ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم الون بنكاس– اسرائيل ستضطر الى دفع الثمن مقابل الحماية في لاهاي

هآرتس – بقلم  الون بنكاس – 5/3/2021

في محكمة الجنابات الدولية في لاهاي هم على علم بهجمات نتنياهو على الجهاز القضائي في اسرائيل. لذلك، يصعب الافتراض بأنهم سيصدقوه هناك عندما يتحدث عن قدرة اسرائيل على استبدال المحكمة. وفي كل ما يتعلق بمساعدة واشنطن فان اسرائيل سيطلب منها السير مع الولايات المتحدة في نفس الخط في موضوع الاتفاق النووي والعلاقات مع الصين والسعودية,

يوجد لاسرائيل ميل عمره طويل في أن تكون محقة جدا وغير حكيمة أبدا في سلوكها الدولي عندما تتم مهاجمتها. معروف أن هذا يخالف تماما صورتنا الذاتية. لذلك فان الردود على قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بشأن فتح تحقيق حول جرائم حرب ارتكبت في المناطق، كانت متوقعة وفارغة.

بعد ثلاثة اسابيع على قيام المحكمة في لاهاي باتخاذ قرار بأنه يوجد لها صلاحية لمناقشة ما يحدث في المناطق، اعلنت في يوم الاربعاء المدعية بنسودا بأنها تصادق على فتح التحقيق فيما يتعلق “بالوضع في فلسطين” بعد عملية الجرف الصامد. قرار فتح التحقيق مثير للغضب حقا، اساسه الشرعي مهزوز واساس افتراضات المحكمة خاضعة لتفسيرات تاريخية وقانونية. ولكن بعد مرور خمس سنوات على تجاهل تام من قبل اسرائيل بالنسبة لجوهر التحقيق ومحاولة تقويض صلاحية المحكمة، ما الذي كانوا ينتظرونه بالضبط؟

قصف مدفعي من الرثاء والبر والمرارة والغضب المقدس والقاء اللوم على كل العالم، بدأ على الفور. خلال بضع دقائق من اعلان المحكمة بدأ وابل من الشعارات: الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم. دولة اسرائيل وجيش الدفاع الاسرائيلي يعرفون اجراء تحقيق ذاتي افضل من أي جهة اخرى، وهم يفعلون ذلك بشكل دائم. سنقف من وراء الضباط والجنود؛ هذه لاسامية؛ اسرائيل تتعرض للهجوم؛ المدعية العامة تحركها كراهية اسرائيل؛ هذا قرار منافق ولا اساس قانوني له؛ ليذهبوا ويفحصوا سوريا وايران قبل ذلك.

جميع هذه الادعاءات هي محقة وجميلة ومعظمها صحيح، لكنها جميعا غير حكيمة. لا يوجد أي منها مناسب للدفاع القانوني بالنسبة لاسرائيل. يوجد لها، بصعوبة شديدة، اهمية اعلامية. هذه ليست اكثر من ادعاءات بافلوفية تجعلنا نشعر بالراحة مع انفسنا، مغلفين بالغضب المقدس وغارقين في البر. هكذا لا يبنون دفاع. ومثلما لا يجب المبالغة بصورة هستيرية فانه محظور ايضا على اسرائيل التقليل والاستخفاف بالمحكمة الدولية. من جهة التحقيق سيستغرق زمن غير قصير، وفي شهر حزيران سيتم استبدال بنسودا بمدعي عام جديد، رجل القانون البريطاني كاريم خان. ليس واضحا كم من الوقت والموارد سيخصصها خان لهذا التحقيق مقارنة مع تحقيقات اخرى، التي ربما تكون ضمن سلم اولويات اعلى في مكتبه. الصور البائسة للتحقيقات أو اوامر الاعتقال ضد رؤساء الوزراء ووزراء الدفاع ورؤساء الاركان والجنرالات ورؤساء اقسام في جهاز الامن وجنود خدموا في غزة – ما زالت بعيدة. ويوجد لاسرائيل حلفاء وادعاءات دفاع لا بأس بها.

من جهة اخرى، اذا واصلت اسرائيل ازدراء المحكمة، والاحتجاج على صلاحيتها والامتناع عن التعاون معها، مثلما فعل نتنياهو بصورة متحدية في السنوات الخمسة الماضية، فان الضرر المحتمل سيكون ليس فقط قانوني تجاه هذا الجنرال أو ذاك الملازم أو ذاك العضو في الشباك، بل ايضا سيكون ضرر سياسي. صحيح أن التحقيق يتركز على حزيران 2014، لكن نطاق القضاء يمكن توسيعه الى جميع “المناطق الفلسطينية”. هذا بالضبط ما يعتبر “تدويل النزاع” من خلال المحكمة في لاهاي، والطريق من هناك الى الامم المتحدة غير بعيدة.

يوجد لسياسة الدفاع الاسرائيلية ثلاثة جوانب، الجانب القضائي والجانب الدبلوماسي الجماهيري والسياسي.

قانونيا بعد سنوات على تجاهل التحقيق، ستضطر اسرائيل الى فحص بلورة استراتيجية وخط دفاع كرد على صلاحية المحكمة وميثاق روما، الذي تم التوقيع عليه في العام 1998. بقوة هذا الميثاق تم تشكيل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وقد دخل الميثاق الى حيز التنفيذ في 2002 وفسر وظائف المحكمة وصلاحياتها وسريان ولايتها القضائية وتركيبتها. الميثاق حدد اربع “جرائم اساسية”: ابادة شعب؛ جرائم ضد الانسانية؛ جرائم حرب؛ جرائم عدوان. اسرائيل انضمت رسميا الى الميثاق في 31 كانون الاول 2000. ولكنها لم تصادق على هذا الانضمام. في رسالة انضمامها اضافت اسرائيل تحذير وتحفظ: هناك خوف من تسييس قرارات المحكمة، وخوف جوهري ومعقول من استخدام سياسي ومن دوافع سياسية واضحة ومرفوضة لدول بتقديمها دعاوى للمحكمة. خوف آخر هو أن تتحول المحكمة الى ساحة صدامات سياسية وليس هيئة قضائية نقية وخالية من الاعتبارات الغريبة. يبدو أن كل التحذيرات الاسرائيلية تم التعبير عنها في قرار فتح التحقيق.

الجانب الثاني هو الدبلوماسية الجماهيرية. حتى الآن اسرائيل اختارت طريق الهجوم ومحاولة الاحتجاج على صلاحية المحكمة. هذه سياسة شرعية، لكن لا يوجد لها برنامج بديل اذا لم تنجح.

في لاهاي قرأوا كيف أن الوزراء يشهرون ويهددون المحكمة العليا بتقليص صلاحياتها، وتشريع استقوائي ضد احكامها. اضافة الى ذلك، بقي لاسرائيل المسار السياسي. يوجد لاسرائيل حلفاء هامين هم اعضاء في ميثاق روما ودول صديقة وتتعامل بود مع ادعاءاتها وانتقادها. ولكن في نهاية المطاف الاساس يوجد في الولايات المتحدة. فهي ليست عضوة في ميثاق روما، لكن تأثيرها في منتديات ومؤسسات دولية هو تأثير حاسم. أمس وقف وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، من وراء اسرائيل واحتج على صلاحية المحكمة.

ولكن استمرار التحقيق سيحتاج الى استمرار الدعم السياسي الامريكي، وهذا مرهون ومتعلق بمواضيع اخرى تتطلع فيها الولايات المتحدة الى تعاون اسرائيل: الاتفاق النووي مع ايران، علاقات الولايات المتحدة المتضعضعة مع السعودية، وفي المستقبل القريب، ضغط امريكي على مسائل مختلفة داخل مثلث العلاقات اسرائيل – الصين – الولايات المتحدة. ومن اجل ضمان استمرار الدعم السياسي والعملي للولايات المتحدة في موضوع التحقيق سيطلب من اسرائيل تأييد الولايات المتحدة في هذه المواضيع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى