ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم اسحق بريك – اسرائيل غير مستعدة لحرب اقليمية. نقطة

هآرتس – بقلم اسحق بريك – 28/5/2021

” اذا فشل سلاح الجو في غزة بوقف اطلاق الصواريخ فهو بالتأكيد سيفشل بذلك في حرب متعددة الساحات. وسيستمر اطلاق الصواريخ الدقيقة والمدمرة علينا من كل الجهات “.

       في هذا الشهر شاهد شعب اسرائيل تحقق سيناريو يزرع الرعب: انهيار كامل للمفهوم الذي يقول إنه يمكن الانتصار في حروب بواسطة سلاح الجو. هذه الرؤية حاول احياءها في عملية “حارس الاسوار” جنرالات في الاحتياط، لعبوا دور “المحللين” في بعض الاحيان. في عملية بمشاركة معظم طائرات سلاح الجو تم قصف بنى تحتية لحماس والجهاد الاسلامي في غزة ليل نهار. مئات الطلعات ومئات الطائرات ألقت آلاف القنابل الدقيقة التي تكلفتها مليارات الشواقل على منطقة مقلصة – رغم كل شيء لم ينجحوا في وقف اطلاق الصواريخ وقذائف الهاون الى أن دخل وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ. حماس والجهاد الاسلامي استمروا في اطلاق الصواريخ وكأنه لم يحدث أي شيء من ناحيتهم، ويبدو أنه كان يمكنهم مواصلة ذلك لفترة طويلة.

       لقد تحدثوا لسنوات عن سلاح الجو كذراع استراتيجي لاسرائيل. صحيح أن قوته هي قوة بارزة امام طائرات العدو، حيث هناك افضليته واضحة، ولكن قدراته معدومة امام القذائف، وبالتأكيد امام الصواريخ. في السنوات الاخيرة الجيش البري أُهمل وتدهور، والآن هو على وشك الاستهلاك، حيث ينظر لسلاح الجو على أنه جيش الدولة؛ هذا من خلال منطق مشوه يقول إنه يمكن الانتصار في حرب ومنع خسائر في الارواح بمساعدة سلاح الجو وحده. الآن نحن ندفع بسبب ذلك ثمن باهظ جدا.

       حماس اثبتت صمودها وواصلت اطلاق الصواريخ حتى تحت الهجوم غير المسبوق لسلاح الجو والمس الشديد بالبنى التحتية في غزة وبجزء من قياداتها وبيوتهم. حماس لم ترتدع والايديولوجيا تعطيها الالهام. وقد تسببت بشلل معظم الدولة طوال المعركة. وتسببت باضرار اقتصادية تبلغ مليارات الدولارات، ضمن امور اخرى، في اعقاب شل جزء كبير من اقتصاد الانتاج. تكلفة آلاف القنابل الدقيقة التي القتها طائراتنا على اهداف في غزة، باهظة جدا.

       حماس والجهاد الاسلامي جعلونا مهزلة عندما استمروا في اطلاق الصواريخ بدون توقف، بما في ذلك نحو غوش دان، في الوقت الذي اعلن فيه رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الاركان بأنه سيكون من الصعب عليهم النهوض من الدمار الذي الحقناه بهم (جميعنا نتذكر جيدا تصريحات مشابهة لرؤساء الدولة والجيش بعد عملية الجرف الصامد). في حماس والجهاد قرروا متى يبدأ الاطلاق ومتى يتوقف. لذلك، سلاح الجو فشل فشلا ذريعا في مهمته الرئيسية وهي وقف اطلاق الصواريخ من غزة.

       من ناحية حماس، الحديث يدور عن انتصار في المعركة وفي تبني توجه جديد وجريء وأنها انتصرت. بسبب ذلك، حماس تحصل على التعاطف الكبير من دول معادية لنا وفي اوساط عديدة في العالم. الجولة الاخيرة لم تمنعها هي والجهاد الاسلامي من الخروج في جولات اخرى، لأن طموحهم هو التسبب باشتعال اقليمي شامل، يشمل انتفاضة ثالثة في يهودا والسامرة واعمال شغب بين العرب واليهود داخل اسرائيل، ويجر الى المعركة ايضا حزب الله والمليشيات الشيعية في اليمن والعراق وسوريا. من هنا تكون المسافة قصيرة الى حرب اقليمية بادارة ايران.

       التداعيات هي مصيرية. خلافا لغزة التي هي منطقة محدودة وصغيرة ومكتظة فانه في حرب متعددة الساحات سيتم اطلاق آلاف الصواريخ والقذائف على اسرائيل من مناطق واسعة ومن مسافات تبعد مئات الكيلومترات. إن حجم سلاح الجو لن يمكنه من القيام بهجوم في نفس الوقت على مناطق واسعة كهذه، وحتى في الاماكن التي سيهاجمها هو لا يستطيع وقف استمرار اطلاق الصواريخ والقذائف، مثلما لم ينجح في ذلك في الحرب الاخيرة. اطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الاسرائيلية سيستمر دون توقف من جميع الاتجاهات، من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق. في كل يوم سيتم اطلاق آلاف الصواريخ والقذائف على مراكز السكان وبنى تحتية واهداف استراتيجية، وهي صواريخ قوة تدميرها اكبر بعشرات الاضعاف من صواريخ حماس. سيتم اطلاق صواريخ دقيقة تحمل رؤوس متفجرة لمسافة مئات الكيلومترات (حماس يوجد لديها صواريخ ثابتة وغير دقيقة، اكبرها يحمل رأس متفجر بوزن 90 كغم، في حين أنه توجد لدى حزب الله صواريخ دقيقة مع رؤوس متفجرة بوزن 500 كغم واكثر).

       تخيلوا وابل من الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ كروز، التي جزء منها يحمل رؤوس متفجرة بوزن مئات الكيلوغرامات والتي ستسقط على رؤوسنا بلا توقف. الدمار سيكون غير محتمل، وهذا سيكلفنا آلاف القتلى والمصابين. اطلاق الصواريخ الدقيقة سيشل ويعيق طائراتنا بسبب الاصابة الدقيقة لمدرجات الاقلاع وابراج المراقبة. في موازاة ذلك سيكون هناك ضرب لمحطات الكهرباء التي ستتوقف، ومنشآت تحلية المياه وخزانات الوقود والغاز، والبنى التحتية الاقتصادية ومراكز التجمعات السكانية.

       يمكن لاعدائنا أن يحاربوا مدة اسابيع وحتى اشهر بسبب مخزون السلاح الضخم الذي يوجد بحوزتهم، والذي يشمل 250 ألف صاروخ وقذيفة. لا يوجد في أيدي اسرائيل مخزون كافي من الصواريخ ضد صواريخ ارض – ارض التي توجد لدى العدو، بسبب تكلفتها الباهظة. واذا لم يوقف سلاح الجو اطلاق حماس فمن باب أولى أن لا يستطيع وقف اطلاق الصواريخ في حرب متعددة الجبهات في مساحات اوسع وأبعد. الكثير من صواريخ العدو تم تركيبها على منصات اطلاق متحركة، تغير مكانها بعد عملية الاطلاق ويصعب جدا تحديد موقعها وتدميرها. من نافل القول الاشارة الى أن الكثير من هذه الصواريخ تم تخزينها عميقا تحت الارض.

       الايرانيون وحزب الله تابعوا عن كثب ما حدث بيننا وبين حماس في هذا الشهر، وأدركوا أنه لا يوجد لاسرائيل أي رد على الصواريخ. في الحقيقة، لحرب كهذه فان دولة اسرائيل غير مستعدة تماما، وهي لا تتعامل بجدية مع الاستعداد لها حتى يومنا هذا.

       بعد الجولة الاخيرة فان القيادة السياسية والامنية يجب عليهما الكف عن أن تعرضا على شعب اسرائيل صورة انتصار لا توجد علاقة بينها وبين الواقع البائس الذي نقف امامه. يجب على زعمائنا الاستيقاظ والدخول فورا الى محادثات طواريء واتخاذ قرارات من اجل اعداد الجيش لحرب متعددة الساحات وبلورة نظرية امنية محدثة. في البداية يجب الغاء تقصير مدة الخدمة للرجال، ويجب تدريب الاحتياط وتحقيق توازن مناسب بين اذرع الجيش، البرية والجوية والبحرية. يجب اقامة سلاح لصواريخ ارض – ارض هجومية من اجل حماية سلاح الجو، وتطوير بسرعة ليزر قوي في اطار مشروع وطني. يجب أن نحسن من الاساس الثقافة التنظيمية والادارية والقيادية المعيبة للجيش واعداد الجبهة الداخلية وادارتها في حالات الطواريء.

       اذا لم يتم عمل ذلك فيتوقع حدوث كارثة ستسجل على مر الاجيال، حرب ستؤدي الى تهديد على وجودنا وحياتنا في دولة اسرائيل. المسؤولية تقع على المستوى الامني والسياسي، لكن الخلاص لن يأتي دون أن يستخدم الجمهور ضغط مكثف من اجل اجراء تغيير في النظرية وفي المقاربة وفي تحمل المسؤولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى