ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم انشل بابر – موت الوضع الراهن

هآرتس – بقلم  انشل بابر – 19/10/2020

” رد نتنياهو على التمرد ضد القيود، كشف كم هو هش ومعلق ويعتمد على الاستقلالية الذاتية للاصوليين من اجل تمسكه بالكرسي. ولكن الفوز المحدد يمكن أن يتبين أنه هزيمة لأنه في ظل ثمل القوة فان الحاخامات والنشطاء السياسيين ألصقوا وصمة لا تمحى بالتحالف مع اليمين “.

من ناحية تاريخية، القيادة الاصولية محقة في تصميمها على تحديد متى سيتم فتح مدارس التوراة والمدارس الدينية الصغيرة. في كل ما يتعلق بادارة نظام التعليم لا يوجد للاصوليين أي التزام بالاستجابة الى تعليمات الحكومة أو حتى القانون. في رسالة الوضع الراهن التي وقع عليها دافيد بن غوريون قبل قيام الدولة تم وعدهم بـ “استقلالية أي تيار في التعليم”. بن غوريون عارض فصل تيارات التعليم في الدولة العتيدة، لكن في صيف 1947 وافق على التنازل من اجل ضمان أن قادة الجمهور الاصولي – الذي لم يكن جزء من مؤسسة اليشوف – لن يعارضوا امام ممثلي الامم المتحدة طلب اقامة الدولة اليهودية.

بعد مرور خمس سنوات، عندما تم توحيد تيارات التعليم تحت اجنحة وزارة التربية والتعليم، بقي بن غوريون وفيا لوعد الوضع الراهن في موضوع الدين والدولة. “التعليم المستقل” الاصولي ظل في الخارج. الحكومات التي جاءت بعد ذلك زادت بالتدريج نسبة دعمها للتعليم الاصولي، بما في ذلك حكومة رابين الثانية في 1992، والتي ساوت بين مستوى الميزانية الاساسية وبين ميزانية التيارات الحكومية. ولكن الاستقلالية الذاتية بقيت على حالها.

قرار المتدينين أن يفتحوا في يوم الاحد كل نظام تعليمهم، الاولاد فقط، في حين أن البنات سيبقون في البيت – في الوقت الذي فيه المدارس الاخرى مغلقة، يعكس الفشل المطلق، وربما حتى النهائي للوضع الراهن مع الدولة. والتصميم على تجاهل تعليمات الحكومة وتعريض التجمعات الاصولية للخطر وكذلك تعريضنا جميعا بعد تفشي الكورونا، يفوق كل عملية استقواء. الدافع الايديولوجي هو حقا قرار روحاني – خيار حاسم لاستمرار تعلم التوراة بصورة جماعية، رغم الخطر الواضح والمؤكد على صحة الجمهور. ولكن هذا القرار لم يكن ليخرج الى حيز التنفيذ لو لم يعرف الحاخامات ومبعوثوهم السياسيون أنه يمكنهم فعل ذلك دون التعرض لتداعيات بعيدة المدى.

أمس، من اجل التغيير، بنيامين نتنياهو قال الحقيقة في مؤتمر صحفي عندما قال: “يوجد لدينا عدد محدود من رجال الشرطة ومن المفتشين… لا توجد أي امكانية لأن ترسل شرطي الى كل زاوية شارع وكل زقاق”. هناك أكثر من ألف مؤسسة تعليم دينية، منها مؤسسات صغيرة جدا، وحتى هذه ارادت الشرطة والمجالس المحلية اغلاقها. ولكن من المشكوك فيه أن يستطيعوا ذلك. الكثيرون يواصلون التعليم في شقق خاصة. والى جانب ذلك، ما لم يقله نتنياهو هو أن محاولة فرض القانون على التعليم الديني ستكون بالنسبة له انتحار سياسي. يهدوت هتوراة، وشاس كما يبدو، لم تكن لتواصل البقاء يوم واحد في حكومته، واساس استمرار بقائه كان سيختفي خلال لحظة.

نتنياهو في منتهى السبت كان هش كما لم يكن في أي يوم من الايام منذ عودته الى الحكم في 2009. اسس حكمه كانت عارية وهشة اكثر من أي وقت مضى. كما يبدو لم تكن هناك أي علاقة بين اسئلة المراسلين عن مؤسسات التعليم الاصولية وبين مستقبل علاقات نتنياهو مع شركائه الآخرين. ولكن حول المسألة الاخيرة تحدث بتفاؤل مدهش. “نحن نعمل بالضبط في الايام الاخيرة بصورة لا بأس بها”، أجاب. وشريكه البائس بني غانتس كما يبدو لم يسمع عن ذلك، وكذلك ايضا لم يسمع اعضاء الكنيست من الليكود الذين يسيئون لغانتس امام كل ميكروفون. ولكن نتنياهو يعرف أنه لا يوجد له أي خيار عدا عن التوصل الى مصالحة مع غانتس حول نقاط الخلاف – مثل ميزانية 2021 وتعيين مدعي عام جديد.  الذهاب الى الانتخابات في الوقت الحالي، حيث الجمهور الاسرائيلي يرى كيف أنه رهينة عاجزة أمام قوة الاصوليين، ببساطة غير وارد في الحسبان.

الاصوليون يمكنهم في الحقيقة أن يفعلوا الآن كل ما يخطر ببالهم. ولكن الانتصار التكتيكي للاستقلالية الاصولية الذاتية على دولة اسرائيل يمكن أن يتبين أنه هزيمة استراتيجية. هم ربما هزموا من يتحصن في بلفور، ولكن في يوم ما هو لن يكون هناك، وخيارهم في الانفصال عن باقي الدولة بصورة فظة جدا، في ذروة وضع طواريء وطني ودولي، لن ينسى حتى بعد أن يكون هناك لقاح في متناول اليد للكورونا. من السهل اتهام صورة محددة لـ “وزير التوراة”، الحاخام حاييم كاينفسكي، ولكن من الواضح جدا أنه مقطوع عن الواقع. وفي حالته يجب القاء التهمة على أبناء بيته الذين يستخدمون اسمه. وبغباء ثمل السلطة ألصق الحاخامات والنشطاء وصمة لا تمحى على التحالف السياسي بينهم وبين اليمين.

ليس فقط أن هذه الوصمة يمكنها أن تضر جدا بمستقبل نتنياهو السياسي، بل هي ايضا تثير الآن اشمئزاز قادة آخرين في اليمين. كتلة اليمين – المتدينين كانت الملاذ السياسي الاخير لنتنياهو، عندما فشل في الجولات الانتخابية الثلاثة المتتالية في محاولة الحصول على اغلبية لقانون الحصانة الشخصية. الآن هذه الكتلة معلقة في عنقه وتجره عميقا، وهناك سيغرق ايضا اتفاق الوضع الراهن.

إن اساءة استخدام الاصوليين للوضع الراهن ستعزز جدا من يقولون منذ سنوات بأن الامر يتعلق بوثيقة غير ذات صلة، حبر على ورق في اسرائيل القرن الواحد والعشرين. الكورونا تقتل الوضع الراهن. ومن اللحظة التي ستدفن فيها سيكون من الاسهل على التيار العام في اسرائيل، بما في ذلك اليمين، الدفع قدما بحقوق اساسية مثل الحق في الزواج المدني، والمواصلات العامة في ايام السبت، وايضا حق الشباب والفتيات الاصوليين في الحصول على تعليم مناسب وحياة مشتركة في المجتمع الاسرائيلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى