ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم أور كشتي- ثورة التعليم في القرن الواحد والعشرين لم تصل بعد الى اسرائيل

هآرتس – بقلم  أور كشتي – 11/1/2021

” في العقدين الاخيرين يتطور نوع جديد من الاصلاح التعليمي وهو نوع يحاول أن يطور في اوساط الطلاب مهارات مثل التعلم الذاتي والتفكير الانتقادي أو الابداع. وحسب اقوال البروفيسور عامي فلنسكي الذي كتب كتاب حول الموضوع فان الافكار الجديدة تناسب اسرائيل، لكن ربما يكون تطبيقها بحاجة الى حل وزارة التعليم واعادة بنائها من جديد “.

منذ مئة سنة والمدارس تتم أرجحتها في اتجاهات متناقضة: هيكل موحد وصلب امام المرونة؛ المكان الذي كان يجب أن يطور رغبات الطالب أو طموحاته مقابل تفضيل اهداف خارجية وقومية أو اقتصادية؛ منافسة في مؤسسات التعليم وفيما بينها مقابل التعاون؛ رعاية الطبقات القوية أو الاهتمام بالضعفاء. في العقدين الاخيرين تطور نوع جديد من الاصلاح الذي يحاول أن يطور في اوساط الطلاب قدرات مثل التعلم الذاتي والتفكير الانتقادي أو الابداع. وربما خلافا للاعتقاد السائد، فان التعليم في اسرائيل ليس جزيرة معزولة. وفي هذا توجد رسالة مهدئة: لا يجب علينا اختراع أي شيء.

الموجة الاخيرة في اصلاح التعليم تقف في اساس كتاب جديد بعنوان “طلاب أمس، طلاب الغد”، من اصدار دار النشر “شوكن”، الذي فيه يحلل البروفيسور عامي فلنسكي من جامعة تل ابيب التغييرات في عشرة انظمة تعليم: فنلندا، هونغ كونغ، سنغافورة، مقاطعتين في كندا، ثلاث ولايات في استراليا، انجلترا والولايات المتحدة. الاوائل رائدة، والاخرى تبحث عن الثورة أو أنها ما زالت عالقة في كوابل العالم القديم.

مع منظار لخمسين سنة في حقل التعليم وسلك الاكاديميا وفي وظائف رفيعة في وزارة التعليم (منها مستشار لعدد من وزراء التعليم وعالم رئيسي)، فلنسكي يؤمن بأنه يجب علينا التعلم من التجربة العالمية. الاصلاحات المتطورة، قال “تتعلق بالثقافة، ليس فقط عدد سنوات التعليم، بل كطريقة وجود أو غياب مؤهلات جديدة، التي تعتبر مؤهلات حيوية في سوق العمل”. في السنوات الاولى التي اعقبت اقامة الدولة، جهاز التعليم عرف كيفية “العمل بصورة ابداعية وحديثة”، عندما كان عليه أن يلائم نفسه مع الهجرة الكبيرة ومع الاختلافات الكبيرة في تشكيلة الطلاب. ولكن هذا التجديد ضاع “عندما حاولنا اعداد الطلاب للحياة في القرن الواحد والعشرين”. وحسب قوله، الاصلاحات الجديدة تناسب اسرائيل. وربما من اجل ذلك يجب حل وزارة التعليم واعادة تركيبها من جديد، ربما بعد الكورونا. وفي هذه الاثناء هاكم عدد من المباديء الرئيسية:

1- التعليم أقل

في الفصل الاول للكتاب يرسم فلنسكي مخطط اصلاحات القرن الواحد والعشرين. والمميز الاكثر بروزا هو تغيير طريقة التعليم والتعلم. الحديث لا يدور عن ضعضعة مكانة المهن المعروفة مثل لغة الام، الرياضيات، اللغة الانجليزية، العلوم وما شابه، بل عن تغيير جوهري في طريقة التعلم، الانفصال عن المبنى الثابت لمعلم – برنامج تعليم – كتاب تعليم. بحث امريكي من العام 2014 وجد على سبيل المثال، أن مستوى اصغاء الطالب المتوسط في حصة وجه لوجه بين الطالب والمعلم يستمر 17 دقيقة فقط.

من اجل تطوير المهارات الجديدة قلصت الاصلاحات البرامج الالزامية ووسعت حجم المواضيع التي يمكن للطلاب اختيارها. لا توجد طريقة اخرى حتى بثمن أن “المعرفة الرسمية” تشمل عدد فصول اقل في التاريخ. حلم التعليم في سنغافورة هو “علم أقل وتعلم أكثر”. وقد اعلنت هونغ كونغ بأن التغيير المطلوب سيصل فقط عندما “يعلم المعلمون أقل”. وفي فنلندا اختارت المدارس 30 في المئة من ساعات التعليم لـ “تفضيل التعليم متعدد المجالات بدلا من المهن التقليدية”. الاختيار يعطي مساحة لحب الاستطلاع.

قبل نحو سنتين مرر فلنسكي استبيان شامل لـ 1700 طالب. حوالي 75 في المئة منهم قالوا إن المعلمين لم يشجعوهم على استخدام الحاسوب أو الآي باد. وحسب قوله، استمرار الفشل متعلق بشكل اساسي بـ “عدم وجود سياسة تعليمية متسقة ومستقرة، تسعى الى الاستعداد للمستقبل”. منذ الثمانينيات استثمرت الحكومة والسلطات المحلية مليارات الشواقل في محاولة لاستيعاب التغيير في ثقافة التعليم من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن غير المفاجيء الاكتشاف أن نسبة مشابهة من الطلاب قالوا إن المعلمين هم الذين يتحدثون طوال الوقت في الحصة.

2- التعلم الذاتي

بدلا من المعرفة المعيارية – عقيدة منظمة معتمدة من اعلى، مخصصة حصريا لمعرفة المعلم – الاصلاحات الجديدة تسعى الى اعداد الطالب للتعامل مع المعرفة التي تتغير بوتيرة سريعة. هذا هو سبب تعريف التعلم الذاتي بأنه مهارة اساسية تحتاج الى التطوير، ليس فقط على مر السنين في المدرسة، لكن ايضا “طوال الحياة”، مثلما أكد على ذلك الاصلاح في هونغ كونغ.

في العام 1997 عقد مؤتمر دولي في سنغافورة حول التفكير. “الصيغة القديمة للنجاح لا تضمن اعداد شبابنا للظروف والمشكلات الجديدة التي يجب عليهم مواجهتها”، قال في حينه رئيس الحكومة جو تشوك تونغ، “نحن حتى لا نعرف  ما هي المشكلات التي يجب عليهم توفير حلول واجابات لها. ولكن يجب علينا ضمان أن شبابنا سيكونون قادرين على التفكير بأنفسهم”. من النموذج المركزي انتقل التعليم في سنغافورة الى رؤية تشكل فيها المدارس “مختبرات مفتوحة” للابتكار التعليمي الذي يتضمن – قبل فترة طويلة من الكورونا– استخدام كبير للآي باد والهواتف الذكية.

في ولاية البرتا في كندا طبقوا مباديء التعليم الذاتي على مادة التاريخ، ضمن امور اخرى، في الارشيفات التي يكون فيها على الطلاب تعلم كيفية اقامة الدولة الاتحادية بتحليل وثائق ومصادر اخرى واجراء مقابلات مع خبراء ومشاركة في استرجاع ذكرى احداث تاريخية. “في اساس التعليم الذاتي توجد قدرة على توجيه الاسئلة والبحث عن الاجابات بأنفسهم”، قال فلنسكي واضاف، “المدارس قامت بارسال الطلاب الى الارشيفات المحلية، حيث طلبوا منهم العثور على موضوع محبب عليهم وتحليله وأن يستخلصوا منه الجانب الذي يتناسب مع الواقع الحالي. توارد الخواطر يمكن أن يقود الى كل مكان”.

في جهاز التعليم في اسرائيل الاحتمالات محدودة اكثر. عملية الاسكات كانت تدريجية وشملت في العقد الاخير محطات مثل محاولة شبكة “اورت” اقالة المعلم آدم هيرتر في العام 2014؛ واعادة طبع كتاب مادة المدنيات بعد سنتين، ضمن امور اخرى، بذريعة أنه “انتقادي جدا”، واصلاح قانون التعليم الرسمي في 2017، الذي وقف في وجه امكانية ظهور منظمات مثل “نحطم الصمت” أمام الطلاب. حسب فلنسكي، التعديل يحول التعليم الى “تلقين لا يوجد فيه انتقاد، هذا شل غرف المعلمين. المعنى هو اعادة التعليم الى الوراء”.

3- نهاية الامتحانات المعيارية

هونغ كونغ وسنغافورة والولايتان في كندا تريد أن تدفع قدما بـ “برنامج تعليم ذاتي”. هي غيرت مسطرة القياس الموحدة بطرق تقدير مختلفة وبرؤية بحسبها يجب تكييف “برنامج التعليم الجديد مع كل تنوع الطلاب، دون فاشلين”، كما تقرر في هونغ كونغ. بصورة مشابهة في فنلندا، يتم اجراء الانتخابات فقط في نهاية الصف الثاني عشر، وهي تفيد المعلمين من اجل دفع طلابهم قدما. لا توجد ايضا امتحانات ذات مخاطرة كبيرة مثل “البغروت”، ولا يتم نشر انجازات مؤسسات التعليم بواسطة جداول دوري.

سياسة التعليم الجديدة تنازلت عن فكرة أن التعليم يقتصر على جدران المدرسة الاربعة. نص اصلاح البرتا على أن التعليم يمكن أن يحدث “في أي موقف وفي أي مكان وبأي عدد من الطلاب”. وشدد على أنه “اذا كان الصف الدراسي في العام 2030 سيبدو مثلما هو الآن، نكون قد فشلنا”. في فنلندا التوصية هي اجراء التعلم بالتعاون بين المدرسة وبيئتها. في اونتاريو طلبوا أن يأخذ التعليم في الحسبان “العالم الحقيقي”، أي المجتمع الذي يعيش فيه الطلاب. الحي تحول الى ساحة تعليم شرعية. هكذا تنجح الاصلاحات في تجنيد الخبراء والمعلمين والمتطوعين، الى جانب الطاقم الدائم. هذا التعلم الذي يستهدف تعزيز الابداع والابتكار، عن قرب أو عن بعد، والانتقاد، لا يمكن أن يجري في ظروف موحدة أو أن يتم املاءه من الاعلى.

في اسرائيل يمكن أن نرى التأثير السيء للامتحانات المعيارية في اعداد قصير المدى للطلاب لامتحانات الدولة، والاكثر من ذلك في امتحانات البغروت التي تحولت الى رمز سلبي للتعلم قبل الامتحان. “مثل المدمنين، الوزير الذي يتولى منصبه لا يمكنه السماح لنفسه بخفض المستوى المطلوب للحصول على شهادة البغروت.

4- المنافسة

موجة الاصلاحات السابقة اندلعت من بريطانيا ومن الولايات المتحدة في الثمانينيات. وفي اساسها كان يقف افتراض أن المنافسة، بين الطلاب وبين المدارس، هي الطريقة الوحيدة لتحسين انظمة التعليم، لذلك خلقت نظام كبير من الامتحانات وشجع نشر نتائجها. في هذه البنية القوة توجد في أيدي من يحدد المعايير. في المقابل، الدول التي تبنت النموذج الجديد القوة تنتقل الى ادارات المدارس ورجال التعليم في السلطات المحلية التي تبحث عن الاختلافات. التنوع يمكن أن يظهر في مبادرات تعليمية وبتعريف جديد للمدرسة وبطرق تقدير وغيرها. وحسب قول فلنسكي، مطلوب قيادة تستطيع أن تستوعب درجة معينة من فقدان السيطرة. وهذا ثمن يجدر دفعه من اجل احتمالية خلق تجربة تعليم مختلفة.

5- مجال للتنفس

الدول التي قررت تغيير بصورة اساسية انظمة التعليم ادركت أن الامر يتعلق بعملية بطيئة يمكن أن تستمر عدة عقود. الاصلاح في هونغ كونغ انطلق في العام 2001، وتقرير نشر في منتصف العقد الحالي اوضح أنه بسبب التعقيد وكبر التوقعات، فان استكمال يتوقع أن يستغرق بضع سنوات اخرى. برنامج العمل في مقاطعة البرتا في كندا يستهدف بشكل عام العام 2030 – عملية تستمر مدة عقدين. فنلندا تطور وتحدث الاصلاحات فيها منذ ثلاثين سنة تقريبا. فلنسكي يوضح بأن هذا السلوك ممكن فقط اذا ارتكزت شبكة العلاقات بين الحكومة والسلطات المحلية والمدارس على الثقة.

في العام 2010، بعد نحو عقد على بداية الاصلاح في هونغ كونغ، فحص بحث شامل وتيرة التطبيق: فقط حوالي ثلث الطلاب تبنوا نماذج التعلم الذاتي (مثل اختيار مواضيع التعلم وتقدير ذاتي لنتائجهم ونتائج اصدقاءهم). وحسب اقوال فلنسكي، “في اسرائيل سارعوا الى تحديد أن الامر يتعلق بفشل، وهذا في حالة أن المشروع استمر لفترة طويلة بدون تشويش”. الافق التخطيطي هنا كان اقصر بكثير، ملائم لفترة وزير تعليم. “طوال خمسة عقود تغير تقريبا عشرين وزير تعليم، سوية مع الغريزة المسيطرة على كل وزير جديد في اجراء تغيير سريع والاعلان عن “اصلاح تعليمي”، تنقذ اخيرا النظام من الجمود الذي يعاني منه. والنتيجة المتراكمة هي سياسة تعليم غير مستقرة وغير ثابتة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى