ترجمات عبرية

 هآرتس – بقلم  الون بنكاس – لقد حان الوقت للانتقال من التكتيك الى الاستراتيجية وجبي ثمن من ايران

هآرتس – بقلم  الون بنكاس – 14/10/2021

” التهديد الحقيقي بالنووي الايراني ليس استخدامه، بل الحماية التي يعطيها لطهران. الجمهورية الاسلامية تعمل بشكل عقلاني طالما أنها لا تهدد مباشرة، والهجوم بواسطة الامتدادات تبعد الرد عن اراضيها “.

هذا ليس مقال أو وصفة سياسية بشأن المشروع النووي الايراني وكيفية وقفه وتبطيئه أو التسليم به. هذا المقال ايضا لن يناقش مسألة هل يجب اجبار أو منع استئناف الاتفاق النووي وعودة الولايات المتحدة اليه. لقد كتبت في السابق مقالات كثيرة واوراق عمل وابحاث، وستتم الكتابة ايضا عن المشروع النووي الايراني وما ينبثق عنه.

الهدف هو طرح مباديء لسياسة جديدة وتغيير النموذج فيما يتعلق بالبعد غير النووي لسياسة وسلوك ايران في المنطقة، من اجل وقف التآكل في قدرة ردع اسرائيل فيما يتعلق بضرب الجبهة الداخلية الاسرائيلية. تفكير اسرائيل في الموضوع الايراني هو تفكير متحجر بدرجة كبيرة، خاضعة لقوالب قديمة ولها صلة اقل بالواقع وتعطي البعد النووي اهمية وجودية وبالتالي حصرية.

من المفهوم ضمنا أنه في موضوع سياسة اسرائيل بالنسبة للموضوع النووي فان البعد النووي وغير النووي مرتبطين ويوجد بينهما علاقة وثيقة، عسكريا وسياسيا. ومن ناحية التفكير ورسم السياسة هناك مكان لفحص وتحليل منفصلين للبدائل، وهناك امكانية للتركيز بالذات على البعد غير النووي. معظم التهديدات الثابتة لايران على الشرق الاوسط بشكل عام وعلى اسرائيل بشكل خاص تأتي من المجال غير النووي، مثل الصواريخ البالستية والاستخدام الكبير للمنظمات الوكيلة واعطاء الرعاية واستخدام الارهاب. نائب رئيس الاركان السابق، الجنرال اسرائيل طال، مصمم دبابة المركباة ومن القادة العسكريين للمدرعات المشهورين في التاريخ ألف في 1996 كتاب بعنوان “أمن قومي: قلة أمام كثرة”. وواصل وتعمق في ادعاءاته في عدة مقابلات طويلة في 1999. طال عرض عقيدة أمن قومي واسعة، منظمة ومتناسقة مع الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي والجيوسياسي في اسرائيل.

بطبيعة الحال هو أكد على عدد من المباديء العقائدية الاساسية للامن الاسرائيلي. مثل نقل ساحة المعركة الى ارض العدو بأسرع وقت، وجود فئة فرعية “عملياتية” بين المستوى التكتيكي والمستوى السياسي، الاعتماد الكبير على الولايات المتحدة وعلى منصات قتالية (بالاساس الطائرات الامريكية). وأكد ايضا على تفرد الحالة الاسرائيلية، الانتصار الاسرائيلي سيكون دائما انتصار تكتيكي. ولكن هزيمة اسرائيل ستكون بالضرورة استراتيجية حتما.

استنتاج طال هو أن البديل السياسي يجب أن يكون دائما الخيار الاخير لاسرائيل. في ظل غيابه، كما قال كارل فون كلاوزوفيتش، من يريد السلام يجب عليه الاستعداد للحرب. طال الذي طور هذه الاقوال واستنتج بأن “وجود ردع فعال لا يستبعد التهديد، قدرة ورغبة في اخراج الى حيز التنفيذ ثأر غير متوازن، وعلى الاقل متوازن مع نشاطات العدو”. 

في الحالة الاسرائيلية – الايرانية تم تكييف هذه الرؤية مع المحيط ومع المعطيات ذات العلاقة التي توجد لدى الدكتور توماس كابلان، المؤرخ ورجل الاعمال الامريكي الذي له تجربة وشبكة علاقات متشعبة في ارجاء الشرق الاوسط. كابلان استخدم التاريخ العسكري والاقتصادي كأداة تنبؤ اساسية في التحليل الجيوسياسي وقام بتأسيس برنامج تعليمي في جامعة هارفارد، التي تستضيف رجال المخابرات. في 1990، قبل سنة من غزو العراق للكويت، توقع كابلان هذا التطور وعرضه على الموساد الاسرائيلي وعلى السعودية. الدولتان رفضتا هذا التنبؤ.

في ايلول 2019 حذر كابلان من أن المنطق الاستراتيجي لايران يدفعها لمهاجمة منشآت النفط في السعودية. هكذا، في نفس الشهر هاجمت ايران محطات النفط لشركة “ارامكو” في السعودية. السعودية ودولة الامارات وعدد من الاشخاص في اسرائيل تعلموا الاصغاء لكابلان في الموضوع الايراني وفي تحليل سلوكها الاقليمي.

في اساس مقاربة كابلان تقف المقولة التي بحسبها هناك قطيعة بين اسرائيل وايران، في كل ما يتعلق بالعلاقة بين التكتيك والاستراتيجية. اسرائيل تفكر بمفاهيم “الاهداف” وتكييفها مع الرد على ضرب اسرائيل. من هذه الناحية اسرائيل مقيدة على صعيد التكتيك. ايران تفكر بصورة استراتيجية، مثل شعار الشطرنج أمام لعبة النرد، وترى مسار النجاح بوضوح لاستراتيجيتها الشاملة. من ناحية ايران يوجد هنا تبني جزئي لرؤية الحرب الالمانية المتمثلة بـ “التطويق”. فعندما تقوم بتطويق العدو أنت تقيد حرية مناورته وتضعف قدرة ردعه. في المرحلة الثانية أنت تقوم بتعويد العدو بالتدريج على تقبل اصابة محدودة على اراضيه كجزء من اللعبة الشرعية، في حين أنت تشتت الجهد ايضا في ساحات اخرى. من هذه الناحية، المشروع النووي من جهة والنشاطات في اليمن من الجهة الاخرى، هي تعبيرات عن تشتيت الجهود، هذا في الوقت الذي فيه استخدام حماس لاطلاق الصواريخ على المدن في اسرائيل هو الجزء الذي فيه العدو، اسرائيل، يتلقى الضربة كجزء لا ينفصل من المواجهة ويمتنع عن الرد من اجل عدم التصعيد. وبذلك يتآكل ردعه. 

جزء من نشاطات اسرائيل ضد ايران وامتداداتها والمليشيات التي يتم تشغيلها من طهران، كان ابداعي وعصري، مؤثر وجريء. ولكنه كان حسب التعريف مقتصر على مستوى التكتيك. بكلمات بسيطة، التعالي والغطرسة لم يغيرا أي شيء. لا توجد أي عملية تم نسبها لاسرائيل، لا سيما للموساد، عملت على تغيير المعادلة الاستراتيجية أو دفعت ايران لتغيير سياستها. صحيح أن ايران ضعفت والعقوبات تؤتي أكلها والمشروع النووري ربما تم تبطيئه كل بضع سنوات، لكن الواقع لم يتغير بشكل جوهري.

ايران هي بحكم التعريف دولة توسعية مدفوعة بمزيج من تطلعات الهيمنة الاقليمية والاعمال العدائية التي استمرت 1400 سنة مع العالم العربي السني وايديولوجيا دينية مسيحانية. خصائص السياسة خدمت ايران الشاه، وهي تخدم الآن الجمهورية الاسلامية الايرانية التي اضافت لبنة اخرى مهمة وهي “تصدير الثورة”. من هذه المباديء، قال كابلان، ايران صاغت سياسة منظمة ومرنة وطويلة المدى وصبورة وترتكز على ثلاثة مستويات. 

المستوى الاول، طموحات صريحة وعلنية: قومية فارسية، دفاع عن الاقليات الشيعية في الشرق الاوسط واستخدام واسع وباهظ الثمن لمنظمات امتدادية (حزب الله البارز من بينها). المستوى الثاني، استخدام واستغلال ذكي لنقاط ضعف العدو، في الحالة الاسرائيلية نقطة الضعف هي الحساسية تجاه الجبهة الداخلية، وحقيقة أنه في العقد الاخير يرى العالم ايران كتحد في السياق الاسرائيلي وليس كتحد شامل. المستوى الثالث، مشروع نووي شبه مكشوف ومشروع نووي عسكري سري بصورة رسمية، لكن غير سري من ناحية مجرد وجوده. يضاف الى ذلك برنامج تطوير وانتاج للصواريخ البالستية بعيدة المدى.

من ناحية اسرائيل، السعودية ودولة الامارات فان استخدام منظمات امتدادية هو الاكثر اشكالية. حسب “النموذج التجاري” الايراني فان المنظمات الامتدادية تقلق العدو وهي التي تتلقى رده. عندما تقوم حماس والجهاد الاسلامي باطلاق الصواريخ على عسقلان وسدروت وناحل عوز أو تل ابيب فان اسرائيل تقوم بالرد في غزة. وعندما يطلق حزب الله الصواريخ على حيفا فان اسرائيل تقوم بمهاجمة لبنان. المعادلة بسيطة في عدم تناسقها: ايران تهاجم اسرائيل، وردا على ذلك اسرائيل تقصف الفلسطينيين أو اللبنانيين، بعضهم من المدنيين. هذه السياسة تفيد ايران لأن اسرائيل، مثل السعودية، توافق على وجود هذه المعادلة، وترد على المستوى التكتيكي فقط وتنشغل في أن تشرح لنفسها لماذا يجب منع التصعيد. النتيجة هي أن اسرائيل وايران والسعودية ودولة الامارات جميعها تدور في حلقة مفرغة مثلما في لوحة الفنان الهولندي موريتس آشر “يصعدون ويهبطون”.

من الواضح أن البديل والمسار السياسي هما المفضلان، لكن يجب تهديد ايران بلغة واضحة وبصيغة “اسمعوا جيدا، نحن نعرف بالضبط ما الذي تفكرون أن تعملونه وتنفذونه. يجب عليكم أن لا يخطر ذلك ببالكم لأن الرد سيكون…”. في هذه الفترة الزمنية ايران غير مهددة بذلك، وهي تعرف جيدا وتواصل استغلال نقاط ضعف اسرائيل.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى