ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم آساف رونئيل – هل الكل في حالة فزع بسبب وباء الكورونا ؟ يحتمل أن تكون المشكلة بالذات في عدم اكتراث المواطنين

هآرتس – بقلم  آساف رونئيل  – 26/3/2020

ابحاث البروفيسور عيدو عيرف من التخنيون تظهر أن عدد كبير من الجمهور يطور لديه لامبالاة ازاء الاخطار خلال فترة قصيرة. وكيف يمكن التغلب على مقاربة “هذا لن يحدث لي” في زمن الكورونا؟ وليس مؤكدا أن انفاذ متشدد للتعليمات هو الجواب “.

ازاء استمرار تفشي فيروس الكورونا، قررت الحكومة أمس تشديد خطوات الاغلاق وحتى فرض عقوبات على المواطنين الذين يخرقون القيود المتشددة الجديدة. في هذه الاثناء في ارجاء العالم هناك دول تقوم بخطوات مشابهة لتقييد حركة السكان من اجل وقف تفشي المرض. ففي الصين حيث انطلق الفيروس للمرة الاولى، يبدو أن خطوات العزل الحازمة آتت أكلها وتم صد الوباء. وفي مناطق مختلفة في الدولة هناك بدأوا بالتدريج في رفع الحصار والعودة الحذرة الى الوضع العادي.

ولكن ما هي الطريقة الاكثر جدوى لفرض عزلة اجتماعية – كيف نجعل المواطنين يتعاونون مع السياسة الصارمة والبقاء محصورين في بيوتهم لايام واسابيع كثيرة؟ بحث للبروفيسور عيدو عيرف، الخبير في اقتصاد السلوك من كلية هندسة الصناعة والادارة في التخنيون، أشار الى امكانية أن المشكلة الرئيسية في تعاون الجمهور هي ظاهرة “هذا لن يحدث لي”، أي أنه خلال فترة قصيرة عدد كبير من الجمهور سيطور عدم مبالاة ازاء الاخطار، وفي اعقاب ذلك الامتثال لتعليمات العزل سيضعف. وحسب عيرف فان ابحاثه تقترح ايضا حل محتمل لهذه المشكلة، التي يسميها “انفاذ ودي”. وحسب قوله، هذه الطريقة اثبثت نفسها في ابحاث سابقة ونجحت في “جعل عمال المصانع في اسرائيل يحرصون على تنفيذ اجراءات الوقاية مثل العمال في اليابان”.

ابحاث في اقتصاد السلوك شخصت ردين متناقضين يميزان الناس الذين يواجهون احتمال أو مخاطرة امكانية حدوثها منخفضة. الرد الاول، المعروف اكثر، هو حساسية زائدة للخطر. في حالة انتشار وباء فان هذا الرد يثير سلوك يمنع الفزع، مثل اخلاء الرفوف في المحلات التجارية أو رد زائد للقيادة على هذا الفزع واتخاذ خطوات متشددة جدا تضر بشكل كبير بالاقتصاد.

عدد كبير من ابحاث اقتصاد السلوك، بما في ذلك الابحاث الكلاسيكية لدنيئيل كوهنمان وعاموس تبرسكي تتركز على هذه الحساسية الزائدة. وحسب الابحاث فان هذه الحساسية يمكنها أن تفسر لماذا نفس الشخص يمكنه تأمين السيارة وتعبئة ورقة يانصيب، أي أنه يتصرف في نفس الوقت كشخص يحب ويكره المخاطرة. الاجابة هي: نفس الشخص يقدر اكثر من اللزوم احتمالية أن يحدث حدث نادر، سواء كان الحديث يدور عن سرقة سيارته أو عن تعبئة الورقة الفائزة في اليانصيب.

الرد الثاني على المخاطرة النادرة، قال عيرف، هو اعطاء وزن اقل للخطر. في حالة فيروس الكورونا هذا الميل يمكن أن يؤدي الى عدم المبالاة بالخطر، وبالتالي انتشار سريع للفيروس الذي سيؤدي بدوره الى ارتفاع كبير في عدد المصابين وانهيار جهاز الصحة. “البحث الذي اجريته يظهر أن انحراف المبالغة في التقدير يكون أكبر فقط عندما يستجيب الناس للمشكلة: عندما اقول لك بأن هناك احتمال لتكسب كذا وكذا في اليانصيب أو أن هناك احتمال لأن يسرقوا سيارتك، أنت تفكر في هذا الاحتمال وتقول، اجل، أنا أريد”، قال الباحث، “ولكن عندما يجرب الناس المشكلة يظهر لديهم الانحراف المعاكس. بعد التجربة، معظم متخذي القرارات يتصرفون حسب مقاربة هذا لن يحدث لي”. وقال عيرف إن اهتمامه بالظاهرة بدأ في نهاية التسعينيات. في حينه الكثير من الاشخاص قاموا بشراء “راديو تيب” للسيارة (لوحة قابلة للازالة). “الكثير من الاشخاص استثمروا 200 شيكل في هذا الراديو، لكن بعد اسبوعين توقفوا عن ازالة اللوحة بعد الخروج من السيارة”، قال. وابحاث مختلفة قام بها في المختبر اظهرت أنه بعد بضع تجارب، معظم المفحوصين ينتقلون الى التصرف بصورة تشير الى عدم تقدير الخطر الماثل امامهم. في احدى التجارب طلب من المبحوثين الاختيار 25 مرة بين احتمالين: إما الخسارة بشكل مؤكد لشيكل واحد، أو احتمالية 5 في المئة أن يخسروا 20 شيكل. في البداية معظم المبحوثين “اختاروا المضمون”، لكن بعد خطوتين أو ثلاث خطوات، 65 في المئة منهم اكتشفوا أن “الشيطان غير فظيع الى هذه الدرجة” وانتقلوا الى اختيار المقامرة.

في ابحاثه عيرف يبني نماذج استهدفت أن تشرح السلوكيات المختلفة. وحسب قوله، النموذج الاكثر دقة لشرح النماذج التي وجدها في ابحاث يفترض أن الناس يتخذون قرارات حسب تذكر عدد قليل من الحالات المشابهة في السابق. “هكذا يعمل الدماغ البشري – هو يفحص ما الذي كان افضل عندما واجهت هذا النموذج”، قال. ولكن لأن الدماغ يتذكر فقط جزء قليل من الاحداث فان احتمالية أن أحدها سيكون واحد من “الحالات النادرة” ضعيفة. “احتمالية أن تتذكر بالتحديد في تلك المرة أنك اصبت بالمرض لأنك لم تغسل يديك، هي احتمالية ضعيفة”. ولكن في اوساط نسبة معينة من السكان فان الميل هو تذكر بالتحديد تلك الحالات النادرة – لذلك هم لا يتحررون من المبالغة في تقدير الخطر.

فيما يتعلق بالكورونا، نماذج السلوك هذه يمكن أن تخلق مشكلات مختلفة، قال عيرف. أولا، هو يتوقع أن اغلبية السكان وبعد بضعة ايام على الامتثال لأوامر الانعزال، سيبدأون في السلوك وكأن الخطر لا يتعلق بهم. اضافة الى ذلك، لأن الاقلية من السكان لا تتبنى هذه المقاربة وتبقى مع المبالغة في تقدير الخطر (ربما أن وضع الوباء هو حقا مبرر) يمكن أن تحدث توترات بين أبناء العائلة الذين يستجيبون بصورة مختلفة ازاء الخطر – هذه التوترات يمكن أن تشجع المزيد من خرق قواعد العزل.

في اطار ابحاثهم، فحص عيرف واصدقاءه عاموس شور ودوتان رودنسكي طرق لمواجهة هذه الانحرافات عن السلوك المثالي، واكتشفوا أن مقاربة “الانفاذ الودود” هي الاكثر نجاعة. في البحث الذي اجري في 11 مصنع في اسرائيل، قال عيرف، اكتشفوا أن معظم العمال يريدون استخدام وسائل الحماية المتوفرة لديهم. ولكنهم لا يفعلون ذلك بشكل كاف. في اطار البحث جندوا الادارة والعمال من اجل التنازل عن الغرامة العالية (التي بلغت 700 شيكل)، والتي كان من شأن مدراء العمل فرضها على من يخرقون قواعد الامان، “لكن فعليا تقريبا لم يعطوها”. وبدلا من ذلك، مدراء العمل طلب منهم تقديم ملاحظات بصورة ودية لكل من يخرق قواعد الامان، “باسلوب “أنت تتجول بدون سماعات وفي النهاية لا يمكنك أن تسمع احفادك””. ايضا المدراء طلب منهم توثيق الخرق، لكن أن يقوموا بفرض غرامة فقط في حالة الخرق المتكرر.

“لقد وجدنا أن التدخل بالحد الادنى هذا نجح في خفض خرق قواعد الامان من 50 في المئة الى 10 في المئة”، قال عيرف. وحسب قوله، من اجل أن يستطيع الانفاذ الودود العمل يجب توفر شرطين: أن تكون القواعد واضحة وأن يكون الانفاذ كامل. أي أن احتمالية تشخيص خرق القواعد تكون 100 في المئة تقريبا.

كيف يمكن تطبيق فكرة الانفاذ الودود في سياق الاغلاق في ايام الوباء؟ عيرف يقترح تجنيد التكنولوجيا من اجل الوصول الى انفاذ كامل، وأن يدمج معها محفزات تشجع المواطنين على استخدامها. “مثلا، تطوير تطبيق يقيس الوضع الصحي مثل درجة حرارة الجسم. وعندما نقوم بتحميله نحصل على تحذير عند اقترابنا من شخص وضعه الصحي غير سليم. هكذا يكون هناك محفز لتحميل التطبيق من اجل الاحتكاك مع مصابين. وسيكون هناك ايضا انفاذ شبه تلقائي عندما يمتنع الاشخاص ذوي الحرارة المرتفعة عن الخروج من البيت لأن التطبيق سيحذرهم بأنهم يخرقون القواعد”.

هل يمكن تطبيق افكار كهذه؟ حلول من هذا النوع تثير صعوبات بحد ذاتها – مسائل الخصوصية الموجودة في مركز نقاشات الكثيرين في اسرائيل. ايضا دوافع فعلية مثل تطوير وتوزيع على المواطنين في الوقت الذي يوجد فيه مهمات كثيرة اكثر الحاحا. ولكن على الاقل على الورق، حتى في ايام ازمة صحية شديدة، يبدو أن هناك طرق ابداعية لتشجيع الجمهور على تطبيق تعليمات وزارة الصحة، وليس هناك حاجة الى الاعتماد فقط على انفاذ عنيف وفرض غرامات من اجل الحفاظ على تواجد السكان في البيوت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى