ستسمح للدولة بهدم عشرات البيوت الاخرى في المكان”، (افيف تترسكي، “محادثة محلية”، 5/12).

نعم، هذا ما يحدث الآن. لهؤلاء يبنون ولاولئك يهدمون. هذه الاقوال لم يتم قولها في عمليات بمناسبة انتهاء السنة الميلادية. لا، هذه صورة للبناء والهدم في القدس من اليوم الذي تم فيه احتلال شطرها الشرقي في 1967، عندما هدم حي المغاربة القديم في ليلة واحدة، وحتى الآن بعد مرور 54 سنة.منذ ذلك الحين بني 12 حي يهودي ضخم على الاراضي الفلسطينية، التي تمت مصادرتها في اعقاب الاحتلال والضم، و”القدس الكبرى” اصبح تفسيرها من مدخل رام الله وحتى مدخل بيت لحم، على اراضي محتلة ليس لها أي علاقة اصلية بمدينة القدس والاماكن المقدسة فيها. في المقابل لم تتم اقامة أي حي للفلسطينيين الذين يشكلون الآن 40 في المئة من سكان القدس. ومعظمهم، حتى في الاحياء الاكثر ثراء، يعانون من سكن مكتظ ومن غياب بنى تحتية مناسبة. سفر مريح في رمات شلومو الفاخر، الذي بني وأخذ يتوسع منذ عشرين سنة، وأن تعلق في اختناقات المرور في حي شعفاط المكتظ الجار، يدل على ذلك حتى الألم.

ما هي افضلية الذين يبنون لهم، هذا واضح. ولكن ما هي جريمة الذين يهدمون لهم، الآلاف الذين سبق وهدموا لهم وعشرات الآلاف الذين اوامر الهدم تهددهم بأن تقدم بيوتهم طعام لاسنان الجرافات؟. ها هي جريمتهم: جميعهم، بما في ذلك الاطفال والشيوخ، يعيشون في مباني ليس لها تراخيص بناء، التي عددها الآن يبلغ 20 ألف تقريبا. لماذا لا توجد لهم تراخيص بناء؟ لأن هذا هو مصير الفلسطينيين، سكان المدينة منذ اجيال طويلة، الذين مفروض عليهم الحصول بأنفسهم على رخصة بناء لبيوتهم القديمة التي يعيشون فيها ولبيوتهم الجديدة التي يبنونها لعائلاتهم التي تتسع.

هذا خلافا للاغلبية الساحقة لليهود في القدس، والذين شققهم وبيوتهم في الاحياء القديمة والجديدة مزودة مسبقا بتراخيص بناء حصلوا عليها من المقاولين قبل دخول المستأجرين الى بيوتهم. ولماذا فقط القليل جدا من الفلسطينيين يحصلون على رخصة بناء في القدس؟ لأن رخصة البناء مشروطة بوجود مخطط هيكلي. لمعظم الاحياء الفلسطينية لا يوجد مخطط هيكلي على الاطلاق، وبعضها يوجد لها مخططات هيكلية قديمة لم تعد تناسب عدد السكان في الحي ووضعهم العائلي. وبدون مخطط هيكلي مناسب، لا حاجة الى القول بأنه بدون مخطط، لا يمكن الحصول على رخصة بناء. لماذا اذا لا توجد لاحيائهم مخططات هيكلية؟. 

اذا كانت حقا تعنيكم معرفة ذلك فاذهبوا وشقوا طريقكم في متاهة الاجراءات المهنية والبيروقراطية التي يجب اجراءها امام السلطات والسلطات الفرعية والسلطات المتفرعة عنها ايضا من اجل ان يكون لديكم مخطط هيكلي يخصص مكان ايضا للسكن وللمؤسسات العامة والمدارس والحدائق العامة وحتى لوقوف منظم للسيارات يناسب التخطيط الحضري الحديث. واسألوا انفسكم كيف أن شخص عادي أو تجمع صغير أو حي أو شارع يمكنهم أن يجتازوا هذه المتاهة، الامر الذي يكلف اموال طائلة، والخروج منها مع رخص بناء التي هي ايضا لا تعطى بالمجان.

ولكن ما شأنكم بهذا الكابوس؟ لأنه لا أحد منا، نحن مواطنو “اسرائيل الكبرى” اليهود، من القطمون وحتى غيلو وجبل ابو غنيم، من جفعات رم وحتى جفعات زئيف، من رمات بيت هكيرم وحتى رمات شلومو، لا يطلب منا الاهتمام شخصيا بأمر كهذا. كل الاحياء اليهودية بنيت حسب خطط هيكلية للسلطات المخولة بذلك. أنا مثلا، انتقلت للسكن في حي جديد في القدس الذي اقيم على مساحة مفتوحة، وانظروا، يا للدهشة، كل شيء حصلت عليه جاهز: موقف للسيارة ومواصلات عامة وبقالات ومطاعم وحتى متنزه اخضر مليء بمرافق التسلية المختلفة للاطفال وحتى حديقة للكلاب توجد فيه، مع مرافق ملونة للحيوانات.

لا شيء من كل هذه الامور المدهشة للتخطيط الحضري السليم تجدونه في الاحياء الفلسطينية. وبعضها، الاكثر اكتظاظا، تحد مناطق مفتوحة وواسعة يمكن التوسع فيها وبناء بيوت للعائلات الممتدة، وزراعة حدائق ووضع مرافق تسلية. ولكن لا، المناطق المفتوحة هذه خصصت لـ “حدائق عامة وطنية” ومواقع اثرية ومشاريع سياحية، لأنه يجب أن تعرف بأن شرقي القدس المهمل والفقير، توجد حدائق كبيرة حوله  تم التفكير فيها واعلان عنها في سبعينيات القرن الماضي. وهذه هي طبيعة “الحدائق الوطنية” التي يمنع على الاشخاص العاديين السكن فيها. 

“احد المشاريع التخطيطية التي كنا نتفاخر بها”، كتب ميرون بنفنستي، نائب رئيس البلدية لشؤون التخطيط في حينه، “كان اعلان وتخطيط المتنزه الوطني حول البلدة القديمة… مقاربة من خططوا المتنزه كانت مهنية وغير متحيزة سياسيا. وقد تم استخدام صلاحيات سلطة الحدائق من اجل تطوير والحفاظ على مناطق خضراء. لم يخطر ببالنا أن هذه الصلاحيات ستستخدم بهدف السيطرة على ممتلكات عربية، هم بيوت أو تحقيق مصالح دينية قومية متطرفة يهودية” (من كتابه “حلم الفتى الابيض من مواليد البلاد: سيرة ذاتية لخيبة الامل”، 2012). ولكن هذا بالضبط ما حدث: الصلاحيات التي اعطيت لسلطة الطبيعة والحدائق، وبعد ذلك لجمعيات مثل العاد وعطيرت كوهنيم، التي هدفها النبيل هو تهويد القدس القديمة، استخدمته وما تزال تستخدمه لهذا الغرض بالذات.

هكذا، في منتصف الثمانينيات، واكثر في التسعينيات فصاعدا، بدأت سياسة تشجيع الاستيطان اليهودي في الاحياء العربية في شرقي القدس، وهذا استمر حتى الآن في ظل جميع الحكومات، بدءا بغرس جيوب يهودية متعصبة في الحي الاسلامي في البلدة القديمة وسلوان ورأس العامود والشيخ جراح، وانتهاء باقامة احياء حقيقية في مناطق مأهولة بالفلسطينيين مثل جبل الزيتون وابوديس وجبل المكبر. في معظم هذه المناطق المعززة والمحمية بقوات شرطة خاصة وعامة، الاحياء اليهودية المعادية هذه تنغص حياة السكان الفلسطينيين بدرجة لا تحتمل. اذهبوا وشاهدوا ذلك بعينكم.

ولكن ايضا من لا يذهبون لكي يروا بأم عينهم الوجه الحقيقي للقدس، المدينة التي توجد في قلبها اسوار كثيرة، يمكنهم التعرف على قبح هذا الوجه من البيانات والتقارير المتطورة التي تصدرها بصورة دائمة جمعيات ومنظمات مجتهدة، مثل جمعية “عير عاميم” و”بمكوم” و”بتسيلم” و”السلام الآن”. في احيان كثيرة أنا اتساءل من أين يوجد لاعضاء هذه الجمعيات، الذين ينكبون منذ سنوات كثيرة على تحقيقاتهم وابحاثهم الدقيقة، هذه الثقة بأنه سيكون لعملهم الضخم هذا ذات يوم ثمار سياسية.

في هذه الاثناء، بالنسبة لي، لم اشاهد الكثير من النعمة في عشرات السنين من مشاركتي في السياسة، أنا استخدم قدرة الحكم التي تعطيني اياها مشاهدة الامور واللقاءات الشخصية مع ابناء مدينتي الفلسطينيين ومتابعة بيانات هذه المنظمات، من اجل أن اعطي على الاقل تعريف سياسي واخلاقي صحيح للنظام الذي يسيطر في القدس مدينتي، نظام ابرتهايد يهودي عنيف، الذي مقارنة به العنف الفلسطيني يعتبر لا شيء. هؤلاء، الفلسطينيون، يأتون بشكل فردي بالحجارة والسكاكين واحيانا مع سلاح ناري، ابناء الجيل الثالث والرابع من اناس ليس لهم امل، يريدون أن يقتلوا، ومعظمهم يقتلون أو يتم اعدامهم. واولئك، اليهود، يأتون بقوانين وانظمة تستهدف تضييق افق عيش الآلاف، وبعد ذلك، باسم هذه القوانين والنظم، يأتون بالجرافات التي ترافقها قوات مسلحة ويتركون وراءهم دمار كبير وحياة مهدمة، ويخرجون دون أي ضرر، مستعدون وجاهزون للذهاب لعملية قادمة لانفاذ القانون للسيد الحصري اليهودي. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى