ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم الوف بن – البطاقة المنسية التي كتبها رابين عن عرفات ، تشهد على الصورة المغلوطة التي تبناها اليمين واليسار عنه .

هآرتس – بقلم  الوف بن – 30/10/2020

على قصاصة ورق نسيت في غرفة الاجتماعات كتبت بضعة اسطر ذاتامكانية كامنة تفجيرية بشكل خاص. وهوية الكاتب لم يكن يطالها الشك وافكار رئيس الحكومة الذي كان يتبناها في حينه تلقي الضوء على الطريق السياسية التي قطعت قبل 25 سنة “.

حدث هذا في خريف 1993 بعد بضعة اسابيع من حفل التوقيع على اتفاقات اوسلو في البيت الابيض والمصافحة التاريخية لرئيس حكومة اسرائيل اسحق رابين والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، التي بشرت بـ “سلام الشجعان”. رابين الذي شغل ايضا منصب وزير الدفاع ذهب لزيارة وحدة المستعربين “شمشون”، التي عملت في قطاع غزة. المقاتلون أجروا أمامه تمرين، وبعد انتهائه جلس رابين والضباط الكبار في القطاع من اجل التشاور. وعندما ذهبوا في طريقهم تقدم الرقيب الاول في الوحدة من قائد وحدة شمشون، طل شاؤول، واعطاه قصاصة من صحيفة نسيت في غرفة الاجتماعات، مكتوب عليها عدة اسطر بخط اليد.

شاؤول المعروف لدى الجمهور كشخصية “رامبو” في فيلم “عملية الجدة” الذي أنتجه شقيقه درور، نظر في الورقة واكتشف قنبلة. وهاكم ما كتب فيها: “قلت لديختر بأنه منذ مصافحتي لعرفات أنا لا أتجرأ على حك مؤخرتي”. هوية الكاتب لم تكن مشكوك فيها. فقط أحد الحضور في القاعدة التقى مع عرفات، وكان هو رئيس الحكومة. ما العمل؟ شاؤول اتصل مع آفي ديختر الذي كان في حينه رئيس المنطقة الجنوبية في الشباك وقال وأبلغه عن الرسالة المكتوبة بخط رابين. ديختر عرف ماذا يعني. “كل اتفاق السلام على كتفيك الآن”، قال للضابط الذي عرفه جيدا من العمليات المشتركة في قطاع غزة، “يجب عليك أن تقوم باتلاف هذه البطاقة لأنه اذا تم تسريبها فان كل اتفاق السلام سينهار”. شاؤول امتثل له وقام باحراق البطاقة. وهذا فقد الى الأبد، التوثيق التاريخي لافكار رابين عن شريكه في عملية السلام. ديختر انتقل منذ ذلك الحين الى جانب بنيامين نتنياهو، وربما أنه يندم اليوم على تفويت فرصة تدمير اتفاق اوسلو من البداية.

رابين يعتبر الآن يساري كان متحمسا للتنازل عن المناطق واقامة دولة فلسطينية على انقاض المستوطنات وحلم ارض اسرائيل الكاملة. هذه الصورة تخدم الطرفين السياسيين: اليسار الذي يحتاج الى بطل واليمين الذي يحتاج الى خائن. ولكن هذا هراء. رابين سعى الى تعزيز مكانة اسرائيل الدولية بمساعدة صديقه رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون وطور تحالف مع الانظمة “المعتدلة” في المنطقة، مصر والاردن والمغرب وتونس وعُمان وقطر وتركيا قبل اردوغان، كقوة موازنة لزيادة قوة ايران. ولكنه كان بخيل في اعادة المناطق وخشي من الاتفاق مع سوريا الذي كان سيضع جنود الاسد على شاطيء بحيرة طبرية. مع الفلسطينيين تقدم ببطء (“لا توجد تواريخ مقدسة”)، وفضل اعطاء عرفات بادرة حسن نية رمزية مثل صفة “الرئيس” وشرطي على جسر اللنبي بدلا من مساحة جغرافية كبيرة أو تجميد واخلاء المستوطنات – التي فقط كبرت في عهده.

في احدى المرات سنح لي مشاهدة لقاء بين رابين وعرفات، أنا وصديقي اودي سيغل (الذي كان في حينه في “صوت الجيش” والآن هو في “ريشت 13”). الاثنان حصلا على جائزة ما في اسبانيا ووقفا في نهاية الاحتفال من اجل محادثة سياسية. الحماية كانت خفيفة كما هي العادة قبل قتل رابين، واستطعنا مشاهدة ما يحدث من وراء ستارة خفيفة. رئيس حكومة اسرائيل جلس وهو يحمل سيجارة وكأس ويسكي في يده وأمامه جلس زعيم الشعب الفلسطيني. رابين تحدث وتحدث وعرفات كان يكتب ويكتب في كراسة. وقد كنا نمزح، أن رابين قال له “الآن اكتب مئة مرة: أنا سأحارب الارهاب، بدون اخطاء”. اوراق عرفات لم تبق موجودة ومن غير الواضح ماذا كتب هناك. ولكن رابين لم يظهر صداقة أو أخوة تجاهه وتعامل معه حتى يومه الاخير بتشكك. وقد شعر بصورة اكثر راحة مع الملك حسين، ملك الاردن، ومع الرئيس المصري حسني مبارك.

الاتفاقات التي وقع عليها نتنياهو مع اتحاد الامارات ومع البحرين تعكس ارث رابين اكثر بكثير من فك ارتباط اريئيل شارون مع غزة. ها هي دول عربية تقبل باسرائيل كجارة مرغوبة وتعمل لصالحها في واشنطن، لا يجب على أي ذرة من الارض أو أي مستوطن التحرك من مكانهما مقابل ذلك، والفلسطينيون حصلوا على تشدق تافه. بالضبط مثلما في جولات رابين المنسية الى ملك المغرب أو الى المؤتمرات الاقتصادية الاقليمية التي بادر اليها شمعون بيرس في كازبلانكا وعمان. المؤتمر الاخير تم عقده قبل اربعة ايام من قتل رابين؛ وقد استغرق الامر 25 سنة من اجل أن تعود اسرائيل الى المسار الذي تم قطعه في حينه برصاص مسدس يغئال عمير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى