ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  اوري بار يوسف  – بينيت ليس غولدا وكوخافي ليس دادو

هآرتس – بقلم  اوري بار يوسف  – 6/10/2021

” لا يوجد للقيادة السياسية والقيادة العسكرية والمجتمع الحصانة والتصميم التي كانت للقيادة السياسية والقيادة العسكرية والمجتمع في حرب يوم الغفران. وازاء قوة التهديد التي تواجهنا الآن ورغم مناعة المجتمع الاسرائيل وقيادة الجيش وقدرته على مواجهة هذا التهديد، إلا أنه يجب فعل كل شيء من اجل منع اندلاع الحرب القادمة “.

في النقاش الذي ثار مؤخرا على صفحات “هآرتس” حول مسألة الانتصار في حرب يوم الغفران، اشار البروفيسور شلومو بن عامي (“هآرتس”، 30/9) الى أنه “في الاكاديميات العسكرية سيعلمون لسنوات طويلة دروس عبور القناة ومحاصرة الجيش المصري في الضفة الشرقية”.

أنا لا اعرف ما الذي يتعلمونه في الاكاديميات العسكرية في البلاد عن هذه الحرب. ولكن واضح لي أن ضباط الاستخبارات ورجال سلاح الجو الذين يريدون تعلم دروسها سيجدون صعوبة في فعل ذلك. لأن رؤساء الاستخبارات العسكرية وقادة سلاح الجو، عاملا القوة اللذان فشلا اكثر من غيرهما في 1973، منعا أي تحقيق حول الاسباب التي أدت الى فشلهما. لذلك، حتى الآن لا توجد في الاستخبارات العسكرية أي وثيقة بعنوان “لماذا رغم كل وسائل جمع المعلومات الممتازة والمعلومات القاطعة، فشلنا حتى اللحظة الاخيرة في اعطاء انذار باندلاع حرب؟”. وبسبب أن قائد سلاح الجو منع هو ايضا اجراء تحقيق من قبل السلاح، لا يزال لا يوجد لدينا تحقيق بعنوان “ما هي الاخفاقات في ادارة سلاح الجو، التي بسببها لم يستنفد قدراته في الحرب؟”.

لمثل هذه الابحاث يوجد ليس فقط اهمية تاريخية، بل ايضا اهمية عملية، أي تطبيق دروس حروب الماضي في حروب المستقبل. هنا هذا هو المكان لطرح سؤال آخر لا يتم طرحه في الاكاديميات العسكرية في البلاد وهو ما الذي يمكن أن نتعلمه من حرب يوم الغفران قبل الحرب الكبيرة القادمة؟. لا ريب أنها ستكون مختلفة جدا عن التي كانت هنا قبل 48 سنة. لذلك، لا يوجد أي سبب كي يبحث رجال الاستخبارات عن علامات تدل على هجوم عربي شامل، أو أن يركز المخططون في سلاح على دراسة الهجوم على المطارات العربية في العام 1973 من اجل الاعداد لمهاجمة مطارات حزب الله وحماس.

لكن توجد دروس من المهم تعلمها من تلك الحرب. وفي نهاية المطاف يمكن لهذه الدروس أن تملي ايضا نتائج الحرب القادمة. في اساسها توجد جودة ونوعية متخذي القرارات على المستوى السياسي والمستوى العسكري، جودة العمليات التي يقودونها وجودة القرارات التي يتخذونها. هؤلاء مهمين بشكل خاص في الحروب القصيرة، المليئة بالانعطافات والتي فيها ضباب المعارك كثيف ومتخذو القرارات يضطرون الى مواجهة اوضاع مفاجئة لم يعرفوها في السابق. هكذا كانت حرب يوم الغفران وهكذا ستكون ايضا الحرب الكبيرة التي يمكن أن تندلع في المستقبل.

خلافا للصورة التقليدية لحرب يوم الغفران، التي بحسبها المقاتلين حتى مستوى قادة الالوية هم الذين انقذونا من الهزيمة، في حين أن المستويات الاعلى فشلت، فان دراسة معمقة لمجريات الحرب تكشف الى أي مدى كان أداء المستوى الاعلى في الجيش ناجح، أولا اداء رئيس الاركان، وايضا اداء الكثير من الجنرالات. هذا الامر ينطبق ايضا على المستوى السياسي، بالاساس غولدا مئير، فربما أن تصلبها هو الذي جلب لنا الحرب. ولكن صلابة روحها وتجربتها الغنية وفهمها الاساسي هي التي مهدت الطريق للانتصار العسكري في نهاية الحرب.

المميز الاساسي للقيادة في 1973 هو التجربة الغنية. رئيس الاركان في حينه، دافيد اليعيزر، قضى في 1948 سبعين يوم من القتال المستمر في المعركة على القدس، وفيها فقد كل يوم اصدقاء من المحاربين. ذروة المعركة كانت المعركة على دير سان سيمون، التي في نهايتها خرج 20 شخص فقط على قيد الحياة من بين مقاتلي البلماخ الذين شاركوا في القتال داخل الدير. اليعيزر، قائد فصيل متميز في القتال، تعلم من تلك المعركة بأنه حتى عندما تظهر الظروف معدومة فمن المحظور اليأس. 

درس مشابه استخلصه من تلك المعركة ايضا اوري بن آري، الذي كان نائب قائد المنطقة الجنوبية في 1973، ورفائيل ايتان، الذي كان قائد الفرقة 36 التي صدت الجيش السوري في هضبة الجولان. ايضا اعضاء القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي اجتازوا في 1948 معارك قاسية، مليئة بالانعطافات والخسائر، أعدتهم كي يديروا ببرود اعصاب حرب يوم الغفران. هذا لا يعني أن بعضهم ارتكبوا اخطاء كبيرة في تلك الحرب، لكن بشكل عام، في الظروف الصعبة التي وجدت، فان القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي كان اداؤها جيد.

هكذا هي الحال ايضا فيما يتعلق بالمستوى السياسي. غولدا مئير عرفت مذابح عندما كانت في الرابعة من عمرها، وهاجرت عبر طريق صعبة الى البلاد عندما كان عمرها 23 سنة، وعملت في ظروف قاسية في كيبوتس مرحافيا، وبعد ذلك بدأت حياتها السياسية، التي كانت هي ايضا غير سهلة. في العام 1973 كانت غولدا زعيمة مصقولة، تأثير مخاوف الحرب كان يظهر عليها احيانا. مع ذلك، اداءها كان جيد. الى جانبها وقف يغئال الون، القائد البارز في حرب التحرير، واسرائيل غليلي الذي كانت له تجربة غنية هو ايضا. وزير الدفاع موشيه ديان اداءه كان سيء حقا تحت ضغط الحرب في الايام الاولى، لكنه هو ايضا استيقظ. ومن اللحظة التي ظهرت فيها عليه علامات الضغط عرفت غولدا كيف تعتمد على مواقف رئيس الاركان الذي كان اداءه استثنائي. 

قوموا بمقارنة هذه المعطيات بتجربة ورثتهم الآن. الحرب الوحيدة التي خبرها رئيس الاركان وجنرالات اليوم هي حرب لبنان الثانية، ومن الافضل أن لا نطيل الحديث عن هذه التجربة. التجربة القتالية الاساسية لهم تراكمت من خلال عدة مواجهات محدودة، في معظمها مواجهات قام بها الجيش الاسرائيلي، وكانوا خلالها يتمتعون بتفوق ساحق في قوة النيران، وفي المناورة والتكنولوجيا، الامر الذي مكن من تقليص الخسائر. ايضا هكذا فيما يتعلق بالستوى السياسي. تخيلوا نفتالي بينيت وهو يجلس على كرسي غولدا مئير، ويئير لبيد وهو يجلس على كرسي اسرائيل غليلي. لقد راكموا تجربة عبر مناورات سياسية، لكن ليس لديهم حفنة من التجربة والتصميم التي كانت لغولدا مئير واصدقائها عند اندلاع حرب 1973.

الآن فكروا بطابع الحرب القادمة. عشرات، اذا لم يكن مئات، الصواريخ الثقيلة تسقط في مركز البلاد لعدة ايام، مئات، وربما آلاف، القتلى. وسائل الاعلام التي عودت الجمهور على وضع فيه موت جندي هو مأساة وطنية يجب تقليبها من كل جوانبها من اجل أن يتم تحقيق اكبر قدر من نسبة المشاهدة؛ تخيلوا شبكة اخبار كاذبة تظهر أن اساس وظيفتهم هو تضخيم الهستيريا؛ جمهور مناعته الوطنية ضعفت وقدرته على اجتياز الاختبارات ضعيفة؛ وجيش لا يمكنه تجنب ذعر الضربات في الجبهة الداخلية. هل قيادة الجيش الآن معدة لهذا التحدي؟ هل بينيت وزملاءه سيعرفون كيفية مواجهته؟ أنا اشك في ذلك.

بالتالي، هناك دروس اساسية يجب استخلاصها من حرب يوم الغفران. الاول هو أنه يجب على متخذي القرارات فحص اخطاء وانجازات اسلافهم جيدا في تلك الحرب، التي هي الحرب الوحيدة التي لها صلة ايضا بالتهديد المقترب. الدرس الثاني هو أنه ازاء قوة هذا التهديد وحصانة المجتمع الاسرائيلي وزعماءه وحصانة الجيش بقدرته على مواجهة هذا التهديد، يجب القيام بكل ما يمكن القيام به من اجل منع اندلاع الحرب القادمة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى