ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم الون بنكاس – لعرض الامريكي على ايران العودة الى المفاوضات يعد فشلا للسياسة الاسرائيلية

هآرتس – بقلم  الون بنكاس – 31/3/2021

الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين ايران والصين غير مرتبط بشكل مباشر مع الاتفاق النووي. ولكنه يدل على أن طهران غير معزولة عن العالم. لذلك، توجد حاجة الى مقاربة جديدة تجاهها “.

اكثر من الاهمية المعلنة واكثر من التداعيات السياسية والجغرافية الممكنة، فان اتفاق “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” الذي وقعت عليه الصين وايران في يوم السبت توجد له أهمية اخرى. فهو يشكل دليل على فشل السياسة الامريكية – الاسرائيلية تجاه طهران، على الاقل في السنوات الثلاثة الاخيرة. “الضغط الأشد” أثمر حد أدنى من النتائج الايجابية. واذا اضفنا الى ذلك الخطوة الامريكية، وهي عرض خطة وصيغة لاستئناف المفاوضات مع ايران حول الاتفاق النووي على أساس “تزامن” تدريجي من جانب الطرفين فيبدو أن سياسة اسرائيل قد استنفدت فترة حياتها وهي تحتاج الى تفكير جديد كليا.

الولايات المتحدة انسحبت بصورة أحادية الجانب من الاتفاق النووي في أيار 2018. وهي لم تطرح في أي يوم أي خطة بديلة ولم تجند حلفاء، واعلنت بتفاخر وبصورة احتفالية عن تطبيق استراتيجية “الضغط الأشد”، أي استئناف وتشديد العقوبات على فرض أن اقتصاد ايران سينهار، وهكذا ستعزلها وتجبرها على العودة الى المفاوضات بشروط مختلفة ومحسنة. وبزيادة الضغط ربما تحدث هزة داخلية أو حتى ربما تغيير النظام.

باستثناء اسرائيل التي ضغطت في العام 2017 و2018 من اجل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وأثنت على “القرار الشجاع” للرئيس السابق دونالد ترامب، لا توجد أي دولة  من الدول الاخرى التي وقعت على الاتفاق، الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا، أيدت الخطوة الامريكية. وعندما بدأت ايران في تخصيب اليورانيوم مرة اخرى مع خرق واضح وجوهري للاتفاق الذي بقي رسميا وتعاقديا ملزما لها، فان اسرائيل وامريكا، الاولى عارضت الاتفاق منذ لحظة التوقيع عليه والثانية خرقته بانسحابها منه، كررتا بلهجة ورعة بأن هذا دليل على أن ايران تنتهك الاتفاقات.

ميزان الانجازات في السنوات الثلاثة الاخيرة يشمل البنود التالية: يوجد لدى ايران 12 ضعف من اليورانيوم المخصب اكثر مما كان لديها عشية التوقيع على الاتفاق في صيف 2015؛ وهي تملك حضور عسكري بواسطة مبعوثين ومنظمات تحت رعايتها في هضبة الجولان وفي لبنان قرب الحدود مع اسرائيل؛ بل هي وقعت ايضا على اتفاق استراتيجي مع الصين، وبدون أي علاقة بحجمه وطبيعة بنوده فهي ليست معزولة عن العالم. الولايات المتحدة تجري مع ايران مفاوضات غير مباشرة من اجل استئناف الاتفاق النووي بدعم من الاوروبيين، مع زيادة ممكنة ومحتملة: تعاون مع الصين في هذه القضية. وحسب أي مقياس هذا لا يعتبر نجاح استراتيجي وسياسي.

الاتفاق بين بجين وطهران غير مرتبط بشكل مباشر بالاتفاق النووي، لكنه يؤثر على بنية استراتيجية رباعية ومعقدة تتكون من الولايات المتحدة والصين وايران واسرائيل. كم هي معقدة هذه البنية؟ هاكم الخطوط العريضة لهذه الرباعية: الولايات المتحدة واسرائيل حليفتان مقربتان. الصين تتحول بالتدريج الى شريكة تجارية رئيسية لاسرائيل وتستثمر الكثير في البنى التحتية.

الولايات المتحدة تعتبر الصين خصما استراتيجيا وتحديا سياسيا يمكن أن يتحول الى عدو. الصين وقعت على اتفاق شامل مع ايران، الذي تعتبره اسرائيل مكرهة اقليمية، ايران التي تعطي رعايتها للارهاب وفي حالة حصولها على السلاح النووي ستشكل تهديدا وجوديا.

هناك مقاربتان اساسيتان من اجل تحليل الاتفاق بين الصين وايران. فهما متساويتان في الصلاحية وفي احتمالية تحققهما. المقاربة الاولى تعرض واقع بسيط وهو أنه يجب عدم الاستخفاف بالتوقيع على اتفاق استراتيجي لمدة 25 سنة، بمبلغ شامل هو 400 مليار دولار، ويشمل بنود الطاقة والتكنولوجيا والبنى التحتية والتعاون العسكري. محظور التقليل من اهميته أو القول بأنه لن تكون له أي اهمية جيوسياسية أو تداعيات سياسية على اسرائيل في المستقبل القريب. الاتفاق، رغم أنه سيدخل الى حيز التنفيذ فقط بعد سنتين، يثبت بأن ايران لن تنهار وأنها ليست على شفا الانهيار نتيجة العقوبات الامريكية الشديدة. ثانيا، ايران وجدت مظلة تتمثل بدولة عظمى حتى لو كانت محدودة، وحطمت الحصار الذي أملوا في واشنطن وفي القدس بأن تحبس داخله. توجد للصين وايران مصالح مشتركة بنفس القدر والنطاق، في اضعاف الولايات المتحدة. اسرائيل توجد لها مصلحة اساسية وواضحة بأن تكون الولايات المتحدة قوية وموثوقة ومشاركة. من هنا فان الاتفاق توجد له اهمية كبيرة.

المقاربة الثانية تنظر الى الاتفاق بشكل متناسب وتعتبره جزء لا يتجزأ، ليس بالتأكيد جزء مركزي، من السياسة الخارجية للصين. لا يوجد فيه أي هدف أو منطق استراتيجي دقيق يسعى الى تقويض تسوية في الشرق الاوسط. الصين لا توجد لها مصلحة في تحويل المنطقة الى منطقة عنيفة ومتوترة، ولا توجد لها أي نية للوساطة أو أي طموحات لاحلال السلام. ولكن لديها خوف اساسي من التدخل في النزاعات الاقليمية. من ناحية اقتصادية الصين تبث قوة كبيرة، ومن ناحية سياسية هي تريد استعراض عضلاتها. ولكن من ناحية عسكرية هي تخشى من أي منطقة تهدد بأن تجر اليها من يقتربون منها وتعرض للخطر الاستثمارات المالية وتستهلك رأس المال السياسي.

يوجد ايضا تضارب مصالح بين الصين وايران. فبجين لها مصلحة في اسعار نفط متدنية، في حين أنه توجد لطهران مصلحة حيوية في اسعار نفط مرتفعة. الصين تهتم بعلاقاتها التكنولوجية مع اسرائيل، وهو الامر الذي يفرح الولايات المتحدة، ومشكوك فيه اذا كان الاتفاق مع ايران، الذي سيعرضهما للخطر، يستحق من ناحية نسبة التكلفة  – الفائدة. الصين تستهلك 14.5 مليون برميل نفط يوميا. ومن اجل المقارنة، الولايات المتحدة تستهلك 21 مليون برميل. مصدر 44 في المئة من استيراد الصين هو  من الشرق الاوسط، بالاساس من السعودية. وقبل سنة كانت ايران هي المسؤولة عن 3 في المئة من ذلك، ولكن الآن زاد نصيبها الى 7 في المئة، أي نحو مليون برميل يوميا، تشكل نصف التصدير الايراني في هذا الفرع. توجد للصين، كما قلنا، خشية من بؤر النزاع، ومشكوك فيه اذا كانت ستقوم بتزويد ايران بتكنولوجيا صواريخ بحرية متطورة أو انظمة صواريخ كاملة تهدد اسرائيل.

توجد للاتفاق علاقة سياسية واقتصادية خاصة. الصين لها اتفاقات تفاهم مع 140 دولة، بما في ذلك ايران، التي تحولها الى اعضاء في مشروع “الحزام والطريق”، الاساس الرئيسي في سياسة الصين الخارجية منذ تم الاعلان عنها من قبل الرئيس شي جي بينغ في العام 2013. الحديث يدور عن سياسة خارجية وتجارة هدفها الاستراتيجي الربط بين آسيا وافريقيا، وبين الشرق الاوسط واوروبا، من خلال شبكة طرق برية وبحرية تقود الى المدن الصناعية والموانيء. اهدافها العلنية هي تكامل اقتصادي اقليمي وزيادة نجاعة خطوط وسلاسل التزويد. لنضع عدم الانانية ومحبة الانسانية جانبا، فانه توجد للصين مصلحة اساسية اكثر وهي توسيع مجال النفوذ واستعراض القوة السياسية وخلق تبعية مالية وبناء نسيج من أدوات التأثير.

الخطة التي ترتكز على “طريق الحرير” لسلالة هان قبل ألفي سنة يوجد لها بُعدان. “طريق الحرير البرية” تربط الصين مع جنوب شرق آسيا وغرب آسيا وروسيا واوروبا بوسائل برية. و”طريق الحرير البحرية” تربط موانيء الصين مع موانيء في جنوب آسيا وجنوب المحيط الهاديء والشرق الاوسط وحوض البحر المتوسط وشمال افريقيا وجنوب اوروبا.

البنى التحتية للمواصلات والاتصالات يتم بناءها من قبل الصين، من اجل رفاه وسعادة الدولة المستضيفة. كل هذا مشمول، طبعة بجين. الاستثمارات التي تعتبرها الصين بـ “جودة عالية”، أي تقليص الاخطار المالية مع يقين نسبي عالي، تشمل بناء وتطوير موانيء (مثلا، في بيراوس أو في حيفا) وشوارع وسكك حديدية ومطارات واتصالات هاتفية ومحطات لتوليد الطاقة والغلاف التقني والمالي الداعم. نظرة خاطفة على الخارطة تبين أن ايران تشكل حلقة في هذين البُعدين، البري والبحري.

ومن اجل المفارقة، الاتفاق بين الصين وايران في موازاة محاولة امريكا استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي، يمكن أن يضع اسرائيل في وضع جديد. ربما بالتحديد حول المسألة الايرانية فان بايدن وشي سيجدان طريقة للتعاون وازالة التوترات. ومن الارجح أن مقاربة الحد الاقصى في اسرائيل تجاه ايران وتجاه الاتفاق النووي يمكن أن تضعها في خلاف مع واشنطن وبجين في نفس الوقت، الامر الذي سيقتضي تفاهمات جديدة مع الولايات المتحدة.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى