ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم انشل بابر – الاصوليون الشباب يجسدون بالحجارة والضرب ثمن الحكم الذاتي

هآرتس – بقلم  انشل بابر – 26/1/2021

خلال عشرة اشهر يصارع الحاخامات والنشطاء السياسيون الاصوليون ضد الدولة من اجل حماية الحكم الذاتي الاصولي والاهتمام بأن قوانين الاغلاق لن تطبق فيه. العنف الذي اندلع في الايام الاخيرة يتسبب حقا لهم بضرر سياسي ويشوه صورتهم، لكن يمكنهم أن يلوموا بذلك فقط انفسهم  “.

موجة العنف التي تغمر مؤخرا التجمعات الاصولية في القدس وبني براك واسدود وبيت شيمش وبيتار عيليت هي أمر ليست غير مسبوقة ولا تتجاوز “الخطوط الحمراء”. فقد كانت هناك سوابق لذلك وقد تم اجتياح هذه الخطوط منذ فترة طويلة. فعليا، مظاهر العنف الشديدة ميزت المواجهات بين الحكم الذاتي الاصولي ودولة اسرائيل تقريبا منذ ايامها الاولى. منذ بداية الخمسينيات رافقت صراعات الاصوليين ضد الدولة وفتح الاعمال التجارية ودور السينما في ايام السبت، احداث عنف شديدة. هكذا ايضا الصراع الذي اجتاح جميع التجمعات الدينية ضد قانون التجنيد للجيش الاسرائيلي، الذي شمل ايضا النساء (المعارضة كانت لمجرد تجنيد النساء، وليس فقط تجنيد النساء المتدينات). هذه الصراعات شملت حتى محاولات زرع عبوات متفجرة.

في السبعينيات تجدد العنف. هذه المرة في اطار صراعات المتدينين ضد اجراء تشريح الاموات والتنقيب عن الآثار في الاماكن التي قيل إنه توجد فيها جثث مدفونة. العنف كان امام الشرطة في الشارع، وبصورة خاصة ضد بيوت وسيارات علماء الآثار وعلماء الامراض. في الثمانينيات تجددت حروب يوم السبت، حيث تم رشق السيارات التي سارت في محيط الأحياء الاصولية بالحجارة في ايام السبت. العنف في حينه لم يكن فقط من نصيب حفنة من المتعصبين، بل شمل اجزاء كبيرة من الجمهور الديني. وهذا هو فقط العنف الذي وجه ضد الدولة العلمانية. في صراعات داخلية سلالة الوراثة داخل الحسيديات والسيطرة على المدارس الدينية المخضرمة، العنف كان دائما جزءا من المواجهات. يكفي أن تسأل نائب وزير التعليم، مئير بروش، عن الضربات المرعبة التي تلقاها والده مناحيم في 1984 من عشرات حسيدي غور، الذين شكوا بأنه قال اقوال سيئة عن “السيد المعلم” على مسامع مراسل “هآرتس”، وبعدها اضطر الى تلقي العلاج مدة اسبوعين.

منذ منتصف التسعينيات خفت العنف. التيارات الرئيسية في الجمهور الديني اكتشفت أنه يمكنها أن تحقق أكثر بواسطة استخدام هاديء لنفوذهم السياسي. وهم ادركوا ايضا أنه بفضل التكاثر الطبيعي وشراء البيوت في الاحياء التي كانت ذات يوم مختلطة، يمكنهم أن يتوصلوا الى اغلاق فعلي للشوارع في ايام السبت. العنف بالطبع لم يتلاشى، لكنه بقي بالاساس من نصيب مجموعة صغيرة أو أنه اندلع في مناسبات محددة. هكذا كان الامر في السنوات الاخيرة لدى اعضاء الجناح المقدسي – الذين يعارضون أي تعاون مع الجيش الاسرائيلي، حتى عندما يدور الحديث بالاجمال عن الحصول على اعفاء عادي من التجنيد، أو الانقضاض على النساء اللواتي يرغبن في بداية الشهر اجراء الصلاة في حائط المبكى.

ما الذي هو مختلف في موجة العنف الحالية؟ أولا، لم يكن هناك عنف بهذا الحجم منذ صراعات ايام السبت الكبيرة قبل ربع قرن. ثانيا، هي تخترق قطاعات. كان يمكن أن نرى في بؤرة المشاغبات المختلفة حسيديين شباب وطلاب مدارس دينية ليطائيين وشرقيين. فرق آخر هو أن الاحتكاك العنيف الذي كان ذات يوم يحدث بالاساس في القدس، امتد الى بؤر دينية في ارجاء البلاد. وهناك بالطبع العامل العنصري – نداءات الجمهور الذي تم تحريضه للمس بالسائقين الذين ظهروا لهم كعرب. وهذا دليل على التقارب في السنوات الاخيرة بين المجتمع الاصولي واليمين المتطرف.

إن ما يميز حقا موجة العنف الحالية هو أنها تعكس ليس فقط المعارضة التقليدية للاصوليين لسيادة وقيم الدولة، بل ايضا الشرخ الداخلي والفراغ القيادي. على الرغم من أنه كان موجود في السابق، هذا الشرخ الآن كشف تقريبا بكامل قوته في اعقاب وباء الكورونا. واذا كان هذا غير كاف، فهذه المرة ايضا كل الدولة تراه. لم يعد هذا الآن حدثا هامشيا أو محددا مثل معركة على شارع في القدس، الذي معظم المواطنين أصلا لا يسافرون فيه، هذه المرة هي معركة ضد اغلاق الكورونا الذي يعاني منه الجميع، في حين بقيت المؤسسات التعليمية الاصولية والكنس الاصولية مفتوحة في معظمها.

زعيم كاذب

“الحاخام كانيفسكي غير متاح”، صرخ بنيامين نتنياهو في المؤتمر الصحفي الذي عرض فيه في يوم الاحد رشوته الانتخابية. أجل، كانيفسكي (93 سنة) غير متاح لقيادة الجمهور الاصولي. هو غير مرتبط بالواقع الذي حوله، بالتأكيد ليست له أي علاقة بالضغوط المعقدة لادارة مجتمع يضم مئات الآلاف في ذروة وباء عالمي. وانفصال كانيفسكي عن العالم هو بالضبط السبب الذي من اجله انتخبه النشطاء الكبار في حزب ديغل هتوراة الليطائي كزعيمهم المزعوم بدلا من الحاخام غرشون ادلشتاين، وهو شخص اكثر ارتباطا بقليل فيما يجري ويوجد له رأي خاص به.

كانيفسكي هو زعيم غير أصيل، يسهل التلاعب به، ويمكن أن تنسب له القرارات الصعبة أو عدم اتخاذ القرارات. النشطاء السياسيون بنوا كانيفسكي، وحتى اخترعوا من اجله صفة “وزير التوراة”، والآن هم عالقون أمام شباب اصوليين يهددون في قلب بني براك بالقيام بعملية قتل جماعي لرجال الشرطة، ويحرقون الحافلات، وحتى يرشقون بالحجارة سيارات رئيس البلدية ونائبه، دون وجود قائد موثوق يمكنه شد العنان.

الحاخامات والنشطاء السياسيون بالتأكيد لم يريدوا هذا العنف. هم يدركون الضرر السياسي والاضرار بالصورة التي يسببها لهم، خاصة عشية انتخابات حاسمة بقوا فيها مكشوفين في برج القلعة كآخر الحلفاء المخلصين لنتنياهو. لذلك فان السياسيين ورجال العلاقات العامة الاصوليين يركضون الآن بين الاستوديوهات وهم يحملون التبريرات المتآكلة بأن الامر يتعلق فقط بحفنة من “شباب هامشيين” و”شباب صغار”. أحد رجال العلاقات العامة وصف من جديد الوقاحة عندما قال في تويتر بأن هذا دليل على أنه يجب فتح جميع مؤسسات التعليم الاصولية من اجل أن لا تتكرر هذه الاحداث. وقد أحسن عضو الكنيست موشيه غفني صنعا عندما اتهم من فوق منصة الكنيست اسرائيل العلمانية بأنها هي التي دفعت الجمهور الاصولي مع أولاده الى احياء ضيقة ومكتظة.

هم لم يرغبوا في هذا العنف، لكنهم رسموا اطاره وخلقوا الفراغ. عندما صارع طوال عشرة اشهر الحاخامات والنشطاء السياسيون ضد الدولة من اجل الحفاظ على الحكم الذاتي الاصولي كمنطقة جغرافية مختلفة، لا تسري عليها قوانين الاغلاق والابتعاد الاجتماعي، يمكنهم فقط لوم أنفسهم بادعاءات أن الشباب الاصوليين يفسرون ذلك كرخصة لأن يحاربوا في الشوارع ضد الشرطة وأن يحرقوا البنى التحتية للمواصلات العامة.

فعليا، لا يوجد هنا فرق جوهري عن موجات العنف الاصولية في بداية ايام الدولة. إن موجتي العنف تعكسان رفضا للاعتراف بالسيادة الاسرائيلية. ما تغير هو فقط حجم الجمهور الاصولي وحقيقة أنه اليوم، بموازاة التمرد في الشوارع، فان ممثليه يجلسون في الحكومة ويصوتون على اجراءات الاغلاق التي تلزم الجميع، باستثناء الجمهور الذي ارسلهم الى الكنيست. الحاخامات طلبوا حماية الحكم الذاتي الاصولي من أي سوء. والآن جيل الشباب لديهم يجسد بالحجارة وبالضربات ما هو ثمن ذلك.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى